[size=9]
إعداد
منتدى القانون الدولي
كلية الاقتصاد والعلوم السياسية
جامعة القاهرة
ديسمبر 2011
مقــدمـة
يمثل الحق الفكري أو الذهني أحد أهم الحقوق، ولذا يحتل مركزاً بارزاً ضمن حقوق الملكية، فالإنتاج الفكرى هو أوج ما وصل إليه الإنسان بفضل ملكة العقل التي وهبها الله عز وجل له لتمكينه من الخروج من ظلمات الجهل. ولهذا قد امتاز الإنسان عن غيره من المخلوقات الأخرى بالخلق والإبداع، فاستطاع بهذه الملكات أن يسخر عناصر الكون لفائدته.
وإذا كان الإنتاج المادي يشكل عنصراً هاماً في بناء الأمم وتقدمها فإن الإنتاج الفكري لا يقل أهمية في دوره من الإنتاج المادي، حيث يتم من خلاله إرساء الأسس لجميع صور التقدم، ولقد أصبحت درجة تقدم أي شعب تقاس بمدى ما وصل إليه من تعليم وثقافة وبمستوى الحماية التي تتوفر للإبداع الفكري الوطني، ولهذا يعتبر حق الابتكار الصورة الفكرية أو العلمية أو الوجدانية التي أتت بها الملكة الراسخة في نفس العالم مما أبدعه ولم يسبقه إليه أحد. بعبارة أخرى أصبح معيار التفاضل بين الفرد والآخر أو بين الأمم أصبح يعتمد على مستوى الإبداع الفكري والوجداني والعلمي وعلى مقدار ما نملكه من ابتكارات.
إلا أنه في المجال الإبداعي كان للميدان الصناعي بالذات القسط الأوفر في ظهور عدة ابتكارات واختراعات متعددة الأنماط. ومع تطور المجتمع العالمي اتجهت النية لخلق مؤسسات دولية متخصصة انبثقت عن حتمية تنظيم وحماية أعمال المفكرين والمبتكرين والمبدعين في سائر المجالات الصناعية والتجارية والأدبية، ولهذا كان من الضروري تأسيس المنظمة العالمية للملكية الفكرية التي صاغت برنامجا لمتابعة الحقوق الفكرية، وهي معنية بمسؤولية النهوض بحماية الملكية الفكرية في جميع أنحاء العالم.
ونظرا للأهمية المتزايدة للحقوق الفكرية، فقد طالبت المنظمة العالمية للملكية الفكرية جميع الدول في أرجاء المعمور إلى سن القوانين المنظمة لهذه الحقوق وذلك من أجل تشجيع النشاط الابتكاري والإبداعي. وفعلا ومن أجل النهوض بالصناعة والتجارة والأدب أخذت الدول منذ القرن التاسع عشر تسن القوانين التي تكفل الحماية لعناصر الملكية الفكرية حتى غدت من أحدث فروع القانون، لكونها تعالج الحديث في العلوم والتكنولوجيا، ولا يخفى أنهما يشكلان حجر الزاوية في أي تطور أو تفتح في مختلف مناحي الحياة في أي مجتمع كان. ولم يقتصر نشاط الدول على التشريعات الداخلية بل أدى التطور الاقتصادي والتنافس التجاري والإبداع الفكري إلى تنظيم دولي للملكية الفكرية.
حقوق الملكية الفكرية (المفهوم- الأهمية- الأنواع):
تحظى حقوق الملكية الفكرية في وقتنا الراهن باهتمام كبير في مختلف دول العالم وتعكس التقارير الصادرة حول أعمال القرصنة الفكرية الجهود الكبيرة التي تبذل من أجل التعرف على مدى التزام أي دولة بحماية تلك الحقوق.
أولاً: تعريف بحقوق الملكية الفكرية:
الملكية الفكرية هي نتاج فكري ترد على أشياء غير مادية كالملكية الصناعية والملكية الأدبية والفنية. حيث كان لظهور هذه الحقوق أثرها للتصدي للمعتدين عليها وكان لها الفضل الكبير في إنقاذ المبتكرين والمؤلفين والباحثين من سلب حقوقهم ونهبها علناً، بعدما كانت هذه الحقوق في الماضي شيئا شائعا ولا تجد أية حماية.
وتنقسم الملكية الفكرية إلى: 1- ملكية صناعية. 2- ملكية أدبية وفنية.
أولاً : الملكية الصناعية:
إن أصل عبارة الملكية الصناعية فرنسي، وعنها أخذت اللغات الأخرى كالإنجليزية والألمانية والإيطالية. ويقصد بها الحقوق المختلفة التي تكون ثمرة النشاط الإبداعي الخلاق للفرد في مجال الصناعة والتجارة وهي تخول لصاحبها سلطة مباشرة على ابتكاره أو محل حقه، للتصرف فيه بكل حرية، وإمكانية مواجهة الغير بها. كما تعرف أيضاً بأنها "حقوق استئثار صناعي وتجاري تخول صاحبها أن يستأثر قبل الكافة باستغلال ابتكار جديد أو استغلال علامة مميزة".
ثانياً : الملكية الأدبية والفنية:
تشمل عبارة الملكية الأدبية والفنية كل عمل في المجال الأدبي والعلمي والفني أيا كانت طريقة أو شكل التعبير عنه وكيفما كانت طريقة قيمته أو الغرض منه وهذا العمل يعتبر ملكا لمؤلفه.
ثانياً: أهمية حقوق الملكية الفكرية:
إن موضوع الملكية الفكرية يكتسي أهمية بالغة من حيث كونه يتعلق بمسألة حساسة وخطيرة، ويزيد من أهمية الموضوع التطورات الهائلة الحاصلة في مجالات التكنولوجيا المعلوميات والابتكارات، الشيء الذي ينجم عنه ظهور وسائل جديدة ومتطورة لتبادل المعرفة بطرق سهلة وفعالة.
وتزداد الأهمية التي توليها الدول حاليا لمجال الملكية الفكرية انطلاقا من الدور الذي يلعبه في تنشيط دواليب الاقتصاد العالمي وما يحققه من مداخيل مالية هامة.
كما ظهرت أهمية موضوع الملكية الفكرية من خلال الاهتمام الذي أصبح يولى له من طرف علماء الاقتصاد والسياسة والاجتماع والتربية والقانون.
وقد اهتمت الدول الصناعية بموضوع الحقوق الملكية الفكرية، على المستوى العلمي والعملي فوضعت فيه الأبحاث والكتب، وفتحت له البرامج الدراسية في الجامعات والمعاهد.
وعليه فإن الاهتمام بحقوق الملكية الفكرية قد أصبح ضرورة وطنية ملحة، خاصة في ظل عصر زراعي تجاري متطور تسيره الآلة وتحكمه التكنولوجيا.
ولا يخفى أن التفاوت بين الدول في امتلاك الحقوق الفكرية، قد أدى إلى تقسيم دول المعمور إلى مجموعات متفاوتة في مضمار التقدم والتخلف، فهناك دول متطورة وأخرى تحت التطور وثالثة متخلفة، بل قد أصبح تحديد قوة الدولة، يعتمد على مقدار ما تملكه من الحقوق الفكرية، فالتفاوت في امتلاك هذه الحقوق بين الدول، يترتب عليه تفاوت شديد في درجة الإنتاج وجودته ومستوى الدخل القومي، وكذلك مستوى معيشة الفرد. فضلا عن أن صوت الدولة يعلو أكثر فأكثر كلما امتلكت قدرا أكبر من هذه الحقوق.
ويلاحظ أن الأهمية المتزايدة لحقوق الملكية الفكرية، قد دفعت الدول في أرجاء المعمور إلى سن القوانين المنظمة لهذه الحقوق حتى غدت من أحدث فروع القانون.
ثالثاً: أنواع حقوق الملكية الفكرية:
تنقسم أنواع حقوق الملكية الفكرية إلى حقوق الملكية الصناعية، وحقوق الملكية الأدبية والفنية.
حقوق الملكية الصناعية:
إن حقوق الملكية الصناعية هي تلك الحقوق التي ترد على مبتكرات جديدة أو على شارات مميزة تستخدم إما في تمييز المنتجات أو في تمييز المنشآت التجارية. والحقوق التي ترد على المبتكرات الجديدة هي تلك التي تخول صاحبها حق احتكار استغلال ابتكاره قبل العامة ويمكن أن ترد إما على ابتكارات جديدة ذات قيمة نفعية أو ابتكارات جديدة ذات قيمة جمالية.
1. الحقوق التي ترد على مبتكرات جديدة:
أ- أولاً: المبتكرات الجديدة ذات القيمة النفعية:
وتعرف المبتكرات الجديدة ذات القيمة النفعية بأنها تلك الابتكارات التي تنطوي على ابتكار منتجات معينة ينتفع بها المجتمع وتغير من ظروف حياته الاقتصادية والاجتماعية وكما تخطو به نحو المدنية والتقدم، وكلما أزداد نشاط ذلك الابتكار، كلما ازدادت أسباب تقدم المجتمع وسجل نهضة في التاريخ. وتنقسم المبتكرات الجديدة ذات القيمة النفعية إلى نوعين وهما براءة الاختراع ثم تصاميم تشكل ( طبوغرافية ) الدوائر المندمجة.
*** براءة الاختراع : هي عدم وجود عيب في الاختراع أو هي شهادة الثقة في الاختراع، وقد عرفها بعض الفقه بأنها "الرخصة أو الإجازة التي يمنحها القانون لصاحب ابتكار لإنتاج صناعي جديد أو اكتشاف لوسائل جديدة على إنتاج صناعي قائم أو نتيجة صناعة موجودة، أو تطبيق جديد لوسائل معروفة للحصول على نتيجة أو إنتاج صناعي ". وهى أيضاً "الشهادة التي تمنحها الدولة في شخص المكتب المغربي للملكية الصناعية لمن توصل إلى اختراع جديد لمنتوج جديد أو اكتشاف لطريقة جديدة للحصول على إنتاج قديم ". وهى "وثيقة تسلم من طرف الدولة تخول صاحبها حق تنفيذ استغلال اختراعه الذي هو موضوع البراءة ".
*** التصاميم ( الطبوغرافية ): وقد عرفها بعض الفقه بأنها مخترعات كذلك إلا أنها تتعلق بالميدان الإلكتروني وهي تقوم على إدماج عدد كبير من الوظائف الكهربائية في مكون صغير عن طرق ترتيب ثلاثي الأبعاد العناصر، أحدها على الأقل نشط، ولبعض أو كل وصلات دائرة مندمجة. والدائرة المندمجة هي منتج يتكون من عناصر، أحدها على الأقل نشط ومن وصلات كلها أو بعضها يشكل جزءا لا يتجزأ من المادة يكون الغرض منه أداء وظيفة إلكترونية.
ب- ثانياً : المبتكرات الجديدة ذات القيمة الجمالية:
تعتبر المبتكرات الجديدة ذات القيمة الجمالية، ابتكارات ذات طابع فني تتناول المنتجات من حيث الشكل ويطلق على هذا النوع من الابتكار اصطلاح الرسوم والنماذج الصناعية.
2. الحقوق التي ترد على الشارات/ العلامات المميزة.
إن الحقوق التي ترد على الشارات المميزة هي تلك التي تمكن صاحبها من احتكار استغلال شارة مميزة. وهذه الشارات إما أن تستخدم في تمييز المنتجات أو المنشآت أو مصدر المنتجات.
فالشارة التي تستخدم لتمييز منتجات خاصة عن مثيلاتها في السوق هي العلامة التجارية أو الصناعية أو الخدمة. ويطلق عليها عادة اسم العلامة التجارية مع العلم أن هناك اختلاف بين كل نوع على حدة:
- فالعلامة التجارية هي التي يستخدمها التاجر في تمييز منتجاته التي يقوم ببيعها بعد شرائها سواء من تاجر الجملة أو من المنتج مباشرة بصرف النظر عن مصدر الإنتاج.
- أما العلامة الصناعية فهي التي يضعها الصانع لتمييز المنتجات التي يقوم بصنعها عن مثيلاتها من المنتجات الأخرى.
- وأخيرا علامة الخدمة وهي العلامة المميزة لخدمات بعض المشروعات.
ورغم التفرقة بين هذه العلامات فإنها تخضع كل منها لنفس القواعد والأحكام، بل أن الشخص الواحد قد ينتج السلعة ويبيعها في نفس الوقت وتكون له علامة واحدة تحقق الغرضين، مع العلم أن بعض القوانين تقتصر على تعبير العلامة التجارية كمفهوم شامل للعلامة التجارية والصناعية ولعلامة الخدمة.
* أما الشارة التي تستخدم في تمييز المنشآت التجارية فيطلق عليها اصطلاح الاسم التجاري ومثال ذلك حق المنتج في احتكار اسم لتمييز متجره أو مصنعه ومزاولة نشاطه بهذا الاسم. * أما الشارة التي توضع لبيان مصدر المنتجات، فهي تخول المنتج حق وضع بيانا يميز بلد الإنتاج ( بلد الأصل ).
وتجدر الإشارة إلى أن هذه الشارات المميزة بمختلف أشكالها تعطي المنتج شبه احتكار تجاه الزبناء، وبمقتضى هذا الحق يستطيع المستهلك التعرف بسهولة على مصدر المنتجات، كما أنها تساهم بفعالية في تنظيم المنافسة التجارية في الأسواق.
حقوق الملكية الأدبية والفنية.
1. حقوق المؤلف.
إن حق المؤلف هو ذلك الحق الناتج عن إبداع فكري يعود أصلا وأساسا إلى شخصية المؤلف المراد حمايوته عن طريق ذلك العمل. وطبقا لهذا المفهوم يخول للمؤلف أي الشخص الذاتي الحق المعنوي والحق الاستئثاري في استغلال عمله. وتنقسم حقوق المؤلف إلى حق أدبي وحق مالي. وتنقسم حقوق المؤلف إلى حق أدبي وحق مادي.
أ- أولا :الحق الأدنى للمؤلف:
يعتبر الحق الأدبي للمؤلف أحد الجوانب الهامة في الملكية الأدبية والفنية، وهو ينصب على حماية شخصية المؤلف كمبدع للمصنف، وحماية المصنف في حد ذاته، وهو بهذا المعنى ينطوي على وجهين أحدهما احترام شخصية المؤلف باعتباره مبدعا، وحماية المصنف باعتباره شيئا ذا قيمة ذاتية بصرف النظر عن مؤلفه، ومن هنا يحتج بالحقوق الأدبية لحماية سلامة المصنف الفكري باسم الصالح العام حتى بعد وفاة المؤلف واندراج المصنف في عداد الأملاك العامة.
