أنواع التحكيم
وبما أنه ، وحسب البرنامج المعد لهذه الندوة ، قد تم توزيع بحث الجوانب المختلفة للتحكيم وهى جوانب عديدة على المحاضرين الافاضل . لهذا ، سوف أقتصر على إلقاء الضوء على أحد جوانب التحكيم وهو (أنواع التحكيم)مع التعليق على نظام التحكيم السعودي .
ذلك أن نظام التحكيم وإن كان يقوم أساساً على مبدأ سلطان الارادة بمعنى أن اللجوء إليه يتم بإختيار طرفي النزاع وبمحض إرادتهما الحرة ، إلا أن التحكيم وبإستقراء بعض القوانين المتعلقة به وتطبيقات المراكز والهيئات المتخصصة في شأنه يأخذ في العمل أكثر من نوع واحد كما يلي:
أولآ: التحكيم الخاص/التحكيم المؤسسي:
(أ)-التحكيم الخاص:
أي تحكيم الحالات الخاصة ، وفي هذا النوع من التحكيم يحدد فيه أطراف النزاع المواعيد والمهل ويعينون المحكمين ويقومون بعزلهم أو ردهم ، ويقومون بتحديد الاجراءات اللازمة للفصل في قضايا التحكيم .. ويعتبر التحكيم خاصاً ولو تم الاتفاق بين طرفي النزاع على تطبيق إجراءات وقواعد منظمة أو هيئة تحكيمية طالما أن التحكيم يتم خارج إطار تلك المنظمة أو الهيئة . ومن ذلك على سبيل المثال ، أن يختار الطرفان تطبيق القواعد الصادرة عن لجنة الامم المتحدة لقانون التجارة الدولية المعروف بقواعد (اليونسترال) للتحكيم . فالعبرة في هذا النوع من التحكيم بما يختاره طرفا النزاع من إجراءات وقواعد تطبق على التحكيم وخارج أية هيئة أو منظمة تحكيمية حتى وإن إستعان الطرفان بالاجراءات والقواعد والخبرات الخاصة بتلك الهيئة أو المنظمة. هذا التحكيم الذي كان أول نوع من أنواع التحكيم ما زال مستمراً وما زالت له مكانه هامة في حقل التحكيم ، ولا سيما في المنازعات التي تقع بين الدول. فإن الدول ذات سيادة وحين تذهب إلى التحكيم فإنها لا ترضى به إلا إذا فصلته على القياس والشكل الذي يراعي سلطتها وسيادتها. وكثيراً ما يحصل ذلك في منازعات تكون أطرافها الدولة ذاتها أو إحدى وزاراتها أو مصالح حكومية تابعة للدولة. ولكن مفهوم الدولة الذي أوجد نوعين من المؤسسات العامة التابعة للدولة ، منها التي ترتبط بمرافق عامة ومنها التي لها نشاطات صناعية وتجارية ولها طابع خاص من الذاتية والاستقلالية الادارية والمالية ، هذه المؤسسات حين تكون طرفاً في النزاع لا تطرح سلطة وسيادة الدولة وهى تقبل ثم تذهب بسهولة إلى تحكيم مراكز التحكيم. ولكن النوع الآخر من المؤسسات العامة أو الوزارات هو الذي لا يقبل إلا التحكيم الذي يساهم هو في تنظيمه وتشكيل محكمته التحكيمية بحيث يختار هو محكميه ويختار هو وخصمه المحكم الثالث ، بحيث إذا لم يتوصل هو وخصمه إلى هذا الخيار توقف التحكيم ، ثم ينظم هو وخصمه إجراءات التحكيم وأصوله. ثم تتولى المحكمة التحكيمية التي أوجدوها بالاتفاق – إذا إتفقوا – تتولى هذه المحكمة النظر في الخلاف ثم الفصل فيه بحكم لا يكون خاضعاً لرقابة هيئة حقوقية دائمة أخرى. هذا النوع من التحكيم إذا كانت كمية المنازعات التي تحل عن طريقه هى أقل ، إلا أن نوعية المنازعات التي تحل عن طريقه عديدة لأنه يناسبها أكثر ، ولا سيما المنازعات الكبرى بين الدول حول المواضيع التجارية والمالية أو المنازعات بين شركات متعددة الجنسيات. من هنا فإن الظاهرة التي تلفت النظر في الزمن الحاضر هى أن نوعي التحكيم: تحكيم مراكز التحكيمInstitutional ، وتحكيم المحكمة التحكيمية التي ينشئها الاطراف خصيصاً لحل النزاعAd hoc ويسمى تحكيم الحالات الخاصة ، كلاهما له مكانته ومنازعاته. ويمكن القول أن تحكيم الحالات الخاصة هو تحكيم على القياس ، وتحكيم مراكز التحكيم هو تحكيم ((جاهز)) في مقاييسه ومعاييره.
(ب) التحكيم المؤسسي:
كما ذكرنا آنفا لقد فرض التحكيم أهميته وجدواه بل ضرورته خصوصاً في مجال علاقات التجارة الدولية ، مما إقتضى قيام مؤسسات وهيئات ومراكز متخصصة في مجال التحكيم بما تملكه من إمكانات علمية وفنية مادية وعملية ولوائحها الخاصة في إجراءات التحكيم ، ولقد أنشئت العديد من تلك الهيئات سواء على المستويات الاقليمية أو الدولية كما ذكرنا آنفاً. وعلى سبيل المثال:
(1)نظام هيئة التحكيم لغرفة التجارة الدولية I.C.C المعدل والساري المفعول إعتباراً من 1/1/1998م في البند الاول لهذا النظام حدد مهام هيئة التحكيم في غرفة التجارة الدولية من قبل إدارة غرفة التجارة الدولية في حل النزاعات ذات الطابع الدولي في مجال الاعمال عن طريق التحكيم ، والملاحظ أن نظام هذه الهيئة لم يستعمل عبارة التجارة الدولية بل عبارة (الأعمال) حرصاً منه على توسيع معنى التجارة بحيث تشمل كل الاعمال وبذلك يكون قد تبنى المعيار الاقتصادي لدولية التحكيم وجعل كل موضوع يتعلق بالاعمال قابلآ للتحكيم. إلا أنه يجوز للهيئة أن تحل النزاعات التي ليس لها طابع دولي في مجال الاعمال إذا خولها العقد التحكيمي الصلاحية ، وقد أوصت غرفة التجارة الراغبين في ذلك بالبند التحكيمي التالي: (لجميع الخلافات التي تنشأ عن هذا العقد يتم حسمها نهائياً وفقاً لنظام المصالحة والتحكيم لغرفة التجارة الدولية بواسطة حكم أو محكمين يتم تعيينهم طبقاً لذلك النظام).
ويلاحظ أن قرارات التحكيم الصادرة من هذه الهيئة بغرفة التجارة الدولية تتم مراجعتها بصورة مستقلة بواسطة المحكمة المشكلة في الغرفة التجارية الدولية التي لها أن تقضي بإدخال تعديلات على الحكم من حيث الشكل ولها – مع إحترامها لحرية تقرير هيئة التحكيم - أن تنبه الهيئة إلى نقاط تتعلق بموضوع النزاع ، ولا يجوز أن تصدر حكم دون أن تقره المحكمة من حيث الشكل.
(2)هيئة التحكيم الامريكية A.A.A : أصبح حيز التنفيذ في 1/5/1992م هذه الهيئة تنظر في عدد كبير من الدعاوى وبالتأكيد ليست بنفس المظهر الدولي لمحكمة غرفة التجارة الدولية ، وهذه الهيئة لا تطبق نظام مراجعة قرارات التحكيم الصادرة منها كما هو الحال في محكمة غرفة التجارة الدولية.
(3)محكمة لندن للتحكيم الدولي:
على الارجح هى أكبر هيئات التحكيم الدولي عمراً. هذه المحكمة تدير خدمات التحكيم بموجب لوائحها الخاصة وكذلك لوائح التحكيم الخاصة بقانون لجنة الامم المتحدة للتحكيم التجاري الدولي ، وكذلك العمل بموجب أي نظام قانوني في أي مكان في العالم.
أنشأت المحكمة مجالس للتحكيم تغطي المجالس الرئيسية للتجارة في العالم ، مثل المجلس الاوروبي لجميع الدول الاوروبية والشرق الاوسط / مجلس أمريكا الشمالية / ومجلس دول جنوب شرق آسيا / والمجلس الافريقي.
على المستوى الاقليمي قام مركز التحكيم التجاري لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بالبحرين ، والذي أقر قادة هذه الدول نظامه كمركز للتحكيم وذلك أثناء إنعقاد مؤتمر القمة الرابعة عشرة في الرياض في ديسمبر عام 1993م . وتم العمل بهذا النظام بعد مضي ثلاثة أشهر من تاريخ إقراره . ويتمتع المركز بالشخصية المعنوية المستقلة ، ويختص بموجب المادة الثانية من نظامه بالنظر في المنازعات التجارية بين مواطني دول مجلس التعاون أو بينهم وبين الغير ، سواء كانوا أشخاصاً طبيعيين أو معنويين ويختص بالنظر في المنازعات التجارية إذا إتفق الطرفان كتابة في العقد أو في إتفاق لاحق على التحكيم في إطار هذا المركز . ويجري التحكيم فيه وفقاً للائحة إجراءات المركز ما لم يرد نص مغاير في العقد المتعلق به النزاع . ويكون الحكم الصادر من هيئة التحكيم وفقاً لهذه الاجراءات ملزماً للطرفين ونهائياً ..إلخ.
ثانياً: التحكيم الدولي/التحكيم الداخلي:
أ-التحكيم الدولي:
والمقصود به التحكيم في مجال علاقات التجارة الدولية والمصالح الخارجية لأطراف النزاع والتي تكشف إرادتهما المشتركة عن أن التحكيم ناشئ عن علاقة تجارية دولية أو مصالح خارجية أي خارج الدول التي ينتمون إليها. ولقد وجد التحكيم الدولي مجاله الخصيب خصوصاً مع تنامي العلاقات التجارية بين الدول وإزدهار المشروعات الاستثمارية وتعدد الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالاستثمار وضمان الاستثمار . ولكن ما هى المعايير التي يمكن الوقوف عندها في التحديد: في التحكيم الدولي كما في التحكيم الداخلي يجلس المحكمون وأطراف النزاع ومحاموهم حول طاولات في قاعة إجتماعات ، ليس فيها شكليات المحاكم القضائية. في التحكيم الداخلي ، المحكمون والاطراف كلهم من أبناء البلد الذي يجري فيه التحكيم والقانون المطبق هو قانون البلد الذي يجري فيه التحكيم. أما في التحكيم الدولي فالنزاع بين شركة إيطالية وشركة مصرية مثلآ والقانون المطبق هو القانون الفرنسي والتحكيم يجري في جنيف والمحامون هم إيطاليون ومصريون ، وهناك ربما في الدعاوى الكبرى محام سويسري أو ربما محام فرنسي مكمل للمحامين الايطاليين عن الشركة الايطالية ومحام سويسري أو ربما محام فرنسي مكمل للمحامين المصريين. وربما إكتفى كل طرف بمحامين من جنسيته ، ولكن حجم الدعوى ربما يسمح بدخول محامين إضافيين آخرين غير المحامين الذين تعودهم كل طرف ، محامين دوليين تكون لهم علاقة بالقانون المطبق أو يكونون من جنسية رئيس المحكمة التحكيمية وثقافته القانونية. هذا التنوع في الجنسيات يهون أمام التنوع في الانظمة القانونية وأمام المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي ترعى هذا التحكيم الدولي.
وهناك إمكانية لأن ترعى التحكيم الدولي خمس أنظمة قانونية مختلفة على سبيل المثال وهى:
قانون يطبق على الشرط التحكيمي وعلى شرط الاعتراف به وتنفيذه أو أي إتفاقية دولية في مستوى القانون.
قانون يطبق على إجراءات التحكيم أو أي إتفاقية دولية هى في مستوى القانون أو أعلى منه أو إتفاق الطرفين على تطبيق إجراءات تحكيم مركز تحكيمي .
