حكم للمحكمة الادارية حق المذيعة في الظهوربالحجاب
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية
الدائرة الثانية
برئاسة السيد الأستاذ المستشار / حمدي خميس محمود نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة.
وعضوية كل من :
السيد الأستاذ المستشار الدكتور / محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة
و السيد الأستاذ المستشار / ماهر نسيم شحاتة نائب رئيس مجلس الدولة
وسكرتارية السيد / طارق عرفة - سكرتير المحكمة
مسودة الحكم الصادر بجلسة 5/7/2005
في الدعوى رقم 1819 لــ 58 قضائية
المقامة من / غادة حسن محمد إبراهيم الطويل
ضد /
1- وزير الأعلام
2- رئيس اتحاد الإذاعة و التلفزيون
3- رئيس مجلس أمناء اتحاد الإذاعة والتلفزيون
4- رئيس القناة الخامسة
الوقائع :
بعريضة ادعت قلم كتاب المحكمة بتاريخ 22/11/2003 أقامت المدعية هذه الدعوى طالبة الحكم بقبولها شكلا وبصفة مستعجلة بوقف وإلغاء قرار الإدارة بالامتناع عن ظهورها على شاشة التلفزيون وفى الموضوع بإلغائه وما ترتب على ذلك من آثار اللزام الإدارة بان تؤدى لها تعويضا مقداره مليون جنية عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقتما من جراء القرار المطعون فيه و إلزام الإدارة المصروفات .
وشرحا للدعوى قالت المدعية إنها تعمل بوظيفة مذيع ربط ثان بالدرجة الثانية وانه على اثر ارتدائها غطاء راس - الحجاب - الزي الإسلامي فوجئت بمنع الإدارة لها من الظهور على شاشة التلفزيون وحرمانها من تقديم برامجها ودون أن ينسب إليها ثمة خطا في هذا الصدد وإنها لجأت إلي لجنة التوفيق المتخصصة دون جدوى ونصت المدعية على القرار المطلوب فيه مخالفة لأحكام الدستور والقانون الذي كفل الحرية الشخصية وحرية العقيدة باعتبار أن مبادئ الشرعية الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع وان منع ظهورها على شاشة التلفزيون لارتدائها الحجاب يعد عدوانا على حقوقها الدستورية خاصة أن هناك العديد من الكوادر النسائية تظهر بالحجاب عند استضافتهن في مختلف البرامج التلفزيونية لفترات قد تكون اكثر من ظهور المذيعة نفسها مما أصابها بأضرار مادية و أدبية وحدها إلى إقامة دعواها الماثلة للحكم لها بطلباتها آنفة البيان :
وقد نظرت المحكمة الدعوى على النحو الثابت بمحاضر الجلسات حيث قدمت المدعية حافظة مستندات أهم ما طويت عليه توصية لجنة التوثيق المختصة وقدمت للإدارة عدة حوافظ أهم ما طويت عليه صورة لائحة نظام العاملين باتحاد الإذاعة والتلفزيون وبيان الأعمال التي كانت تقوم بها قبل وبعد ارتدائها الحجاب ومذكرة للدفاع طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى شكلا لانتفاء القرار الإداري وعدم قبول طلب التعويض لرفعه بغير الطريق الذي رسمه القانون ورفض الدعوى ، وقررت المحكمة إحالة الدعوى إلي هيئة مفوض الدولة لإعداد تقرير بها ، وقد أودعت هيئة المفوضين تقريرها ارتأت فيه الحكم بقبول الدعوى شكلا وبإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب علي ذلك من أثار وبإلزام الإدارة بأن تؤدي إلي المدعية تعويضا عن الأضرار التي أصابتها من جراء القرار المطعون فيه وفقا لما تقدره عدالة المحكمة .
وإذ نظرت الدعوى بجلسات المرافعة علي النحو المبين بمحاضر الجلسات وبجلسة 12/4/2005 قررت المحكمة بإصدار الحكم وفيها صدر ما أودعت مسودته المشتملة علي أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الإطلاع علي الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة ومن حيث أن المدعية تطلب الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار وزير الأعلام السلبي بالامتناع عن ظهورها علي شاشة التلفزيون المصري بالقناة الخامسة وما يترتب علي ذلك من أثار أخصها ظهورها علي الشاشة لتقديم البرامج والأعمال التي كانت تؤديها قبل تحليها برداء الرأس ، و إلزام الإدارة بأن تؤدي لها مبلغا وقدره مليون جنيه تعويضا عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقتما من جراء القرار المطعون فيه ، و إلزام الإدارة المصروفات .
