الفرق بين شرط التحكيم ومشارطة التحكيم
ويقصد بشرط التحكيم الشرط الذي يرد في العقد الاصلي (بيع مثلا) بان اي خلاف ينشأ في المستقبل عن هذا العقد يحال إلى التحكيم. ويستوي ان يرد هذا الشرط في أي مكان من العقد (بدايته أو نهايته) أو أي مكان آخر بينهما، إلا إذا تبين من الشرط انه يقصد به منازعات معينة ناشئة عن العقد وليس جميعها. ومثال ذلك ان يبرم صاحب العمل (أ) مقاولة بناء مع المقاول (ب)، ويقسم العقد إلى قسمين: احدهما يتعلق بتنفيذ الأعمال والثاني بالكفالات وصيانة الأعمال بعد إنجازها، فيرد شرط التحكيم تحت باب القسم الأول أو الثاني مما يفهم منه انه خاص بذلك القسم الآخر دون الآخر.
ويلاحظ في شرط التحكيم انه يتعلق بنزاعات مستقبلية محتملة وليس بنزاعات قائمة. وقد يقع مثل هذا النزاع فعلا فيحال إلى التحكيم، وقد لا يقع فلا يعمل بشرط التحكيم بداهة. ويعتبر من قبيل شرط التحكيم أيضا، الاتفاق اللاحق على إبرام العقد بإحالة النزاعات التي ستنجم عن ذلك العقد إلى التحكيم، ولكن قبل وقوع أي من تلك النزاعات. ومثال ذلك ان يبرم (أ) عقد توريد سلع مع (ب) لا يرد فيه شرط تحكيم. وأثناء تنفيذ العقد ولكن قبل وقوع أي نزاع، يعرض احدهما على الآخر تسوية المنازعات المستقبلية الناشئة عن العقد إلى التحكيم فيوافق الآخر على ذلك. في هذه الحالة يأخذ اتفاق التحكيم اللاحق حكم شرط التحكيم من حيث انه يتعلق بنزاع مستقبلي محتمل.
[B]أما مشارطة التحكيم، فتفترض مبدئيا، عدم وجود شرط تحكيم في العقد ويقع النزاع بين طرفي العقد. فبدلا من اللجوء للقضاء، يتفقان على إحالته للتحكيم، ونكون هنا في إطار ما يسمى بمشارطة التحكيم. فالفرق ما بين شرط التحكيم ومشارطة التحكيم اذن، هو ان الأول يتعلق بنزاع مستقبلي محتمل، في حين تتعلق المشارطة بنزاع أكيد وقع فعلا. ويفترض في الحالة الأخيرة ان يتضمن الاتفاق ماهية النزاع الذي سيعرض على هيئة التحكيم. ومن الناحية العملية، تبدأ مشارطة التحكيم بحيثيات تتعلق بالنزاع وطبيعته، ومن ثم الإشارة إلى اتفاق الطرفين على إحالته للتحكيم مع بيان أسماء المحكمين.