القانون المطبق لحسم النزاع أو إتفاق على المبادئ العامة للقانون.
القانون الذي يطبق على تنفيذ الاحكام التحكيمية الدولية أو الاجنبية أو أي إتفاقية دولية هى في مستوى القانون أو أعلى منه.
كذلك قانون العقد الذي يمكن أن لا يكون هو القانون الوطني أو قانون البلد الذي وقع فيه العقد بل قانون دولي أو مزيج من المبادئ العامة للقانون وأعراف التجارة الدولية أو ما سمى قانون التجار.
لكن ما هى أهم المؤشرات الاجنبية التي يمكن الوقوف عندها وإستخلاص ضوء يكشف طبيعة كل تحكيم ، هل هو داخلي أو دولي ؟
يمكن أن تكون هذه المؤشرات الاجنبية تسع وهى:
- موضوع النزاع.
- جنسية ومحل إقامة الاطراف.
- جنسية المحكمين.
- القانون المطبق لحسم النزاع.
- قانون إجراءات المحاكمة المطبق.
- مكان التحكيم.
- اللغة.
- العملة.
- حركة إنتقال الاموال عبر حدود الدول للخروج من إقتصاد البلد.
هذه المؤشرات التسع ( الأجنبية ) تصلح أن تكون مع غيرها أضواء لبيان الحدود التي ينتهى عندها التحكيم الداخلي ويبدأ بعدها التحكيم الدولي ، وهى مؤشرات لفك إرتباط التحكيم ببلد ما أو بالتجارة الداخلية لبلد ما أو للاقتصاد الداخلي لأي بلد. وإذا كان المؤشر مرتبطاً ببلد واحد كان مؤشراً على أن التحكيم داخلي ، أما إذا كان المؤشر غير مرتبط ببلد واحد ، أدى تكاثر هذه المؤشرات إلى تغيير في نوعية التحكيم ونقله من خانة التحكيم الداخلي إلى خانة التحكيم الدولي.
وقد ساد إعتماد مقياسين للتفريق بين التحكيم الدولي والتحكيم الداخلي هما المقياس الجغرافي (مكان التحكيم) والمقياس الاقتصادي (موضوع النزاع):
1- المقياس الجغرافي (مكان التحكيم):
إن مكان التحكيم حين يكون في الخارج هو المقياس والاساس. وهكذا فالتحكيم أجنبي إذا تم في بلد أجنبي أو كان أحد أطرافه أجنبياً ، وكذلك فإن تطبيق قانون أجنبي أو قواعد إجراءات محاكمة أجنبية أو وجود فريق أجنبي يجعل من التحكيم تحكيماً أجنبياً ، وبالتالي يجعل من القرار التحكيمي قراراً أجنبياً.
هذا هو المقياس الذي أخذته إتفاقية نيويورك بعين الاعتبار ، وهى إتفاقية تطبق على القرارات التحكيمية ( الصادرة في دولة غير الدولة التي يطلب منها الاعتراف بالقرار التحكيمي أو تنفيذه على أراضيها ).
وقد تراجع دور ومكان التحكيم في المقياس الجغرافي وأصبح المقياس الجغرافي يأخذ أيضاً بعين الاعتبار مكان إقامة الاطراف. فإذا كانوا مقيمين في خارج الدولة التي يجري فيها التحكيم فالتحكيم أجنبي عن هذا البلد ، وإذا كانوا مقيمين في أماكن أو بلدان مختلفة فالتحكيم دولي (القانون النموذجي) وإذا كان أحد طرفي النزاع على الاقل غير مقيم في سويسرا أو هولندا مثلآ عند توقيع العقد فالتحكيم الذي يجري في هولندا أو في سويسرا هو دولي (القانون السويسري سنة 1987 – والقانون الهولندي سنة 1986).
كذلك فإن إتفاقية جنيف الاوروبية لعام 1961 والمتعلقة بالتحكيم الدولي ، قد سبق وطرحت شرطاً ، وهو أن يكون النزاع ناشئاً عن عملية تجارية دولية ، إلا أنها فرضت في الوقت نفسه أن يكون النزاع قائماً ما بين ( أشخاص مقيمين أو لهم مركز إقامة في بلدان مختلفة ).
وكذلك إتفاقية لاهاي المعقودة عام 1946 حول المبيعات الدولية للمنقولات ، فهى تطبق على ( عقود البيع المعقودة بين فرقاء تقع مؤسساتهم في بلاد مختلفة ).
وأخيراً ، فإن هذا المقياس هو الذي أخذ بعين الاعتبار في القانون النموذجي للجنة الامم المتحدة للقانون التجاري الدولي (UNCITRAL) الذي إعتمد في 21 يونيه 1985 ، وقد ذهب هذا المقياس إلى أن التحكيم يكون دولياً إذا كانت مؤسسات الفرقاء في إتفاقية تحكيمية عند إجراء هذه الاتفاقية ، تقع في بلدان مختلفة ، أو إذا كان أحد الاماكن المذكورة لاحقاً ، يقع خارج الدولة التي تقع فيها مؤسسات الفرقاء.
وهكذا يؤخذ بعين الاعتبار:
مكان التحكيم، إذا كان محدداً في إتفاقية التحكيم أو محدداً بموجب هذه الاتفاقية.
كل مكان يتم فيه تنفيذ جزء أساسي من الالتزامات الناشئة عن العلاقة التجارية ، أو المكان الذي يكون للنزاع علاقة أوثق به.
أو إرادة الطرفين إذا إتفقا صراحة.
وقد أخذ بهذا المفهوم كثير من القوانين الحديثة.
(2)المقياس الاقتصادي (موضوع النزاع):
إن طبيعة النزاع هى التي تؤخذ بعين الاعتبار ، فيعتبر تحكيماً دولياً ذلك الذي يتعلق بمصالح تجارية دولية ، دون أخذ مكان التحكيم أو قانون إجراءات المحاكمة المطبق أو جنسية الفرقاء بعين الاعتبار.
وقد إعتمد قانون التحكيم الدولي اللبناني هذا المقياس عندما أعطى للتحكيم الدولي التعريف التالي: ( يعتبر دولياً التحكيم الذي يتعلق بمصالح التجارة الدولية ).
أما القانون الفرنسي للتحكيم فقد عرف التحكيم الدولي بأنه ( يعتبر تحكيماً دوليا ذلك التحكيم الذي يضع في الميزان مصالح التجارة الدولية ).
كما أن نظام محكمة غرفة التجارة الدولية في باريس ، ونظام تحكيم محكمة لندن لا ينظران إلا منازعات التجارة الدولية.
لقد أوردت قوانين بعض الدول العربية أحكاماً خاصة بالتحكيم الدولي منها على سبيل المثال دولة البحرين وسلطنة عمان . ففي دولة البحرين صدر مرسوم بقانون التحكيم التجاري الدولي (رقم 9) عام 1994م وينص في المادة(1/3) بأن: (يكون التحكيم دولياً :
أ-إذا كان مقر عمل طرفي إتفاق التحكيم وقت إبرام ذلك الاتفاق واقعاً بين دولتين مختلفتين أو
ب-إذا كان أحد الاماكن التالية واقعاً خارج الدولة التي يقع فيها مقر عمل الطرفين:
مكان التحكيم إذا كان محدداً في إتفاق التحكيم أو طبقاً له.
أي مكان ينفذ فيه جزء هام من الالتزامات الناشئة عن العلاقة التجارية أو المكان الذي يكون لموضوع النزاع أوثق الصلة.
ج- إذا إتفق الطرفان صراحة على أن موضوع إتفاق التحكيم متعلق بأكثر من دولة واحدة
هذا وفي سلطنة عمان نظم مرسوم سلطاني رقم 47/97 قانون التحكيم في المنازعات المدنية والتجارية . وتنص المادة (3) منه على الاحكام الخاصة بالتحكيم الدولي ومعاييره ومنها: أن يكون المركز الرئيسي لاعمال كل من طرفي النزاع يقع في دولتين مختلفتين وقت إبرام إتفاق التحكيم ....إلخ.
ب-التحكيم الداخلي:
هو التحكيم الذي يتم طبقاً لاحكام القانون الوطني لاطراف النزاع وداخل دولتهم . فالقانون الوطني هو الذي ينص على كافة الاجراءات والقواعد التي تطبق على عملية التحكيم . ويلاحظ أن قوانين بعض الدول العربية تتضمن نصوصاً تميز بين نوعي التحكيم الدولي والداخلي كما أسلفنا في قانوني البحرين وعمان.
ثالثاً: التحكيم الاختياري/التحكيم الالزامي:
أ-التحكيم الاختياري:
المقصود به التحكيم الذي يتم بناءً على إتفاق طرفي النزاع وبمحض إرادتهما الحرة . فلهما اللجوء بإختيارهما إلى التحكيم لفض النزاع القائم بينهما وإختيار المحكمين والاجراءات والقواعد التي تطبق على التحكيم . وقد ينظم القانون مثل هذا التحكيم ووضع الضوابط اللازمة والمناسبة لضمان فاعليته ولكن تبقى الحرية للطرفين في اللجوء إليه عوضاً عن اللجوء إلى المحاكم.
ب-التحكيم الالزامي:
وفي هذا النوع من التحكيم يلزم القانون طرفي النزاع في اللجوء إلى التحكيم والخضوع لاحكامه في بعض المنازعات
وقوانين بعض الدول العربية تنص على هذا النوع من التحكيم في شأن منازعات معينة من ذلك القانون السوري إذ يلزم اللجوء إلى التحكيم في منازعات معينة منها: قضايا العمل حيث تحل الخلافات بين العمال وأرباب الاعمال بالتحكيم الاجباري.
ولكن قبل أن نتطرق إلى نظام التحكيم السعودي ، فإني أشير هنا إلى بدائل أخرى لفض المنازعات إبتكرها رجال القانون في الولايات المتحدة الامريكية:
فالقضاء هو الوسيلة الاساسية لحل المنازعات ، ولكن مع تطور ظروف التجارة والاستثمار الداخلي والدولي أخذت تنشأ إلى جانب القضاء وسائل أخرى لحسم المنازعات. والتحكيم الدولي عندما تطور مع تطور التجارة الدولية والتوظيفات الدولية ، تطور بإجراءات المحاكمة التي إقتربت كثيراً من إجراءات المحاكمات القضائية ، ثم بشكلياته التي قربته أكثر من المحاكم القضائية ، ثم جاءت المعاهدات الدولية لتحصنه وتحصن أحكامه بحيث لم يعد من المبالغة القول بأن التحكيم الدولي لم يعد وسيلة بديلة لحسم منازعات التجارة الدولية بل أصبح أو يكاد يصبح الوسيلة الاساسية لحسم منازعات التجارة الدولية. ويستمر هذا التطور فيوجد وسائل أخرى بديلة لحسم المنازعات غير التحكيم وغير القضاء.
فقد أخذ التوفيق والوساطة طريقهما ليصبحا أيضاً من الوسائل البديلة لحسم النزاعات. هكذا وضعت إتفاقية المؤسسة العربية لضمان الاستثمار مفاوضات الوساطة والتوفيق وسيلة بديلة لحسم النزاع يرجع إليها لحسم النزاع قبل اللجوء إلى التحكيم.
وكذلك فعلت إتفاقية البنك الدولي بشأن تسوية منازعات الاستثمار بين الدول ومواطني الدول الاخرى ففتحت باب التوفيق قبل التحكيم ونصت على إجراءات لذلك بإعتباره وسيلة أخرى من وسائل حسم المنازعات بطريقة ودية.
وكذلك نص نظام المصالحة والتحكيم لغرفة التجارة الدولية على نظام المصالحة الاختيارية ووضع له إجراءات.