ومن حيث إنه عن الدفع المبدي من جهة الإدارة بعدم قبول الدعوى شكلا لانتفاء القرار الإداري تأسيسا علي أنه من التدابير الخاصة بتنظيم المرفق دون أحداث تغيير في المركز القانوني للمدعية ، فأن ما قررته الجهة الإدارية في مذكرة دفاعها من منع المدعية من الظهور علي شاشة التلفزيون بعد ارتدائها لرداء الرأس اكتفاء بأعداد بعض البرامج دون السماح لها بتقديمها إنما ينطوي علي إنشاء مركز قانوني جديد يرتب أثارا قانونية في موجهتها ومن ثم تكون بصدد قرار أداري مما يتعين معه رفض هذا الدفع ، مع الاكتفاء بذلك في المنطوق عوضا عن الأسباب.
ومن حيث إنه عن شكل طلب الإلغاء فأن القرار المطعون فيه من القرارات السلبية التي لا يتعين الطعن فيها بميعاد معين طالما ظلت حالة الامتناع قائمة ، وإذ استوفت الدعوى سائر أوضاعها الشكلية بالنسبة لطلب الإلغاء فهي مقبولة شكلا.
ومن حيث أن الدعوى أصبحت مهيأة للفصل في موضوعها فمن ثم يغدو طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه غير ذي موضوع .
ومن حيث انه عن موضوع هذا الطلب فان المادة 40 من الدستور المصري الصادر في 11 سبتمبر 1971 تنص على أن : ( المواطنون لدى القانون سواء وهم متساوون في الحقوق والوجبات العامة لا تميز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة ) وتنص المادة 41 من ذات الدستور على أن ( الحرية الشخصية حق طبيعي وهى مضمونة لا تمس .،،)
وننص المادة الثانية من القرار رقم 136 لسنة 2004 الصادر من رئيس مجلس أمناء اتحاد الإذاعة والتلفزيون المضافة إلى لائحة نظام شئون العاملين بالاتحاد بباب الأحكام العامة رقم 101 على أنة: -
يشترط لاستمرار شاغلي وظائف المذيعين ومقدمي البرامج في وظائفهم استمرار توافر الشروط الآتية : -
1-........
2- الظهور اللائق على الشاشة من حيث المظهر في ضوء اجتياز اختبارات شغل الوظيفة ابتداء .
3- ........
4-.........
ومن حيث انه يستفاد مما تقدم أن المشروع الدستوري قد ارتقى بالحرية الشخصية وجعلها حقا طبيعيا وهى مضمونة لا تمس ، وذلك في إطار مبدأ المساواة أمام القانون وكفل تطبيقه على المواطنين كافة باعتباره أساس العدل والحرية والسلام الاجتماعي وعلى تقدير أن الغاية التي يستهدفها تتمثل أصلا في صون حقوق المواطنين وحرياتهم في مواجهة صور التمييز التي تنال أو تقيد ممارستها ، و التي قوامها كل تفرقة أو تقييد أو تفصيل أو استبعاد ينال بصورة تحكمية من الحقوق أو الحريات التي كفلها الدستور أو القانون وذلك سواء بإنكار اصل وجودها أو تعطيل أو انتقاص أثارها بما يحول دون مباشرتها على قدم المساواة الكاملة بين المؤهلين قانونا للانتفاع بها.
يراجع في هذا المعنى : حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 33 / 15 قضائية دستورية بجلسة 2/12/1995 الجريدة الرسمية العدد 51 في 21/12/1995
ومن حيث أن القضاء الإداري قد حرص منذ نشأته الأولي علي الحفاظ علي الحرية الشخصية ، وجعلها ملاك الحياة الإنسانية كلها ، لا تخلقها الشرائع بل تنظمها ولا توجدها القوانين بل توفق بين شتى مناحيها ومختلف توجيهاتها تحقيقا للخير المشترك للجماعة ورعاية للصالح العام فهي لا تتقبل من القيود إلا ما كان هادفا إلى هذه الغاية مستوحيا تلك الأغراض ، ومن ثم فان الحرية الشخصية هي حق أصيل للإنسان وجماع ما في العالم من مزايا وصفات نشأت منذ الخلق الأول وتمشت مع تطور الحياة جنبا إلى جنب فإذا ما نصت عليها الشرائع فإنما لتأكيدها وتنظيمها وقد كفلتها دساتير العالم اجمع ومنها الدستور المصري ، وقررت لها من الضمانات ما تسمو به عن المأرب الشخصية وتنأى بها عن الهوى وتكفل لأبناء البلاد جميعا تمتعهم بحقوقهم الفردية في إطار الخير المشترك للكافة ورعاية الصالح العام.
ويراجع في ذلك : أحكام محكمة القضاء الإداري في الدعاوى أرقام 217/ 4ق بجلسة 8/3/1951 ، 474/ 5ق بجلسة 12/1/1953 234/ 7ق بجلسة 1/2/1954 .
ومن حيث أن القضاء الإداري قد استقر أيضا على أن كل قرار إداري يجب أن يقوم على سبب يبرر إصدارة ، ويدفع الجهة الإدارية إلى التدخل والعمل، وهذا الشرط اكثر لزوما للقرارات التي تمس الحريات الشخصية ويتمثل ركن السبب فيها في أن يكون حقيقيا لا وهميا ولا صوريا وصحيحا مستخلصا استخلاصا سائغا من أصول ثابتة ومنتجة ، وقانونيا بان يتحقق فيه الشروط والصفات الواجب توافرها فيه قانونا.
( ويراجع في ذلك : حكم محكمة القضاء الإداري في الدعوي رقم 869/ 14 ق بجلسة 18/4/1961 ومن حيث أن الحرية الشخصية مكفولة في الدستور والقانون ومن فروعها الأساسية حق الشخص في ارتداء ما يشاء من ملابس دون شريطة ألا يتضمن ذلك الملبس ما يمثل إخلالا بالنظام العام أو ينافى تقاليد المجتمع والأعراف المتفق عليها وبما يقبله الذوق العام ولا يشذ عنة.
ومن حيث انه ولئن كانت مقدمة البرامج تتمتع وفقا للدستور بالحرية الشخصية وما يتفرع عنها من حريتها في ارتداء الملبس للظهور على شاشة التلفزيون إلا أن هذه الحرية ليست طليقة من كل قيد و إنما هي مقيدة بتقاليد المجتمع الأصيلة وعاداته وبطبيعة الوظيفة التي تؤديها ومما تألف وتعارف علية المجتمع وبما لا يخرج عن الاحترام الواجب مراعاته مما يقتضي منها الظهور بالمظهر اللائق على الشاشة .
ومن حيث انه لما تقدم وكان الثابت بالأوراق أن المدعية تشغل وظيفة مذيع ربط ثان بالدرجة الثانية والتي تنتمي طبقا لبطاقة وصف الوظيفة إلى المجموعة النوعية لوظائف المذيعين ومقدمي البرامج وتقتضي شاغلها بعدة واجبات ومسئوليات من بينها الربط بين الفقرات على الهواء مباشرة والسابق إعدادها من مكتبة الأشرطة والتنويه عما يقدم على الشاشة خلال اليوم ، والثابت من الأوراق أن المدعية قدمت العديد من البرامج على شاشة القناة الخامسة وهو ما لم تنكره الإدارة ولم تفقد ثمة شرط من الشروط المقررة لاستمرار شغل وظائف المذيعين ومقدمي البرامج وكان منعها من الظهور على الشاشة بسبب ارتدائها رداء الرأس ، وهو لا يخالف النظام العام ولا يخرج على التقاليد والقيم التي خصها الدستور بالرعاية و أوجب على الكافة مراعاتها ، فان الإدارة بهذا القرار تكون أخطأت التقدير واستبعادها بما ينال بصورة تحكمية من حقوقها على نحو يخل بمبدأ المساواة بين زميلاتها وتطاولت على حريتها الشخصية وهى من الحقوق الدستورية الطبيعية التي لا تمس وهو ما نهى عنه الدستور بما يكون معه القرار الطعين مخالفا لحكم الدستور والقانون وبتعين القضاء بإلغائه.
ومن حيث انه عن الطلب الثاني المتعلق بإلزام الجهة الإدارية بان تؤدى للمدعية مبلغا مقداره مليون جنية تعويضا عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقتها من جراء القرار المطعون فيه.