ب- ثانياً : الحق المالي للمؤلف :
يعني الحق المالي للمؤلف إعطاء كل صاحب إنتاج ذهني حق احتكار استغلال هذا الإنتاج بما يعود عليه من منفعة أو ربح مالي، وذلك خلال مدة معينة ينقضي هذا الحق بفواتها.
2. الحقوق المجاورة:
رفعاً لأي التباس قد يحصل في تفسير كل من حق المؤلف والحقوق المجاورة عمدت اتفاقية برن لحماية المصنفات الأدبية والفنية إلى النص على أحكام قانونية تفيد بأن الحقوق المجاورة لا يجوز مطلقا أن توقع أضرارا بحق المؤلف وبذلك أعطت الأفضلية والأولوية لحق المؤلف في حال النزاع أو وقوع الضرر خاصة وأنه يعود للمؤلف سماح أو منع أي تحوير أو تأويل أو تغيير. وتتكون الحقوق المجاورة من: حقوق فناني الأداء- حقوق منتجي المسجلات الصوتية- حقوق هيئات الإذاعة.
مصادر حقوق الملكية الفكرية الوطنية والدولية (القوانين الداخلية والاتفاقيات الدولية الحاكمة لحقوق الملكية الفكرية):
تستمد حقوق الملكية الفكرية قواعدها من عدة مصادر وذلك من أجل حمايوتها من التزييف والتقليد. وتتجلى هذه المصادر في كل من التشريع الذي يعد مصدراً وطنياً والاتفاقيات والمعاهدات الدولية باعتبارها مصدراً دولياً،
أولاً: المصادر الوطنية لحقوق الملكية الفكرية:
يعتبر التشريع المصدر الرسمي والمثالي لقوانين الملكية الفكرية. فقد بدأت التشريعات الأوروبية تعنى بسن قواعد الملكية الفكرية منذ القرن 15، ثم ازداد نشاطها أكثر في منتصف القرن 19، أما بخصوص التشريعات العربية، فقد كانت متأخرة في إصدار تشريعات من هذا النوع، ويمكن رد ذلك التأخير إلى ما كان سائدا في معظم الدول العربية من أنظمة الامتيازات الأجنبية التي كانت لا تتلاءم وفرض عقوبات جزائية على الأجانب وعلى تلك التي تستوجبها غالبا حماية حقوق الملكية الفكرية.
ثانياً: المصادر الدولية لحقوق الملكية الفكرية:
يقصد بالمصادر الدولية المعاهدات والاتفاقيات الدولية سواء تعلق الأمر بالاتفاقيات الجماعية أو الثنائية وتجدر الإشارة إلى أنه قبل سنة 1883 لم تكن حقوق الملكية الفكرية محمية دوليا، حيث كان لكل دولة مطلق الحرية في سن تشريعاتها كما تريد بدون قيد ولا شرط، لكن مع تطور التجارة وانتقال السلع والبضائع خارج إقليم الدولة دون أن تجد إطارا قانونيا بحميها من التزييف والتقليد، مما بدأ التفكير في توحيد قوانين الملكية الفكرية بإبرام اتفاقيات دولية. ويمكن تقسيم هذه الاتفاقيات إلى نوعين:
النوع الأول: وهو ذلك النوع الذي يشكل الإطار العام لحماية الملكية الفكرية أو ما يعبر عنه بالاتفاقية المتعلقة بحقوق الملكية الفكرية المرتبطة بالتجارة.
النوع الثاني: ينحصر موضوعه في الاتفاقيات الخاصة بكل نوع من حقوق الملكية الفكرية.
1. الاتفاقية المتعلقة بحقوق الملكية الفكرية المرتبطة بالتجارة:
يعتبر موضوع حماية حقوق الملكية الفكرية من أكثر المواضيع صعوبة وتشابكا سواء أكان فيما يتعلق بالتفاوض حول التوصل إلى اتفاقية دولية بشأنها، أو صياغة التشريعات الوطنية الخاصة بها، أو وضع تلك التشريعات الوطنية موضع التنفيذ وتعتبر الاتفاقية المتعلقة بحقوق الملكية الفكرية المرتبطة بالتجارة التي أسفرت عنها جولة أورغواي للمفاوضات التجارية المتعددة الأطراف خير مثال على ذلك ويجري تطبيق هذه الاتفاقية في إطار المنظمة العالمية للتجارة التي تم إنشاءها بتاريخ 15 أبريل 1994 في إطار اتفاقية مراكش، وشرعت في العمل في فاتح يناير 1995 بمدينة جنيف ويبلغ عدد الدول في هذه المنظمة 154 دولة إلى غاية 5 فبراير 2003.
وقد أقرت الاتفاقية المتعلقة بحقوق الملكية الفكرية المرتبطة بالتجارة بمبدأين أساسين في مجال حماية الملكية الفكرية وهما مبدأ المعاملة الوطنية وكذلك مبدأ الدولة الأولى بالرعاية.
وقد نص الجزء الثاني من اتفاقية المتعلقة بحقوق الملكية الفكرية المرتبطة بالتجارة، على المعايير الدنيا لحماية حقوق الملكية الفكرية من حيث توفرها ونظامها واستعمالها. ويحتوي هذا الجزء على ثمانية أقسام تتعلق على التوالي بحق المؤلف والحقوق المجاورة والعلامات والبيانات الجغرافية والنماذج الصناعية والبراءات وتصاميم تشكل ( طبوغرافية ) الدوائر المندمجة وحماية المعلومات السرية والرقابة على الممارسات غير التنافسية في التراخيص التعاقدية.
2. الاتفاقيات الخاصة بكل نوع من حقوق الملكية الفكرية:
تتجلى الاتفاقيات الخاصة بكل نوع من حقوق الملكية الفكرية، في الاتفاقيات الخاصة بحماية حقوق الملكية الصناعية والاتفاقيات الخاصة بحماية الملكية الأدبية والفنية.
أ- الاتفاقيات الخاصة بحماية الملكية الصناعية:
خلال القرن 19 وقبل إصدار أي اتفاقية دولية في مجال الملكية الصناعية، كان من الصعب إلى حد ما الحصول على حق حماية الملكية الصناعية في مختلف دول العالم بسبب اختلاف القوانين اختلافا كبيرا، إلا أنه خلال النصف الثاني من القرن 19، ظهرت الحاجة الملحة إلى تنسيق قوانين الملكية الصناعية، على أساس دولي وعلى أساس عالمي. والسبب في ذلك يرجع إلى تزايد التدفق التكنولوجي على الصعيد الدولي وكذلك زيادة حجم التجارة الدولية، مما جعل هذا التنافس ضرورة ملحة في مجالي البراءات والعلامات التجارية. وبرزت فكرة وضع اتفاقية دولية لحماية الملكية الصناعية بشكل عام خلال مؤتمر باريس الدولي الذي انعقد سنة 1878، تمخض عنه الدعوى إلى عقد مؤتمر دولي ديبلوماسي لغايات تحديد قواعد الإطار التشريعي في حقل الملكية الصناعية، وعلى إثر ذلك قامت حكومة فرنسا في عام 1880 بتحضير مسودة نهائية تقترح اتحادا عالميا لحماية الملكية الصناعية، وأرسلت تلك المسودة مع بطاقات دعوة لسائر الدول للحضور إلى باريس لمناقشة تلك المسودة. وقد حوت هذه الأخيرة في جوهرها المواد الرئيسة التي مازالت تشكل الخطوط العريضة لما يسمى باتفاقية باريس، ثم عقد مؤتمر ديبلوماسي في باريس في 20 مارس 1883 حضرته إحدى عشر دولة وهي : بلجيكا والبرازيل والسلفادور وفرنسا وغواتيمالا وإيطاليا وهولندا والبرتغال وصربيا وإسبانيا وسويسرا. فأخرجت إلى الوجود اتفاقية باريس لحماية الملكية الصناعية لسنة 1883 وقد بدأ سريانها في 7 نونبر 1884.
وهذه الاتفاقية تشكل العمود الفقري في حماية الملكية الصناعية، وقد تم تعديلها عدة مرات. إن أعضاءها يتزايدون باستمرار إذ انتقل العدد من 11 دولة لسنة 1883 إلى 164 دولة إلى غاية 15 أكتوبر 2003، وأصبح المغرب طرفا في هذه الاتفاقية بتاريخ 30 يونيو 1917.
إلى جانب اتفاقية باريس بشأن حماية الملكية الصناعية سمحت هذه الأخيرة من خلال مادتها 19 لأعضائها، بإبرام اتفاقيات أخرى فيما بينها، شريطة ألا تتعارض مع المبادئ الأساسية التي أتت بها الاتفاقية. وبالفعل فقد أبرمت عدة اتفاقيات خاصة بحماية المبتكرات الجديدة وأخرى خاصة بحماية االشارات المميزة.
أولاً: اتفاقيات خاصة بحماية المبتكرات الجديدة:
من بين أبرز الاتفاقيات التي أبرمت لحماية المبتكرات الجديدة نذكر منها:
1) معاهدات واشنطن بشأن التعاون في ميدان البراءات:
طرأت فكرة إعداد معاهدة التعاون الدولي في مجال البراءات على ذهن الولايات المتحدة الأمريكية في الستينات بهدف مواجهة مشكلة ازدياد طلبات براءات الاختراع و نفقات اختيار مدى جدة الاختراعات، كذلك تكرار هذه الاختيارات في كل دولة يطلب المخترع فيها حماية اختراعه لديها. وقد بادرت اللجنة التنفيذية لاتحاد باريس لحماية الملكية الصناعية سنة 1966 إلى دراسة الحلول الممكنة الكفيلة للقضاء على كل عمل غير مجد ليس فقط بالنسبة للمكاتب الوطنية التي تستقبل طلبات الحصول على البراءات بل كذلك للمودعين لهذه الطلبات. وفي سنة 1967 هيأت المكاتب الدولية المتحدة لحماية الملكية الفكرية BIRPI مشروع للمعاهدة وعرضته على أنظار لجنة من الخبراء، وبعد العديد من المفاوضات تم المصادقة على معاهدة التعاون بشأن البراءات وذلك بالمناظرة الديبلوماسية التي تم عقدها بواشنطن بتاريخ 19 يونيو 1970. وقد تم تعديل هذه المعاهدة سنة 1979 وسنة 1984 وكذا سنة 2001 ويبلغ عدد الدول أطراف هذه المعاهدة 123 دولة إلى غاية 15 أكتوبر 2003. ومن بينها المغرب الذي صادق على هذه المعاهدة بمقتضى ظهير شريف رقم 121-99-1 بتاريخ 8 يونيو 1999.
2) اتفاقية استراسبورج بشأن التصنيف الدولي لبراءات الاختراع:
أبرمت هذه الاتفاقية بتاريخ 27 مارس 1971 ودخلت حيز التنفيذ سنة 1975، وبموجبه أصبحت المنظمة العالمية للملكية الفكرية تكفل وحدها بمسؤولية إدارة التصنيف الدولي لبراءات الاختراع دون المجلس الأوروبي. وقدم تعديل هذه الاتفاقية سنة 1979. ويبلغ عدد الدول الأطراف في الاتفاقية 54 دولة ليس من بينها المغرب إلى غاية 15 أكتوبر 2003.
3) معاهدة واشنطن بشأن الملكية الفكرية فيما يخص الدوائر المتكاملة:
أبرمت هذه المعاهدة في 26 مايو 1989. فحسب المادة 15 من المعاهدة يجوز لكل دولة عضو في المنظمة العالمية للملكية الفكرية أو في الأمم المتحدة أن تصبح طرفا في المعاهدة. وتصبح كل دولة أو منظمة دولية حكومية طرفا في المعاهدة بموجب إيداع وثائق تصديقها أو موافقتها أو انضمامها لدى المدير العام للمنظمة العالمية للملكية الفكرية.
وبالرغم من عدم دخول هذه المعاهدة حيز التنفيذ فقد أدرجت في الاتفاقية المتعلقة بحقوق الملكية الفكرية المرتبطة بالتجارة بالإحالة عليها. وقد أدخلت على هذه المعاهدة عدة تعديلات وهي على الشكل التالي:
أصبحت مدة الحماية 10 سنوات عوض 8 سنوات.
أصبح حق الاستثمار يشمل أيضا المنتجات التي تتضمن دوائر متكاملة فيها تصميم محمي.
زاد تقييد الظروف التي يجوز فيها الانتفاع بالتصميمات دون موافقة أصحاب الحقوق.
4) اتفاقية لاهاي بشأن الإيداع الدولي للرسوم والنماذج الصناعية:
لقد تم التوقيع على هذه الاتفاقية في 6 يونيو 1925 ودخلت حيز التنفيذ سنة 1928، وقد تمت مراجعة هذه الاتفاقية عدة مرات خصوصا بلندن سنة 1934 وبلاهاي سنة 1960. وأصبح المغرب طرفا في اتفاقية لاهاي لسنة 1925 بتاريخ 20 أكتوبر 1930 ثم أصبح طرفا في عقد لندن 1934 بتاريخ 21 يناير 1941 ثم أصبح طرفا في كل من عقد لاهاي لسنة 1960 وعقد استوكهولم لسنة 1967 بتاريخ 13 أكتوبر 1999 وذلك بمقتضى ظهير 19 مايو 2000، وقد وصل عدد الدول في اتحاد لاهاي على 36 دولة إلى غاية 15 أكتوبر 2003.
5) اتفاقية لوكارنو بشأن التصنيف الدولي للرسوم والنماذج الصناعية:
أبرمت هذه الاتفاقية بتاريخ 8 أكتوبر 1968 ودخلت حيز التنفيذ في 28 أبريل 1971. وقد بلغ عدد الدول الأطراف في هذه الاتفاقية 43 دولة إلى غاية 15 أكتوبر 2003.
ثانياً : اتفاقيات خاصة بحماية الشارات/ العلامات المميزة:
1) اتفاقية مدريد بشأن التسجيل الدولي للعلامات :
أبرمت هذه الاتفاقية بتاريخ 14 أبريل 1891 ودخلت حيز التنفيذ 1892، كما عرفت عدة تعديلات. وقد صادق المغرب على هذه الاتفاقية بتاريخ 30 يوليو 1917. ويهدف الاتفاق إلى تيسير إجراءات تنظيم الحماية الدولية للعلامات والتوفير في النفقات. كما وضعت المنظمة العالمية للملكية الفكرية بروتوكولا وذلك بتاريخ 29 يونيو 1989 وقد صادق عليه المغرب بتاريخ 8 أكتوبر 1999.