وكذلك وضعت اليونسترال (لجنة الامم المتحدة لقانون التجارة الدولية) قواعد للتوفيق كان لها وقع في المنازعات الدولية وكان لها أثر في نشر التوفيق كوسيلة لحسم المنازعات ودياً .ولكن التوفيق والوساطة بقيا وسيلتين بديلتين لحسم المنازعات ، بديلتين عن القضاء وعن التحكيم إلا أنهما بقيتا وسيلتين نظريتين غير عمليتين وبقى القضاء هو الوسيلة الاساسية ، والتحكيم هو الوسيلة البديلة لحسم المنازعات إلى أن كان عام 1977 في الولايات المتحدة الامريكية...حيث كانت هناك دعوى عالقة أمام القضاء منذ ثلاث سنوات ، وكان هناك محامون ومرافعات وخبراء وجلسات ومستندات ونفقات خبرة ونفقات قضائية وأتعاب محامين ، وأرهقت الدعوى الطرفين بالوقت والمصاريف ، ثم طرحت فكرة وسيلة بديلة لحسم هذا النزاع. لماذا لا نؤلف محكمة مصغرة كل طرف يختار أحد كبار موظفيه ممن له دراية ومعرفة بتفاصيل النزاع ثم يختار الموظفان رئيساً محايداً.
وراقت الفكرة للطرفين وأوقفت إجراءات المحاكمة القضائية وعقدت المحكمة المصغرة جلسة ، ليست إلزامية في شيء ، وإستمرت الجلسة نصف ساعة أدلى بعدها رئيس المحكمة المحايد برأي شفهي لعضوي المحكمة ثم دخل موظفا الطرفين أي عضوا المحكمة إلى غرفة جانبية فدخلا في مفاوضة إستمرت نصف ساعة وخرجا ليعلنا إتفاقهما وإنتهت الدعوى على خير وسلام ووقف نزيف الوقت والنفقات والرسوم والاتعاب. وكانت ولادة ما سمى في الولايات المتحدة بـ Alternative Disputes Resolution واختصرت وعرفت بالـ A.D.R أي الوسيلة البديلة لحسم النزاع.
وتطورت هذه الوسيلة وتركزت وأخذت عدة أشكال وإنتشرت في الولايات المتحدة الامريكية إنتشاراً كبيراً ، لا سيما وأن التحكيم في الولايات المتحدة لم يعرف التقدم الذي وصل إليه في أوروبا لأن الاميركيين ما زالوا يجلون المؤسسة القضائية ولم يسلموا بسهولة بالتحكيم كوسيلة بديلة لحسم المنازعات كما فعلت أوروبا التي بقى إجلالها للقضاء على حاله بل تطوع القضاء للأخذ بيد التحكيم للنهوض وليلعب دوره كوسيلة بديلة لحسم المنازعات تخفف عن القضاء كثيراً من الاعباء وتبقي في كل حال تحت رقابته بعد صدور الحكم. والوساطة كوسيلة لحل المنازعات في الولايات المتحدة تأتي بميزتين:
أولآ: إختصار الوقت. فأطول وساطة تستمر من شهر إلى ستة أشهر ، بينما الدعوى أمام القضاء تبقى سنوات طويلة.
وثانياً: فإذا كانت الدعوى مرهقة وثقيلة في النفقات والمصاريف فإن الوساطة كوساطة بديلة لحسم المنازعات تبدو خفيفة الظل. وشهدت الوساطة إزدهاراً لم يكن منتظراً ولا متوقعاً وتقبلتها أوساط النزاعات القضائية الامريكية وأقبلت عليها بجدية وإهتمام حتى قدرت نسبة الحالات التي أسفرت عن مصالحة بفضل الوساطة كوسيلة بديلة لحسم المنازعات بطريقة ودية بـ 8.% في الولايات المتحدة و 37% في بلدان الشرق الاقصى. وتقدمت في الصين وكندا وأستراليا ، ولكن دول القوانين المدنية الاوروبية بقيت حذرة ولم تقبل على هذه الوسيلة البديلة لحسم المنازعات بطريقة الوساطة 0
فما هى هذه الوسيلة البديلة لحل النزاع عن طريق الوساطة ADR التي ولدت في الولايات المتحدة الامريكية؟ هذه الوسيلة ADR أخذت عدة أشكال نعرضها فيما يلي:
1-المحكمة المصغرة:
ويتلخص في أن النزاع يحال إلى هيئة مكونة من رئيس محايد وعضوين يختار كل من الطرفين المتنازعين وأحداً منهما من بين كبار موظفيه في الادارة العليا ممن لهم دراية بتفاصيل النزاع ، ويتولى العضوان إختيار الرئيس وإن لم يتفقا على شخصه يعينه مرجع يكون متفقاً عليه سلفاً. يلتقى الطرفان للاتفاق على قواعد لاجراءات الوساطة تختصر إلى أقل درجة ممكنة ، وهكذا يتحدد عدد المستندات التي ستقدم والمهلة لتبادل اللوائح. بعد جلسة المرافعة التي يجب أن لا تتجاوز اليومين ، يجتمع الموظفان عضوا المحكمة للتفاوض وإذا طلب من الشخص الثالث الحيادي المشاركة في الاجتماع فإنه يعطي رأيه ولكنه يجب أن يبقى شفهياً ... وتستمر المفاوضات بين عضوي المحكمة بغية الوصول إلى مصالحة ، ولكن هذه المفاوضات تبقى سرية لا يمكن كشفها إذا فشلت المفاوضات في الوصول إلى صلح وذهب الطرفان إلى المحكمة القضائية. وإذا كانت المفاوضات مشمولة بالسرية فإن المستندات والاثباتات واللوائح المقدمة خلال المحاكمة المصغرة ليست كذلك بل يمكن إعادة تقديمها إلى المحاكمة القضائية إذا فشل حل النزاع وسارت الامور إلى دعوى قضائية.
2-وساطة ميتشغان أو المطرقة المخملية:
أمام تراكم الدعاوى على محكمة ميتشغان وجدت هذه مخرجاً يخفف من الاعباء ويفتح باب وسيلة بديلة لحسم المنازعات عن طريق الوساطة ، إذ وضعت محكمة ميتشغان ذاتها إجراءات يلزم أطراف أي نزاع بإتباعها قبل عرض النزاع على المحكمة. ووضعت المحكمة لائحة بعدد من الحقوقيين كوسطاء ، وقبل أن تبدأ إجراءات أي محاكمة يختار كل طرف وسيطاً من الاسماء الواردة على لائحة الوسطاء ويسمى الوسيطان وسيطاً ثالثاً من اللائحة. ويعين قاضي محكمة ميتشغان جلسة وساطة ويبلغها للطرفين وللوسطاء. وقبل عشرة أيام من الجلسة يقدم كل طرف لائحة مختصرة بإدعاءاته مدعمة بالحجج القانونية وسرد الوقائع كل ذلك بإختصار شديد.ويوم الجلسة يحق لمحامييش الطرفين أن يترافعا ولكن بإختصار ، والجلسة يجب ألا تتعدى الساعة من الوقت. يقدم الوسطاء تقريرهم خلال الايام العشرة اللاحقة لجلسة المرافعة. وللطرفين مهلة 20 يوماً لقبوله أو رفضه ، فإذا لم يجيبوا أعتبر ذلك موافقة وقبولآ. وإذا قبل قرار الوسطاء يصدر حكم من محكمة ميتشغان بتثبيته ، وإذا رفض من أي من الطرفين تستأنف الدعوى سيرها العادي أمام المحكمة ويوضع قرار الوسطاء في مغلف يختم بالشمع الاحمر ولا يفتح إلا بعد صدور الحكم. عند صدور الحكم يفتح الملف المختوم بالشمع الاحمر ويقارن الحكم بقرار الوسطاء فإذا كان الحكم قد أعطى أكثر مما قرر الوسطاء بـ 10% فإن المدعى عليه هو الذي يتحمل نفقات ورسوم الدعوى ، وإذا قررت المحكمة للمدعي أقل بـ 10% مما قرر الوسطاء يتحمل كل فريق نصيبه من النفقات القضائية.
يجوز لطرفي التحكيم الاتفاق على إخضاع العلاقة لاتفاقية دولية
ـ إذا اتفق طرفي التحكيم على إخضاع العلاقة القانونية بينهما لأحكام عقد نموذجي أو اتفاقية دولية أو آية وثيقة أخرى وجب العمل بأحكام هذه الوثيقة بما تشمله من أحكام خاصة بالتحكيم (6) من القانون 27/1994 وبذلك يكون تطبيقها احترامًا لمبدأ سلطان الإرادة.
ـ ويتم تطبيق كافة أحكامها والقوانين والإجراءات على التحكيم هذا لأن التحكيم يخضع في أساسه لسلطان الإرادة لطرفي التحكيم.
الفصل الثالث
هيئة التحكيم
( من المادة 15 وحتي 24 )
هيئة التحكيم وكيف يتم تشكيلها
تنص المادة رقم 15 من قانون التحكيم على ان
1- تشكل هيئة التحكيم باتفاق من محكم واحد أو أكثر فإذا لم يتفقا على عدد المحكمين كان العدد ثلاثة .
2- إذا تعدد المحكمون وجب أن يكون عددهم وترا ، وإلا كان التحكيم باطلاً .
فإذا كانت هيئة التحكيم مشكلة من محكم واحد تولت المحكمة المشار إليها فى المادة 9 من هذا القانون اختياره بناء على طلب أحد الطرفين.
ـ إذا كانت هيئة التحكيم مشكلة من ثلاثة محكمين اختار كل طرف محكمة ويختار المحكمان المحكم الثالث (رئيس هيئة التحكيم) .
ـ إذا كانت هيئة التحكيم مشكلة من ثلاثة محكمين ولم يعين أحد الطرفين محكم خلال 30 يوم التالية لتسلمه طلبًا بذلك من الطرف الآخر فى النزاع او إذا تم اختيار المحكمان ولم يعيين المحكمان المحكم الثالث خلال 30 يومًا التالية لاختيار أخرهما فيقدم أحد طرفى النزاع طلبًا بذلك للمحكمة المختصة أصلا بنظر النزاع المذكورة فى المادة 9من القانون
المحكم arbiter هو شخص يتمتع بثقة الخصوم ، أولوه عناية الفصل في خصومة قائمة بينهم . ويقصد بهيئة التحكيم الجهة التي تتولي بإرادة طرفي التحكيم الفصل في النزاع المحرر بشأنه اتفاق تحكيم ، وهذه الجهة وطبقاً لصريح نص المادة 15 من قانون التحكيم قد تتشكل من محكم واحد أو أكثر إلا أنه في حالة تعدد المحكمين يجب أن يكون العدد وتراً : 3 : 5 : 7 وإلا كان التحكيم باطلاً ، ويقصد ببطـلان التحكيم المشار إليه بطـلان تشكيل هيئة التحكيم
ومن الواضح كما يقرر الفقيه الدكتور عكاشة محمد عبد العال : إ هذا النص يحدد متطلبات إعمال قاعدة الوترية ، وهي تتضمن أحكاماً ثلاثة :
الأول : هو أنه يجـوز تشكيـل هيئـة التحكيم من فرد واحد ، أو من عـدد من الأفراد بشرط أن يكون عددهم وتراً ، كثلاثة أو خمسة أو سبعة .
الثاني : هو أن تحديد عدد المحكمين متروك لحرية الطرفين بقيد واحد هو الالتزام بوترية التشكيل .
الثالث : هو أن المشرع قد احتاط لحالة عدم اتفاق الطرفين علي عدد المحكمين ، فتولي بنفسه تحديد العدد بثلاثة ، ملتزماً بذلك بمبدأ الوترية الذي قرره .
وفي بيان من يجوز أن يكون محكماً – سواء محكم فرد أو هيئة تحكيم – فيجوز أن يكون المحكم امرأة أو غير متخصص ولا خبرة له في موضوع النزاع أو جاهلاً بالقانون ولو كانت المسألة المطروحة عليه قانونية لأن القانون لم يتطلب ذلك ، ويجوز أن يكون المحكم جاهلاً لغة الخصوم فيحكم من واقع الأوراق المقدمة إليه ولو كانت مترجمة ، كما يجوز أن يكون المحكم علي غير ديانة الخصوم ولو كان موضوع النزاع يمس الدين عن قرب – مع مراعاة قيد النظام العام – ويجوز أن يكون المحكم أصماً أو أبكماً لأن القانون لا يمنع ذلك متي اتفق الخصوم علي اختياره ، ومن الجائز أن يكون المحكم أعمي لأن القانون لم يمنع ذلك ، ويجوز أن يكون المحكـم جاهلاً القراءة والكتابـة بشرط ألا يكون وحـده في هيئة التحكيم لأن القانون لا يتطلب إلا أن يوقع علي الحكم أغلبية المحكمين .