ومن حيث انه عن الدفع المبدي من الإدارة بعدم قبول طلب التعويض لرفعة بغير الطريق الذي رسمة القانون لعدم تقديم طلب بشانة إلى لجنة التوفيق المختصة فان ذلك مردود علية بان لجوء المدعية إلى لجنة التوفيق المختصة بطلب الإلغاء يغنى عن طلب التعويض بحسبانها منها يستهدفان مدى مشروعية القرار المطعون فيه مما يتعين معه رفض هذا الدفع مع الاكتفاء بذلك في المنطوق عوضا عن الأسباب.
ومن حيث انه وعن الموضوع طلب التعويض فانه قد بات مستقرا على هدي ما استقرت عليه أحكام المحكمة الإدارية العليا انه في حالة إلغاء القرار المطعون فيه فإن ذلك يعد جبرا للأضرار التي حاقت بالمدعية وخير تعويض لها ، وعلى ذلك فانه ليس لها من حق في المطالبة بالتعويض عن الأضرار التي لحقتها من جراء القرار المطعون فيه بعد أن قضت المحكمة بإلغائه على النحو سالف البيان .
ويرجع فى ذلك : حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 3031 ل39 من جلسة 6/8/1995 .أن المدعية والإدارة قد يعتبر كل منهما شق في الدعوى بأنه يتعين إلزامها بالمصاريف مناصفة .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الدعوى شكلا وفى الموضوع بإلغاء قرار وزير الأعلام السلبي بالامتناع من ظهور المدعية على الشاشة التلفزيون بالقناة الخامسة وما يترتب على ذلك من أثار أخصها تمكينها من تقديم برامجها ورفضت ما عدا ذلك من طلبات و ألزمت الإدارة والمدعية المصروفات مناصفة.
منقول
__________________
عبد لله فقير اليه غني به قد ارهقه الدهر وجار عليه ولكنه صامد الي ان يأذن الله له بلقائه لا تنساني بالدعاء بظهر الغيب
أخوكم في الله
المستشار القانوني
محمد السيد احمد الصادق
المحامي بالنقض
وعضو اتحاد المحامين العرب
محكم دولي وعضو الاكاديمية الدولية للتحكيم
( جدو )
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية
الدائرة الثانية
برئاسة السيد الأستاذ المستشار / حمدي خميس محمود نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة.
وعضوية كل من :
السيد الأستاذ المستشار الدكتور / محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة
و السيد الأستاذ المستشار / ماهر نسيم شحاتة نائب رئيس مجلس الدولة
وسكرتارية السيد / طارق عرفة - سكرتير المحكمة
مسودة الحكم الصادر بجلسة 5/7/2005
في الدعوى رقم 1819 لــ 58 قضائية
المقامة من / غادة حسن محمد إبراهيم الطويل
ضد /
1- وزير الأعلام
2- رئيس اتحاد الإذاعة و التلفزيون
3- رئيس مجلس أمناء اتحاد الإذاعة والتلفزيون
4- رئيس القناة الخامسة
الوقائع :
بعريضة ادعت قلم كتاب المحكمة بتاريخ 22/11/2003 أقامت المدعية هذه الدعوى طالبة الحكم بقبولها شكلا وبصفة مستعجلة بوقف وإلغاء قرار الإدارة بالامتناع عن ظهورها على شاشة التلفزيون وفى الموضوع بإلغائه وما ترتب على ذلك من آثار اللزام الإدارة بان تؤدى لها تعويضا مقداره مليون جنية عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقتما من جراء القرار المطعون فيه و إلزام الإدارة المصروفات .
