حصانة المحامي في التشريع المقارن.
المطلب الأول: الإحترام الواجب للمحامي وحصانة قيامه بأمانته بالجلسة
نصتالمادة /49 من قانون المحاماة المصري رقم 17/1983 على أن (يعامل المحامي من المحاكم وسائر الجهات التي يحضر أمامها بالاحترام الواجب للمهنة) • وهذا الاحترام الواجب، لا يصل إلى غايته ما لم تتضافر معه حماية تسبغ على المحامي حال قيامه بواجبه وأمانته، فلا جدوى من ترك واجب الاحترام للآخرين يبذلونه متى شاءوا أو يضنون به متى أرادوا.. يزيد هذه المخاطر احتمالا، أن المحامي يتعامل مع سلطات درج شاغلوها على ممارسة السلطة بما تعطيه هذه الممارسة من اعتياد الخلود والارتياح إليها وحب ممارستها بما قد يؤدي إلى تجاوزات ينبغي أن يؤمن المحامي من غائلتها إذا تجاوزت أن اشتطت.
لذلك نصت الفقرة الثانية من المادة/ 49 سالفة الذكر، على أنه )واستثناء من الأحكام الخاصة بنظام الجلسات والجرائم التي تقع فيها المنصوص عليها في قانون المرافعات والإجراءات الجنائية إذا وقع من المحامي أثناء وجوده بالجلسة لأداء واجبه أو بسببه إخلال بنظام الجلسة أو أي أمر يستدعي محاسبته نقابيًا أو جنائيًا، يأمر رئيس الجلسة بتحرير مذكرة بما حدث ويحيلها إلى النيابة العامة ويخطر النقابة الفرعية المختصة بذلك (• فلا تجيز هذه المادة - ونقلتها بنصها المادة / 590 من تعليمات النيابة العامة (الكتاب الأول) - لا تجيز للقاضي أن يعامل المحامي الحاضر أمامه بما قد تعامل به جرائم الجلسات ، وكل ماله هو أن يحرر مذكرة تحال إلى النيابة العامة مع إخطار نقابة المحامين الفرعية بذلك.
• وعلى ذات هذا النظر جرت المادة / 245 من قانون الإجراءات الجنائية، وزادت أنه لا يجوز أن يكون رئيس الجلسة أو أحد أعضائها عضوًا في الهيئة التي تنظر ما عساه يرفع على المحامي.
• وتأمينًا للمحامي من أي جنوح في معاملته ، نصت المادة ( 50 ) من قانون المحاماة على أنه:
- )في الحالات المبينة بالمادة السابقة لا يجوز القبض على المحامي أو حبسه احتياطيًا، ولا ترفع الدعوى الجنائية فيها إلا بأمر من النائب العام أو من ينوب عنه من المحامين العاملين الأول(• بهذه النصوص أخرج المشرع ما عساه يصدر من المحامي مخالفًا لقانون وتقاليد المحاماة أو المدونة الجنائية - من عداد الاختصاص المقرر للمحاكم في جرائم الجلسات.
وجوهر هذا الاستثناء الذي قرره الشارع في شأن جرائم الجلسات التي قد تقع أو تنسب إلى محام - أنه لم يخول المحكمة سلطة التحقيق أو الحكم فيها، وإنما قصر سلطتها على مجرد الإحالة إلى النيابة العامة لإجراء التحقيق، فلا يجوز للمحكمة أن تحقق مع المحامي الحاضر أمامها أو تتخذ إزاءه أي إجراء من الإجراءات التحفظية، وغاية هذا واضحة هي توفير مظلة الأمان الواجب للمحامي وهو ينهض برسالته بالجلسة.
• وعلة هذا الاستثناء أن المحامي يحتل في النظام القضائي الحديث مركزًا قانونيًا، وهو يعاون القاضي في الفهم الصحيح لوقائع الدعوى والتطبيق السليم للقانون عليها، ومن المصلحة أن يمكن من أداء واجبه في حرية ودون أن يخشى إجراءً تعسفيًا أو عقوبة فورية يوقعها القاضي عليه، يعني ذلك أن ثمة اختلافًا أساسيًا بين وضع المحامي في الجلسة ووضع غيره من الحاضرين فيها، وهذا الاختلاف يفسر الحكم الخاص بهذه الجرائم، وبالإضافة إلى ذلك، قدر الشارع أن من المصلحة - في حالة وقوع الاعتداء على أحد أعضاء هيئة المحكمة - أن يفصل في جريمة المحامي في جلسة غير الجلسة التي سيطر عليها التوتر الذي ترتب على المشادة بينه وبين عضو المحكمة، بل إن الإرجاء قد يتيح الصلح بينهما، فلا تحال الدعوى إلى القضاء، وفي عودة الوئام بين عضو هيئة المحكمة المعتدى عليه وبين المحامي مصلحة لا شك فيها، وإذا أحيلت الدعوى على القضاء، فإنه يفصل فيها قاضٍ آخر غير من وقع الاعتداء عليه، فلا يجوز أن يجمع شخص واحد بين صفتي المجني عليه والقاضي- نصت المادة / 592 من تعليمات النيابة العامة على أنه )لا يجوز القبض على محامٍ أو حسبه احتياطيًا لما نسب إليه في الجلسة من جرائم القذف والسب والإهانة بسبب أقوال أو كتابات صدرت منه أثناء أو بسبب مارسته المهنة، وعلى عضو النيابة تحرير محضر بما حدث في هذه الحالة وإبلاغ صورته عن طريق المحامي العام أو رئيس النيابة الكلية إلى مجلس النقابة، وذلك دون إخلال بسلطة النيابة في تحقيق هذه الجرائم(
-المطلب الثاني: حماية المحامي من أي تجاوز أو إهانة أثناء قيامه بأعمال مهنته إن قانون المحاماة المصري 17/1983 نص في مادته / 54 على ما يلي) يعاقب كل من تعدى على محام أو أهانه بالإشارة أو القول أو التهديد أثناء قيامه بأعمال مهنته أو بسببها بالعقوبة المقررة لمن يرتكب هذه الجريمة ضد أحد أعضاء هيئة المحكمة(
وجدير بالذكر أن الفقرة الثانية من المادة / 133 عقوبات، تعاقب عن إهانة هيئة قضائية بعقوبة الحبس مدة لا تزيد على سنة أو بغرامة لا تتجاوز خمسمائة جنيه
• نصت المادة / 51 من قانون المحاماة 17/1983 على أنه: لا يجوز التحقيق مع محام أو تفتيش مكتبه إلا بمعرفة أحد أعضاء النيابة العامة.
ويجب على النيابة العامة أن تخطر مجلس النقابة أو مجلس النقابة الفرعية قبل الشروع في تحقيق أية شكوى ضد محام بوقت مناسب، وللنقيب أو رئيس النقابة الفرعية إذا كان المحامي متهمًا بجناية أو جنحة خاصة بعمله أن يحضر هو أو من ينيبه من المحامين، التحقيق.
ولمجلس النقابة، ولمجلس النقابة الفرعية المختص طلب صور التحقيق بغير رسوم (
• ونصت المادة / 587 من تعليمات النيابة العامة (الكتاب الأول) على أنه )إذا اتهم أحد المحامين بارتكاب جناية أو جنحة لا صلة لها بمهنته فيجب على الشرطة إذا كان البلاغ قد ورد إليها ابتداء إخطار النيابة فورًا لتتولى تحقيق الحادث، وعلى النيابة الجزئية التي تلقت بلاغ الحادث أو أخطرت به أن تتولى تحقيقه وقيده بجداولها مع مراعاة إخطار المحامي العام أو رئيس النيابة الكلية بذلك فورًا وقبل البدء في التحقيق، ولا يجوز للنيابة أن تكلف الشرطة بتحقيق أية شكوى من الشكاوى التي تقدم ضد المحامين ولا بإجراء استيفاء فيها، وإذا اقتضى التحقيق حضور المحامي إلى مقر النيابة فيجب طلبه بكتاب خاص يرسل إليه مباشرة أو الاتصال به بطريق التليفون ولا يجوز طلب المحامي إلى النيابة عن طريق الشرطة (
• ونصت المادة ( 588 ) من تعليمات النيابة العامة ( الكتاب الأول ) على أنهإذا كان موضوع الشكوى المقدمة ضد المحامي يتعلق بمهنته فيجوز للمحامي العام أو رئيس النيابة الكلية الاكتفاء بطلب معلومات المحامي إلا إذا كان اقتضى الأمر سماع أقوال الشاكي أو إجراء تحقيق فيما تضمنته الشكوى، فإذا تفاهم طرفا الشكوى أو ثبت أنها غير جدية فيتعين حفظها ما لم ير المحامي العام أو رئيس النيابة الكلية استطلاع رأي المحامي العام لدى محكمة الاستئناف قبل التصرف فيها(.