وطبقاً لنص المادة 17 فقرة ب من قانون التحكيم المصري إذا كانت هيئة التحكيم مشكلة من ثلاثة محكمين اختار كل طرف محكماً ثم يتفق المحكمان على اختيار المحكم الثالث – المحكم المرجح .
فإذا لم يعين أحد الطرفين محكمة خلال الثلاثين يوما التالية لتسلمه طلبا بذلك من الطرف الآخر أو إذا لم يتفق المحكمان المعينان على اختيار المحكم الثالث خلال الثلاثين يوما التالية لتاريخ تعيين أخرهما ، تولت المحكمة المشار إليها فى المادة 9 من هذا القانون اختياره بناء على طلب أحد الطرفين ويكون للمحكم الذى اختاره المحكمان المعينان أو الذي اختارته المحكمة رئاسة هيئة التحكيم .
وطبقاً لنص المادة فقرة 1 يكون الاختصاص بنظر مسائل التحكيم التى يحيلها هذا القانون إلى القضاء المصري للمحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع أما إذا كان التحكيم تجاريا دولياً ، سواء جرى فى مصر أو فى الخارج ، فيكون الاختصاص لمحكمة استئناف القاهرة مـا لـم يتفـق الطرفان على اختصاص محكمة استئناف أخرى فى مصر .
وتظل المحكمة التى ينعقد لها الاختصاص وفقـا للفقـرة السابقة دون غيرهـا صاحبة الاختصاص حتى انتهاء جميع إجراءات التحكيم .
حيدة المحكم
حيث أن المحكم ليس طرف فى خصومة التحكيم وإن كان أطراف التحكيم هم من يختارونه إنما لأنه شخص يتمتع بثقة الخصوم وإن إرادتهم اتجهت إلى منحه سلطة الفصل فيما شجر بينهم بحكم شأنه شأن أحكام القضاء ـ ويحوز حكمه حجية الشئ المحكوم به بمجرد صدوره ، ومن ثم لا يتصور أن يكون خصمًا وحكمًا فى ذات الوقت. , وانه يجب ان يكون المحكم حياديا كونه يمثل روح العدل والعدالة التي تستوجب عليه عدم الميل الي اي الطرفين فأي انواع الميول او الهواء وهذا هو الوصف الصحيح للمحكم انه حيادي 0
هل يجوز رد المحكم ؟؟؟؟
رد المحكم :-
الحياد والاستقلال شرطان لازمان لإنجاز عمل المحكم ، فكفالة الأمان القانونى لأطراف النزاع تعد من الأساسيات الجوهرية لنظام التحكيم ولا يتوافر هذا الأمان إلا إذا رسخ لدى الخصوم القناعة الكاملة بشخصية المحكمين ، ليس فقط فى بداية الخصومة ، وإنما فى كل مراحل النزاع . ويعنى هذا المبدأ ضرورة تقرير الحق للأطراف فى رد المحكم طالما توافر أي سبب من شأنه الإخلال بهذه القناعة .
وعادة ما تتلخص أسباب الرد فى الظروف والوقائع التى من شأنها أن تثير شكوكاً حول حيدة المحكم واستقلاله وفقاً للمفهوم السابق كوجود ميل شخصى أو معنوى أو علاقات مادية أو اجتماعية بين المحكم واحد طرفى التحكيم أو ممثليهم .
أن " التحكيم قضاء ، ومن يتولاه يتنزه عن كل نقيصة تخل بميزان العدالة القائم بالقسط والمحكم قاض ، وان كان خاصاً ، يلزم فيه الموضوعية فى تقييم ووزن الأمور ، والحيدة والاستقلال فى مواجهة من يحكم فيهم ، ولا يحسبن المحكم انه لا رقيب عليه ، يحكم كيف شاء ، أن حياده واستقلاله ونزاهته هى محط الإيمان بعدالة قضائه " ( )
ولهذه الأسباب فقد كفلت القوانين المنظمة للتحكيم التقليدى حق الرد للخصوم ، ومن ذلك ما تنص عليه المادة 18/1 من قانون التحكيم المصرى من انه " لا يجوز رد المحكم إلا إذا قامت ظروف تثير شكوكاً جدية حول حيدته أو استقلاله " .
وتكمن العلة فى إجازة رد المحكم فى حق كل طرف فى أن يفصل فى النزاع شخص محايد ، لا تربطه بأحد الطرفين أية صله تجعله يغلب مصلحة هذا الطرف على حساب الطرف الآخر ، وهو ما يهدر نظام التقاضى .، ولذلك ، وحتى تتوافر لدى كل طرف قناعة راسخة بحياد المحكم ، وحتى يكون كل طرف على يقين بأن الحكم الصادر فى الدعوى صدر مؤسسا على اعتبارات موضوعية من طبيعة النزاع ، دون أن يتأسس على اعتبارات شخصية ناتجة عن ميل أو هوى ، فقد أجازت أحكام القانون لأي شخص يتوافر لديه ما ينتقص من هذه القناعة المطالبة برد المحكم .
ومن عجب أن يقرر البعض مع ذلك ألا " تعتبر قرابة المحكم لأحد الخصوم أو لهما معاً أو صداقته لأحدهما أو غيرها من أسباب عدم الصلاحية بالضرورة سبباً لعدم الصلاحية للنظر فى خصومة التحكيم ، إذ قد تكون قرابته للخصوم أو صلته بهم أو بالنزاع هى السبب فى اختياره يرجع على وجه التحديد باعتبار ثقة الخصوم فيه وقناعتهم بقدرته على الفصل فى النزاع وحيدته واستقلاله ، وبالنظر إلى أن اختياره يرجع إليهم فى بادىء الأمر وليس مفروضاً عليهم " ( )
والذى يحدث أن يقدم " طلب الرد كتابة إلى هيئة التحكيم مبيناً فيه أسباب الرد خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ علم طالب الرد بتشكيل هذه الهيئة أو بالظروف المبررة للرد ، فإذا لم يتنح المحكم المطلوب رده خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ تقديم الطلب ، يحال بغير رسوم إلى المحكمة المشار إليها فى المادة ( 9 ) .... للفصل فيه بحكم غير قابل للطعن " ( المادة 19/1 تحكيم )( ) . وينبغى التفرقة بين الجهة التى تستقبل طلب الرد والجهة المختصة للفصل فيه .، إذ أوجب النص ضرورة تقديم الطلب لهيئة التحكيم أولاً لإعطاء فرصة للمحكم المطلوب رده للتنحى من تلقاء نفسه . فإن لم يتنح ، التزمت هيئة التحكيم بإحالة طلب الرد – بغير رسوم – إلى المحكمة المختصة للفصل فيه بحكم غير قابل للطعن .وقد ذكرنا من قبل ان حياد هيئة التحكيم ، التزام يجب توافره فى كل مراحل الدعوى ، ولحين تمام الفصل فى النزاع .
لذا فمن المتصور أن تثور أسباب الرد فى الفترة المصاحبة لتشكيل الهيئة أو فى اى وقت آخر أثناء الدعوى ، إذا ما استجدت وقائع من شأنها إثارة الشك حول حياد المحكم .، ولذلك أجاز النص تقديم طلب الرد إما :
- خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ علم طالب الرد بتشكيل الهيئة إذا كان لديه من الأسباب ما يبرر طلبه .
- وإما خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ علم طالب الرد بالظروف المبررة للرد .
" ولا يترتب على تقديم طلب الرد وقف إجراءات التحكيم ، وإذ حكم برد المحكم ترتب على ذلك اعتبار ما يكون قد تم من إجراءات ، بما فى ذلك حكم المحكمين ، كأن لم يكن " ( المادة 19 تحكيم مصرى )
وهكذا انحاز المشرع لاستمرار خصومة التحكيم حيث لم يرتب على مجرد تقديم طلب الرد – الذى قد يكون مؤسساً على أسانيد واهية – وقف إجراءات التحكيم ، وإنما قرر استمرار الهيئة فى مباشرة عملها لحين الفصل فى طلب الرد ، ولا شك أن مصير الإجراءات التى تمت سيتوقف على نتيجة الفصل فى هذا الطلب ، فلو كانت النتيجة هى الرفض ، استمرت الهيئة فى أداء عملها وكأن شيئاً لم يكن ، أما إذا تبين جدية الطلب وتقرر رد المحكم ، فهنا لابد – وكما قرر النص – إلغاء جميع المراحل التى خاضتها هيئة التحكيم وكأن شيئاً لم يكن ، وذلك بسبب عدم حيادية تشكيلها منذ البداية .
وقد حدث فى إحدى الدعاوى أن تم النعى على حكم التحكيم بالبطلان بزعم عدم توقف هيئة التحكيم عن الفصل فى الدعوى بعد تقديم طلب الرد ، حيث قضت المحكمة بأن هذا الدفع " فى غير محله ، ذلك أن المقرر انه إذا كان النص واضحاً جلى المعانى قاطع الدلالة على المراد منه ، فلا يجوز الخروج عليه أو تأويله . لما كان ذلك وكان النص فى الفقرة الرابعة من المادة 19 من القانون لرقم 27 لسنة 1994 انه لا يترتب على تقديم طلب الرد ... وقف إجراءات التحكيم ، وإذا حكم برد المحكم سواء من هيئة التحكيم أو من المحكمة عند نظر الطعن ترتب على ذلك اعتبار ما يكون قد تم من إجراءات التحكيم بما في ذلك حكم المحكمين كأن لم يكن ، بما مفاده أن رد احد المحكمين أو كليهما لا يترتب عليه وقف السير فى دعوى التحكيم ، وكل ما هنالك انه إذا قضى برد المحكم اعتبر ما تم من إجراءات سابقة على قبول الرد كأن لم يكن ، ولما كان ذلك وكانت هيئة التحكيم استمرت فى نظر دعوى التحكيم بعد التقرير بطلب الرد وأصدرت حكمها دون أن توقف السير فى الدعوى التحكيمية ، فإنها تكون قد صادفت صحيح القانون ويضحى النعى على الحكم بهذا لسبب فى غير محله " ( ) .
الإحالة فى رد المحكمين لقواعد عدم صلاحية القضاة فى قانون المرافعات
أن الإحالة فى التحكيم إلى القواعد العامة المقررة فى رد وعدم صلاحية القضاة فى قانون المرافعات اقتصارها على أسباب عدم الصلاحية والرد م503 مرافعات قبل إلغائها بقانون التحكيم 27 لسنة 1994 قصر الطعن بالاستئناف على طالب الرد وحده إذا رفض طلبه دون المحكم المحكوم برده . علة ذلك.
( طعن 713 لسنة ق63 ـ جلسة 27/6/2000)
طلب الرد للمحكمين لا يجوز استئنافه
قضاء الحكم المطعون فيه بقبول استئناف المحكمين للحكم الصادر بردهم عن الفصل فى مشارطة التحكيم. مخالفة للقانون. وجوب القضاء بعدم جواز الاستئناف
( طعن 713 ـ لسنة 63 ق ـ جلسة 27/6/2000)
عزل المحكم
يكون بصورة ضمنية أو صريحة . عدم اشتراط شكل خاص.
( طعن 6529 لسنة 62 قـ جلسة 12/6/ 2000)
لا أثر لعزل المحكم على مشارطة التحكيم
إن عزل المحكم لا أثر على مشارطة التحكيم الصحيحة بشرطة انصراف إرادة المحتكمين إلى الموافقة على قيام باقي المحكمين بتنفيذها ، وإذا قضى الحكم المطعون عليه ببطلان المشارطة استنادًا إلى أن عزل محكمين يعتبر فسخًا لها خطأ.