وشرحا للدعوى قالت المدعية إنها تعمل بوظيفة مذيع ربط ثان بالدرجة الثانية وانه على اثر ارتدائها غطاء راس - الحجاب - الزي الإسلامي فوجئت بمنع الإدارة لها من الظهور على شاشة التلفزيون وحرمانها من تقديم برامجها ودون أن ينسب إليها ثمة خطا في هذا الصدد وإنها لجأت إلي لجنة التوفيق المتخصصة دون جدوى ونصت المدعية على القرار المطلوب فيه مخالفة لأحكام الدستور والقانون الذي كفل الحرية الشخصية وحرية العقيدة باعتبار أن مبادئ الشرعية الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع وان منع ظهورها على شاشة التلفزيون لارتدائها الحجاب يعد عدوانا على حقوقها الدستورية خاصة أن هناك العديد من الكوادر النسائية تظهر بالحجاب عند استضافتهن في مختلف البرامج التلفزيونية لفترات قد تكون اكثر من ظهور المذيعة نفسها مما أصابها بأضرار مادية و أدبية وحدها إلى إقامة دعواها الماثلة للحكم لها بطلباتها آنفة البيان :
وقد نظرت المحكمة الدعوى على النحو الثابت بمحاضر الجلسات حيث قدمت المدعية حافظة مستندات أهم ما طويت عليه توصية لجنة التوثيق المختصة وقدمت للإدارة عدة حوافظ أهم ما طويت عليه صورة لائحة نظام العاملين باتحاد الإذاعة والتلفزيون وبيان الأعمال التي كانت تقوم بها قبل وبعد ارتدائها الحجاب ومذكرة للدفاع طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى شكلا لانتفاء القرار الإداري وعدم قبول طلب التعويض لرفعه بغير الطريق الذي رسمه القانون ورفض الدعوى ، وقررت المحكمة إحالة الدعوى إلي هيئة مفوض الدولة لإعداد تقرير بها ، وقد أودعت هيئة المفوضين تقريرها ارتأت فيه الحكم بقبول الدعوى شكلا وبإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب علي ذلك من أثار وبإلزام الإدارة بأن تؤدي إلي المدعية تعويضا عن الأضرار التي أصابتها من جراء القرار المطعون فيه وفقا لما تقدره عدالة المحكمة .
وإذ نظرت الدعوى بجلسات المرافعة علي النحو المبين بمحاضر الجلسات وبجلسة 12/4/2005 قررت المحكمة بإصدار الحكم وفيها صدر ما أودعت مسودته المشتملة علي أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الإطلاع علي الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة ومن حيث أن المدعية تطلب الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار وزير الأعلام السلبي بالامتناع عن ظهورها علي شاشة التلفزيون المصري بالقناة الخامسة وما يترتب علي ذلك من أثار أخصها ظهورها علي الشاشة لتقديم البرامج والأعمال التي كانت تؤديها قبل تحليها برداء الرأس ، و إلزام الإدارة بأن تؤدي لها مبلغا وقدره مليون جنيه تعويضا عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقتما من جراء القرار المطعون فيه ، و إلزام الإدارة المصروفات .
ومن حيث إنه عن الدفع المبدي من جهة الإدارة بعدم قبول الدعوى شكلا لانتفاء القرار الإداري تأسيسا علي أنه من التدابير الخاصة بتنظيم المرفق دون أحداث تغيير في المركز القانوني للمدعية ، فأن ما قررته الجهة الإدارية في مذكرة دفاعها من منع المدعية من الظهور علي شاشة التلفزيون بعد ارتدائها لرداء الرأس اكتفاء بأعداد بعض البرامج دون السماح لها بتقديمها إنما ينطوي علي إنشاء مركز قانوني جديد يرتب أثارا قانونية في موجهتها ومن ثم تكون بصدد قرار أداري مما يتعين معه رفض هذا الدفع ، مع الاكتفاء بذلك في المنطوق عوضا عن الأسباب.
ومن حيث إنه عن شكل طلب الإلغاء فأن القرار المطعون فيه من القرارات السلبية التي لا يتعين الطعن فيها بميعاد معين طالما ظلت حالة الامتناع قائمة ، وإذ استوفت الدعوى سائر أوضاعها الشكلية بالنسبة لطلب الإلغاء فهي مقبولة شكلا.
ومن حيث أن الدعوى أصبحت مهيأة للفصل في موضوعها فمن ثم يغدو طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه غير ذي موضوع .
ومن حيث انه عن موضوع هذا الطلب فان المادة 40 من الدستور المصري الصادر في 11 سبتمبر 1971 تنص على أن : ( المواطنون لدى القانون سواء وهم متساوون في الحقوق والوجبات العامة لا تميز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة ) وتنص المادة 41 من ذات الدستور على أن ( الحرية الشخصية حق طبيعي وهى مضمونة لا تمس .،،)
وننص المادة الثانية من القرار رقم 136 لسنة 2004 الصادر من رئيس مجلس أمناء اتحاد الإذاعة والتلفزيون المضافة إلى لائحة نظام شئون العاملين بالاتحاد بباب الأحكام العامة رقم 101 على أنة: -
يشترط لاستمرار شاغلي وظائف المذيعين ومقدمي البرامج في وظائفهم استمرار توافر الشروط الآتية : -
1-........
2- الظهور اللائق على الشاشة من حيث المظهر في ضوء اجتياز اختبارات شغل الوظيفة ابتداء .
3- ........
4-.........
ومن حيث انه يستفاد مما تقدم أن المشروع الدستوري قد ارتقى بالحرية الشخصية وجعلها حقا طبيعيا وهى مضمونة لا تمس ، وذلك في إطار مبدأ المساواة أمام القانون وكفل تطبيقه على المواطنين كافة باعتباره أساس العدل والحرية والسلام الاجتماعي وعلى تقدير أن الغاية التي يستهدفها تتمثل أصلا في صون حقوق المواطنين وحرياتهم في مواجهة صور التمييز التي تنال أو تقيد ممارستها ، و التي قوامها كل تفرقة أو تقييد أو تفصيل أو استبعاد ينال بصورة تحكمية من الحقوق أو الحريات التي كفلها الدستور أو القانون وذلك سواء بإنكار اصل وجودها أو تعطيل أو انتقاص أثارها بما يحول دون مباشرتها على قدم المساواة الكاملة بين المؤهلين قانونا للانتفاع بها.
يراجع في هذا المعنى : حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 33 / 15 قضائية دستورية بجلسة 2/12/1995 الجريدة الرسمية العدد 51 في 21/12/1995
ومن حيث أن القضاء الإداري قد حرص منذ نشأته الأولي علي الحفاظ علي الحرية الشخصية ، وجعلها ملاك الحياة الإنسانية كلها ، لا تخلقها الشرائع بل تنظمها ولا توجدها القوانين بل توفق بين شتى مناحيها ومختلف توجيهاتها تحقيقا للخير المشترك للجماعة ورعاية للصالح العام فهي لا تتقبل من القيود إلا ما كان هادفا إلى هذه الغاية مستوحيا تلك الأغراض ، ومن ثم فان الحرية الشخصية هي حق أصيل للإنسان وجماع ما في العالم من مزايا وصفات نشأت منذ الخلق الأول وتمشت مع تطور الحياة جنبا إلى جنب فإذا ما نصت عليها الشرائع فإنما لتأكيدها وتنظيمها وقد كفلتها دساتير العالم اجمع ومنها الدستور المصري ، وقررت لها من الضمانات ما تسمو به عن المأرب الشخصية وتنأى بها عن الهوى وتكفل لأبناء البلاد جميعا تمتعهم بحقوقهم الفردية في إطار الخير المشترك للكافة ورعاية الصالح العام.
ويراجع في ذلك : أحكام محكمة القضاء الإداري في الدعاوى أرقام 217/ 4ق بجلسة 8/3/1951 ، 474/ 5ق بجلسة 12/1/1953 234/ 7ق بجلسة 1/2/1954 .
ومن حيث أن القضاء الإداري قد استقر أيضا على أن كل قرار إداري يجب أن يقوم على سبب يبرر إصدارة ، ويدفع الجهة الإدارية إلى التدخل والعمل، وهذا الشرط اكثر لزوما للقرارات التي تمس الحريات الشخصية ويتمثل ركن السبب فيها في أن يكون حقيقيا لا وهميا ولا صوريا وصحيحا مستخلصا استخلاصا سائغا من أصول ثابتة ومنتجة ، وقانونيا بان يتحقق فيه الشروط والصفات الواجب توافرها فيه قانونا.
( ويراجع في ذلك : حكم محكمة القضاء الإداري في الدعوي رقم 869/ 14 ق بجلسة 18/4/1961 ومن حيث أن الحرية الشخصية مكفولة في الدستور والقانون ومن فروعها الأساسية حق الشخص في ارتداء ما يشاء من ملابس دون شريطة ألا يتضمن ذلك الملبس ما يمثل إخلالا بالنظام العام أو ينافى تقاليد المجتمع والأعراف المتفق عليها وبما يقبله الذوق العام ولا يشذ عنة.
