نشر أسباب الحكم بعدم دستورية قانونى إنشاء المحاكم الاقتصادية ووضع حد أقصى للزيادة السنوية للمعاشات.. المحكمة فى حيثيات القضيتين تؤكد انتفاء مبدأ المساواة
الأحد، 5 أغسطس 2012 - 16:56
مستشار ماهر البحيرى رئيس المحكمة الدستورية العليا
كتب إبراهيم قاسم
قضت المحكمة الدستورية العليا برئاسة المستشار ماهر البحيرى فى جلستها المنعقدة اليوم الأحد، رفض الطعن المقام بعدم دستورية المادتين 6، 11 من قانون إنشاء المحاكم الاقتصادية الصادر بالقانون رقم 120 لسنة 2008 بشأن اختصاص الدوائر الاستئنافية فى المحاكم الاقتصادية دون غيرها بالنظر فى كافة المنازعات والدعاوى، إذا جاوزت قيمتها خمسة ملايين جنيه، والطعن عليها بطريق النقض.
وقالت المحكمة فى حيثيات حكمها، بأن المشرع قد أعمل سلطته التقديرية فى شأن التنظيم الاجرائى للخصومة فى المنازعات والدعاوى التى تختص المحاكم الاقتصادية بنظرها، بأنها وضعت للحماية القضائية للمتقاضين أمامها نظاماً للتداعى يقوم على أساس قيمة المنازعة، بحيث تعرض الدعاوى التى لا تجاوز قيمتها خمسة ملايين جنيه على الدوائر الابتدائية، وأجاز استئناف الأحكام الصادرة منها أمام الدوائر الاستئنافية، فى حين تعرض الدعاوى التى تجاوز هذه القيمة ابتداء على الدوائر الاستئنافية، وأجاز الطعن فى الأحكام الصادرة منها أمام محكمة النقض، فإذا قضت بنقض الحكم المطعون فيه، حكمت فى موضوع الدعوى، ولو كان الطعن لأول مرة، وذلك إعمالاً لنص الفقرة الأخيرة من المادة (12) من قانون إنشاء المحاكم الاقتصادية المشار إليه، مما مؤداه ربط هذا التنظيم الإجرائى للخصومة فى مجملة بالغايات التى استهدفها المشرع من هذا القانون، وتتمثل فى تحقيق المصلحة العامة عن طريق إقامة قضاء متخصص فى نظر المنازعات ذات الطابع الاقتصادى وما يستلزمه ذلك من حسم هذه المنازعات بالسرعة التى تتفق مع طبيعة النشاط الاقتصادى الذى يعتبر الزمن عنصراً جوهرياً فيه، وعاملاً أساسياً لاستقرار المراكز القانونية المتعلقة بهذا النشاط المهم مع عدم الإخلال ـ فى الوقت ذاته ـ بكفالة الضمانات الأساسية لحق التقاضى.
وقد تم وضع هذا التنظيم الإجرائى وفق أسس موضوعية لا تقيم فى مجال تطبيقها تمييزاً منهياً عنه بين المخاطبين بها، بما يتفق مع سلطة المشرع فى المفاضلة بين أكثر من نمط لتنظيم إجراءات التقاضى، دون التقيد بقالب جامد يحكم إطار هذا التنظيم، ومن ثم تكون المغايرة التى اتبعها المشرع فى تنظيمه لاجراءات التقاضى أمام المحاكم الاقتصادية على أساس قيمة المنازعة ـ باعتبارها تعكس أهميتها النسبية ـ قائمة على أسس مبررة تستند إلى واقع مختلف يرتبط بالأغراض المشروعة التى توخاها، وبالتالى تنتفى قالة الإخلال بمبدأ المساواة أو تقييد حق التقاضى، ولا تكون النصوص المطعون فيها مخالفة لأحكام المادتين (7، 21) من الإعلان الدستورى أو أى أحكام أخرى فى هذا الإعلان.
وعلى جانب آخر، قضت المحكمة الدستورية العليا بذات الجلسة برئاسة المستشار ماهر البحيرى رئيس المحكمة بعدم دستورية ما نص عليه البند (2) من الفقرة الثانية من المادة الأولى من القوانين أرقام 19 لسنة 2001، 150 لسنة 2002، 91 لسنة 2003 بزيادة المعاشات من أن تكون الزيادة فى المعاش بحد أقصى ستين جنيهاً شهرياً مع تحديد اليوم التالى لنشر هذا الحكم تاريخاً لإعمال أثره.