( طعن 6529 لسنة 63 ق ـ جلسة 12/1/2000 )
وبما أنه ، وحسب البرنامج المعد لهذه الندوة ، قد تم توزيع بحث الجوانب المختلفة للتحكيم وهى جوانب عديدة على المحاضرين الافاضل . لهذا ، سوف أقتصر على إلقاء الضوء على أحد جوانب التحكيم وهو (أنواع التحكيم)مع التعليق على نظام التحكيم السعودي .
ذلك أن نظام التحكيم وإن كان يقوم أساساً على مبدأ سلطان الارادة بمعنى أن اللجوء إليه يتم بإختيار طرفي النزاع وبمحض إرادتهما الحرة ، إلا أن التحكيم وبإستقراء بعض القوانين المتعلقة به وتطبيقات المراكز والهيئات المتخصصة في شأنه يأخذ في العمل أكثر من نوع واحد كما يلي:
أولآ: التحكيم الخاص/التحكيم المؤسسي:
(أ)-التحكيم الخاص:
أي تحكيم الحالات الخاصة ، وفي هذا النوع من التحكيم يحدد فيه أطراف النزاع المواعيد والمهل ويعينون المحكمين ويقومون بعزلهم أو ردهم ، ويقومون بتحديد الاجراءات اللازمة للفصل في قضايا التحكيم .. ويعتبر التحكيم خاصاً ولو تم الاتفاق بين طرفي النزاع على تطبيق إجراءات وقواعد منظمة أو هيئة تحكيمية طالما أن التحكيم يتم خارج إطار تلك المنظمة أو الهيئة . ومن ذلك على سبيل المثال ، أن يختار الطرفان تطبيق القواعد الصادرة عن لجنة الامم المتحدة لقانون التجارة الدولية المعروف بقواعد (اليونسترال) للتحكيم . فالعبرة في هذا النوع من التحكيم بما يختاره طرفا النزاع من إجراءات وقواعد تطبق على التحكيم وخارج أية هيئة أو منظمة تحكيمية حتى وإن إستعان الطرفان بالاجراءات والقواعد والخبرات الخاصة بتلك الهيئة أو المنظمة. هذا التحكيم الذي كان أول نوع من أنواع التحكيم ما زال مستمراً وما زالت له مكانه هامة في حقل التحكيم ، ولا سيما في المنازعات التي تقع بين الدول. فإن الدول ذات سيادة وحين تذهب إلى التحكيم فإنها لا ترضى به إلا إذا فصلته على القياس والشكل الذي يراعي سلطتها وسيادتها. وكثيراً ما يحصل ذلك في منازعات تكون أطرافها الدولة ذاتها أو إحدى وزاراتها أو مصالح حكومية تابعة للدولة. ولكن مفهوم الدولة الذي أوجد نوعين من المؤسسات العامة التابعة للدولة ، منها التي ترتبط بمرافق عامة ومنها التي لها نشاطات صناعية وتجارية ولها طابع خاص من الذاتية والاستقلالية الادارية والمالية ، هذه المؤسسات حين تكون طرفاً في النزاع لا تطرح سلطة وسيادة الدولة وهى تقبل ثم تذهب بسهولة إلى تحكيم مراكز التحكيم. ولكن النوع الآخر من المؤسسات العامة أو الوزارات هو الذي لا يقبل إلا التحكيم الذي يساهم هو في تنظيمه وتشكيل محكمته التحكيمية بحيث يختار هو محكميه ويختار هو وخصمه المحكم الثالث ، بحيث إذا لم يتوصل هو وخصمه إلى هذا الخيار توقف التحكيم ، ثم ينظم هو وخصمه إجراءات التحكيم وأصوله. ثم تتولى المحكمة التحكيمية التي أوجدوها بالاتفاق – إذا إتفقوا – تتولى هذه المحكمة النظر في الخلاف ثم الفصل فيه بحكم لا يكون خاضعاً لرقابة هيئة حقوقية دائمة أخرى. هذا النوع من التحكيم إذا كانت كمية المنازعات التي تحل عن طريقه هى أقل ، إلا أن نوعية المنازعات التي تحل عن طريقه عديدة لأنه يناسبها أكثر ، ولا سيما المنازعات الكبرى بين الدول حول المواضيع التجارية والمالية أو المنازعات بين شركات متعددة الجنسيات. من هنا فإن الظاهرة التي تلفت النظر في الزمن الحاضر هى أن نوعي التحكيم: تحكيم مراكز التحكيمInstitutional ، وتحكيم المحكمة التحكيمية التي ينشئها الاطراف خصيصاً لحل النزاعAd hoc ويسمى تحكيم الحالات الخاصة ، كلاهما له مكانته ومنازعاته. ويمكن القول أن تحكيم الحالات الخاصة هو تحكيم على القياس ، وتحكيم مراكز التحكيم هو تحكيم ((جاهز)) في مقاييسه ومعاييره.
(ب) التحكيم المؤسسي:
كما ذكرنا آنفا لقد فرض التحكيم أهميته وجدواه بل ضرورته خصوصاً في مجال علاقات التجارة الدولية ، مما إقتضى قيام مؤسسات وهيئات ومراكز متخصصة في مجال التحكيم بما تملكه من إمكانات علمية وفنية مادية وعملية ولوائحها الخاصة في إجراءات التحكيم ، ولقد أنشئت العديد من تلك الهيئات سواء على المستويات الاقليمية أو الدولية كما ذكرنا آنفاً. وعلى سبيل المثال:
(1)نظام هيئة التحكيم لغرفة التجارة الدولية I.C.C المعدل والساري المفعول إعتباراً من 1/1/1998م في البند الاول لهذا النظام حدد مهام هيئة التحكيم في غرفة التجارة الدولية من قبل إدارة غرفة التجارة الدولية في حل النزاعات ذات الطابع الدولي في مجال الاعمال عن طريق التحكيم ، والملاحظ أن نظام هذه الهيئة لم يستعمل عبارة التجارة الدولية بل عبارة (الأعمال) حرصاً منه على توسيع معنى التجارة بحيث تشمل كل الاعمال وبذلك يكون قد تبنى المعيار الاقتصادي لدولية التحكيم وجعل كل موضوع يتعلق بالاعمال قابلآ للتحكيم. إلا أنه يجوز للهيئة أن تحل النزاعات التي ليس لها طابع دولي في مجال الاعمال إذا خولها العقد التحكيمي الصلاحية ، وقد أوصت غرفة التجارة الراغبين في ذلك بالبند التحكيمي التالي: (لجميع الخلافات التي تنشأ عن هذا العقد يتم حسمها نهائياً وفقاً لنظام المصالحة والتحكيم لغرفة التجارة الدولية بواسطة حكم أو محكمين يتم تعيينهم طبقاً لذلك النظام).
ويلاحظ أن قرارات التحكيم الصادرة من هذه الهيئة بغرفة التجارة الدولية تتم مراجعتها بصورة مستقلة بواسطة المحكمة المشكلة في الغرفة التجارية الدولية التي لها أن تقضي بإدخال تعديلات على الحكم من حيث الشكل ولها – مع إحترامها لحرية تقرير هيئة التحكيم - أن تنبه الهيئة إلى نقاط تتعلق بموضوع النزاع ، ولا يجوز أن تصدر حكم دون أن تقره المحكمة من حيث الشكل.
(2)هيئة التحكيم الامريكية A.A.A : أصبح حيز التنفيذ في 1/5/1992م هذه الهيئة تنظر في عدد كبير من الدعاوى وبالتأكيد ليست بنفس المظهر الدولي لمحكمة غرفة التجارة الدولية ، وهذه الهيئة لا تطبق نظام مراجعة قرارات التحكيم الصادرة منها كما هو الحال في محكمة غرفة التجارة الدولية.
(3)محكمة لندن للتحكيم الدولي:
على الارجح هى أكبر هيئات التحكيم الدولي عمراً. هذه المحكمة تدير خدمات التحكيم بموجب لوائحها الخاصة وكذلك لوائح التحكيم الخاصة بقانون لجنة الامم المتحدة للتحكيم التجاري الدولي ، وكذلك العمل بموجب أي نظام قانوني في أي مكان في العالم.
أنشأت المحكمة مجالس للتحكيم تغطي المجالس الرئيسية للتجارة في العالم ، مثل المجلس الاوروبي لجميع الدول الاوروبية والشرق الاوسط / مجلس أمريكا الشمالية / ومجلس دول جنوب شرق آسيا / والمجلس الافريقي.
على المستوى الاقليمي قام مركز التحكيم التجاري لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بالبحرين ، والذي أقر قادة هذه الدول نظامه كمركز للتحكيم وذلك أثناء إنعقاد مؤتمر القمة الرابعة عشرة في الرياض في ديسمبر عام 1993م . وتم العمل بهذا النظام بعد مضي ثلاثة أشهر من تاريخ إقراره . ويتمتع المركز بالشخصية المعنوية المستقلة ، ويختص بموجب المادة الثانية من نظامه بالنظر في المنازعات التجارية بين مواطني دول مجلس التعاون أو بينهم وبين الغير ، سواء كانوا أشخاصاً طبيعيين أو معنويين ويختص بالنظر في المنازعات التجارية إذا إتفق الطرفان كتابة في العقد أو في إتفاق لاحق على التحكيم في إطار هذا المركز . ويجري التحكيم فيه وفقاً للائحة إجراءات المركز ما لم يرد نص مغاير في العقد المتعلق به النزاع . ويكون الحكم الصادر من هيئة التحكيم وفقاً لهذه الاجراءات ملزماً للطرفين ونهائياً ..إلخ.
ثانياً: التحكيم الدولي/التحكيم الداخلي:
أ-التحكيم الدولي:
والمقصود به التحكيم في مجال علاقات التجارة الدولية والمصالح الخارجية لأطراف النزاع والتي تكشف إرادتهما المشتركة عن أن التحكيم ناشئ عن علاقة تجارية دولية أو مصالح خارجية أي خارج الدول التي ينتمون إليها. ولقد وجد التحكيم الدولي مجاله الخصيب خصوصاً مع تنامي العلاقات التجارية بين الدول وإزدهار المشروعات الاستثمارية وتعدد الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالاستثمار وضمان الاستثمار . ولكن ما هى المعايير التي يمكن الوقوف عندها في التحديد: في التحكيم الدولي كما في التحكيم الداخلي يجلس المحكمون وأطراف النزاع ومحاموهم حول طاولات في قاعة إجتماعات ، ليس فيها شكليات المحاكم القضائية. في التحكيم الداخلي ، المحكمون والاطراف كلهم من أبناء البلد الذي يجري فيه التحكيم والقانون المطبق هو قانون البلد الذي يجري فيه التحكيم. أما في التحكيم الدولي فالنزاع بين شركة إيطالية وشركة مصرية مثلآ والقانون المطبق هو القانون الفرنسي والتحكيم يجري في جنيف والمحامون هم إيطاليون ومصريون ، وهناك ربما في الدعاوى الكبرى محام سويسري أو ربما محام فرنسي مكمل للمحامين الايطاليين عن الشركة الايطالية ومحام سويسري أو ربما محام فرنسي مكمل للمحامين المصريين. وربما إكتفى كل طرف بمحامين من جنسيته ، ولكن حجم الدعوى ربما يسمح بدخول محامين إضافيين آخرين غير المحامين الذين تعودهم كل طرف ، محامين دوليين تكون لهم علاقة بالقانون المطبق أو يكونون من جنسية رئيس المحكمة التحكيمية وثقافته القانونية. هذا التنوع في الجنسيات يهون أمام التنوع في الانظمة القانونية وأمام المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي ترعى هذا التحكيم الدولي.
وهناك إمكانية لأن ترعى التحكيم الدولي خمس أنظمة قانونية مختلفة على سبيل المثال وهى:
قانون يطبق على الشرط التحكيمي وعلى شرط الاعتراف به وتنفيذه أو أي إتفاقية دولية في مستوى القانون.
قانون يطبق على إجراءات التحكيم أو أي إتفاقية دولية هى في مستوى القانون أو أعلى منه أو إتفاق الطرفين على تطبيق إجراءات تحكيم مركز تحكيمي .
القانون المطبق لحسم النزاع أو إتفاق على المبادئ العامة للقانون.
القانون الذي يطبق على تنفيذ الاحكام التحكيمية الدولية أو الاجنبية أو أي إتفاقية دولية هى في مستوى القانون أو أعلى منه.
كذلك قانون العقد الذي يمكن أن لا يكون هو القانون الوطني أو قانون البلد الذي وقع فيه العقد بل قانون دولي أو مزيج من المبادئ العامة للقانون وأعراف التجارة الدولية أو ما سمى قانون التجار.
لكن ما هى أهم المؤشرات الاجنبية التي يمكن الوقوف عندها وإستخلاص ضوء يكشف طبيعة كل تحكيم ، هل هو داخلي أو دولي ؟
يمكن أن تكون هذه المؤشرات الاجنبية تسع وهى:
- موضوع النزاع.
- جنسية ومحل إقامة الاطراف.
- جنسية المحكمين.
- القانون المطبق لحسم النزاع.
- قانون إجراءات المحاكمة المطبق.
- مكان التحكيم.
- اللغة.
- العملة.
- حركة إنتقال الاموال عبر حدود الدول للخروج من إقتصاد البلد.
هذه المؤشرات التسع ( الأجنبية ) تصلح أن تكون مع غيرها أضواء لبيان الحدود التي ينتهى عندها التحكيم الداخلي ويبدأ بعدها التحكيم الدولي ، وهى مؤشرات لفك إرتباط التحكيم ببلد ما أو بالتجارة الداخلية لبلد ما أو للاقتصاد الداخلي لأي بلد. وإذا كان المؤشر مرتبطاً ببلد واحد كان مؤشراً على أن التحكيم داخلي ، أما إذا كان المؤشر غير مرتبط ببلد واحد ، أدى تكاثر هذه المؤشرات إلى تغيير في نوعية التحكيم ونقله من خانة التحكيم الداخلي إلى خانة التحكيم الدولي.
وقد ساد إعتماد مقياسين للتفريق بين التحكيم الدولي والتحكيم الداخلي هما المقياس الجغرافي (مكان التحكيم) والمقياس الاقتصادي (موضوع النزاع):
1- المقياس الجغرافي (مكان التحكيم):
إن مكان التحكيم حين يكون في الخارج هو المقياس والاساس. وهكذا فالتحكيم أجنبي إذا تم في بلد أجنبي أو كان أحد أطرافه أجنبياً ، وكذلك فإن تطبيق قانون أجنبي أو قواعد إجراءات محاكمة أجنبية أو وجود فريق أجنبي يجعل من التحكيم تحكيماً أجنبياً ، وبالتالي يجعل من القرار التحكيمي قراراً أجنبياً.
هذا هو المقياس الذي أخذته إتفاقية نيويورك بعين الاعتبار ، وهى إتفاقية تطبق على القرارات التحكيمية ( الصادرة في دولة غير الدولة التي يطلب منها الاعتراف بالقرار التحكيمي أو تنفيذه على أراضيها ).
وقد تراجع دور ومكان التحكيم في المقياس الجغرافي وأصبح المقياس الجغرافي يأخذ أيضاً بعين الاعتبار مكان إقامة الاطراف. فإذا كانوا مقيمين في خارج الدولة التي يجري فيها التحكيم فالتحكيم أجنبي عن هذا البلد ، وإذا كانوا مقيمين في أماكن أو بلدان مختلفة فالتحكيم دولي (القانون النموذجي) وإذا كان أحد طرفي النزاع على الاقل غير مقيم في سويسرا أو هولندا مثلآ عند توقيع العقد فالتحكيم الذي يجري في هولندا أو في سويسرا هو دولي (القانون السويسري سنة 1987 – والقانون الهولندي سنة 1986).
كذلك فإن إتفاقية جنيف الاوروبية لعام 1961 والمتعلقة بالتحكيم الدولي ، قد سبق وطرحت شرطاً ، وهو أن يكون النزاع ناشئاً عن عملية تجارية دولية ، إلا أنها فرضت في الوقت نفسه أن يكون النزاع قائماً ما بين ( أشخاص مقيمين أو لهم مركز إقامة في بلدان مختلفة ).
وكذلك إتفاقية لاهاي المعقودة عام 1946 حول المبيعات الدولية للمنقولات ، فهى تطبق على ( عقود البيع المعقودة بين فرقاء تقع مؤسساتهم في بلاد مختلفة ).
وأخيراً ، فإن هذا المقياس هو الذي أخذ بعين الاعتبار في القانون النموذجي للجنة الامم المتحدة للقانون التجاري الدولي (UNCITRAL) الذي إعتمد في 21 يونيه 1985 ، وقد ذهب هذا المقياس إلى أن التحكيم يكون دولياً إذا كانت مؤسسات الفرقاء في إتفاقية تحكيمية عند إجراء هذه الاتفاقية ، تقع في بلدان مختلفة ، أو إذا كان أحد الاماكن المذكورة لاحقاً ، يقع خارج الدولة التي تقع فيها مؤسسات الفرقاء.
وهكذا يؤخذ بعين الاعتبار:
مكان التحكيم، إذا كان محدداً في إتفاقية التحكيم أو محدداً بموجب هذه الاتفاقية.
كل مكان يتم فيه تنفيذ جزء أساسي من الالتزامات الناشئة عن العلاقة التجارية ، أو المكان الذي يكون للنزاع علاقة أوثق به.
أو إرادة الطرفين إذا إتفقا صراحة.
وقد أخذ بهذا المفهوم كثير من القوانين الحديثة.
(2)المقياس الاقتصادي (موضوع النزاع):
إن طبيعة النزاع هى التي تؤخذ بعين الاعتبار ، فيعتبر تحكيماً دولياً ذلك الذي يتعلق بمصالح تجارية دولية ، دون أخذ مكان التحكيم أو قانون إجراءات المحاكمة المطبق أو جنسية الفرقاء بعين الاعتبار.
وقد إعتمد قانون التحكيم الدولي اللبناني هذا المقياس عندما أعطى للتحكيم الدولي التعريف التالي: ( يعتبر دولياً التحكيم الذي يتعلق بمصالح التجارة الدولية ).
أما القانون الفرنسي للتحكيم فقد عرف التحكيم الدولي بأنه ( يعتبر تحكيماً دوليا ذلك التحكيم الذي يضع في الميزان مصالح التجارة الدولية ).
كما أن نظام محكمة غرفة التجارة الدولية في باريس ، ونظام تحكيم محكمة لندن لا ينظران إلا منازعات التجارة الدولية.
لقد أوردت قوانين بعض الدول العربية أحكاماً خاصة بالتحكيم الدولي منها على سبيل المثال دولة البحرين وسلطنة عمان . ففي دولة البحرين صدر مرسوم بقانون التحكيم التجاري الدولي (رقم 9) عام 1994م وينص في المادة(1/3) بأن: (يكون التحكيم دولياً :
أ-إذا كان مقر عمل طرفي إتفاق التحكيم وقت إبرام ذلك الاتفاق واقعاً بين دولتين مختلفتين أو
ب-إذا كان أحد الاماكن التالية واقعاً خارج الدولة التي يقع فيها مقر عمل الطرفين:
مكان التحكيم إذا كان محدداً في إتفاق التحكيم أو طبقاً له.
أي مكان ينفذ فيه جزء هام من الالتزامات الناشئة عن العلاقة التجارية أو المكان الذي يكون لموضوع النزاع أوثق الصلة.
ج- إذا إتفق الطرفان صراحة على أن موضوع إتفاق التحكيم متعلق بأكثر من دولة واحدة
هذا وفي سلطنة عمان نظم مرسوم سلطاني رقم 47/97 قانون التحكيم في المنازعات المدنية والتجارية . وتنص المادة (3) منه على الاحكام الخاصة بالتحكيم الدولي ومعاييره ومنها: أن يكون المركز الرئيسي لاعمال كل من طرفي النزاع يقع في دولتين مختلفتين وقت إبرام إتفاق التحكيم ....إلخ.
ب-التحكيم الداخلي:
هو التحكيم الذي يتم طبقاً لاحكام القانون الوطني لاطراف النزاع وداخل دولتهم . فالقانون الوطني هو الذي ينص على كافة الاجراءات والقواعد التي تطبق على عملية التحكيم . ويلاحظ أن قوانين بعض الدول العربية تتضمن نصوصاً تميز بين نوعي التحكيم الدولي والداخلي كما أسلفنا في قانوني البحرين وعمان.
ثالثاً: التحكيم الاختياري/التحكيم الالزامي:
أ-التحكيم الاختياري:
المقصود به التحكيم الذي يتم بناءً على إتفاق طرفي النزاع وبمحض إرادتهما الحرة . فلهما اللجوء بإختيارهما إلى التحكيم لفض النزاع القائم بينهما وإختيار المحكمين والاجراءات والقواعد التي تطبق على التحكيم . وقد ينظم القانون مثل هذا التحكيم ووضع الضوابط اللازمة والمناسبة لضمان فاعليته ولكن تبقى الحرية للطرفين في اللجوء إليه عوضاً عن اللجوء إلى المحاكم.
ب-التحكيم الالزامي:
وفي هذا النوع من التحكيم يلزم القانون طرفي النزاع في اللجوء إلى التحكيم والخضوع لاحكامه في بعض المنازعات
وقوانين بعض الدول العربية تنص على هذا النوع من التحكيم في شأن منازعات معينة من ذلك القانون السوري إذ يلزم اللجوء إلى التحكيم في منازعات معينة منها: قضايا العمل حيث تحل الخلافات بين العمال وأرباب الاعمال بالتحكيم الاجباري.
ولكن قبل أن نتطرق إلى نظام التحكيم السعودي ، فإني أشير هنا إلى بدائل أخرى لفض المنازعات إبتكرها رجال القانون في الولايات المتحدة الامريكية:
فالقضاء هو الوسيلة الاساسية لحل المنازعات ، ولكن مع تطور ظروف التجارة والاستثمار الداخلي والدولي أخذت تنشأ إلى جانب القضاء وسائل أخرى لحسم المنازعات. والتحكيم الدولي عندما تطور مع تطور التجارة الدولية والتوظيفات الدولية ، تطور بإجراءات المحاكمة التي إقتربت كثيراً من إجراءات المحاكمات القضائية ، ثم بشكلياته التي قربته أكثر من المحاكم القضائية ، ثم جاءت المعاهدات الدولية لتحصنه وتحصن أحكامه بحيث لم يعد من المبالغة القول بأن التحكيم الدولي لم يعد وسيلة بديلة لحسم منازعات التجارة الدولية بل أصبح أو يكاد يصبح الوسيلة الاساسية لحسم منازعات التجارة الدولية. ويستمر هذا التطور فيوجد وسائل أخرى بديلة لحسم المنازعات غير التحكيم وغير القضاء.
فقد أخذ التوفيق والوساطة طريقهما ليصبحا أيضاً من الوسائل البديلة لحسم النزاعات. هكذا وضعت إتفاقية المؤسسة العربية لضمان الاستثمار مفاوضات الوساطة والتوفيق وسيلة بديلة لحسم النزاع يرجع إليها لحسم النزاع قبل اللجوء إلى التحكيم.
وكذلك فعلت إتفاقية البنك الدولي بشأن تسوية منازعات الاستثمار بين الدول ومواطني الدول الاخرى ففتحت باب التوفيق قبل التحكيم ونصت على إجراءات لذلك بإعتباره وسيلة أخرى من وسائل حسم المنازعات بطريقة ودية.
وكذلك نص نظام المصالحة والتحكيم لغرفة التجارة الدولية على نظام المصالحة الاختيارية ووضع له إجراءات.
وكذلك وضعت اليونسترال (لجنة الامم المتحدة لقانون التجارة الدولية) قواعد للتوفيق كان لها وقع في المنازعات الدولية وكان لها أثر في نشر التوفيق كوسيلة لحسم المنازعات ودياً .ولكن التوفيق والوساطة بقيا وسيلتين بديلتين لحسم المنازعات ، بديلتين عن القضاء وعن التحكيم إلا أنهما بقيتا وسيلتين نظريتين غير عمليتين وبقى القضاء هو الوسيلة الاساسية ، والتحكيم هو الوسيلة البديلة لحسم المنازعات إلى أن كان عام 1977 في الولايات المتحدة الامريكية...حيث كانت هناك دعوى عالقة أمام القضاء منذ ثلاث سنوات ، وكان هناك محامون ومرافعات وخبراء وجلسات ومستندات ونفقات خبرة ونفقات قضائية وأتعاب محامين ، وأرهقت الدعوى الطرفين بالوقت والمصاريف ، ثم طرحت فكرة وسيلة بديلة لحسم هذا النزاع. لماذا لا نؤلف محكمة مصغرة كل طرف يختار أحد كبار موظفيه ممن له دراية ومعرفة بتفاصيل النزاع ثم يختار الموظفان رئيساً محايداً.
وراقت الفكرة للطرفين وأوقفت إجراءات المحاكمة القضائية وعقدت المحكمة المصغرة جلسة ، ليست إلزامية في شيء ، وإستمرت الجلسة نصف ساعة أدلى بعدها رئيس المحكمة المحايد برأي شفهي لعضوي المحكمة ثم دخل موظفا الطرفين أي عضوا المحكمة إلى غرفة جانبية فدخلا في مفاوضة إستمرت نصف ساعة وخرجا ليعلنا إتفاقهما وإنتهت الدعوى على خير وسلام ووقف نزيف الوقت والنفقات والرسوم والاتعاب. وكانت ولادة ما سمى في الولايات المتحدة بـ Alternative Disputes Resolution واختصرت وعرفت بالـ A.D.R أي الوسيلة البديلة لحسم النزاع.
وتطورت هذه الوسيلة وتركزت وأخذت عدة أشكال وإنتشرت في الولايات المتحدة الامريكية إنتشاراً كبيراً ، لا سيما وأن التحكيم في الولايات المتحدة لم يعرف التقدم الذي وصل إليه في أوروبا لأن الاميركيين ما زالوا يجلون المؤسسة القضائية ولم يسلموا بسهولة بالتحكيم كوسيلة بديلة لحسم المنازعات كما فعلت أوروبا التي بقى إجلالها للقضاء على حاله بل تطوع القضاء للأخذ بيد التحكيم للنهوض وليلعب دوره كوسيلة بديلة لحسم المنازعات تخفف عن القضاء كثيراً من الاعباء وتبقي في كل حال تحت رقابته بعد صدور الحكم. والوساطة كوسيلة لحل المنازعات في الولايات المتحدة تأتي بميزتين:
أولآ: إختصار الوقت. فأطول وساطة تستمر من شهر إلى ستة أشهر ، بينما الدعوى أمام القضاء تبقى سنوات طويلة.
وثانياً: فإذا كانت الدعوى مرهقة وثقيلة في النفقات والمصاريف فإن الوساطة كوساطة بديلة لحسم المنازعات تبدو خفيفة الظل. وشهدت الوساطة إزدهاراً لم يكن منتظراً ولا متوقعاً وتقبلتها أوساط النزاعات القضائية الامريكية وأقبلت عليها بجدية وإهتمام حتى قدرت نسبة الحالات التي أسفرت عن مصالحة بفضل الوساطة كوسيلة بديلة لحسم المنازعات بطريقة ودية بـ 8.% في الولايات المتحدة و 37% في بلدان الشرق الاقصى. وتقدمت في الصين وكندا وأستراليا ، ولكن دول القوانين المدنية الاوروبية بقيت حذرة ولم تقبل على هذه الوسيلة البديلة لحسم المنازعات بطريقة الوساطة 0
فما هى هذه الوسيلة البديلة لحل النزاع عن طريق الوساطة ADR التي ولدت في الولايات المتحدة الامريكية؟ هذه الوسيلة ADR أخذت عدة أشكال نعرضها فيما يلي:
1-المحكمة المصغرة:
ويتلخص في أن النزاع يحال إلى هيئة مكونة من رئيس محايد وعضوين يختار كل من الطرفين المتنازعين وأحداً منهما من بين كبار موظفيه في الادارة العليا ممن لهم دراية بتفاصيل النزاع ، ويتولى العضوان إختيار الرئيس وإن لم يتفقا على شخصه يعينه مرجع يكون متفقاً عليه سلفاً. يلتقى الطرفان للاتفاق على قواعد لاجراءات الوساطة تختصر إلى أقل درجة ممكنة ، وهكذا يتحدد عدد المستندات التي ستقدم والمهلة لتبادل اللوائح. بعد جلسة المرافعة التي يجب أن لا تتجاوز اليومين ، يجتمع الموظفان عضوا المحكمة للتفاوض وإذا طلب من الشخص الثالث الحيادي المشاركة في الاجتماع فإنه يعطي رأيه ولكنه يجب أن يبقى شفهياً ... وتستمر المفاوضات بين عضوي المحكمة بغية الوصول إلى مصالحة ، ولكن هذه المفاوضات تبقى سرية لا يمكن كشفها إذا فشلت المفاوضات في الوصول إلى صلح وذهب الطرفان إلى المحكمة القضائية. وإذا كانت المفاوضات مشمولة بالسرية فإن المستندات والاثباتات واللوائح المقدمة خلال المحاكمة المصغرة ليست كذلك بل يمكن إعادة تقديمها إلى المحاكمة القضائية إذا فشل حل النزاع وسارت الامور إلى دعوى قضائية.
2-وساطة ميتشغان أو المطرقة المخملية:
أمام تراكم الدعاوى على محكمة ميتشغان وجدت هذه مخرجاً يخفف من الاعباء ويفتح باب وسيلة بديلة لحسم المنازعات عن طريق الوساطة ، إذ وضعت محكمة ميتشغان ذاتها إجراءات يلزم أطراف أي نزاع بإتباعها قبل عرض النزاع على المحكمة. ووضعت المحكمة لائحة بعدد من الحقوقيين كوسطاء ، وقبل أن تبدأ إجراءات أي محاكمة يختار كل طرف وسيطاً من الاسماء الواردة على لائحة الوسطاء ويسمى الوسيطان وسيطاً ثالثاً من اللائحة. ويعين قاضي محكمة ميتشغان جلسة وساطة ويبلغها للطرفين وللوسطاء. وقبل عشرة أيام من الجلسة يقدم كل طرف لائحة مختصرة بإدعاءاته مدعمة بالحجج القانونية وسرد الوقائع كل ذلك بإختصار شديد.ويوم الجلسة يحق لمحامييش الطرفين أن يترافعا ولكن بإختصار ، والجلسة يجب ألا تتعدى الساعة من الوقت. يقدم الوسطاء تقريرهم خلال الايام العشرة اللاحقة لجلسة المرافعة. وللطرفين مهلة 20 يوماً لقبوله أو رفضه ، فإذا لم يجيبوا أعتبر ذلك موافقة وقبولآ. وإذا قبل قرار الوسطاء يصدر حكم من محكمة ميتشغان بتثبيته ، وإذا رفض من أي من الطرفين تستأنف الدعوى سيرها العادي أمام المحكمة ويوضع قرار الوسطاء في مغلف يختم بالشمع الاحمر ولا يفتح إلا بعد صدور الحكم. عند صدور الحكم يفتح الملف المختوم بالشمع الاحمر ويقارن الحكم بقرار الوسطاء فإذا كان الحكم قد أعطى أكثر مما قرر الوسطاء بـ 10% فإن المدعى عليه هو الذي يتحمل نفقات ورسوم الدعوى ، وإذا قررت المحكمة للمدعي أقل بـ 10% مما قرر الوسطاء يتحمل كل فريق نصيبه من النفقات القضائية.
يجوز لطرفي التحكيم الاتفاق على إخضاع العلاقة لاتفاقية دولية
ـ إذا اتفق طرفي التحكيم على إخضاع العلاقة القانونية بينهما لأحكام عقد نموذجي أو اتفاقية دولية أو آية وثيقة أخرى وجب العمل بأحكام هذه الوثيقة بما تشمله من أحكام خاصة بالتحكيم (6) من القانون 27/1994 وبذلك يكون تطبيقها احترامًا لمبدأ سلطان الإرادة.
ـ ويتم تطبيق كافة أحكامها والقوانين والإجراءات على التحكيم هذا لأن التحكيم يخضع في أساسه لسلطان الإرادة لطرفي التحكيم.
الفصل الثالث
هيئة التحكيم
( من المادة 15 وحتي 24 )
هيئة التحكيم وكيف يتم تشكيلها
تنص المادة رقم 15 من قانون التحكيم على ان
1- تشكل هيئة التحكيم باتفاق من محكم واحد أو أكثر فإذا لم يتفقا على عدد المحكمين كان العدد ثلاثة .
2- إذا تعدد المحكمون وجب أن يكون عددهم وترا ، وإلا كان التحكيم باطلاً .
فإذا كانت هيئة التحكيم مشكلة من محكم واحد تولت المحكمة المشار إليها فى المادة 9 من هذا القانون اختياره بناء على طلب أحد الطرفين.
ـ إذا كانت هيئة التحكيم مشكلة من ثلاثة محكمين اختار كل طرف محكمة ويختار المحكمان المحكم الثالث (رئيس هيئة التحكيم) .
ـ إذا كانت هيئة التحكيم مشكلة من ثلاثة محكمين ولم يعين أحد الطرفين محكم خلال 30 يوم التالية لتسلمه طلبًا بذلك من الطرف الآخر فى النزاع او إذا تم اختيار المحكمان ولم يعيين المحكمان المحكم الثالث خلال 30 يومًا التالية لاختيار أخرهما فيقدم أحد طرفى النزاع طلبًا بذلك للمحكمة المختصة أصلا بنظر النزاع المذكورة فى المادة 9من القانون
المحكم arbiter هو شخص يتمتع بثقة الخصوم ، أولوه عناية الفصل في خصومة قائمة بينهم . ويقصد بهيئة التحكيم الجهة التي تتولي بإرادة طرفي التحكيم الفصل في النزاع المحرر بشأنه اتفاق تحكيم ، وهذه الجهة وطبقاً لصريح نص المادة 15 من قانون التحكيم قد تتشكل من محكم واحد أو أكثر إلا أنه في حالة تعدد المحكمين يجب أن يكون العدد وتراً : 3 : 5 : 7 وإلا كان التحكيم باطلاً ، ويقصد ببطـلان التحكيم المشار إليه بطـلان تشكيل هيئة التحكيم
ومن الواضح كما يقرر الفقيه الدكتور عكاشة محمد عبد العال : إ هذا النص يحدد متطلبات إعمال قاعدة الوترية ، وهي تتضمن أحكاماً ثلاثة :
الأول : هو أنه يجـوز تشكيـل هيئـة التحكيم من فرد واحد ، أو من عـدد من الأفراد بشرط أن يكون عددهم وتراً ، كثلاثة أو خمسة أو سبعة .
الثاني : هو أن تحديد عدد المحكمين متروك لحرية الطرفين بقيد واحد هو الالتزام بوترية التشكيل .
الثالث : هو أن المشرع قد احتاط لحالة عدم اتفاق الطرفين علي عدد المحكمين ، فتولي بنفسه تحديد العدد بثلاثة ، ملتزماً بذلك بمبدأ الوترية الذي قرره .
وفي بيان من يجوز أن يكون محكماً – سواء محكم فرد أو هيئة تحكيم – فيجوز أن يكون المحكم امرأة أو غير متخصص ولا خبرة له في موضوع النزاع أو جاهلاً بالقانون ولو كانت المسألة المطروحة عليه قانونية لأن القانون لم يتطلب ذلك ، ويجوز أن يكون المحكم جاهلاً لغة الخصوم فيحكم من واقع الأوراق المقدمة إليه ولو كانت مترجمة ، كما يجوز أن يكون المحكم علي غير ديانة الخصوم ولو كان موضوع النزاع يمس الدين عن قرب – مع مراعاة قيد النظام العام – ويجوز أن يكون المحكم أصماً أو أبكماً لأن القانون لا يمنع ذلك متي اتفق الخصوم علي اختياره ، ومن الجائز أن يكون المحكم أعمي لأن القانون لم يمنع ذلك ، ويجوز أن يكون المحكـم جاهلاً القراءة والكتابـة بشرط ألا يكون وحـده في هيئة التحكيم لأن القانون لا يتطلب إلا أن يوقع علي الحكم أغلبية المحكمين .