• عدم جواز الحجز على مكتب المحامي:
قدر المشرع أن أداء المحامي لمهمته السامية لا يمكن أن يتحقق ما لم يتحقق له الاستقرار والأمن والأمان للمكان الذي يمارس فيه مهنته ونشاطه، فلم يجز القانون الحجز على مكتبه وكافة محتوياته وأدواته المستخدمة في مزاولة وممارسة نشاطه المهني.
فقط نصت م/55 من قانون المحاماة رقم 17/1983 على أنه:
لا يجوز الحجز على مكتب المحامي وكافة محتوياته المستخدمة في مزاولة المهنة.
كما وضعت م/ 306 من قانون المرافعات في المواد المدنية والتجارية نصًا عامًا لا يجوز بمقتضاه الحجز على ما يلزم كل مدين صاحب مهنة أو حرفة أيًا كانت من كتب وأدوات ومهمات لمزاولة مهنته أو حرفته بنفسه إلا لاقتضاء ثمنها أو مصاريف صيانتها أو نفقة مقررة.
فقد نصت م/ 306 مرافعات سالفة البيان على أنه:
لا يجوز الحجز على الأشياء الآتية إلا لاقتضاء ثمنها أو مصاريف صيانتها أو نفقة مقررة:
1- ما يلزم المدين من كتب وأدوات ومهمات لمزاولة مهنته وحرفته بنفسه.
ويشمل الحظر الوارد بالفقرة الأولى من المادة سالفة الذكر كل ما يلزم صاحب المهنة أو الحرفة لمزاولة مهنته أو حرفته كالكتب اللازمة للمحامي لمباشرة مهنته سواء كانت كتبًا قانونية أم تتصل بعلوم اجتماعية يلزم معرفتها لمباشرة مهنته أيًا كانت قيمتها واللزوم مسألة نسبية تختلف باختلاف المهنة واختلاف مركز الشخص فيها.
وحصانة المحامي تحتاج إلى نقابة تحاجي عليها وتحميها وتوفر لها فاعليتها، وعلى قدرة قوة ومهابة النقابة على قدر ما توفره لأبنائها حملة رسالة المحاماة من حماية فعلية تقيم سياجًا يحميهم من أي تجاوزات.
*حصانة المحامي في التشريع السوري:
-ورد في القانون رقم 39/1981 الخاص بتنظيم مهنة المحاماة في سورياأن اللمحامي حصانة من التوقيف وحصانة من الاعتداء وحصانة من التفتيش وبذلك فقد حظر المشرع توقيف المحامي وحجز حريته مهما كان الجرم المنسوب إليه ما عدا الجرم المشهود ومنع تحريك الدعوى العامة بحقه ما لم يبلغ مجلس الفرع بذلك ليتسنى له الإطلاع على كافة الاجراءات والوقائع المتخذة بحقه .
وللمحامي حصانة من الاعتداء فكل من يعتدي على محامي خلال ممارسته مهنته أو بسببها يعاقب بالعقوبة التي يعاقب عليها فيما لو كان الاعتداء واقعا على قاضً ، والمقصود بالاعتداء كل فعل من شأنه أن ينال من شرف المحامي وكرامته دون اشتراط نوع معين من الاعتداء فهو ليس محصوراً بالضرب والإيذاء وإنما يشمل الذم والتحقير ، ولهذا جعل المشرع منزلة المحامي بمنزلة القاضي حين الاعتداء عليه وذلك حفظا لكرامته وحريته من اعتداء بعض الخصوم الذين تسول لهم أنفسهم إ جراء اي فعل من شأنه أن يحط من منزلة المحامي ويقلل من قدره أثناء ممارسته لمهنته للوصول إلى إظهار الحقيقة ونشر الحق والعدل وهذا ما أكدته المادة / 373 / من قانون العقوبات التي نصت على ما يلي : وإذا وقع التحقير بالكلام أو الحركات أو التهديد على القاضي في منصة القضاء كانت العقوبة الحبس من ستة أشهر إ لى سنتين "
وهذه المادة شملت المحامي أيضاً لورودها في قانون المحاماة وجعلت الاعتداء عليه كالاعتداء على قاضً .