وتبرز أهمية التفرقة بين شرط ومشارطة التحكيم في ان قوانين بعض الدول العربية تطلبت في المشارطة بيان ماهية المسائل التي يشملها التحكيم وإلا كان الاتفاق باطلا. ومن هذه القوانين القانون المصري والعماني. والنص على ذلك لا يعني، ومن وجهة نظرنا، ضرورة بيان تفصيلات النزاع، وانما يكفي ذكره بشكل إجمالي. بل ليس هناك ما يمنع من إعطاء الطرف الثاني في النزاع الحق في الاتفاق بان يتقدم بدعوى متقابلة أو حتى أصلية ناشئة عن العقد. ومثال ذلك ان يبيع (أ) سلعة إلى (ب)، فلا يدفع الأخير الثمن له. ويتفقان بموجب مشارطة التحكيم على إحالة نزاعهما الخاص بالثمن إلى التحكيم. وفي الوقت ذاته يدعي (ب) بان البضاعة غير مطابقة للمواصفات، ويريد ان يطالب بالتعويض عن ذلك، فتعطي مشارطة التحكيم (ب) الحق بإحالة هذا النزاع أيضا إلى التحكيم أمام ذات الهيئة. في هذا المثال تضمنت المشارطة نزاعين: احدهما من جانب (أ) خاص بالثمن، والثاني من جانب (ب) خاص بعدم المطابقة مع ما يترتب على ذلك من حقوق لـ (ب) حسب القانون الوطني الواجب التطبيق على النزاع. وابعد من ذلك، فان قصر التحكيم في المشارطة على مطالبة (أ) بالثمن، لا يمنع (ب) بداهة من إثارة كافة الدفوع الناشئة عن العقد أو القانون لرد دعوى (أ) كليا أو جزئيا، حتى ولو لم تنص المشارطة على ذلك، مثل الدفع بالوفاء بالثمن، أو المقاصة، أو القوة القاهرة، أو الدفع بعدم التنفيذ، أو الاحتباس، كل ذلك شريطة أن لا يتضمن الدفع مطالبة تؤدي إلى الحكم لـ (ب)، بما يزيد على رد دعوى (أ) في مواجهته.
[B]ومن جهة أخرى، تجدر التفرقة بين مشارطة التحكيم واتفاق التحكيم اللاحق على نشوء النزاع المستند أساسا لشرط التحكيم. فقد يكون هناك شرط تحكيم، وبعد وقوع النزاع، يتفق الفريقان على أحكام أخرى تتعلق بتسوية النزاع تحكيما، مثل تحديد طبيعة النزاع وتشكيل هيئة التحكيم، ومدة التحكيم، وصلاحيات هيئة التحكيم. في هذه الحالة، لا نكون أمام مشارطة التحكيم، وانما أمام اتفاق تحكيم آخر لا يجبر الطرفان أصلا على إبرامه، بل كان يكفي شرط التحكيم لهذا الأمر. ويترتب على ذلك القول ان الاتفاق الجديد لا يشترط فيه ما يتوجب في المشارطة، من حيث ضرورة تحديد طبيعة النزاع على النحو المذكور سابقا.
كما تجدر التفرقة بين مشارطة التحكيم وبين ما يمكن تسميته بتحديد مهمة هيئة التحكيم (أو مرجعية هيئة التحكيم) في بعض الأنظمة التحكيمية الدولية، وهو ما يطلق عليه تجاوزا بمشارطة التحكيم. فغرفة التجارة الدولية مثلا، تطلب من هيئة التحكيم قبل مباشرة مهمتها ان تعد وثيقة يطلق عليها بـ ( Terms of Reference). وهذه الوثيقة يتم إعدادها بعد تقديم المحتكم لطلباته والمحتكم ضده لرده على الطلبات والدعوى المتقابلة، ان وجدت، ورد المحتكم على هذه الدعوى المتقابلة. في هذا الوقت، يتكون لدى هيئة التحكيم فكرة أولية عن طبيعة النزاع، فتقوم بإعداد تلك الوثيقة التي تتضمن ملخصا لوقائع النزاع وطلبات الطرفين، ومن ثم للمسائل (الأولية) التي ستفصل بها الهيئة في ضوء ذلك، والتي غالبا ما تكون بصيغة أسئلة أو استفسارات يتوجب على الهيئة ان تفصل بها. وبعد ذلك تعرضها الهيئة على طرفي النزاع للتوقيع، ومن ثم توقعها هيئة التحكيم. وكما هو واضح، فان مرجعية هيئة التحكيم تختلف عن مشارطة التحكيم من حيث ان الأولى تعد من قبل هيئة التحكيم، في حين تعد الثانية من طرفي النزاع، وان كان كل منهما يلي نشوء النزاع. كما ان سند المرجعية لا علاقة له بالإحالة للتحكيم بل هو لاحق لهذه الإحالة، التي تستند اما إلى شرط تحكيم أو مشارطة تحكيم، في حين ان المشارطة هي أساس الإحالة للتحكيم.