وطبقاً لنص المادة 17 فقرة ب من قانون التحكيم المصري إذا كانت هيئة التحكيم مشكلة من ثلاثة محكمين اختار كل طرف محكماً ثم يتفق المحكمان على اختيار المحكم الثالث – المحكم المرجح .
فإذا لم يعين أحد الطرفين محكمة خلال الثلاثين يوما التالية لتسلمه طلبا بذلك من الطرف الآخر أو إذا لم يتفق المحكمان المعينان على اختيار المحكم الثالث خلال الثلاثين يوما التالية لتاريخ تعيين أخرهما ، تولت المحكمة المشار إليها فى المادة 9 من هذا القانون اختياره بناء على طلب أحد الطرفين ويكون للمحكم الذى اختاره المحكمان المعينان أو الذي اختارته المحكمة رئاسة هيئة التحكيم .
وطبقاً لنص المادة فقرة 1 يكون الاختصاص بنظر مسائل التحكيم التى يحيلها هذا القانون إلى القضاء المصري للمحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع أما إذا كان التحكيم تجاريا دولياً ، سواء جرى فى مصر أو فى الخارج ، فيكون الاختصاص لمحكمة استئناف القاهرة مـا لـم يتفـق الطرفان على اختصاص محكمة استئناف أخرى فى مصر .
وتظل المحكمة التى ينعقد لها الاختصاص وفقـا للفقـرة السابقة دون غيرهـا صاحبة الاختصاص حتى انتهاء جميع إجراءات التحكيم .
حيدة المحكم
حيث أن المحكم ليس طرف فى خصومة التحكيم وإن كان أطراف التحكيم هم من يختارونه إنما لأنه شخص يتمتع بثقة الخصوم وإن إرادتهم اتجهت إلى منحه سلطة الفصل فيما شجر بينهم بحكم شأنه شأن أحكام القضاء ـ ويحوز حكمه حجية الشئ المحكوم به بمجرد صدوره ، ومن ثم لا يتصور أن يكون خصمًا وحكمًا فى ذات الوقت. , وانه يجب ان يكون المحكم حياديا كونه يمثل روح العدل والعدالة التي تستوجب عليه عدم الميل الي اي الطرفين فأي انواع الميول او الهواء وهذا هو الوصف الصحيح للمحكم انه حيادي 0
هل يجوز رد المحكم ؟؟؟؟
رد المحكم :-
الحياد والاستقلال شرطان لازمان لإنجاز عمل المحكم ، فكفالة الأمان القانونى لأطراف النزاع تعد من الأساسيات الجوهرية لنظام التحكيم ولا يتوافر هذا الأمان إلا إذا رسخ لدى الخصوم القناعة الكاملة بشخصية المحكمين ، ليس فقط فى بداية الخصومة ، وإنما فى كل مراحل النزاع . ويعنى هذا المبدأ ضرورة تقرير الحق للأطراف فى رد المحكم طالما توافر أي سبب من شأنه الإخلال بهذه القناعة .
وعادة ما تتلخص أسباب الرد فى الظروف والوقائع التى من شأنها أن تثير شكوكاً حول حيدة المحكم واستقلاله وفقاً للمفهوم السابق كوجود ميل شخصى أو معنوى أو علاقات مادية أو اجتماعية بين المحكم واحد طرفى التحكيم أو ممثليهم .
أن " التحكيم قضاء ، ومن يتولاه يتنزه عن كل نقيصة تخل بميزان العدالة القائم بالقسط والمحكم قاض ، وان كان خاصاً ، يلزم فيه الموضوعية فى تقييم ووزن الأمور ، والحيدة والاستقلال فى مواجهة من يحكم فيهم ، ولا يحسبن المحكم انه لا رقيب عليه ، يحكم كيف شاء ، أن حياده واستقلاله ونزاهته هى محط الإيمان بعدالة قضائه " ( )
ولهذه الأسباب فقد كفلت القوانين المنظمة للتحكيم التقليدى حق الرد للخصوم ، ومن ذلك ما تنص عليه المادة 18/1 من قانون التحكيم المصرى من انه " لا يجوز رد المحكم إلا إذا قامت ظروف تثير شكوكاً جدية حول حيدته أو استقلاله " .
وتكمن العلة فى إجازة رد المحكم فى حق كل طرف فى أن يفصل فى النزاع شخص محايد ، لا تربطه بأحد الطرفين أية صله تجعله يغلب مصلحة هذا الطرف على حساب الطرف الآخر ، وهو ما يهدر نظام التقاضى .، ولذلك ، وحتى تتوافر لدى كل طرف قناعة راسخة بحياد المحكم ، وحتى يكون كل طرف على يقين بأن الحكم الصادر فى الدعوى صدر مؤسسا على اعتبارات موضوعية من طبيعة النزاع ، دون أن يتأسس على اعتبارات شخصية ناتجة عن ميل أو هوى ، فقد أجازت أحكام القانون لأي شخص يتوافر لديه ما ينتقص من هذه القناعة المطالبة برد المحكم .
ومن عجب أن يقرر البعض مع ذلك ألا " تعتبر قرابة المحكم لأحد الخصوم أو لهما معاً أو صداقته لأحدهما أو غيرها من أسباب عدم الصلاحية بالضرورة سبباً لعدم الصلاحية للنظر فى خصومة التحكيم ، إذ قد تكون قرابته للخصوم أو صلته بهم أو بالنزاع هى السبب فى اختياره يرجع على وجه التحديد باعتبار ثقة الخصوم فيه وقناعتهم بقدرته على الفصل فى النزاع وحيدته واستقلاله ، وبالنظر إلى أن اختياره يرجع إليهم فى بادىء الأمر وليس مفروضاً عليهم " ( )
والذى يحدث أن يقدم " طلب الرد كتابة إلى هيئة التحكيم مبيناً فيه أسباب الرد خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ علم طالب الرد بتشكيل هذه الهيئة أو بالظروف المبررة للرد ، فإذا لم يتنح المحكم المطلوب رده خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ تقديم الطلب ، يحال بغير رسوم إلى المحكمة المشار إليها فى المادة ( 9 ) .... للفصل فيه بحكم غير قابل للطعن " ( المادة 19/1 تحكيم )( ) . وينبغى التفرقة بين الجهة التى تستقبل طلب الرد والجهة المختصة للفصل فيه .، إذ أوجب النص ضرورة تقديم الطلب لهيئة التحكيم أولاً لإعطاء فرصة للمحكم المطلوب رده للتنحى من تلقاء نفسه . فإن لم يتنح ، التزمت هيئة التحكيم بإحالة طلب الرد – بغير رسوم – إلى المحكمة المختصة للفصل فيه بحكم غير قابل للطعن .وقد ذكرنا من قبل ان حياد هيئة التحكيم ، التزام يجب توافره فى كل مراحل الدعوى ، ولحين تمام الفصل فى النزاع .
لذا فمن المتصور أن تثور أسباب الرد فى الفترة المصاحبة لتشكيل الهيئة أو فى اى وقت آخر أثناء الدعوى ، إذا ما استجدت وقائع من شأنها إثارة الشك حول حياد المحكم .، ولذلك أجاز النص تقديم طلب الرد إما :
- خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ علم طالب الرد بتشكيل الهيئة إذا كان لديه من الأسباب ما يبرر طلبه .
- وإما خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ علم طالب الرد بالظروف المبررة للرد .
" ولا يترتب على تقديم طلب الرد وقف إجراءات التحكيم ، وإذ حكم برد المحكم ترتب على ذلك اعتبار ما يكون قد تم من إجراءات ، بما فى ذلك حكم المحكمين ، كأن لم يكن " ( المادة 19 تحكيم مصرى )
وهكذا انحاز المشرع لاستمرار خصومة التحكيم حيث لم يرتب على مجرد تقديم طلب الرد – الذى قد يكون مؤسساً على أسانيد واهية – وقف إجراءات التحكيم ، وإنما قرر استمرار الهيئة فى مباشرة عملها لحين الفصل فى طلب الرد ، ولا شك أن مصير الإجراءات التى تمت سيتوقف على نتيجة الفصل فى هذا الطلب ، فلو كانت النتيجة هى الرفض ، استمرت الهيئة فى أداء عملها وكأن شيئاً لم يكن ، أما إذا تبين جدية الطلب وتقرر رد المحكم ، فهنا لابد – وكما قرر النص – إلغاء جميع المراحل التى خاضتها هيئة التحكيم وكأن شيئاً لم يكن ، وذلك بسبب عدم حيادية تشكيلها منذ البداية .
وقد حدث فى إحدى الدعاوى أن تم النعى على حكم التحكيم بالبطلان بزعم عدم توقف هيئة التحكيم عن الفصل فى الدعوى بعد تقديم طلب الرد ، حيث قضت المحكمة بأن هذا الدفع " فى غير محله ، ذلك أن المقرر انه إذا كان النص واضحاً جلى المعانى قاطع الدلالة على المراد منه ، فلا يجوز الخروج عليه أو تأويله . لما كان ذلك وكان النص فى الفقرة الرابعة من المادة 19 من القانون لرقم 27 لسنة 1994 انه لا يترتب على تقديم طلب الرد ... وقف إجراءات التحكيم ، وإذا حكم برد المحكم سواء من هيئة التحكيم أو من المحكمة عند نظر الطعن ترتب على ذلك اعتبار ما يكون قد تم من إجراءات التحكيم بما في ذلك حكم المحكمين كأن لم يكن ، بما مفاده أن رد احد المحكمين أو كليهما لا يترتب عليه وقف السير فى دعوى التحكيم ، وكل ما هنالك انه إذا قضى برد المحكم اعتبر ما تم من إجراءات سابقة على قبول الرد كأن لم يكن ، ولما كان ذلك وكانت هيئة التحكيم استمرت فى نظر دعوى التحكيم بعد التقرير بطلب الرد وأصدرت حكمها دون أن توقف السير فى الدعوى التحكيمية ، فإنها تكون قد صادفت صحيح القانون ويضحى النعى على الحكم بهذا لسبب فى غير محله " ( ) .
الإحالة فى رد المحكمين لقواعد عدم صلاحية القضاة فى قانون المرافعات
أن الإحالة فى التحكيم إلى القواعد العامة المقررة فى رد وعدم صلاحية القضاة فى قانون المرافعات اقتصارها على أسباب عدم الصلاحية والرد م503 مرافعات قبل إلغائها بقانون التحكيم 27 لسنة 1994 قصر الطعن بالاستئناف على طالب الرد وحده إذا رفض طلبه دون المحكم المحكوم برده . علة ذلك.
( طعن 713 لسنة ق63 ـ جلسة 27/6/2000)
طلب الرد للمحكمين لا يجوز استئنافه
قضاء الحكم المطعون فيه بقبول استئناف المحكمين للحكم الصادر بردهم عن الفصل فى مشارطة التحكيم. مخالفة للقانون. وجوب القضاء بعدم جواز الاستئناف
( طعن 713 ـ لسنة 63 ق ـ جلسة 27/6/2000)
عزل المحكم
يكون بصورة ضمنية أو صريحة . عدم اشتراط شكل خاص.
( طعن 6529 لسنة 62 قـ جلسة 12/6/ 2000)
لا أثر لعزل المحكم على مشارطة التحكيم
إن عزل المحكم لا أثر على مشارطة التحكيم الصحيحة بشرطة انصراف إرادة المحتكمين إلى الموافقة على قيام باقي المحكمين بتنفيذها ، وإذا قضى الحكم المطعون عليه ببطلان المشارطة استنادًا إلى أن عزل محكمين يعتبر فسخًا لها خطأ.
( طعن 6529 لسنة 63 ق ـ جلسة 12/1/2000 )