وللمحامي حصانة من التفتيش (شخصه، مكتبه، مسكنه ) نص المشرع السوري على هذه الحصانة في المادة 78/أ من قانون تنظيم مهنة المحاماة والتي جاء فيها :
"لا يجوز تفتيش المحامي أثناء مزاولته عمله ولا تفتيش مكتبه أو حجزه ولا استجوابه إلا بعد إبلاغ رئيس مجلس الفرع ليحضر ولا يعتد بإسقاط المحامي حقه بذلك تحت طائلة بطلان الإجراءات "
لذلك فقد جعل المشرع السوري لمكتب المحامي حرمة واجبة بحيث لا يجوز تفتيش ولا حجز ما فيه من مكتب أو رسائل أو أوراق للدعاوي أو متطلبات أخرى خاصة بالمكتب حفاظا على الاسرار الموجودة فيه التي لا يجوز افشاؤها وضمانا لحقوق الموكلين بالإضافة إلى حق المحامي بمزاولة عمله على الوجه الذي يؤمن له حق الدفاع عن نفسه وعن موكليه فيما لو حصل أي اعتداء عليه أو على مكتبه كما لايجوز ضبط المراسلات التي تجري بين المحامي وموكله كما تشمل الحصانة المكالمات الهاتفية التي يجريها المحامي مع موكله .
ولهذا يتبين لنا ان المشرع في القطر العربي السوري أولى حماية لفئات معينة من المواطنين في تحصينهم وفرق في حصانتهم كل بما انيطت به الحصانة فأعطى الحصانة السياسية للسياسين والنيابية لنواب الشعب والقضائية للعاملين في القضاء قضاة ومحامين فإذا كان القضاء يمثل ضمير الأمة فالمحاماة هي مرآة المجتمع .
وإذا كانت حصانة القاضي تعني ضمان توزيع العدالة فحصانة المحامي هي حماية حق الدفاع المقدس .
المطلب الأول: الإحترام الواجب للمحامي وحصانة قيامه بأمانته بالجلسة
نصتالمادة /49 من قانون المحاماة المصري رقم 17/1983 على أن (يعامل المحامي من المحاكم وسائر الجهات التي يحضر أمامها بالاحترام الواجب للمهنة) • وهذا الاحترام الواجب، لا يصل إلى غايته ما لم تتضافر معه حماية تسبغ على المحامي حال قيامه بواجبه وأمانته، فلا جدوى من ترك واجب الاحترام للآخرين يبذلونه متى شاءوا أو يضنون به متى أرادوا.. يزيد هذه المخاطر احتمالا، أن المحامي يتعامل مع سلطات درج شاغلوها على ممارسة السلطة بما تعطيه هذه الممارسة من اعتياد الخلود والارتياح إليها وحب ممارستها بما قد يؤدي إلى تجاوزات ينبغي أن يؤمن المحامي من غائلتها إذا تجاوزت أن اشتطت.
لذلك نصت الفقرة الثانية من المادة/ 49 سالفة الذكر، على أنه )واستثناء من الأحكام الخاصة بنظام الجلسات والجرائم التي تقع فيها المنصوص عليها في قانون المرافعات والإجراءات الجنائية إذا وقع من المحامي أثناء وجوده بالجلسة لأداء واجبه أو بسببه إخلال بنظام الجلسة أو أي أمر يستدعي محاسبته نقابيًا أو جنائيًا، يأمر رئيس الجلسة بتحرير مذكرة بما حدث ويحيلها إلى النيابة العامة ويخطر النقابة الفرعية المختصة بذلك (• فلا تجيز هذه المادة - ونقلتها بنصها المادة / 590 من تعليمات النيابة العامة (الكتاب الأول) - لا تجيز للقاضي أن يعامل المحامي الحاضر أمامه بما قد تعامل به جرائم الجلسات ، وكل ماله هو أن يحرر مذكرة تحال إلى النيابة العامة مع إخطار نقابة المحامين الفرعية بذلك.