منقوووووول
ويقصد بشرط التحكيم الشرط الذي يرد في العقد الاصلي (بيع مثلا) بان اي خلاف ينشأ في المستقبل عن هذا العقد يحال إلى التحكيم. ويستوي ان يرد هذا الشرط في أي مكان من العقد (بدايته أو نهايته) أو أي مكان آخر بينهما، إلا إذا تبين من الشرط انه يقصد به منازعات معينة ناشئة عن العقد وليس جميعها. ومثال ذلك ان يبرم صاحب العمل (أ) مقاولة بناء مع المقاول (ب)، ويقسم العقد إلى قسمين: احدهما يتعلق بتنفيذ الأعمال والثاني بالكفالات وصيانة الأعمال بعد إنجازها، فيرد شرط التحكيم تحت باب القسم الأول أو الثاني مما يفهم منه انه خاص بذلك القسم الآخر دون الآخر.
ويلاحظ في شرط التحكيم انه يتعلق بنزاعات مستقبلية محتملة وليس بنزاعات قائمة. وقد يقع مثل هذا النزاع فعلا فيحال إلى التحكيم، وقد لا يقع فلا يعمل بشرط التحكيم بداهة. ويعتبر من قبيل شرط التحكيم أيضا، الاتفاق اللاحق على إبرام العقد بإحالة النزاعات التي ستنجم عن ذلك العقد إلى التحكيم، ولكن قبل وقوع أي من تلك النزاعات. ومثال ذلك ان يبرم (أ) عقد توريد سلع مع (ب) لا يرد فيه شرط تحكيم. وأثناء تنفيذ العقد ولكن قبل وقوع أي نزاع، يعرض احدهما على الآخر تسوية المنازعات المستقبلية الناشئة عن العقد إلى التحكيم فيوافق الآخر على ذلك. في هذه الحالة يأخذ اتفاق التحكيم اللاحق حكم شرط التحكيم من حيث انه يتعلق بنزاع مستقبلي محتمل.
[B]أما مشارطة التحكيم، فتفترض مبدئيا، عدم وجود شرط تحكيم في العقد ويقع النزاع بين طرفي العقد. فبدلا من اللجوء للقضاء، يتفقان على إحالته للتحكيم، ونكون هنا في إطار ما يسمى بمشارطة التحكيم. فالفرق ما بين شرط التحكيم ومشارطة التحكيم اذن، هو ان الأول يتعلق بنزاع مستقبلي محتمل، في حين تتعلق المشارطة بنزاع أكيد وقع فعلا. ويفترض في الحالة الأخيرة ان يتضمن الاتفاق ماهية النزاع الذي سيعرض على هيئة التحكيم. ومن الناحية العملية، تبدأ مشارطة التحكيم بحيثيات تتعلق بالنزاع وطبيعته، ومن ثم الإشارة إلى اتفاق الطرفين على إحالته للتحكيم مع بيان أسماء المحكمين.