2) اتفاقية مدريد المتعلق بمعاقبة بيانات المصدر المزورة أو الخادعة للمنتجات :
أبرمت هذه الاتفاقية بتاريخ 14 أبريل 1891 وعدلت عدة مرات وقد أصبح المغرب عضوا في اتفاق مدريد بتاريخ 30 يونيو 1917 وأصبح طرفا في عقد لشبونة لسنة 1958 بتاريخ 15 مايو 1967 وتهدف الاتفاقية إلى حماية السلع والخدمات الصادرة من جهة أو بلد أو مكان محدد، حيث تركز في العنصر الجغرافي. وبذلك فهي تساهم في مكافحة الغش الدولي في السلع والمنتجات.
3) اتفاقية لشبونة لحماية تسميات المنشأ :
أبرمت هذه الاتفاقية بتاريخ 31 أكتوبر 1958 وعدلت باستوكهولم بتاريخ 14 يونيو 1967. ولاتفاق لشبونة أهمية كبرى بالنسبة للدول التي تتميز منتجاتها الزراعية أو صناعاتها اليدوية بجودة عالية من حيث حماية تسميات مصدر المنتجات على المستوى الدولي في الأسواق الخارجية.
4) معاهدة فيينا المتعلقة بسجل العلامات التجارية :
أبرمت هذه المعاهدة بتاريخ 12 يونيو 1973 وتنص على التسجيل المباشر من طرف المودع إذ أن التسجيل الدولي يتم على أساس طلب دولي. وإن المغرب لم يصادق على هذه المعاهدة كبقية الدول النامية لكونه لا يملك الوسائل التجارية والفنية والبشرية لمراقبة صلاحية علامة أجنبية التي من شأن آثارها أن تسري مباشرة فوق ترابها والحال أنها تكون لم تتلق على الأقل، مراقبة دولية في البلد الأصلي.
ب- الاتفاقيات الخاصة بحماية الملكية الأدبية والفنية:
بدأ التفكير في حماية حقوق الملكية الأدبية والفنية على الصعيد الدولي حوالي منتصف القرن 19 تقريبا على أساس الاتفاقيات الثنائية. وكانت هذه الاتفاقيات الثنائية تنص على الاعتراف المتبادل بالحقوق ولكنها لم تكن شاملة بما فيه الكفاية كما لم تكن من نمط موحد.
أفضت الحاجة إلى نظام موحد إلى إعداد واعتماد اتفاقية برن بشأن حماية المصنفات الأدبية والفنية في 9 شتنبر 1886. وهي أقدم اتفاقية دولية في مجال الملكية الأدبية والفنية والاشتراك فيها متاح لجميع الدول. وتودع وثائق التصديق أو الانضمام إلى المدير العام للمنظمة العالمية للملكية الفكرية، لقد تعرض نص الاتفاقية الأصلي لمراجعات عديدة منذ اعتمادها لتحسين النظام الدولي للحماية الذي توفره الاتفاقية. وقد صادق على هذه الاتفاقية 151 دولة إلى غاية 15 أكتوبر 2003.
وهدف اتفاقية برن كما هو مذكور هو حماية حقوق المؤلفين في مصنفاتهم الأدبية والفنية بالطريقة الفعالة والموحدة إلى أقصى حد ممكن.
بعد تبني الاتفاقية المتعلقة بحقوق الملكية الفكرية المرتبطة بالتجارة تزايد العمل التحضيري الخاص بالمعايير الجديدة لحق المؤلف والحقوق المجاورة في لجان الويبو وذلك لمعالجة المشاكل التي لم يتناولها اتفاق تريبس، ولتحقيق هذا الهدف تبنى مؤتمر الويبو الديبلوماسي حول مسائل معينة خاصة بحق المؤلف والحقوق المجاورة عام 1996 والمعاهدتين هما معاهدة الويبو لحق المؤلف ومعاهدة الويبو للأداء والتسجيلات الصوتية.
الإطار القانوني الدولي لنظام الملكية الفكرية
اتفاقيات شمولية اتفاقيات الهيئات الدولية الملكية الصناعية الملكية الادبية او الفنية
حقوق المؤلف والحقوق المجاورة
اتفاقية تربس
(( اتفاقية الجوانب المتصلة بالتجارة من الملكية الفكرية )) 1- اتفاقية انشاء المنظمة العالمية للملكية الفكرية 1967.
2- اتفاقية إنشاء منظمة التجارة العالمية 1994 – النافذة اعتبارا من 1/1/1995 . اتفاقية باريس للملكية الصناعية 1883 صيغة باريس 1971 . ( الاطار العام ) اتفاقية بيرن 1886 صيغة باريس 1971 ( الاطار العام ) حق المؤلف
اتفاقية التصنيف الدولي لبراءات الاختراع - ستراسبورغ 1971 اتحاد IPC براءات الاختراع الاتفاقية العالمية لحقوق المؤلف - جنيف 1952 صيغة باريس 1971 (اليونسكو )
اتفاقية الاعتراف الدولي بايداع الكائنات الدقيقة نظام براءات الاختراع – اتحاد بودابست 1977 - اتفاقية التسجيل الدولي للمصنفات السمعية والبصرية - جنيف 1989
اتفاقية التعاون الدولي بشان البراءات - واشنطن 1970 - اتحاد PCT اتفاق تفادي الازدواج الضريبي على عائدات حقوق المؤلف - مدريد 1979 .
اتفاقية التسجيل الدولي للعلامات التجارية - مدريد 1989 - اتحاد مدريد ، وبروتوكول مدريد الملحق بها العلامات التجارية اتفاقية الدوائر المتكاملة 1989 - واشنطن .
اتفاقية المنظمة العالمية للملكية الفكرية في حق المؤف 1996 –
اتفاقية التصنيف الدولي للبضائع والخدمات - اتحاد نيس - 1957 . اتفاقية حماية فناني الاداء ومنتجي التسجيلات الصوتية وهيئات الاذاعة - روما 1961 الحقوق المجاورة
اتفاقية التصنيف الدولي للعناصر المميزة للعلامات - اتحاد فينا - 1973 . اتفاقية حماية منتجي التسجيلات الصوتية ضد النسخ غير المشروع - جنيف - 1970
اتفاقية قانون العلامات التجارية - جنيف – 1994 اتفاقية توزيع الاشارات حاملة البرامج عبر التوابع الصناعية - بروكسل 1974
اتفاقية الايداع الدولي للنماذج الصناعية - لاهاي - اتحاد لاهاي - 1925 بروتوكول جنيف 1975 الرسوم والنماذج الصناعية اتفاقية المنظمة العالمية للملكية الفكرية في الاداء والتسجيلات الصوتية ( الفونجرامات ) 1996
اتفاقية انشاء التصنيف الدولي للنماذج الصناعية - لوكارنو - اتحاد لوكارنو 1968
اتفاقية التسجيل الدولي للرسوم والنماذج الصناعية - صياغة جنيف لاتفاقية لاهاي – 1999 .
اتفاقية تجريم البيانات المضللة بشأن منشأ البضائع – مدريد 1891 - صيغة ستوكهولم1967 علامات المنشأ - المؤشر الجغرافي
اتفاقية حماية دلالات المصدر والتسجيل الدولي لها - لشبونه – 1958
الاتفاقية الدولية لحماية اصناف النباتات الجديدة UPOV - - جنيف 1961 حماية النباتات
اتفاقية حماية الشعار الاولمبي - نيروبي - 1981 الشعار الاولمبي
اتفاقية واحدة 2 اتفاقية 15 اتفاقية جميعها تديرها الوايبو 10 اتفاقيات احداها تديرها اليونسكو
دور التحكيم في تسوية منازعات الملكية الفكرية
يتسم التحكيم بأهميـة خاصة، إذ إنه يساعد على فضّ المنازعات بطريقة ودية وسهلة تحافظ على بقاء العلاقة ومتانتها بين طرفي التحكيم، وتظهر ماهية التحكيم وأهميته من خلال نشأة التحكيم وأنواعه وصوره.
ويعرف التحكيم بأنه "لجوء المتنازعين إلى أحد الخواص يطلبون منه فض النزاع القائم بينهم"، إنه "قضاء خاص يستند على شرط تعاقدي"، أو هو "نظام تعاقدي يلجأ إليه فريقان لأجل حل الخلاف الناشئ بينهما بواسطة شخص أو أكثر من غير القضاة".
وليس جميع المنازعات يمكن التحكيم بها بدون قيد أو شرط، بل إن هناك منازعات لا يجوز أن تكون محلاً للاتفاق على التحكيم بشأنها، وتختلف الشرائع في تحديد ما يجوز التحكيم به. حيث تناولت المادة: 9 من قانون التحكيم الأردني ذلك من خلال النص "لا يجوز التصرف في حقوقه، ولا يجوز التحكيم في المسائل التي لا يجوز فيها الصلح"؛ إذ أجازت المادة: (9) من قانون التحكيم اللجوء إلى التحكيم في المسائل التي يجوز فيها الصلح. وحيث إن الاتفاق على التحكيم لا يسلب القضاء اختصاصه للبت في النزاع إلا إذا تقدم أحد الخصوم بطلب لوقف الإجراءات قبل الدخول في أساس الدعوى إعمالاً لأحكام المادة 109/ب نص المادة: 109 من قانون أصول المحاكمات المدنية، والمادة: (25) من قانون التحكيم الأردني.
ومن المسائل التي لا يجوز فيها التحكيم والصلح ما يلى:
المسائل المتعلقة بالحالة الشخصية البحتة كالنسب والزواج والطلاق وإثبات الوراثة والخلع، والحكمة من ذلك بتعلق هذه المسائل بالنظام العام أي لا يجوز التحكيم فيها وكل اتفاق يخالف ذلك يُعدُّ باطلاً بشكل مطلق.
المسائـل المتعلقة بالجنسيـة من حيث اكتسابها أو إسقاطها، فهي مظهر من مظاهر سيادة الدولة ولا يجوز التحكيم فيها.
المسائل الجنائية: لا يجوز أن تكون مسائل التجريم والعقاب محلاً للاتفاق على التحكيم سواء أكان الأمر متعلق بجناية أم جنحة أم مخالفة والحكمة من ذلك أن هذا الأمر منوط بالمشرع ذاته.
لا يجوز التحكيم في المسائل المتعلقة بأمور محظورة قانوناً لتعارضها مع الأدب مثل المعاشرة غير المشروعة وممارسة الدعارة.
ويتضح مما تقدم أنها لا تتعلق بالأمور المادية وإنما لتعلقها بالنظام العام، وإذا صدر حكم من هيئة التحكيم في مثل هذا النزاع كان الحكم باطلاً تجسيداً للقاعدة القانونية: "ما بني على باطل فهو باطل". وهذا ما نصت عليه المادة: (231) من القانون المدني الأردني: "إذا بطل الشيء بطل ما في ضمنه".
وقد تم إثارة موضوع قواعد الاختصاص الدولي من النظام العـام، بحسب أن هـذه القواعد تحدد ولاية قضاء الدولة إزاء المنازعات التي تثور على إقليمها، وترتبط بذلك بوظيفة أساسية من وظائف الدولة وهي تحقيق العدالة على أقاليمها عن طريق سلطتها القضائية بغرض تحقيق مصلحة عامة هي إقرار النظام والسكينة في الإقليم تلك أساساتٌ تمس بالضرورة صميم النظام العام.
ومن أمثلة تلك المسائل المتعلقة بالنظام العام والتي لا يجوز تسوية منازعاتها بطريقة التحكيم المسائل المتعلقة بصحة براءة الاختراع والعلامات التجاريـة أو المتعلقـة بنزع الملكية للمنفعة العامة بمقتضى قوانين خاصة، كالآثـار والأموال الشرائيـة والثقافية والأسلحة والذخائر والاتجار في المخدرات والمنازعات المتعلقة بالمطالبة بديون قمار أو فوائد ربوية، كما من الأمثلـة أنه لا يجوز التحكيم بين المتهم والنيابة العامة في شأن قيام الجريمة أو عدم قيامهـا، وفي شأن المسؤولية الجنائية لمرتكب الفعل الجنائي والعقوبة المقررة له، وإنما يجوز التحكيم في شأن تقدير التعويض المستحق للمجني عليه دون أن يؤثر ذلك على إمكانية رفع الدعوى الجنائيـة، أو عدم تقديم شكوى إلى النيابـة العامة لتوقيع العقوبة الجنائية على المتهم.
وفي إطار دراستنا للتحكيم في منازعات الملكية الفكرية، نعلم بأن التحكيم كقاعدة عامة لا يتم إلا في الخلاف الذي يقبل الصلح أو التنازل حتى يتسنى لطرفي التحكيم القبول، وبنفس الوقت يكون للمحكمين المجال في التوصل إلى فض النزاع بالطرق السليمة، وهذا ما جعلنا نتناول المسائل التي يجوز بها التحكيم رغم احتدام الخلاف بين الفقهاء على مدى تعلق القواعد المنظمة للتحكيم في النظام العام من عدمه. ويمكن القول بأن التحكيم لا يسرى على كافة منازعات الملكية الفكرية، فهناك مسائل ومنازعات لا يجوز تسوية منازعاتها بطريقة التحكيم كالمسائل المتعلقة بصحة براءة الاختراع والعلامات التجاريـة.
أولاً: قراءة تحليلية لقانون التحكيم المصرى رقم 27 لسنة 1994:
قام هذا القانون على عدة أسس تعكس جميعها إدراك المشرع لطبيعة نظام التحكيم من حيث:
أولاً: مواكبة الاتجاهات الدولية الحديثة بشأن التحكيم التجارى:
وقد تجلى ذلك فى نقل الأحكام الموضوعية الواردة فى القانون النموذجى للتحكيم التجاري الدولى الصادر عن لجنة قانون التجارة الدولية التابعة للأمم المتحدة (UNCITRAL) فى عام 1985، والالتزام بتقسيم أبوابه وتوزيع نصوصه، وإقامة توازن بين طابع الصياغة العالمية كما وردت فى القانون النموذجى ومقتضيات الصياغة التشريعية الوطنية.