• وعلى ذات هذا النظر جرت المادة / 245 من قانون الإجراءات الجنائية، وزادت أنه لا يجوز أن يكون رئيس الجلسة أو أحد أعضائها عضوًا في الهيئة التي تنظر ما عساه يرفع على المحامي.
• وتأمينًا للمحامي من أي جنوح في معاملته ، نصت المادة ( 50 ) من قانون المحاماة على أنه:
- )في الحالات المبينة بالمادة السابقة لا يجوز القبض على المحامي أو حبسه احتياطيًا، ولا ترفع الدعوى الجنائية فيها إلا بأمر من النائب العام أو من ينوب عنه من المحامين العاملين الأول(• بهذه النصوص أخرج المشرع ما عساه يصدر من المحامي مخالفًا لقانون وتقاليد المحاماة أو المدونة الجنائية - من عداد الاختصاص المقرر للمحاكم في جرائم الجلسات.
وجوهر هذا الاستثناء الذي قرره الشارع في شأن جرائم الجلسات التي قد تقع أو تنسب إلى محام - أنه لم يخول المحكمة سلطة التحقيق أو الحكم فيها، وإنما قصر سلطتها على مجرد الإحالة إلى النيابة العامة لإجراء التحقيق، فلا يجوز للمحكمة أن تحقق مع المحامي الحاضر أمامها أو تتخذ إزاءه أي إجراء من الإجراءات التحفظية، وغاية هذا واضحة هي توفير مظلة الأمان الواجب للمحامي وهو ينهض برسالته بالجلسة.
• وعلة هذا الاستثناء أن المحامي يحتل في النظام القضائي الحديث مركزًا قانونيًا، وهو يعاون القاضي في الفهم الصحيح لوقائع الدعوى والتطبيق السليم للقانون عليها، ومن المصلحة أن يمكن من أداء واجبه في حرية ودون أن يخشى إجراءً تعسفيًا أو عقوبة فورية يوقعها القاضي عليه، يعني ذلك أن ثمة اختلافًا أساسيًا بين وضع المحامي في الجلسة ووضع غيره من الحاضرين فيها، وهذا الاختلاف يفسر الحكم الخاص بهذه الجرائم، وبالإضافة إلى ذلك، قدر الشارع أن من المصلحة - في حالة وقوع الاعتداء على أحد أعضاء هيئة المحكمة - أن يفصل في جريمة المحامي في جلسة غير الجلسة التي سيطر عليها التوتر الذي ترتب على المشادة بينه وبين عضو المحكمة، بل إن الإرجاء قد يتيح الصلح بينهما، فلا تحال الدعوى إلى القضاء، وفي عودة الوئام بين عضو هيئة المحكمة المعتدى عليه وبين المحامي مصلحة لا شك فيها، وإذا أحيلت الدعوى على القضاء، فإنه يفصل فيها قاضٍ آخر غير من وقع الاعتداء عليه، فلا يجوز أن يجمع شخص واحد بين صفتي المجني عليه والقاضي- نصت المادة / 592 من تعليمات النيابة العامة على أنه )لا يجوز القبض على محامٍ أو حسبه احتياطيًا لما نسب إليه في الجلسة من جرائم القذف والسب والإهانة بسبب أقوال أو كتابات صدرت منه أثناء أو بسبب مارسته المهنة، وعلى عضو النيابة تحرير محضر بما حدث في هذه الحالة وإبلاغ صورته عن طريق المحامي العام أو رئيس النيابة الكلية إلى مجلس النقابة، وذلك دون إخلال بسلطة النيابة في تحقيق هذه الجرائم(
-المطلب الثاني: حماية المحامي من أي تجاوز أو إهانة أثناء قيامه بأعمال مهنته إن قانون المحاماة المصري 17/1983 نص في مادته / 54 على ما يلي) يعاقب كل من تعدى على محام أو أهانه بالإشارة أو القول أو التهديد أثناء قيامه بأعمال مهنته أو بسببها بالعقوبة المقررة لمن يرتكب هذه الجريمة ضد أحد أعضاء هيئة المحكمة(
وجدير بالذكر أن الفقرة الثانية من المادة / 133 عقوبات، تعاقب عن إهانة هيئة قضائية بعقوبة الحبس مدة لا تزيد على سنة أو بغرامة لا تتجاوز خمسمائة جنيه
• نصت المادة / 51 من قانون المحاماة 17/1983 على أنه: لا يجوز التحقيق مع محام أو تفتيش مكتبه إلا بمعرفة أحد أعضاء النيابة العامة.
ويجب على النيابة العامة أن تخطر مجلس النقابة أو مجلس النقابة الفرعية قبل الشروع في تحقيق أية شكوى ضد محام بوقت مناسب، وللنقيب أو رئيس النقابة الفرعية إذا كان المحامي متهمًا بجناية أو جنحة خاصة بعمله أن يحضر هو أو من ينيبه من المحامين، التحقيق.
ولمجلس النقابة، ولمجلس النقابة الفرعية المختص طلب صور التحقيق بغير رسوم (
• ونصت المادة / 587 من تعليمات النيابة العامة (الكتاب الأول) على أنه )إذا اتهم أحد المحامين بارتكاب جناية أو جنحة لا صلة لها بمهنته فيجب على الشرطة إذا كان البلاغ قد ورد إليها ابتداء إخطار النيابة فورًا لتتولى تحقيق الحادث، وعلى النيابة الجزئية التي تلقت بلاغ الحادث أو أخطرت به أن تتولى تحقيقه وقيده بجداولها مع مراعاة إخطار المحامي العام أو رئيس النيابة الكلية بذلك فورًا وقبل البدء في التحقيق، ولا يجوز للنيابة أن تكلف الشرطة بتحقيق أية شكوى من الشكاوى التي تقدم ضد المحامين ولا بإجراء استيفاء فيها، وإذا اقتضى التحقيق حضور المحامي إلى مقر النيابة فيجب طلبه بكتاب خاص يرسل إليه مباشرة أو الاتصال به بطريق التليفون ولا يجوز طلب المحامي إلى النيابة عن طريق الشرطة (
• ونصت المادة ( 588 ) من تعليمات النيابة العامة ( الكتاب الأول ) على أنهإذا كان موضوع الشكوى المقدمة ضد المحامي يتعلق بمهنته فيجوز للمحامي العام أو رئيس النيابة الكلية الاكتفاء بطلب معلومات المحامي إلا إذا كان اقتضى الأمر سماع أقوال الشاكي أو إجراء تحقيق فيما تضمنته الشكوى، فإذا تفاهم طرفا الشكوى أو ثبت أنها غير جدية فيتعين حفظها ما لم ير المحامي العام أو رئيس النيابة الكلية استطلاع رأي المحامي العام لدى محكمة الاستئناف قبل التصرف فيها(.
• عدم جواز الحجز على مكتب المحامي:
قدر المشرع أن أداء المحامي لمهمته السامية لا يمكن أن يتحقق ما لم يتحقق له الاستقرار والأمن والأمان للمكان الذي يمارس فيه مهنته ونشاطه، فلم يجز القانون الحجز على مكتبه وكافة محتوياته وأدواته المستخدمة في مزاولة وممارسة نشاطه المهني.
فقط نصت م/55 من قانون المحاماة رقم 17/1983 على أنه:
لا يجوز الحجز على مكتب المحامي وكافة محتوياته المستخدمة في مزاولة المهنة.
كما وضعت م/ 306 من قانون المرافعات في المواد المدنية والتجارية نصًا عامًا لا يجوز بمقتضاه الحجز على ما يلزم كل مدين صاحب مهنة أو حرفة أيًا كانت من كتب وأدوات ومهمات لمزاولة مهنته أو حرفته بنفسه إلا لاقتضاء ثمنها أو مصاريف صيانتها أو نفقة مقررة.
فقد نصت م/ 306 مرافعات سالفة البيان على أنه:
لا يجوز الحجز على الأشياء الآتية إلا لاقتضاء ثمنها أو مصاريف صيانتها أو نفقة مقررة:
1- ما يلزم المدين من كتب وأدوات ومهمات لمزاولة مهنته وحرفته بنفسه.
ويشمل الحظر الوارد بالفقرة الأولى من المادة سالفة الذكر كل ما يلزم صاحب المهنة أو الحرفة لمزاولة مهنته أو حرفته كالكتب اللازمة للمحامي لمباشرة مهنته سواء كانت كتبًا قانونية أم تتصل بعلوم اجتماعية يلزم معرفتها لمباشرة مهنته أيًا كانت قيمتها واللزوم مسألة نسبية تختلف باختلاف المهنة واختلاف مركز الشخص فيها.