وتبرز أهمية التفرقة بين شرط ومشارطة التحكيم في ان قوانين بعض الدول العربية تطلبت في المشارطة بيان ماهية المسائل التي يشملها التحكيم وإلا كان الاتفاق باطلا. ومن هذه القوانين القانون المصري والعماني. والنص على ذلك لا يعني، ومن وجهة نظرنا، ضرورة بيان تفصيلات النزاع، وانما يكفي ذكره بشكل إجمالي. بل ليس هناك ما يمنع من إعطاء الطرف الثاني في النزاع الحق في الاتفاق بان يتقدم بدعوى متقابلة أو حتى أصلية ناشئة عن العقد. ومثال ذلك ان يبيع (أ) سلعة إلى (ب)، فلا يدفع الأخير الثمن له. ويتفقان بموجب مشارطة التحكيم على إحالة نزاعهما الخاص بالثمن إلى التحكيم. وفي الوقت ذاته يدعي (ب) بان البضاعة غير مطابقة للمواصفات، ويريد ان يطالب بالتعويض عن ذلك، فتعطي مشارطة التحكيم (ب) الحق بإحالة هذا النزاع أيضا إلى التحكيم أمام ذات الهيئة. في هذا المثال تضمنت المشارطة نزاعين: احدهما من جانب (أ) خاص بالثمن، والثاني من جانب (ب) خاص بعدم المطابقة مع ما يترتب على ذلك من حقوق لـ (ب) حسب القانون الوطني الواجب التطبيق على النزاع. وابعد من ذلك، فان قصر التحكيم في المشارطة على مطالبة (أ) بالثمن، لا يمنع (ب) بداهة من إثارة كافة الدفوع الناشئة عن العقد أو القانون لرد دعوى (أ) كليا أو جزئيا، حتى ولو لم تنص المشارطة على ذلك، مثل الدفع بالوفاء بالثمن، أو المقاصة، أو القوة القاهرة، أو الدفع بعدم التنفيذ، أو الاحتباس، كل ذلك شريطة أن لا يتضمن الدفع مطالبة تؤدي إلى الحكم لـ (ب)، بما يزيد على رد دعوى (أ) في مواجهته.
[B]ومن جهة أخرى، تجدر التفرقة بين مشارطة التحكيم واتفاق التحكيم اللاحق على نشوء النزاع المستند أساسا لشرط التحكيم. فقد يكون هناك شرط تحكيم، وبعد وقوع النزاع، يتفق الفريقان على أحكام أخرى تتعلق بتسوية النزاع تحكيما، مثل تحديد طبيعة النزاع وتشكيل هيئة التحكيم، ومدة التحكيم، وصلاحيات هيئة التحكيم. في هذه الحالة، لا نكون أمام مشارطة التحكيم، وانما أمام اتفاق تحكيم آخر لا يجبر الطرفان أصلا على إبرامه، بل كان يكفي شرط التحكيم لهذا الأمر. ويترتب على ذلك القول ان الاتفاق الجديد لا يشترط فيه ما يتوجب في المشارطة، من حيث ضرورة تحديد طبيعة النزاع على النحو المذكور سابقا.
كما تجدر التفرقة بين مشارطة التحكيم وبين ما يمكن تسميته بتحديد مهمة هيئة التحكيم (أو مرجعية هيئة التحكيم) في بعض الأنظمة التحكيمية الدولية، وهو ما يطلق عليه تجاوزا بمشارطة التحكيم. فغرفة التجارة الدولية مثلا، تطلب من هيئة التحكيم قبل مباشرة مهمتها ان تعد وثيقة يطلق عليها بـ ( Terms of Reference). وهذه الوثيقة يتم إعدادها بعد تقديم المحتكم لطلباته والمحتكم ضده لرده على الطلبات والدعوى المتقابلة، ان وجدت، ورد المحتكم على هذه الدعوى المتقابلة. في هذا الوقت، يتكون لدى هيئة التحكيم فكرة أولية عن طبيعة النزاع، فتقوم بإعداد تلك الوثيقة التي تتضمن ملخصا لوقائع النزاع وطلبات الطرفين، ومن ثم للمسائل (الأولية) التي ستفصل بها الهيئة في ضوء ذلك، والتي غالبا ما تكون بصيغة أسئلة أو استفسارات يتوجب على الهيئة ان تفصل بها. وبعد ذلك تعرضها الهيئة على طرفي النزاع للتوقيع، ومن ثم توقعها هيئة التحكيم. وكما هو واضح، فان مرجعية هيئة التحكيم تختلف عن مشارطة التحكيم من حيث ان الأولى تعد من قبل هيئة التحكيم، في حين تعد الثانية من طرفي النزاع، وان كان كل منهما يلي نشوء النزاع. كما ان سند المرجعية لا علاقة له بالإحالة للتحكيم بل هو لاحق لهذه الإحالة، التي تستند اما إلى شرط تحكيم أو مشارطة تحكيم، في حين ان المشارطة هي أساس الإحالة للتحكيم.
منقوووووول