ثانياً: مراعاة طبيعة التحكيم من حيث كونه قضاءاً اتفاقياً مبناه حرية إرادة الأطراف وعدم فرضه بنص آمر:
وقد تجلى ذلك فيما نصت عليه المادة الرابعة ـ الواردة فى الباب الأول (الأحكام العامة) والتى أفردها المشرع للتعريفات ـ فى البند الأول منها من أن لفظ التحكيم فى حكم هذا القانون ينصرف الى "التحكيم الذى يتفق عليه طرفا النزاع بإرادتهما الحرة سواء كانت الجهة التى تتولى إجراءات التحكيم بمقتضى اتفاق الطرفين منظمة أو مركز دائم للتحكيم أو لم يكن كذلك".
ثالثاً: احترام إرادة طرفي التحكيم بإفساح الحرية لهما لتنظيمــه بالكيفيــة التـى ناسبهمـــا:
وقد تجلى ذلك فيما انتهجه المشرع من نهج يقوم على أن يترك للطرفين حرية الاتفاق على كيفية تعيين المحكمين وتسميتهم واختيار القواعد التى تسرى على الإجراءات وتلك التى تطبق على موضوع النزاع، وتعيين مكان التحكيم واللغة التى تستعمل فيه، مع وضع قواعد احتياطية تطبق عندما لا يوجد اتفاق.
رابعاً: الأخذ بمبدأ السرعة فى إنهاء الإجراءات لإصدار حكم التحكيم:
وقد تجلى ذلك فيما أجازه المشرع لهيئة التحكيم من الاستمرار فى الإجراءات رغم الطعن فى قرارها واختياره مواعيد معقولة للإجراءات، ووضع حداً زمنياً يجوز للطرفين بعد انقضائه طلب إنهاء الإجراءات تمهيداً لرفع النزاع لى قضاء الدولة.
خامساً: الأخذ بمبدأ استقلال هيئة التحكيم كأثر من آثار طبيعة التحكيم وكونه قضاءاً اتفاقياً:
وقد تجلى ذلك فيما انتهجه المشرع من نهج يقوم على اختصاص هيئة التحكيم بالفصل فى الدفوع المتعلقة بعدم اختصاصها، وهو ما يعرف فى فقه التحكيم بمبدأ (اختصاص الاختصاص)، وعدم جواز الطعن فى أحكام هيئة التحكيم بالطرق المنصوص عليها فى قانون المرافعات المدنية والتجارية.
وإذا كان ما تقدم جميعه يعكس طبيعة نظام التحكيم والأسس والقواعد الأصولية التى يستند عليها من كونه قضاءاَ اتفاقياَ مبناه حرية إرادة أطرافه فى تنظيمه بالكيفية التى تناسبهما، وقيامه على مبدأ السرعة فى الإجراءات واستناده على مبدأ استقلال هيئة التحكيم، بما قد يوحي به ذلك كله من قيام انفصال تام بينه وبين قضاء الدولة، إلا أن الأمر جد مختلف، فلقضاء الدولة دوره الطبيعي فى منازعات التحكيم، إذ أن هناك مسائل لا غنى لهيئة التحكيم عن الاستعانة فى شأنها بقضاء الدولة فكيف نظم القانون رقم 27 لسنة 1994 ذلك؟ هذا ما سوف نعالجه فى السطور التالية.
دور قضاء الدولة فى منازعة التحكيم فى ضوء أحكام القانون رقم 27 لسنة 1994:
- أولاَ: تحديد المحكمة المختصة:
إدراكاَ من المشرع للدور الطبيعي لقضاء الدولة فى منازعات التحكيم فقد حرص فى معرض تحديده للأحكام العامة فى الباب الأول من القانون على أن يحدد المحكمة المختصة بنظر مسائل التحكيم التى يحيلها القانون إلى قضاء الدولة آخذاَ فى ذلك بقاعدة أن "محكمة البداية هى محكمة النهاية" بمعنى أن تظل المحكمة التى ينعقد لها الاختصاص دون غيرها صاحبة الاختصاص حتى انتهاء جميع إجراءات التحكيم وفى ذلك ما يصون منازعة التحكيم من أن تقطع أوصالها بين أكثر من محكمة.
وفى معرض تحديد المحكمة المختصة فرق المشرع بين التحكيم ذو الطابع التجاري الدولي وذلك الذى لا يحمل هذا الطابع ففيما يتعلق بذلك الذى لا يحمل هذا الطابع حدد المشرع المحكمة المختصة أصلاَ بنظر النزاع محكمة مختصة بنظر مسائل التحكيم، ولم يخرج عن ذلك إلا بصدد دعوى بطلان حكم التحكيم، إذ عقد الاختصاص بنظرها لمحكمة الدرجة الثانية التى تتبعها المحكمة المختصة أصلاَ بنظر النزاع (م 54/2).
أما بالنسبة للتحكيم التجاري الدولي: فقد يسر المشرع على أطراف التحكيم فعقد الاختصاص بنظر مسائلة لمحكمة استئناف القاهرة إلا إذا اتفق الطرفان على اختصاص محكمة استئناف أخرى (م 9).
- ثانياَ: اتفاق التحكيم:
أجاز المشرع أن يتم اتفاق التحكيم ولو كان قد رفع بشأن النزاع محله دعـوى أمام قضاء الدولة وواجب أن يحدد هذا الاتفاق المسائل التى يشملها التحكيم وإلا كان الاتفاق باطلاَ (م 10/2).
واعترافاَ من المشرع باتفاق التحكيم بما يعنييه من نزول طرفين عن حقهما فى الالتجاء الى قضاء الدولة فقد ألزم محاكم الدولة التى يرفع إليها نزاع يوجد بشأن اتفاق تحكيم أن تحكم بعدم قبول الدعوى بشرط أن يدفع المدعى عليه بهذا الدفع قبل إبداء أي طلب أو دفاع فى الدعوى (م 13/1)، وأجاز المشرع البدء فى إجراءات التحكيم أو الاستمرار فيها أو إصدار حكم التحكيم ولو كانت تلك الدعوى قد رفعت بالفعل (م 13/2).
- ثالثاَ: التدابير المؤقتة والتحفظية:
أجاز المشرع للمحكمة المختصة ـ على حسب الأحوال ـ أن تأمره بناء على طلب أحد طرفي التحكيم، سواء قبل البدء فى إجراءاته أو أثناء سير هذه الإجراءات باتخاذ تدابير مؤقتة أو تحفظية (م 14).
كما أجاز ذلك لهيئة التحكيم إذا اتفق الطرفان على ذلك وطلب أحدهما، وأجاز للهيئة أن تطلب تقديم ضمان كاف لقضية نفقات التدبير الذى تأمر به، كما أجاز لها ـ فى حالة تخلف من صدر إليه الأمر عن تنفيذه ـ أن تأذن للصادر لصالحه الأمر فى اتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذه (ولا يخل ذلك بحـق هـذا الطـرف فى أن يستخدم الرخصة المخولة له فى المادة 14) (م 24).
- رابعاَ: هيئة التحكيم:
1- من حيث تشكيلها:
الأصل هو أن يتم هذا التشكيل (اختيار المحكمين وكيفية ووقت اختيارهم) باتفاق الطرفين، فماذا إذا لم يتفقا؟ وماذا إذا اتفقا وخالف أحد الطرفين الإجراءات التى اتفق عليها؟ فى حالة عدم الاتفاق يختلف الأمر بحسب ما إذا كانت الهيئة مشكلة من محكم واحد أو ثلاثة محكمين:
فإذا كانت الهيئة مشكلة من محكم واحد تولت المحكمة المختصة ـ على حسب الأحوال ـ اختياره بناء على طلب أحد الطرفين.
أما إذا كانت الهيئة مشكلة من ثلاثة محكمين ولم يعين أحد الطرفين محكمه خلال الثلاثين يوماً التالية لتسلمه طلباَ بذلك من الطرف الآخر، أو إذا لم يتفق المحكمان المعينان على اختيار المحكم الثالث خلال الثلاثين يوماً التالية لتاريخ تعيين آخرها تولت المحكمة المختصة ـ على حسب الأحوال ـ اختياره بناء على طلب أحد الطرفين. (يسرى هذا الحكم أيضاَ فى حالة تشكيل الهيئة من أكثر من ثلاثة محكمين).
أما فى حالة وجود اتفاق وخالف أحد الطرفين الإجراءات المتفق عليها أو أختلف المحكمان على أمر يلزم اتفاقهما عليه تولت المحكمة المختصة ـ على حسب الأحوال ـ بناء على طلب أحد الطرفين القيام بالإجراء أو العمل المطلوب ـ قرار المحكمة باختيار المحكم لا يقبل الطعن فيه بأي طريق من طرق الطعن إلا إذا توافر فيه حالة من حالات الرد (م 17) وسوف نعالج الرد فى الفقرة التالية.
2- من حيث رد المحكم:
الأصل أن لا يجوز رد المحكم إلا إذا قامت ظروف تثير شكوكاَ جدية حول حيدته واستقلاله، كما لا يجوز للطرف رد المحكم الذى عينه أو اشترك فى تعيينه إلا لسبب تبينه بعد أن تم التعيين (م 18).
أما عن طلب الرد وإجراءات نظره والفصل فيه، فقد كانت المادة (19) من القانون وقت صدوره تجعل من هيئة التحكيم سلطة فصل فى طلب الرد، وتقيم المحكمة المختصة سلطة طعن فى قرار الهيئة، وكان مؤدى ذلك أن المشرع ناط الفصل فى خصومة رد المحكم بهذا المحكم نفسه طالما أن لم يتنح وظل متمسكاً بنظر النزاع وذلك إذا كانت هيئة التحكيم أحادية (مشكلة منه وحده)، أما إذا كانت الهيئة مشكلة من أكثر من محكم وكان طلب الرد يتناول بعضهم أو يشملهم جميعاَ اختصوا بالفصل فى هذا الطلب.
وقد طعن على هذا النص أمام المحكمة الدستورية العليا بالطعن رقم 84 لسنة 19 ق دستورية وصدر حكمها بجلسة 6 نوفمبر 1999 قاضياَ بعدم دستورية العبارة الواردة بالبند (1) من المادة (19) والتى تنص على أن "فصلت هيئة التحكيم فى الطلب" تأسيساً على أن ذلك ينافي قيم العدل ومبادئه وينقض مبدأ خضوع الدولة للقانون وينتهك ضمان الحيدة التى يقتضيها العمل القضائية بالنسبة الى فريق من المتقاضين مما يخالف أحكام المواد 40، 65، 67، 68، 69 من الدستور.
وعلى أثر ذلك تدخل المشرع وعدل نص المادة (19) بمقتضى القانون رقم ( لسنة 2000 منيطاً بالمحكمة المختصة ـ على حسب الأحوال ـ الفصل فى طلب الرد ـ بعد إحالته إليها بغير رسوم ـ بحكم غير قابل للطعن.
3- من حيث إنهاء مهمة المحكم:
أجاز المشرع ـ بناء على طلب أحد الطرفين ـ أن تنهى المحكمة المختصة مهمة المحكم وذلك إذا تعذر عليه أدائها أو لم يباشرها أو انقطع عن أدائها بما يؤدى إلى تأخير لا مبرر له فى إجراءات التحكيم (م 20).
4- من حيث الفصل فى الدفوع المتعلقة بعدم اختصاص هيئة التحكيم:
الأصل أن تفصل الهيئة فى هذه الدفوع بما فيها تلك المبنية على عدم وجود اتفاق تحكيم أو سقوطه أو بطلانه أو عدم شموله لموضوع النزاع، وذلك قبل الفصل فى الموضوع أو أن تضمها للموضوع لتفصل فيهما معاَ ـ فإذا قضت بقبولها فلا مشكلة ـ أما إذا قضت برفض الدفع، فلا سبيل أمام من يتمسك به إلا برفع دعوى بطلان حكم التحكيم المهنى للخصومة كلها (م 22).
- خامساً: إجراءات التحكيم:
القاعدة الأساسية فى الإجراءات هى حرية الطرفين فى اختيار قواعد الإجراءات شريطة مراعاة أصول التقاضى وفى مقدمتها المساواة بين الطرفين وتهيئة فرصة كاملة ومتكافئة لكل منهما لعرض قضيته.
وعلى الرغم من ذلك فإن طبيعة الأمور اقتضت أن يكون لقضاء الدولة دور فى هذا الخصوص، وقد راعى المشرع ذلك فاختص رئيس المحكمة المختصة ـ على حسب الأحوال ـ بناء على طلب هيئة التحكيم بأن:
يحكم على من يتخلف من الشهود عن الحضور، أو يمتنع ـ عند حضوره ـ عن الإجابة بالجزاءات المنصوص عليها فى المادتين 78 و80 من قانون الإثبات (الغرامة ـ أو الأمر بإحضاره على حسب الأحوال).
يأمر بالإنابة القضائية (م 37).
- سادساَ: حكم التحكيم وإنهاء الإجراءات:
حدد المشرع ميعاداَ تلتزم هيئة التحكيم خلاله بإصدار الحكم المنهى للخصومة إذا لم يتفق الطرفان على ميعاد، وهذا الميعاد الذى حدده المشرع هو (اثنى عشر شهراَ من تاريخ بدء الإجراءات) يجوز مده لمدة لا تزيد على (ستة أشهر ما لم يتفق الطرفان على مدة تزيد على ذلك).
فماذا إذاَ لم تصدر الهيئة الحكم خلال هذا الميعاد؟
فى حالة تحقق هذا الغرض أجاز المشرع لأي من الطرفين أن يطلب من رئيس المحكمة المختصة ـ على حسب الأحوال ـ أن يصدر أمراَ بتحديد ميعاد اضافي أو بإنهاء إجراءات التحكيم، فإذا صدر الأمر بإنهاء الإجراءات يكون لأي من الطرفين اللجوء الى قضاء الدولة برفع دعواه الى المحكمة المختصة أصلاَ بنظرها.
أما إذا صدر حكم هيئة التحكيم، فإن المشرع ألزم الصادر لصالحه هذا الحكم أن يودع أصله أو صورة موقعة منه باللغة التى صدر بها أو ترجمة باللغة العربية مصدقاَ عليها من جهة معتمدة إذا صدر بلغة أجنبية وذلك فى قلم كتاب المحكمة المختصة ـ على حسب الأحوال ـ التى يحرر كاتبها محضراَ بهذا الإيداع مع إعطاء من يطلب من الطرفين صورة منه (م 47).