ومن حيث انه ولئن كانت مقدمة البرامج تتمتع وفقا للدستور بالحرية الشخصية وما يتفرع عنها من حريتها في ارتداء الملبس للظهور على شاشة التلفزيون إلا أن هذه الحرية ليست طليقة من كل قيد و إنما هي مقيدة بتقاليد المجتمع الأصيلة وعاداته وبطبيعة الوظيفة التي تؤديها ومما تألف وتعارف علية المجتمع وبما لا يخرج عن الاحترام الواجب مراعاته مما يقتضي منها الظهور بالمظهر اللائق على الشاشة .
ومن حيث انه لما تقدم وكان الثابت بالأوراق أن المدعية تشغل وظيفة مذيع ربط ثان بالدرجة الثانية والتي تنتمي طبقا لبطاقة وصف الوظيفة إلى المجموعة النوعية لوظائف المذيعين ومقدمي البرامج وتقتضي شاغلها بعدة واجبات ومسئوليات من بينها الربط بين الفقرات على الهواء مباشرة والسابق إعدادها من مكتبة الأشرطة والتنويه عما يقدم على الشاشة خلال اليوم ، والثابت من الأوراق أن المدعية قدمت العديد من البرامج على شاشة القناة الخامسة وهو ما لم تنكره الإدارة ولم تفقد ثمة شرط من الشروط المقررة لاستمرار شغل وظائف المذيعين ومقدمي البرامج وكان منعها من الظهور على الشاشة بسبب ارتدائها رداء الرأس ، وهو لا يخالف النظام العام ولا يخرج على التقاليد والقيم التي خصها الدستور بالرعاية و أوجب على الكافة مراعاتها ، فان الإدارة بهذا القرار تكون أخطأت التقدير واستبعادها بما ينال بصورة تحكمية من حقوقها على نحو يخل بمبدأ المساواة بين زميلاتها وتطاولت على حريتها الشخصية وهى من الحقوق الدستورية الطبيعية التي لا تمس وهو ما نهى عنه الدستور بما يكون معه القرار الطعين مخالفا لحكم الدستور والقانون وبتعين القضاء بإلغائه.
ومن حيث انه عن الطلب الثاني المتعلق بإلزام الجهة الإدارية بان تؤدى للمدعية مبلغا مقداره مليون جنية تعويضا عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقتها من جراء القرار المطعون فيه.
ومن حيث انه عن الدفع المبدي من الإدارة بعدم قبول طلب التعويض لرفعة بغير الطريق الذي رسمة القانون لعدم تقديم طلب بشانة إلى لجنة التوفيق المختصة فان ذلك مردود علية بان لجوء المدعية إلى لجنة التوفيق المختصة بطلب الإلغاء يغنى عن طلب التعويض بحسبانها منها يستهدفان مدى مشروعية القرار المطعون فيه مما يتعين معه رفض هذا الدفع مع الاكتفاء بذلك في المنطوق عوضا عن الأسباب.
ومن حيث انه وعن الموضوع طلب التعويض فانه قد بات مستقرا على هدي ما استقرت عليه أحكام المحكمة الإدارية العليا انه في حالة إلغاء القرار المطعون فيه فإن ذلك يعد جبرا للأضرار التي حاقت بالمدعية وخير تعويض لها ، وعلى ذلك فانه ليس لها من حق في المطالبة بالتعويض عن الأضرار التي لحقتها من جراء القرار المطعون فيه بعد أن قضت المحكمة بإلغائه على النحو سالف البيان .
ويرجع فى ذلك : حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 3031 ل39 من جلسة 6/8/1995 .أن المدعية والإدارة قد يعتبر كل منهما شق في الدعوى بأنه يتعين إلزامها بالمصاريف مناصفة .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الدعوى شكلا وفى الموضوع بإلغاء قرار وزير الأعلام السلبي بالامتناع من ظهور المدعية على الشاشة التلفزيون بالقناة الخامسة وما يترتب على ذلك من أثار أخصها تمكينها من تقديم برامجها ورفضت ما عدا ذلك من طلبات و ألزمت الإدارة والمدعية المصروفات مناصفة.
منقول
__________________
عبد لله فقير اليه غني به قد ارهقه الدهر وجار عليه ولكنه صامد الي ان يأذن الله له بلقائه لا تنساني بالدعاء بظهر الغيب
أخوكم في الله
المستشار القانوني
محمد السيد احمد الصادق
المحامي بالنقض
وعضو اتحاد المحامين العرب
محكم دولي وعضو الاكاديمية الدولية للتحكيم
( جدو )