[center]هل يجوز المشاركة في التصويت للرسول صلى الله عليه وسلم في المواقع العالَمية ؟
السؤال:
هل
يجوز التصويت الإلكتروني للرسول صلى الله عليه وسلم في أحد المواقع
العالمية الذي يطرح التصويت بغرض اختيار أفضل رجل في التاريخ ؟ . وجزاكم
الله خيراً ونفع بكم .
الجواب :
الحمد لله
أولاً:
ذهب غير واحد من أهل العلم المعاصرين إلى عدم جواز المشاركة في
التصويتات الإلكترونية لاختيار الرسول الله عليه وسلم كأفضل وأعظم شخصية في
التاريخ ،
ومجمل أسباب المنع من المشاركة :
1. أن النبي صلى الله عليه وسلم هو سيد
ولد آدم ولا يمكن أن يقارَن بغيره من الناس ، وأن من اختاره الله تعالى
واصطفاه على العالَمين لا مجال للتصويت على اصطفائه وأفضليته .
2. أن الشخصيات التي توضع للاختيار بينها هم كفار
وملاحدة وزنادقة في غالبهم ، ويعد ذِكر النبي صلى الله عليه وسلم بينهم
انتقاصاً من قدره ، فالمشاركة في الاختيار مشاركة في مهزلة انتقاص من مقام
النبي الكريم صلى الله عليه وسلم .
3. أن غالب مستخدمي الإنترنت في العالَم هم من
غير المسلمين ، وغالب هؤلاء لن يصوِّتوا لاختيار النبي صلى الله عليه وسلم ،
بل قد يتعمدون وضعه في ذيل القائمة مما يسبب انتكاسة عند عوام المسلمين
والذين يعلقون آمالاً وأوهاماً على مثل هذه التصويتات ، وفي حال مقاطعتنا
لهذه التصويتات نكون قطعنا الطريق على الراغبين الانتقاص من قدر النبي
الكريم صلى الله عليه وسلم ، بل يجب على المسلمين رفع شكوى على تلك الموقع
لمجرد ذِكرهم لنبينا صلى الله عليه وسلم مع حثالات الأمم .
4. أن بعض المواقع الإلكترونية تبحث عن الشهرة
وتريد الانتفاع المادي من وراء دخول المسلمين – وغيرهم – لمواقعهم ، وكلما
كان الداخلون لتلك المواقع أكثر استطاعوا الحصول من شركات تجارية على
دعايات لها في مواقعهم تلك ، هذا عدا عما يمكن أن يكون في تلك المواقع من
مواد ضارة ومفسدة للدِّين والخلُق .
5. أن من شأن إعطاء فرصة الاختيار بين شخصيات
تاريخية ومؤثرة مع النبي صلى الله عليه وسلم ، من شأن ذلك أن يفتح الفرصة
للطعن بالنبي صلى الله عليه وسلم وسبِّه وشتمه ، والمخايرة بين الأنبياء قد
جاء النهي الصريح عنها لما قد يؤدي بالمتخايرين لازدراء نبي الدين الآخر
فيقع فاعل ذلك في الكفر ، فأولى أن يُمنع هذا بين نبي ومن هم دونه من غير
المسلمين.
قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله - :
"المخايَرة إذا وقعت بين أهل دينين لا يؤمن أن يَخرج أحدهما إلى الازدراء بالآخر فيُفضي إلى الكفر". انتهى من" فتح الباري " ( 6 / 446 ) .
6. أن احتمال الكذب والتزوير واردان من أولئك
القوم القائمين على تلك المواقع ، فيكون التصويت لصالح الرسول صلى الله
عليه وسلم عبثاً والحال هو هذا .
وقد أفتى الشيخ عبد العزيز آل الشيخ – مفتى السعودية – بالمنع من المشاركة في التصويت ، وكان مما قاله :
محمد سيد ولد آدم ، ولا يمكن أن يقارن بأحدٍ من الخَلق ، ولا يجوز التصويت ؛
فهو نقص في حق الرسول عليه الصلاة والسلام ، كما أنه عمل خطأ كله من
الأصل ، فهذا محمد نبي الله أفضل الخَلق على الإطلاق ، كما أنه أفضل
الأنبياء ، ولا يجوز لأصحاب المواقع الالكترونية التعامل مع هذه التصويتات
.انتهى من" جريدة المدينة " ، السبت 6 / 2 / 1431 هـ ، 21 / 1 / 2010 م ،
العدد ( 17074 ) .
وقال الدكتور ابراهيم الحمود - الأستاذ بالمعهد العالي للقضاء - :
"هذا النوع من التصويت في نظري أنه نوع من العبث وصرف الأنظار عما
هو أهمّ ، ومحمد صلى الله عليه وسلم لا يمكن أن يوضع في معادلة مع سائر
البشر ؛ فهو النبي المعصوم ، وله خصائص ليست لغيره من الناس ، ولا أحد من
المسلمين يشكّ في فضله على هذه الأمة ، وقد يؤدي هذا التصويت إلى الإساءة
إليه من غير المسلمين ، وهو الذي يقصده أعداء الاسلام من هذه الأفكار التي
تبث بين فترة وأخرى ، ومقام النبي صلى الله عليه وسلم أكبر من أن يَدخل في
مثل هذه المنظومة ، وقد أدَّبه ربه فأحسن تأديبه ، وشرَّفه بالرسالة ،
وهو سيد الأنبياء والمرسلين ، ومَن أنكر ذلك فهو مكابر معاند فكيف يخضع
للتصويت ؟ سبحانك هذا بهتان عظيم ، فالحذر الحذر ممن يدسّ السّم في العسل
".انتهى من" جريدة المدينة " ، السبت 5 / 2 / 1431 هـ ، 20 / 1 / 2010 م ،
العدد ( 17073 ) .
ثانياً:
نقول لأصحاب العواطف الطيبة تجاه نبيهم صلى الله عليه وسلم :
إنكم تُشكرون على ما تبدونه من محبة تميز نبيكم صلى الله عليه وسلم
على العالَمين في مواقع أولئك الكفَّار : لكننا نريد منكم أن تعبِّروا عن
محبتكم لنبيكم صلى الله عليه وسلم بأفضل من هذا بمراحل كثيرة ، وذلك أن
تلتزموا سنَّته في هديكم الظاهر ، وأن تستقيموا على شريعته ، وأن تتخلقوا
بأخلاقه ، فلا يكون بينكم ولا منكم من يأكل الربا ، ولا من يأكل أموال
اليتامى ، ولا من يكون تاركاً للصلاة ، ولا عاقّاً لوالديه ، ولا قاطعاً
لرحمِه ، وأن يصلِّي كصلاة نبيِّه صلى الله عليه وسلم ، وأن يحجَّ كحجِّه ،
وبمثل هذا – وما يماثله – نعبِّر عن صدق محبتنا لنبينا صلى الله عليه
وسلم ، ونكون دعاة لهذا الدين بأفعالنا وسلوكنا قبل أن ندعو بألسنتنا .
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب