من درر شيخ الإســـــــــــــــــــلامـ إبــــــــــــن تيمية رحمه الله تعالى
قال شيخ الإســــــــــلام إ بـــــــــن تيمية رحمه الله:
فالدعوة والعبادة اسم جامع لغاية الحب لله وغاية الذل له، فمن ذل له من غير حب لم يكن عابدا، بل يكون هو المحبوب المطلق، فلا
يحب شيئًا إلا له، ومن أشرك غيره في هذه لم يجعل له حقيقة الحب، فهو مشرك؛ وإشراكه يوجب نقص الحقيقة كقوله تعالى: }وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللهِ{[البقرة: 165
والحب
يوجب الذل والطاعة، والإسلام: أن يستسلم لله لا لغيره فمن استسلم له
ولغيره فهو مشرك، ومن لم يستسلم له فهو متكبر، وكلاهما ضد الإسلام.
والقلب لا يصلح إلا بعبادة الله وحده، وتحقيق هذا تحقيق الدعوة النبوية
ومن
المحبة الدعوة إلى الله، وهي الدعوة إلى الإيمان به وبما جاءت به رسله
بتصديقهم فيما أخبروا به وطاعتهم بما أمروا به فالدعوة إليه من الدعوة إلى
الله تعالى وما أبغضه الله ورسوله، فمن الدعوة إلى الله النهي عنه، ومن
الدعوة إلى الله أن يفعل العبد ما أحبه الله ورسوله، ويترك ما أبغضه الله
ورسوله من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة بما أخبر به الرسول r
من أسماء الله وصفاته ومن سائر المخلوقات، كالعرش والكرسي، والملائكة والأنبياء، وأن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما.
والدعوة إلى الله واجبة على من اتبع الرسول
وهم أمته، وقد وصفهم الله بذلك كقوله تعالى: }الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ{ إلى
قوله: }الْمُفْلِحُونَ{[البقرة: 157] فهذه في حقه
وفي حقهم قوله: }كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ{[آل عمران: 110]، وقوله: }وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ{[التوبة: 71].
وهذا الواجب واجب على مجموع الأمة، وهو فرض كفاية بسقط عن البعض بالبعض كقوله: }وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ{[آل
عمران: 104] فجميع الأمة تقوم مقامه في الدعوة: فبهذا إجماعهم حجة، وإذا
تنازعوا في شيء ردوه إلى الله ورسوله، فإذا تقرر هذا فالواجب على كل مؤمن
أن يحب ما أحب الله ورسوله: وأن يبغض ما أبغضه الله ورسوله مما دل عليه في
كتابه، فلا يجوز لأحد أن يجعل الأصل في الدين لشخص إلا لرسول الله
r ولا لقول إلا لكتاب الله عز وجل.
ومن نصب شخصا كائنا من كان فوالى وعادي على موافقته في القول والفعل فهو }إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا{[الأنعام:
159] وإذا تفقه الرجل وتأدب بطريقة قوم المؤمنين مثل: اتباع الأئمة
والمشايخ، فليس له أن يجعل قدوته وأصحاب هم العيار، فيوالي من وافقهم
ويعادي من خالفهم، فينبغي للإنسان أن يعود نفسه التفقه الباطن في قلبه
والعمل به، فهذا زاجر، وكمائن القلوب تظهر عند المحن.
وليس لأحد أن يدعو إلى مقالة أو يعتقدها لكونها قول أصحابه، ولا يناجز عليها بل لأجل أنها مما أمر الله به ورسوله؛ أو أخبر الله به
ورسوله؛ لكون ذلك طاعة لله ورسوله صل الله عليه وسلم.
وينبغي للداعي أن يقدم فيما استدلوا به من القرآن فإنه نور وهدى، ثم يجعل إمام الأئمة رسول الله صل الله عليه وسلم ثم كلام الأئمة..
[المجموع: 20/ 6].
من درر شيخ الإســـــــــــــــــــلامـ إبــــــــــــن تيمية رحمه الله تعالى