إعداد
منتدى القانون الدولي
كلية الاقتصاد والعلوم السياسية
جامعة القاهرة
ديسمبر 2011
مقــدمـة
يمثل الحق الفكري أو الذهني أحد أهم الحقوق، ولذا يحتل مركزاً بارزاً ضمن حقوق الملكية، فالإنتاج الفكرى هو أوج ما وصل إليه الإنسان بفضل ملكة العقل التي وهبها الله عز وجل له لتمكينه من الخروج من ظلمات الجهل. ولهذا قد امتاز الإنسان عن غيره من المخلوقات الأخرى بالخلق والإبداع، فاستطاع بهذه الملكات أن يسخر عناصر الكون لفائدته.
وإذا كان الإنتاج المادي يشكل عنصراً هاماً في بناء الأمم وتقدمها فإن الإنتاج الفكري لا يقل أهمية في دوره من الإنتاج المادي، حيث يتم من خلاله إرساء الأسس لجميع صور التقدم، ولقد أصبحت درجة تقدم أي شعب تقاس بمدى ما وصل إليه من تعليم وثقافة وبمستوى الحماية التي تتوفر للإبداع الفكري الوطني، ولهذا يعتبر حق الابتكار الصورة الفكرية أو العلمية أو الوجدانية التي أتت بها الملكة الراسخة في نفس العالم مما أبدعه ولم يسبقه إليه أحد. بعبارة أخرى أصبح معيار التفاضل بين الفرد والآخر أو بين الأمم أصبح يعتمد على مستوى الإبداع الفكري والوجداني والعلمي وعلى مقدار ما نملكه من ابتكارات.
إلا أنه في المجال الإبداعي كان للميدان الصناعي بالذات القسط الأوفر في ظهور عدة ابتكارات واختراعات متعددة الأنماط. ومع تطور المجتمع العالمي اتجهت النية لخلق مؤسسات دولية متخصصة انبثقت عن حتمية تنظيم وحماية أعمال المفكرين والمبتكرين والمبدعين في سائر المجالات الصناعية والتجارية والأدبية، ولهذا كان من الضروري تأسيس المنظمة العالمية للملكية الفكرية التي صاغت برنامجا لمتابعة الحقوق الفكرية، وهي معنية بمسؤولية النهوض بحماية الملكية الفكرية في جميع أنحاء العالم.
ونظرا للأهمية المتزايدة للحقوق الفكرية، فقد طالبت المنظمة العالمية للملكية الفكرية جميع الدول في أرجاء المعمور إلى سن القوانين المنظمة لهذه الحقوق وذلك من أجل تشجيع النشاط الابتكاري والإبداعي. وفعلا ومن أجل النهوض بالصناعة والتجارة والأدب أخذت الدول منذ القرن التاسع عشر تسن القوانين التي تكفل الحماية لعناصر الملكية الفكرية حتى غدت من أحدث فروع القانون، لكونها تعالج الحديث في العلوم والتكنولوجيا، ولا يخفى أنهما يشكلان حجر الزاوية في أي تطور أو تفتح في مختلف مناحي الحياة في أي مجتمع كان. ولم يقتصر نشاط الدول على التشريعات الداخلية بل أدى التطور الاقتصادي والتنافس التجاري والإبداع الفكري إلى تنظيم دولي للملكية الفكرية.
حقوق الملكية الفكرية (المفهوم- الأهمية- الأنواع):
تحظى حقوق الملكية الفكرية في وقتنا الراهن باهتمام كبير في مختلف دول العالم وتعكس التقارير الصادرة حول أعمال القرصنة الفكرية الجهود الكبيرة التي تبذل من أجل التعرف على مدى التزام أي دولة بحماية تلك الحقوق.
أولاً: تعريف بحقوق الملكية الفكرية:
الملكية الفكرية هي نتاج فكري ترد على أشياء غير مادية كالملكية الصناعية والملكية الأدبية والفنية. حيث كان لظهور هذه الحقوق أثرها للتصدي للمعتدين عليها وكان لها الفضل الكبير في إنقاذ المبتكرين والمؤلفين والباحثين من سلب حقوقهم ونهبها علناً، بعدما كانت هذه الحقوق في الماضي شيئا شائعا ولا تجد أية حماية.
وتنقسم الملكية الفكرية إلى: 1- ملكية صناعية. 2- ملكية أدبية وفنية.
أولاً : الملكية الصناعية:
إن أصل عبارة الملكية الصناعية فرنسي، وعنها أخذت اللغات الأخرى كالإنجليزية والألمانية والإيطالية. ويقصد بها الحقوق المختلفة التي تكون ثمرة النشاط الإبداعي الخلاق للفرد في مجال الصناعة والتجارة وهي تخول لصاحبها سلطة مباشرة على ابتكاره أو محل حقه، للتصرف فيه بكل حرية، وإمكانية مواجهة الغير بها. كما تعرف أيضاً بأنها "حقوق استئثار صناعي وتجاري تخول صاحبها أن يستأثر قبل الكافة باستغلال ابتكار جديد أو استغلال علامة مميزة".
ثانياً : الملكية الأدبية والفنية:
تشمل عبارة الملكية الأدبية والفنية كل عمل في المجال الأدبي والعلمي والفني أيا كانت طريقة أو شكل التعبير عنه وكيفما كانت طريقة قيمته أو الغرض منه وهذا العمل يعتبر ملكا لمؤلفه.
ثانياً: أهمية حقوق الملكية الفكرية:
إن موضوع الملكية الفكرية يكتسي أهمية بالغة من حيث كونه يتعلق بمسألة حساسة وخطيرة، ويزيد من أهمية الموضوع التطورات الهائلة الحاصلة في مجالات التكنولوجيا المعلوميات والابتكارات، الشيء الذي ينجم عنه ظهور وسائل جديدة ومتطورة لتبادل المعرفة بطرق سهلة وفعالة.
وتزداد الأهمية التي توليها الدول حاليا لمجال الملكية الفكرية انطلاقا من الدور الذي يلعبه في تنشيط دواليب الاقتصاد العالمي وما يحققه من مداخيل مالية هامة.
كما ظهرت أهمية موضوع الملكية الفكرية من خلال الاهتمام الذي أصبح يولى له من طرف علماء الاقتصاد والسياسة والاجتماع والتربية والقانون.
وقد اهتمت الدول الصناعية بموضوع الحقوق الملكية الفكرية، على المستوى العلمي والعملي فوضعت فيه الأبحاث والكتب، وفتحت له البرامج الدراسية في الجامعات والمعاهد.
وعليه فإن الاهتمام بحقوق الملكية الفكرية قد أصبح ضرورة وطنية ملحة، خاصة في ظل عصر زراعي تجاري متطور تسيره الآلة وتحكمه التكنولوجيا.
ولا يخفى أن التفاوت بين الدول في امتلاك الحقوق الفكرية، قد أدى إلى تقسيم دول المعمور إلى مجموعات متفاوتة في مضمار التقدم والتخلف، فهناك دول متطورة وأخرى تحت التطور وثالثة متخلفة، بل قد أصبح تحديد قوة الدولة، يعتمد على مقدار ما تملكه من الحقوق الفكرية، فالتفاوت في امتلاك هذه الحقوق بين الدول، يترتب عليه تفاوت شديد في درجة الإنتاج وجودته ومستوى الدخل القومي، وكذلك مستوى معيشة الفرد. فضلا عن أن صوت الدولة يعلو أكثر فأكثر كلما امتلكت قدرا أكبر من هذه الحقوق.
ويلاحظ أن الأهمية المتزايدة لحقوق الملكية الفكرية، قد دفعت الدول في أرجاء المعمور إلى سن القوانين المنظمة لهذه الحقوق حتى غدت من أحدث فروع القانون.
ثالثاً: أنواع حقوق الملكية الفكرية:
تنقسم أنواع حقوق الملكية الفكرية إلى حقوق الملكية الصناعية، وحقوق الملكية الأدبية والفنية.
حقوق الملكية الصناعية:
إن حقوق الملكية الصناعية هي تلك الحقوق التي ترد على مبتكرات جديدة أو على شارات مميزة تستخدم إما في تمييز المنتجات أو في تمييز المنشآت التجارية. والحقوق التي ترد على المبتكرات الجديدة هي تلك التي تخول صاحبها حق احتكار استغلال ابتكاره قبل العامة ويمكن أن ترد إما على ابتكارات جديدة ذات قيمة نفعية أو ابتكارات جديدة ذات قيمة جمالية.
1. الحقوق التي ترد على مبتكرات جديدة:
أ- أولاً: المبتكرات الجديدة ذات القيمة النفعية:
وتعرف المبتكرات الجديدة ذات القيمة النفعية بأنها تلك الابتكارات التي تنطوي على ابتكار منتجات معينة ينتفع بها المجتمع وتغير من ظروف حياته الاقتصادية والاجتماعية وكما تخطو به نحو المدنية والتقدم، وكلما أزداد نشاط ذلك الابتكار، كلما ازدادت أسباب تقدم المجتمع وسجل نهضة في التاريخ. وتنقسم المبتكرات الجديدة ذات القيمة النفعية إلى نوعين وهما براءة الاختراع ثم تصاميم تشكل ( طبوغرافية ) الدوائر المندمجة.
*** براءة الاختراع : هي عدم وجود عيب في الاختراع أو هي شهادة الثقة في الاختراع، وقد عرفها بعض الفقه بأنها "الرخصة أو الإجازة التي يمنحها القانون لصاحب ابتكار لإنتاج صناعي جديد أو اكتشاف لوسائل جديدة على إنتاج صناعي قائم أو نتيجة صناعة موجودة، أو تطبيق جديد لوسائل معروفة للحصول على نتيجة أو إنتاج صناعي ". وهى أيضاً "الشهادة التي تمنحها الدولة في شخص المكتب المغربي للملكية الصناعية لمن توصل إلى اختراع جديد لمنتوج جديد أو اكتشاف لطريقة جديدة للحصول على إنتاج قديم ". وهى "وثيقة تسلم من طرف الدولة تخول صاحبها حق تنفيذ استغلال اختراعه الذي هو موضوع البراءة ".
*** التصاميم ( الطبوغرافية ): وقد عرفها بعض الفقه بأنها مخترعات كذلك إلا أنها تتعلق بالميدان الإلكتروني وهي تقوم على إدماج عدد كبير من الوظائف الكهربائية في مكون صغير عن طرق ترتيب ثلاثي الأبعاد العناصر، أحدها على الأقل نشط، ولبعض أو كل وصلات دائرة مندمجة. والدائرة المندمجة هي منتج يتكون من عناصر، أحدها على الأقل نشط ومن وصلات كلها أو بعضها يشكل جزءا لا يتجزأ من المادة يكون الغرض منه أداء وظيفة إلكترونية.
ب- ثانياً : المبتكرات الجديدة ذات القيمة الجمالية:
تعتبر المبتكرات الجديدة ذات القيمة الجمالية، ابتكارات ذات طابع فني تتناول المنتجات من حيث الشكل ويطلق على هذا النوع من الابتكار اصطلاح الرسوم والنماذج الصناعية.
2. الحقوق التي ترد على الشارات/ العلامات المميزة.
إن الحقوق التي ترد على الشارات المميزة هي تلك التي تمكن صاحبها من احتكار استغلال شارة مميزة. وهذه الشارات إما أن تستخدم في تمييز المنتجات أو المنشآت أو مصدر المنتجات.
فالشارة التي تستخدم لتمييز منتجات خاصة عن مثيلاتها في السوق هي العلامة التجارية أو الصناعية أو الخدمة. ويطلق عليها عادة اسم العلامة التجارية مع العلم أن هناك اختلاف بين كل نوع على حدة:
- فالعلامة التجارية هي التي يستخدمها التاجر في تمييز منتجاته التي يقوم ببيعها بعد شرائها سواء من تاجر الجملة أو من المنتج مباشرة بصرف النظر عن مصدر الإنتاج.
- أما العلامة الصناعية فهي التي يضعها الصانع لتمييز المنتجات التي يقوم بصنعها عن مثيلاتها من المنتجات الأخرى.
- وأخيرا علامة الخدمة وهي العلامة المميزة لخدمات بعض المشروعات.
ورغم التفرقة بين هذه العلامات فإنها تخضع كل منها لنفس القواعد والأحكام، بل أن الشخص الواحد قد ينتج السلعة ويبيعها في نفس الوقت وتكون له علامة واحدة تحقق الغرضين، مع العلم أن بعض القوانين تقتصر على تعبير العلامة التجارية كمفهوم شامل للعلامة التجارية والصناعية ولعلامة الخدمة.
* أما الشارة التي تستخدم في تمييز المنشآت التجارية فيطلق عليها اصطلاح الاسم التجاري ومثال ذلك حق المنتج في احتكار اسم لتمييز متجره أو مصنعه ومزاولة نشاطه بهذا الاسم. * أما الشارة التي توضع لبيان مصدر المنتجات، فهي تخول المنتج حق وضع بيانا يميز بلد الإنتاج ( بلد الأصل ).
وتجدر الإشارة إلى أن هذه الشارات المميزة بمختلف أشكالها تعطي المنتج شبه احتكار تجاه الزبناء، وبمقتضى هذا الحق يستطيع المستهلك التعرف بسهولة على مصدر المنتجات، كما أنها تساهم بفعالية في تنظيم المنافسة التجارية في الأسواق.
حقوق الملكية الأدبية والفنية.
1. حقوق المؤلف.
إن حق المؤلف هو ذلك الحق الناتج عن إبداع فكري يعود أصلا وأساسا إلى شخصية المؤلف المراد حمايوته عن طريق ذلك العمل. وطبقا لهذا المفهوم يخول للمؤلف أي الشخص الذاتي الحق المعنوي والحق الاستئثاري في استغلال عمله. وتنقسم حقوق المؤلف إلى حق أدبي وحق مالي. وتنقسم حقوق المؤلف إلى حق أدبي وحق مادي.
أ- أولا :الحق الأدنى للمؤلف:
يعتبر الحق الأدبي للمؤلف أحد الجوانب الهامة في الملكية الأدبية والفنية، وهو ينصب على حماية شخصية المؤلف كمبدع للمصنف، وحماية المصنف في حد ذاته، وهو بهذا المعنى ينطوي على وجهين أحدهما احترام شخصية المؤلف باعتباره مبدعا، وحماية المصنف باعتباره شيئا ذا قيمة ذاتية بصرف النظر عن مؤلفه، ومن هنا يحتج بالحقوق الأدبية لحماية سلامة المصنف الفكري باسم الصالح العام حتى بعد وفاة المؤلف واندراج المصنف في عداد الأملاك العامة.
ب- ثانياً : الحق المالي للمؤلف :
يعني الحق المالي للمؤلف إعطاء كل صاحب إنتاج ذهني حق احتكار استغلال هذا الإنتاج بما يعود عليه من منفعة أو ربح مالي، وذلك خلال مدة معينة ينقضي هذا الحق بفواتها.
2. الحقوق المجاورة:
رفعاً لأي التباس قد يحصل في تفسير كل من حق المؤلف والحقوق المجاورة عمدت اتفاقية برن لحماية المصنفات الأدبية والفنية إلى النص على أحكام قانونية تفيد بأن الحقوق المجاورة لا يجوز مطلقا أن توقع أضرارا بحق المؤلف وبذلك أعطت الأفضلية والأولوية لحق المؤلف في حال النزاع أو وقوع الضرر خاصة وأنه يعود للمؤلف سماح أو منع أي تحوير أو تأويل أو تغيير. وتتكون الحقوق المجاورة من: حقوق فناني الأداء- حقوق منتجي المسجلات الصوتية- حقوق هيئات الإذاعة.
مصادر حقوق الملكية الفكرية الوطنية والدولية (القوانين الداخلية والاتفاقيات الدولية الحاكمة لحقوق الملكية الفكرية):
تستمد حقوق الملكية الفكرية قواعدها من عدة مصادر وذلك من أجل حمايوتها من التزييف والتقليد. وتتجلى هذه المصادر في كل من التشريع الذي يعد مصدراً وطنياً والاتفاقيات والمعاهدات الدولية باعتبارها مصدراً دولياً،
أولاً: المصادر الوطنية لحقوق الملكية الفكرية:
يعتبر التشريع المصدر الرسمي والمثالي لقوانين الملكية الفكرية. فقد بدأت التشريعات الأوروبية تعنى بسن قواعد الملكية الفكرية منذ القرن 15، ثم ازداد نشاطها أكثر في منتصف القرن 19، أما بخصوص التشريعات العربية، فقد كانت متأخرة في إصدار تشريعات من هذا النوع، ويمكن رد ذلك التأخير إلى ما كان سائدا في معظم الدول العربية من أنظمة الامتيازات الأجنبية التي كانت لا تتلاءم وفرض عقوبات جزائية على الأجانب وعلى تلك التي تستوجبها غالبا حماية حقوق الملكية الفكرية.
ثانياً: المصادر الدولية لحقوق الملكية الفكرية:
يقصد بالمصادر الدولية المعاهدات والاتفاقيات الدولية سواء تعلق الأمر بالاتفاقيات الجماعية أو الثنائية وتجدر الإشارة إلى أنه قبل سنة 1883 لم تكن حقوق الملكية الفكرية محمية دوليا، حيث كان لكل دولة مطلق الحرية في سن تشريعاتها كما تريد بدون قيد ولا شرط، لكن مع تطور التجارة وانتقال السلع والبضائع خارج إقليم الدولة دون أن تجد إطارا قانونيا بحميها من التزييف والتقليد، مما بدأ التفكير في توحيد قوانين الملكية الفكرية بإبرام اتفاقيات دولية. ويمكن تقسيم هذه الاتفاقيات إلى نوعين:
النوع الأول: وهو ذلك النوع الذي يشكل الإطار العام لحماية الملكية الفكرية أو ما يعبر عنه بالاتفاقية المتعلقة بحقوق الملكية الفكرية المرتبطة بالتجارة.
النوع الثاني: ينحصر موضوعه في الاتفاقيات الخاصة بكل نوع من حقوق الملكية الفكرية.
1. الاتفاقية المتعلقة بحقوق الملكية الفكرية المرتبطة بالتجارة:
يعتبر موضوع حماية حقوق الملكية الفكرية من أكثر المواضيع صعوبة وتشابكا سواء أكان فيما يتعلق بالتفاوض حول التوصل إلى اتفاقية دولية بشأنها، أو صياغة التشريعات الوطنية الخاصة بها، أو وضع تلك التشريعات الوطنية موضع التنفيذ وتعتبر الاتفاقية المتعلقة بحقوق الملكية الفكرية المرتبطة بالتجارة التي أسفرت عنها جولة أورغواي للمفاوضات التجارية المتعددة الأطراف خير مثال على ذلك ويجري تطبيق هذه الاتفاقية في إطار المنظمة العالمية للتجارة التي تم إنشاءها بتاريخ 15 أبريل 1994 في إطار اتفاقية مراكش، وشرعت في العمل في فاتح يناير 1995 بمدينة جنيف ويبلغ عدد الدول في هذه المنظمة 154 دولة إلى غاية 5 فبراير 2003.
وقد أقرت الاتفاقية المتعلقة بحقوق الملكية الفكرية المرتبطة بالتجارة بمبدأين أساسين في مجال حماية الملكية الفكرية وهما مبدأ المعاملة الوطنية وكذلك مبدأ الدولة الأولى بالرعاية.
وقد نص الجزء الثاني من اتفاقية المتعلقة بحقوق الملكية الفكرية المرتبطة بالتجارة، على المعايير الدنيا لحماية حقوق الملكية الفكرية من حيث توفرها ونظامها واستعمالها. ويحتوي هذا الجزء على ثمانية أقسام تتعلق على التوالي بحق المؤلف والحقوق المجاورة والعلامات والبيانات الجغرافية والنماذج الصناعية والبراءات وتصاميم تشكل ( طبوغرافية ) الدوائر المندمجة وحماية المعلومات السرية والرقابة على الممارسات غير التنافسية في التراخيص التعاقدية.
2. الاتفاقيات الخاصة بكل نوع من حقوق الملكية الفكرية:
تتجلى الاتفاقيات الخاصة بكل نوع من حقوق الملكية الفكرية، في الاتفاقيات الخاصة بحماية حقوق الملكية الصناعية والاتفاقيات الخاصة بحماية الملكية الأدبية والفنية.
أ- الاتفاقيات الخاصة بحماية الملكية الصناعية:
خلال القرن 19 وقبل إصدار أي اتفاقية دولية في مجال الملكية الصناعية، كان من الصعب إلى حد ما الحصول على حق حماية الملكية الصناعية في مختلف دول العالم بسبب اختلاف القوانين اختلافا كبيرا، إلا أنه خلال النصف الثاني من القرن 19، ظهرت الحاجة الملحة إلى تنسيق قوانين الملكية الصناعية، على أساس دولي وعلى أساس عالمي. والسبب في ذلك يرجع إلى تزايد التدفق التكنولوجي على الصعيد الدولي وكذلك زيادة حجم التجارة الدولية، مما جعل هذا التنافس ضرورة ملحة في مجالي البراءات والعلامات التجارية. وبرزت فكرة وضع اتفاقية دولية لحماية الملكية الصناعية بشكل عام خلال مؤتمر باريس الدولي الذي انعقد سنة 1878، تمخض عنه الدعوى إلى عقد مؤتمر دولي ديبلوماسي لغايات تحديد قواعد الإطار التشريعي في حقل الملكية الصناعية، وعلى إثر ذلك قامت حكومة فرنسا في عام 1880 بتحضير مسودة نهائية تقترح اتحادا عالميا لحماية الملكية الصناعية، وأرسلت تلك المسودة مع بطاقات دعوة لسائر الدول للحضور إلى باريس لمناقشة تلك المسودة. وقد حوت هذه الأخيرة في جوهرها المواد الرئيسة التي مازالت تشكل الخطوط العريضة لما يسمى باتفاقية باريس، ثم عقد مؤتمر ديبلوماسي في باريس في 20 مارس 1883 حضرته إحدى عشر دولة وهي : بلجيكا والبرازيل والسلفادور وفرنسا وغواتيمالا وإيطاليا وهولندا والبرتغال وصربيا وإسبانيا وسويسرا. فأخرجت إلى الوجود اتفاقية باريس لحماية الملكية الصناعية لسنة 1883 وقد بدأ سريانها في 7 نونبر 1884.
وهذه الاتفاقية تشكل العمود الفقري في حماية الملكية الصناعية، وقد تم تعديلها عدة مرات. إن أعضاءها يتزايدون باستمرار إذ انتقل العدد من 11 دولة لسنة 1883 إلى 164 دولة إلى غاية 15 أكتوبر 2003، وأصبح المغرب طرفا في هذه الاتفاقية بتاريخ 30 يونيو 1917.
إلى جانب اتفاقية باريس بشأن حماية الملكية الصناعية سمحت هذه الأخيرة من خلال مادتها 19 لأعضائها، بإبرام اتفاقيات أخرى فيما بينها، شريطة ألا تتعارض مع المبادئ الأساسية التي أتت بها الاتفاقية. وبالفعل فقد أبرمت عدة اتفاقيات خاصة بحماية المبتكرات الجديدة وأخرى خاصة بحماية االشارات المميزة.
أولاً: اتفاقيات خاصة بحماية المبتكرات الجديدة:
من بين أبرز الاتفاقيات التي أبرمت لحماية المبتكرات الجديدة نذكر منها:
1) معاهدات واشنطن بشأن التعاون في ميدان البراءات:
طرأت فكرة إعداد معاهدة التعاون الدولي في مجال البراءات على ذهن الولايات المتحدة الأمريكية في الستينات بهدف مواجهة مشكلة ازدياد طلبات براءات الاختراع و نفقات اختيار مدى جدة الاختراعات، كذلك تكرار هذه الاختيارات في كل دولة يطلب المخترع فيها حماية اختراعه لديها. وقد بادرت اللجنة التنفيذية لاتحاد باريس لحماية الملكية الصناعية سنة 1966 إلى دراسة الحلول الممكنة الكفيلة للقضاء على كل عمل غير مجد ليس فقط بالنسبة للمكاتب الوطنية التي تستقبل طلبات الحصول على البراءات بل كذلك للمودعين لهذه الطلبات. وفي سنة 1967 هيأت المكاتب الدولية المتحدة لحماية الملكية الفكرية BIRPI مشروع للمعاهدة وعرضته على أنظار لجنة من الخبراء، وبعد العديد من المفاوضات تم المصادقة على معاهدة التعاون بشأن البراءات وذلك بالمناظرة الديبلوماسية التي تم عقدها بواشنطن بتاريخ 19 يونيو 1970. وقد تم تعديل هذه المعاهدة سنة 1979 وسنة 1984 وكذا سنة 2001 ويبلغ عدد الدول أطراف هذه المعاهدة 123 دولة إلى غاية 15 أكتوبر 2003. ومن بينها المغرب الذي صادق على هذه المعاهدة بمقتضى ظهير شريف رقم 121-99-1 بتاريخ 8 يونيو 1999.
2) اتفاقية استراسبورج بشأن التصنيف الدولي لبراءات الاختراع:
أبرمت هذه الاتفاقية بتاريخ 27 مارس 1971 ودخلت حيز التنفيذ سنة 1975، وبموجبه أصبحت المنظمة العالمية للملكية الفكرية تكفل وحدها بمسؤولية إدارة التصنيف الدولي لبراءات الاختراع دون المجلس الأوروبي. وقدم تعديل هذه الاتفاقية سنة 1979. ويبلغ عدد الدول الأطراف في الاتفاقية 54 دولة ليس من بينها المغرب إلى غاية 15 أكتوبر 2003.
3) معاهدة واشنطن بشأن الملكية الفكرية فيما يخص الدوائر المتكاملة:
أبرمت هذه المعاهدة في 26 مايو 1989. فحسب المادة 15 من المعاهدة يجوز لكل دولة عضو في المنظمة العالمية للملكية الفكرية أو في الأمم المتحدة أن تصبح طرفا في المعاهدة. وتصبح كل دولة أو منظمة دولية حكومية طرفا في المعاهدة بموجب إيداع وثائق تصديقها أو موافقتها أو انضمامها لدى المدير العام للمنظمة العالمية للملكية الفكرية.
وبالرغم من عدم دخول هذه المعاهدة حيز التنفيذ فقد أدرجت في الاتفاقية المتعلقة بحقوق الملكية الفكرية المرتبطة بالتجارة بالإحالة عليها. وقد أدخلت على هذه المعاهدة عدة تعديلات وهي على الشكل التالي:
أصبحت مدة الحماية 10 سنوات عوض 8 سنوات.
أصبح حق الاستثمار يشمل أيضا المنتجات التي تتضمن دوائر متكاملة فيها تصميم محمي.
زاد تقييد الظروف التي يجوز فيها الانتفاع بالتصميمات دون موافقة أصحاب الحقوق.
4) اتفاقية لاهاي بشأن الإيداع الدولي للرسوم والنماذج الصناعية:
لقد تم التوقيع على هذه الاتفاقية في 6 يونيو 1925 ودخلت حيز التنفيذ سنة 1928، وقد تمت مراجعة هذه الاتفاقية عدة مرات خصوصا بلندن سنة 1934 وبلاهاي سنة 1960. وأصبح المغرب طرفا في اتفاقية لاهاي لسنة 1925 بتاريخ 20 أكتوبر 1930 ثم أصبح طرفا في عقد لندن 1934 بتاريخ 21 يناير 1941 ثم أصبح طرفا في كل من عقد لاهاي لسنة 1960 وعقد استوكهولم لسنة 1967 بتاريخ 13 أكتوبر 1999 وذلك بمقتضى ظهير 19 مايو 2000، وقد وصل عدد الدول في اتحاد لاهاي على 36 دولة إلى غاية 15 أكتوبر 2003.
5) اتفاقية لوكارنو بشأن التصنيف الدولي للرسوم والنماذج الصناعية:
أبرمت هذه الاتفاقية بتاريخ 8 أكتوبر 1968 ودخلت حيز التنفيذ في 28 أبريل 1971. وقد بلغ عدد الدول الأطراف في هذه الاتفاقية 43 دولة إلى غاية 15 أكتوبر 2003.
ثانياً : اتفاقيات خاصة بحماية الشارات/ العلامات المميزة:
1) اتفاقية مدريد بشأن التسجيل الدولي للعلامات :
أبرمت هذه الاتفاقية بتاريخ 14 أبريل 1891 ودخلت حيز التنفيذ 1892، كما عرفت عدة تعديلات. وقد صادق المغرب على هذه الاتفاقية بتاريخ 30 يوليو 1917. ويهدف الاتفاق إلى تيسير إجراءات تنظيم الحماية الدولية للعلامات والتوفير في النفقات. كما وضعت المنظمة العالمية للملكية الفكرية بروتوكولا وذلك بتاريخ 29 يونيو 1989 وقد صادق عليه المغرب بتاريخ 8 أكتوبر 1999.
2) اتفاقية مدريد المتعلق بمعاقبة بيانات المصدر المزورة أو الخادعة للمنتجات :
أبرمت هذه الاتفاقية بتاريخ 14 أبريل 1891 وعدلت عدة مرات وقد أصبح المغرب عضوا في اتفاق مدريد بتاريخ 30 يونيو 1917 وأصبح طرفا في عقد لشبونة لسنة 1958 بتاريخ 15 مايو 1967 وتهدف الاتفاقية إلى حماية السلع والخدمات الصادرة من جهة أو بلد أو مكان محدد، حيث تركز في العنصر الجغرافي. وبذلك فهي تساهم في مكافحة الغش الدولي في السلع والمنتجات.
3) اتفاقية لشبونة لحماية تسميات المنشأ :
أبرمت هذه الاتفاقية بتاريخ 31 أكتوبر 1958 وعدلت باستوكهولم بتاريخ 14 يونيو 1967. ولاتفاق لشبونة أهمية كبرى بالنسبة للدول التي تتميز منتجاتها الزراعية أو صناعاتها اليدوية بجودة عالية من حيث حماية تسميات مصدر المنتجات على المستوى الدولي في الأسواق الخارجية.
4) معاهدة فيينا المتعلقة بسجل العلامات التجارية :
أبرمت هذه المعاهدة بتاريخ 12 يونيو 1973 وتنص على التسجيل المباشر من طرف المودع إذ أن التسجيل الدولي يتم على أساس طلب دولي. وإن المغرب لم يصادق على هذه المعاهدة كبقية الدول النامية لكونه لا يملك الوسائل التجارية والفنية والبشرية لمراقبة صلاحية علامة أجنبية التي من شأن آثارها أن تسري مباشرة فوق ترابها والحال أنها تكون لم تتلق على الأقل، مراقبة دولية في البلد الأصلي.
ب- الاتفاقيات الخاصة بحماية الملكية الأدبية والفنية:
بدأ التفكير في حماية حقوق الملكية الأدبية والفنية على الصعيد الدولي حوالي منتصف القرن 19 تقريبا على أساس الاتفاقيات الثنائية. وكانت هذه الاتفاقيات الثنائية تنص على الاعتراف المتبادل بالحقوق ولكنها لم تكن شاملة بما فيه الكفاية كما لم تكن من نمط موحد.
أفضت الحاجة إلى نظام موحد إلى إعداد واعتماد اتفاقية برن بشأن حماية المصنفات الأدبية والفنية في 9 شتنبر 1886. وهي أقدم اتفاقية دولية في مجال الملكية الأدبية والفنية والاشتراك فيها متاح لجميع الدول. وتودع وثائق التصديق أو الانضمام إلى المدير العام للمنظمة العالمية للملكية الفكرية، لقد تعرض نص الاتفاقية الأصلي لمراجعات عديدة منذ اعتمادها لتحسين النظام الدولي للحماية الذي توفره الاتفاقية. وقد صادق على هذه الاتفاقية 151 دولة إلى غاية 15 أكتوبر 2003.
وهدف اتفاقية برن كما هو مذكور هو حماية حقوق المؤلفين في مصنفاتهم الأدبية والفنية بالطريقة الفعالة والموحدة إلى أقصى حد ممكن.
بعد تبني الاتفاقية المتعلقة بحقوق الملكية الفكرية المرتبطة بالتجارة تزايد العمل التحضيري الخاص بالمعايير الجديدة لحق المؤلف والحقوق المجاورة في لجان الويبو وذلك لمعالجة المشاكل التي لم يتناولها اتفاق تريبس، ولتحقيق هذا الهدف تبنى مؤتمر الويبو الديبلوماسي حول مسائل معينة خاصة بحق المؤلف والحقوق المجاورة عام 1996 والمعاهدتين هما معاهدة الويبو لحق المؤلف ومعاهدة الويبو للأداء والتسجيلات الصوتية.
الإطار القانوني الدولي لنظام الملكية الفكرية
اتفاقيات شمولية اتفاقيات الهيئات الدولية الملكية الصناعية الملكية الادبية او الفنية
حقوق المؤلف والحقوق المجاورة
اتفاقية تربس
(( اتفاقية الجوانب المتصلة بالتجارة من الملكية الفكرية )) 1- اتفاقية انشاء المنظمة العالمية للملكية الفكرية 1967.
2- اتفاقية إنشاء منظمة التجارة العالمية 1994 – النافذة اعتبارا من 1/1/1995 . اتفاقية باريس للملكية الصناعية 1883 صيغة باريس 1971 . ( الاطار العام ) اتفاقية بيرن 1886 صيغة باريس 1971 ( الاطار العام ) حق المؤلف
اتفاقية التصنيف الدولي لبراءات الاختراع - ستراسبورغ 1971 اتحاد IPC براءات الاختراع الاتفاقية العالمية لحقوق المؤلف - جنيف 1952 صيغة باريس 1971 (اليونسكو )
اتفاقية الاعتراف الدولي بايداع الكائنات الدقيقة نظام براءات الاختراع – اتحاد بودابست 1977 - اتفاقية التسجيل الدولي للمصنفات السمعية والبصرية - جنيف 1989
اتفاقية التعاون الدولي بشان البراءات - واشنطن 1970 - اتحاد PCT اتفاق تفادي الازدواج الضريبي على عائدات حقوق المؤلف - مدريد 1979 .
اتفاقية التسجيل الدولي للعلامات التجارية - مدريد 1989 - اتحاد مدريد ، وبروتوكول مدريد الملحق بها العلامات التجارية اتفاقية الدوائر المتكاملة 1989 - واشنطن .
اتفاقية المنظمة العالمية للملكية الفكرية في حق المؤف 1996 –
اتفاقية التصنيف الدولي للبضائع والخدمات - اتحاد نيس - 1957 . اتفاقية حماية فناني الاداء ومنتجي التسجيلات الصوتية وهيئات الاذاعة - روما 1961 الحقوق المجاورة
اتفاقية التصنيف الدولي للعناصر المميزة للعلامات - اتحاد فينا - 1973 . اتفاقية حماية منتجي التسجيلات الصوتية ضد النسخ غير المشروع - جنيف - 1970
اتفاقية قانون العلامات التجارية - جنيف – 1994 اتفاقية توزيع الاشارات حاملة البرامج عبر التوابع الصناعية - بروكسل 1974
اتفاقية الايداع الدولي للنماذج الصناعية - لاهاي - اتحاد لاهاي - 1925 بروتوكول جنيف 1975 الرسوم والنماذج الصناعية اتفاقية المنظمة العالمية للملكية الفكرية في الاداء والتسجيلات الصوتية ( الفونجرامات ) 1996
اتفاقية انشاء التصنيف الدولي للنماذج الصناعية - لوكارنو - اتحاد لوكارنو 1968
اتفاقية التسجيل الدولي للرسوم والنماذج الصناعية - صياغة جنيف لاتفاقية لاهاي – 1999 .
اتفاقية تجريم البيانات المضللة بشأن منشأ البضائع – مدريد 1891 - صيغة ستوكهولم1967 علامات المنشأ - المؤشر الجغرافي
اتفاقية حماية دلالات المصدر والتسجيل الدولي لها - لشبونه – 1958
الاتفاقية الدولية لحماية اصناف النباتات الجديدة UPOV - - جنيف 1961 حماية النباتات
اتفاقية حماية الشعار الاولمبي - نيروبي - 1981 الشعار الاولمبي
اتفاقية واحدة 2 اتفاقية 15 اتفاقية جميعها تديرها الوايبو 10 اتفاقيات احداها تديرها اليونسكو
دور التحكيم في تسوية منازعات الملكية الفكرية
يتسم التحكيم بأهميـة خاصة، إذ إنه يساعد على فضّ المنازعات بطريقة ودية وسهلة تحافظ على بقاء العلاقة ومتانتها بين طرفي التحكيم، وتظهر ماهية التحكيم وأهميته من خلال نشأة التحكيم وأنواعه وصوره.
ويعرف التحكيم بأنه "لجوء المتنازعين إلى أحد الخواص يطلبون منه فض النزاع القائم بينهم"، إنه "قضاء خاص يستند على شرط تعاقدي"، أو هو "نظام تعاقدي يلجأ إليه فريقان لأجل حل الخلاف الناشئ بينهما بواسطة شخص أو أكثر من غير القضاة".
وليس جميع المنازعات يمكن التحكيم بها بدون قيد أو شرط، بل إن هناك منازعات لا يجوز أن تكون محلاً للاتفاق على التحكيم بشأنها، وتختلف الشرائع في تحديد ما يجوز التحكيم به. حيث تناولت المادة: 9 من قانون التحكيم الأردني ذلك من خلال النص "لا يجوز التصرف في حقوقه، ولا يجوز التحكيم في المسائل التي لا يجوز فيها الصلح"؛ إذ أجازت المادة: (9) من قانون التحكيم اللجوء إلى التحكيم في المسائل التي يجوز فيها الصلح. وحيث إن الاتفاق على التحكيم لا يسلب القضاء اختصاصه للبت في النزاع إلا إذا تقدم أحد الخصوم بطلب لوقف الإجراءات قبل الدخول في أساس الدعوى إعمالاً لأحكام المادة 109/ب نص المادة: 109 من قانون أصول المحاكمات المدنية، والمادة: (25) من قانون التحكيم الأردني.
ومن المسائل التي لا يجوز فيها التحكيم والصلح ما يلى:
المسائل المتعلقة بالحالة الشخصية البحتة كالنسب والزواج والطلاق وإثبات الوراثة والخلع، والحكمة من ذلك بتعلق هذه المسائل بالنظام العام أي لا يجوز التحكيم فيها وكل اتفاق يخالف ذلك يُعدُّ باطلاً بشكل مطلق.
المسائـل المتعلقة بالجنسيـة من حيث اكتسابها أو إسقاطها، فهي مظهر من مظاهر سيادة الدولة ولا يجوز التحكيم فيها.
المسائل الجنائية: لا يجوز أن تكون مسائل التجريم والعقاب محلاً للاتفاق على التحكيم سواء أكان الأمر متعلق بجناية أم جنحة أم مخالفة والحكمة من ذلك أن هذا الأمر منوط بالمشرع ذاته.
لا يجوز التحكيم في المسائل المتعلقة بأمور محظورة قانوناً لتعارضها مع الأدب مثل المعاشرة غير المشروعة وممارسة الدعارة.
ويتضح مما تقدم أنها لا تتعلق بالأمور المادية وإنما لتعلقها بالنظام العام، وإذا صدر حكم من هيئة التحكيم في مثل هذا النزاع كان الحكم باطلاً تجسيداً للقاعدة القانونية: "ما بني على باطل فهو باطل". وهذا ما نصت عليه المادة: (231) من القانون المدني الأردني: "إذا بطل الشيء بطل ما في ضمنه".
وقد تم إثارة موضوع قواعد الاختصاص الدولي من النظام العـام، بحسب أن هـذه القواعد تحدد ولاية قضاء الدولة إزاء المنازعات التي تثور على إقليمها، وترتبط بذلك بوظيفة أساسية من وظائف الدولة وهي تحقيق العدالة على أقاليمها عن طريق سلطتها القضائية بغرض تحقيق مصلحة عامة هي إقرار النظام والسكينة في الإقليم تلك أساساتٌ تمس بالضرورة صميم النظام العام.
ومن أمثلة تلك المسائل المتعلقة بالنظام العام والتي لا يجوز تسوية منازعاتها بطريقة التحكيم المسائل المتعلقة بصحة براءة الاختراع والعلامات التجاريـة أو المتعلقـة بنزع الملكية للمنفعة العامة بمقتضى قوانين خاصة، كالآثـار والأموال الشرائيـة والثقافية والأسلحة والذخائر والاتجار في المخدرات والمنازعات المتعلقة بالمطالبة بديون قمار أو فوائد ربوية، كما من الأمثلـة أنه لا يجوز التحكيم بين المتهم والنيابة العامة في شأن قيام الجريمة أو عدم قيامهـا، وفي شأن المسؤولية الجنائية لمرتكب الفعل الجنائي والعقوبة المقررة له، وإنما يجوز التحكيم في شأن تقدير التعويض المستحق للمجني عليه دون أن يؤثر ذلك على إمكانية رفع الدعوى الجنائيـة، أو عدم تقديم شكوى إلى النيابـة العامة لتوقيع العقوبة الجنائية على المتهم.
وفي إطار دراستنا للتحكيم في منازعات الملكية الفكرية، نعلم بأن التحكيم كقاعدة عامة لا يتم إلا في الخلاف الذي يقبل الصلح أو التنازل حتى يتسنى لطرفي التحكيم القبول، وبنفس الوقت يكون للمحكمين المجال في التوصل إلى فض النزاع بالطرق السليمة، وهذا ما جعلنا نتناول المسائل التي يجوز بها التحكيم رغم احتدام الخلاف بين الفقهاء على مدى تعلق القواعد المنظمة للتحكيم في النظام العام من عدمه. ويمكن القول بأن التحكيم لا يسرى على كافة منازعات الملكية الفكرية، فهناك مسائل ومنازعات لا يجوز تسوية منازعاتها بطريقة التحكيم كالمسائل المتعلقة بصحة براءة الاختراع والعلامات التجاريـة.
أولاً: قراءة تحليلية لقانون التحكيم المصرى رقم 27 لسنة 1994:
قام هذا القانون على عدة أسس تعكس جميعها إدراك المشرع لطبيعة نظام التحكيم من حيث:
أولاً: مواكبة الاتجاهات الدولية الحديثة بشأن التحكيم التجارى:
وقد تجلى ذلك فى نقل الأحكام الموضوعية الواردة فى القانون النموذجى للتحكيم التجاري الدولى الصادر عن لجنة قانون التجارة الدولية التابعة للأمم المتحدة (UNCITRAL) فى عام 1985، والالتزام بتقسيم أبوابه وتوزيع نصوصه، وإقامة توازن بين طابع الصياغة العالمية كما وردت فى القانون النموذجى ومقتضيات الصياغة التشريعية الوطنية.
ثانياً: مراعاة طبيعة التحكيم من حيث كونه قضاءاً اتفاقياً مبناه حرية إرادة الأطراف وعدم فرضه بنص آمر:
وقد تجلى ذلك فيما نصت عليه المادة الرابعة ـ الواردة فى الباب الأول (الأحكام العامة) والتى أفردها المشرع للتعريفات ـ فى البند الأول منها من أن لفظ التحكيم فى حكم هذا القانون ينصرف الى "التحكيم الذى يتفق عليه طرفا النزاع بإرادتهما الحرة سواء كانت الجهة التى تتولى إجراءات التحكيم بمقتضى اتفاق الطرفين منظمة أو مركز دائم للتحكيم أو لم يكن كذلك".
ثالثاً: احترام إرادة طرفي التحكيم بإفساح الحرية لهما لتنظيمــه بالكيفيــة التـى ناسبهمـــا:
وقد تجلى ذلك فيما انتهجه المشرع من نهج يقوم على أن يترك للطرفين حرية الاتفاق على كيفية تعيين المحكمين وتسميتهم واختيار القواعد التى تسرى على الإجراءات وتلك التى تطبق على موضوع النزاع، وتعيين مكان التحكيم واللغة التى تستعمل فيه، مع وضع قواعد احتياطية تطبق عندما لا يوجد اتفاق.
رابعاً: الأخذ بمبدأ السرعة فى إنهاء الإجراءات لإصدار حكم التحكيم:
وقد تجلى ذلك فيما أجازه المشرع لهيئة التحكيم من الاستمرار فى الإجراءات رغم الطعن فى قرارها واختياره مواعيد معقولة للإجراءات، ووضع حداً زمنياً يجوز للطرفين بعد انقضائه طلب إنهاء الإجراءات تمهيداً لرفع النزاع لى قضاء الدولة.
خامساً: الأخذ بمبدأ استقلال هيئة التحكيم كأثر من آثار طبيعة التحكيم وكونه قضاءاً اتفاقياً:
وقد تجلى ذلك فيما انتهجه المشرع من نهج يقوم على اختصاص هيئة التحكيم بالفصل فى الدفوع المتعلقة بعدم اختصاصها، وهو ما يعرف فى فقه التحكيم بمبدأ (اختصاص الاختصاص)، وعدم جواز الطعن فى أحكام هيئة التحكيم بالطرق المنصوص عليها فى قانون المرافعات المدنية والتجارية.
وإذا كان ما تقدم جميعه يعكس طبيعة نظام التحكيم والأسس والقواعد الأصولية التى يستند عليها من كونه قضاءاَ اتفاقياَ مبناه حرية إرادة أطرافه فى تنظيمه بالكيفية التى تناسبهما، وقيامه على مبدأ السرعة فى الإجراءات واستناده على مبدأ استقلال هيئة التحكيم، بما قد يوحي به ذلك كله من قيام انفصال تام بينه وبين قضاء الدولة، إلا أن الأمر جد مختلف، فلقضاء الدولة دوره الطبيعي فى منازعات التحكيم، إذ أن هناك مسائل لا غنى لهيئة التحكيم عن الاستعانة فى شأنها بقضاء الدولة فكيف نظم القانون رقم 27 لسنة 1994 ذلك؟ هذا ما سوف نعالجه فى السطور التالية.
دور قضاء الدولة فى منازعة التحكيم فى ضوء أحكام القانون رقم 27 لسنة 1994:
- أولاَ: تحديد المحكمة المختصة:
إدراكاَ من المشرع للدور الطبيعي لقضاء الدولة فى منازعات التحكيم فقد حرص فى معرض تحديده للأحكام العامة فى الباب الأول من القانون على أن يحدد المحكمة المختصة بنظر مسائل التحكيم التى يحيلها القانون إلى قضاء الدولة آخذاَ فى ذلك بقاعدة أن "محكمة البداية هى محكمة النهاية" بمعنى أن تظل المحكمة التى ينعقد لها الاختصاص دون غيرها صاحبة الاختصاص حتى انتهاء جميع إجراءات التحكيم وفى ذلك ما يصون منازعة التحكيم من أن تقطع أوصالها بين أكثر من محكمة.
وفى معرض تحديد المحكمة المختصة فرق المشرع بين التحكيم ذو الطابع التجاري الدولي وذلك الذى لا يحمل هذا الطابع ففيما يتعلق بذلك الذى لا يحمل هذا الطابع حدد المشرع المحكمة المختصة أصلاَ بنظر النزاع محكمة مختصة بنظر مسائل التحكيم، ولم يخرج عن ذلك إلا بصدد دعوى بطلان حكم التحكيم، إذ عقد الاختصاص بنظرها لمحكمة الدرجة الثانية التى تتبعها المحكمة المختصة أصلاَ بنظر النزاع (م 54/2).
أما بالنسبة للتحكيم التجاري الدولي: فقد يسر المشرع على أطراف التحكيم فعقد الاختصاص بنظر مسائلة لمحكمة استئناف القاهرة إلا إذا اتفق الطرفان على اختصاص محكمة استئناف أخرى (م 9).
- ثانياَ: اتفاق التحكيم:
أجاز المشرع أن يتم اتفاق التحكيم ولو كان قد رفع بشأن النزاع محله دعـوى أمام قضاء الدولة وواجب أن يحدد هذا الاتفاق المسائل التى يشملها التحكيم وإلا كان الاتفاق باطلاَ (م 10/2).
واعترافاَ من المشرع باتفاق التحكيم بما يعنييه من نزول طرفين عن حقهما فى الالتجاء الى قضاء الدولة فقد ألزم محاكم الدولة التى يرفع إليها نزاع يوجد بشأن اتفاق تحكيم أن تحكم بعدم قبول الدعوى بشرط أن يدفع المدعى عليه بهذا الدفع قبل إبداء أي طلب أو دفاع فى الدعوى (م 13/1)، وأجاز المشرع البدء فى إجراءات التحكيم أو الاستمرار فيها أو إصدار حكم التحكيم ولو كانت تلك الدعوى قد رفعت بالفعل (م 13/2).
- ثالثاَ: التدابير المؤقتة والتحفظية:
أجاز المشرع للمحكمة المختصة ـ على حسب الأحوال ـ أن تأمره بناء على طلب أحد طرفي التحكيم، سواء قبل البدء فى إجراءاته أو أثناء سير هذه الإجراءات باتخاذ تدابير مؤقتة أو تحفظية (م 14).
كما أجاز ذلك لهيئة التحكيم إذا اتفق الطرفان على ذلك وطلب أحدهما، وأجاز للهيئة أن تطلب تقديم ضمان كاف لقضية نفقات التدبير الذى تأمر به، كما أجاز لها ـ فى حالة تخلف من صدر إليه الأمر عن تنفيذه ـ أن تأذن للصادر لصالحه الأمر فى اتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذه (ولا يخل ذلك بحـق هـذا الطـرف فى أن يستخدم الرخصة المخولة له فى المادة 14) (م 24).
- رابعاَ: هيئة التحكيم:
1- من حيث تشكيلها:
الأصل هو أن يتم هذا التشكيل (اختيار المحكمين وكيفية ووقت اختيارهم) باتفاق الطرفين، فماذا إذا لم يتفقا؟ وماذا إذا اتفقا وخالف أحد الطرفين الإجراءات التى اتفق عليها؟ فى حالة عدم الاتفاق يختلف الأمر بحسب ما إذا كانت الهيئة مشكلة من محكم واحد أو ثلاثة محكمين:
فإذا كانت الهيئة مشكلة من محكم واحد تولت المحكمة المختصة ـ على حسب الأحوال ـ اختياره بناء على طلب أحد الطرفين.
أما إذا كانت الهيئة مشكلة من ثلاثة محكمين ولم يعين أحد الطرفين محكمه خلال الثلاثين يوماً التالية لتسلمه طلباَ بذلك من الطرف الآخر، أو إذا لم يتفق المحكمان المعينان على اختيار المحكم الثالث خلال الثلاثين يوماً التالية لتاريخ تعيين آخرها تولت المحكمة المختصة ـ على حسب الأحوال ـ اختياره بناء على طلب أحد الطرفين. (يسرى هذا الحكم أيضاَ فى حالة تشكيل الهيئة من أكثر من ثلاثة محكمين).
أما فى حالة وجود اتفاق وخالف أحد الطرفين الإجراءات المتفق عليها أو أختلف المحكمان على أمر يلزم اتفاقهما عليه تولت المحكمة المختصة ـ على حسب الأحوال ـ بناء على طلب أحد الطرفين القيام بالإجراء أو العمل المطلوب ـ قرار المحكمة باختيار المحكم لا يقبل الطعن فيه بأي طريق من طرق الطعن إلا إذا توافر فيه حالة من حالات الرد (م 17) وسوف نعالج الرد فى الفقرة التالية.
2- من حيث رد المحكم:
الأصل أن لا يجوز رد المحكم إلا إذا قامت ظروف تثير شكوكاَ جدية حول حيدته واستقلاله، كما لا يجوز للطرف رد المحكم الذى عينه أو اشترك فى تعيينه إلا لسبب تبينه بعد أن تم التعيين (م 18).
أما عن طلب الرد وإجراءات نظره والفصل فيه، فقد كانت المادة (19) من القانون وقت صدوره تجعل من هيئة التحكيم سلطة فصل فى طلب الرد، وتقيم المحكمة المختصة سلطة طعن فى قرار الهيئة، وكان مؤدى ذلك أن المشرع ناط الفصل فى خصومة رد المحكم بهذا المحكم نفسه طالما أن لم يتنح وظل متمسكاً بنظر النزاع وذلك إذا كانت هيئة التحكيم أحادية (مشكلة منه وحده)، أما إذا كانت الهيئة مشكلة من أكثر من محكم وكان طلب الرد يتناول بعضهم أو يشملهم جميعاَ اختصوا بالفصل فى هذا الطلب.
وقد طعن على هذا النص أمام المحكمة الدستورية العليا بالطعن رقم 84 لسنة 19 ق دستورية وصدر حكمها بجلسة 6 نوفمبر 1999 قاضياَ بعدم دستورية العبارة الواردة بالبند (1) من المادة (19) والتى تنص على أن "فصلت هيئة التحكيم فى الطلب" تأسيساً على أن ذلك ينافي قيم العدل ومبادئه وينقض مبدأ خضوع الدولة للقانون وينتهك ضمان الحيدة التى يقتضيها العمل القضائية بالنسبة الى فريق من المتقاضين مما يخالف أحكام المواد 40، 65، 67، 68، 69 من الدستور.
وعلى أثر ذلك تدخل المشرع وعدل نص المادة (19) بمقتضى القانون رقم ( لسنة 2000 منيطاً بالمحكمة المختصة ـ على حسب الأحوال ـ الفصل فى طلب الرد ـ بعد إحالته إليها بغير رسوم ـ بحكم غير قابل للطعن.
3- من حيث إنهاء مهمة المحكم:
أجاز المشرع ـ بناء على طلب أحد الطرفين ـ أن تنهى المحكمة المختصة مهمة المحكم وذلك إذا تعذر عليه أدائها أو لم يباشرها أو انقطع عن أدائها بما يؤدى إلى تأخير لا مبرر له فى إجراءات التحكيم (م 20).
4- من حيث الفصل فى الدفوع المتعلقة بعدم اختصاص هيئة التحكيم:
الأصل أن تفصل الهيئة فى هذه الدفوع بما فيها تلك المبنية على عدم وجود اتفاق تحكيم أو سقوطه أو بطلانه أو عدم شموله لموضوع النزاع، وذلك قبل الفصل فى الموضوع أو أن تضمها للموضوع لتفصل فيهما معاَ ـ فإذا قضت بقبولها فلا مشكلة ـ أما إذا قضت برفض الدفع، فلا سبيل أمام من يتمسك به إلا برفع دعوى بطلان حكم التحكيم المهنى للخصومة كلها (م 22).
- خامساً: إجراءات التحكيم:
القاعدة الأساسية فى الإجراءات هى حرية الطرفين فى اختيار قواعد الإجراءات شريطة مراعاة أصول التقاضى وفى مقدمتها المساواة بين الطرفين وتهيئة فرصة كاملة ومتكافئة لكل منهما لعرض قضيته.
وعلى الرغم من ذلك فإن طبيعة الأمور اقتضت أن يكون لقضاء الدولة دور فى هذا الخصوص، وقد راعى المشرع ذلك فاختص رئيس المحكمة المختصة ـ على حسب الأحوال ـ بناء على طلب هيئة التحكيم بأن:
يحكم على من يتخلف من الشهود عن الحضور، أو يمتنع ـ عند حضوره ـ عن الإجابة بالجزاءات المنصوص عليها فى المادتين 78 و80 من قانون الإثبات (الغرامة ـ أو الأمر بإحضاره على حسب الأحوال).
يأمر بالإنابة القضائية (م 37).
- سادساَ: حكم التحكيم وإنهاء الإجراءات:
حدد المشرع ميعاداَ تلتزم هيئة التحكيم خلاله بإصدار الحكم المنهى للخصومة إذا لم يتفق الطرفان على ميعاد، وهذا الميعاد الذى حدده المشرع هو (اثنى عشر شهراَ من تاريخ بدء الإجراءات) يجوز مده لمدة لا تزيد على (ستة أشهر ما لم يتفق الطرفان على مدة تزيد على ذلك).
فماذا إذاَ لم تصدر الهيئة الحكم خلال هذا الميعاد؟
فى حالة تحقق هذا الغرض أجاز المشرع لأي من الطرفين أن يطلب من رئيس المحكمة المختصة ـ على حسب الأحوال ـ أن يصدر أمراَ بتحديد ميعاد اضافي أو بإنهاء إجراءات التحكيم، فإذا صدر الأمر بإنهاء الإجراءات يكون لأي من الطرفين اللجوء الى قضاء الدولة برفع دعواه الى المحكمة المختصة أصلاَ بنظرها.
أما إذا صدر حكم هيئة التحكيم، فإن المشرع ألزم الصادر لصالحه هذا الحكم أن يودع أصله أو صورة موقعة منه باللغة التى صدر بها أو ترجمة باللغة العربية مصدقاَ عليها من جهة معتمدة إذا صدر بلغة أجنبية وذلك فى قلم كتاب المحكمة المختصة ـ على حسب الأحوال ـ التى يحرر كاتبها محضراَ بهذا الإيداع مع إعطاء من يطلب من الطرفين صورة منه (م 47).