وحصانة المحامي تحتاج إلى نقابة تحاجي عليها وتحميها وتوفر لها فاعليتها، وعلى قدرة قوة ومهابة النقابة على قدر ما توفره لأبنائها حملة رسالة المحاماة من حماية فعلية تقيم سياجًا يحميهم من أي تجاوزات.
*حصانة المحامي في التشريع السوري:
-ورد في القانون رقم 39/1981 الخاص بتنظيم مهنة المحاماة في سورياأن اللمحامي حصانة من التوقيف وحصانة من الاعتداء وحصانة من التفتيش وبذلك فقد حظر المشرع توقيف المحامي وحجز حريته مهما كان الجرم المنسوب إليه ما عدا الجرم المشهود ومنع تحريك الدعوى العامة بحقه ما لم يبلغ مجلس الفرع بذلك ليتسنى له الإطلاع على كافة الاجراءات والوقائع المتخذة بحقه .
وللمحامي حصانة من الاعتداء فكل من يعتدي على محامي خلال ممارسته مهنته أو بسببها يعاقب بالعقوبة التي يعاقب عليها فيما لو كان الاعتداء واقعا على قاضً ، والمقصود بالاعتداء كل فعل من شأنه أن ينال من شرف المحامي وكرامته دون اشتراط نوع معين من الاعتداء فهو ليس محصوراً بالضرب والإيذاء وإنما يشمل الذم والتحقير ، ولهذا جعل المشرع منزلة المحامي بمنزلة القاضي حين الاعتداء عليه وذلك حفظا لكرامته وحريته من اعتداء بعض الخصوم الذين تسول لهم أنفسهم إ جراء اي فعل من شأنه أن يحط من منزلة المحامي ويقلل من قدره أثناء ممارسته لمهنته للوصول إلى إظهار الحقيقة ونشر الحق والعدل وهذا ما أكدته المادة / 373 / من قانون العقوبات التي نصت على ما يلي : وإذا وقع التحقير بالكلام أو الحركات أو التهديد على القاضي في منصة القضاء كانت العقوبة الحبس من ستة أشهر إ لى سنتين "
وهذه المادة شملت المحامي أيضاً لورودها في قانون المحاماة وجعلت الاعتداء عليه كالاعتداء على قاضً .
وللمحامي حصانة من التفتيش (شخصه، مكتبه، مسكنه ) نص المشرع السوري على هذه الحصانة في المادة 78/أ من قانون تنظيم مهنة المحاماة والتي جاء فيها :
"لا يجوز تفتيش المحامي أثناء مزاولته عمله ولا تفتيش مكتبه أو حجزه ولا استجوابه إلا بعد إبلاغ رئيس مجلس الفرع ليحضر ولا يعتد بإسقاط المحامي حقه بذلك تحت طائلة بطلان الإجراءات "
لذلك فقد جعل المشرع السوري لمكتب المحامي حرمة واجبة بحيث لا يجوز تفتيش ولا حجز ما فيه من مكتب أو رسائل أو أوراق للدعاوي أو متطلبات أخرى خاصة بالمكتب حفاظا على الاسرار الموجودة فيه التي لا يجوز افشاؤها وضمانا لحقوق الموكلين بالإضافة إلى حق المحامي بمزاولة عمله على الوجه الذي يؤمن له حق الدفاع عن نفسه وعن موكليه فيما لو حصل أي اعتداء عليه أو على مكتبه كما لايجوز ضبط المراسلات التي تجري بين المحامي وموكله كما تشمل الحصانة المكالمات الهاتفية التي يجريها المحامي مع موكله .
ولهذا يتبين لنا ان المشرع في القطر العربي السوري أولى حماية لفئات معينة من المواطنين في تحصينهم وفرق في حصانتهم كل بما انيطت به الحصانة فأعطى الحصانة السياسية للسياسين والنيابية لنواب الشعب والقضائية للعاملين في القضاء قضاة ومحامين فإذا كان القضاء يمثل ضمير الأمة فالمحاماة هي مرآة المجتمع .
وإذا كانت حصانة القاضي تعني ضمان توزيع العدالة فحصانة المحامي هي حماية حق الدفاع المقدس .