وقالت المحكمة فى أسباب حكمها أن الهدف من منح العاملين بالدولة علاوة خاصة بنسبة 10% من الأجر الأساسى لكل منهم فى السنوات 2001، 2002، 2003 ـ على نحو ما نطقت به الأعمال التحضيرية ـ هو زيادة دخولهم بما يكفل مواجهة متطلبات وأعباء المعيشة، وكذلك بالنسبة إلى زيادة دخول أصحاب المعاشات والمستحقين عنهم بحسبانهم الفئة الأكثر احتياجاً للرعاية، بيد أن المشرع وضع فى نصوص قوانين زيادة المعاشات حداً أقصى لها لا يجاوز ستين جنيهاً، فى حين أطلق الحد أقصى لقيمة العلاوات الخاصة التى منحت للعاملين بالدولة بالرغم من وحدة الهدف فى إصدار هذه القوانين جميعها، وهو معاونة الفئتين معاً على مواجهة أعباء المعيشة المتزايدة نتيجة الغلاء، وارتفاع أسعار السلع والخدمات، وكان الأولى بالمشرع أن يطلق الحد أقصى للزيادة التى قررها لأصحاب المعاشات حتى يحفظ لهم كرامتهم، ويحميهم من العوز ـ وإذ تنكب المشرع هذا الطريق وجاوز نطاق سلطته التقديرية التى يملكها فى مجال تنظيم الحقوق بتقريره الزيادة فى المعاشات مع وضع حد أقصى لها، فإنه يكون قد أهدر الحق فى المعاش على النحو الذى يكفل للمستفيدين منه حياة كريمة، كما أن الوسيلة التى لجأ إليها المشرع فى منح هذه العلاوة لا ترتبط بالهدف الذى أعلنه بعلاقة منطقية تبرره، فضلاً عن مخالفته مبدأ المساواة، مما تكون معه النصوص المطعون فيها مخالفة لحكم المادة (7) من الإعلان الدستورى.
وأوضحت المحكمة أنه تقديراً منها للآثار المالية التى ستترتب على الأثر الرجعى للقضاء بعدم دستورية النصوص المطعون فيها، فإنها تقرر إعمال الرخصة المخولة لها بنص المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا، وتحدد اليوم التالى لنشر هذا الحكم فى الجريدة الرسمية تاريخاً لسريانه، وذلك دون إخلال باستنفاده المدعى من ذلك الحكم.
موضوعات متعلقة
المحكمة الدستورية العليا تؤيد صحة قانون إنشاء المحاكم الاقتصادية
الأحد، 5 أغسطس 2012 - 16:56
مستشار ماهر البحيرى رئيس المحكمة الدستورية العليا
كتب إبراهيم قاسم
قضت المحكمة الدستورية العليا برئاسة المستشار ماهر البحيرى فى جلستها المنعقدة اليوم الأحد، رفض الطعن المقام بعدم دستورية المادتين 6، 11 من قانون إنشاء المحاكم الاقتصادية الصادر بالقانون رقم 120 لسنة 2008 بشأن اختصاص الدوائر الاستئنافية فى المحاكم الاقتصادية دون غيرها بالنظر فى كافة المنازعات والدعاوى، إذا جاوزت قيمتها خمسة ملايين جنيه، والطعن عليها بطريق النقض.
وقالت المحكمة فى حيثيات حكمها، بأن المشرع قد أعمل سلطته التقديرية فى شأن التنظيم الاجرائى للخصومة فى المنازعات والدعاوى التى تختص المحاكم الاقتصادية بنظرها، بأنها وضعت للحماية القضائية للمتقاضين أمامها نظاماً للتداعى يقوم على أساس قيمة المنازعة، بحيث تعرض الدعاوى التى لا تجاوز قيمتها خمسة ملايين جنيه على الدوائر الابتدائية، وأجاز استئناف الأحكام الصادرة منها أمام الدوائر الاستئنافية، فى حين تعرض الدعاوى التى تجاوز هذه القيمة ابتداء على الدوائر الاستئنافية، وأجاز الطعن فى الأحكام الصادرة منها أمام محكمة النقض، فإذا قضت بنقض الحكم المطعون فيه، حكمت فى موضوع الدعوى، ولو كان الطعن لأول مرة، وذلك إعمالاً لنص الفقرة الأخيرة من المادة (12) من قانون إنشاء المحاكم الاقتصادية المشار إليه، مما مؤداه ربط هذا التنظيم الإجرائى للخصومة فى مجملة بالغايات التى استهدفها المشرع من هذا القانون، وتتمثل فى تحقيق المصلحة العامة عن طريق إقامة قضاء متخصص فى نظر المنازعات ذات الطابع الاقتصادى وما يستلزمه ذلك من حسم هذه المنازعات بالسرعة التى تتفق مع طبيعة النشاط الاقتصادى الذى يعتبر الزمن عنصراً جوهرياً فيه، وعاملاً أساسياً لاستقرار المراكز القانونية المتعلقة بهذا النشاط المهم مع عدم الإخلال ـ فى الوقت ذاته ـ بكفالة الضمانات الأساسية لحق التقاضى.
وقد تم وضع هذا التنظيم الإجرائى وفق أسس موضوعية لا تقيم فى مجال تطبيقها تمييزاً منهياً عنه بين المخاطبين بها، بما يتفق مع سلطة المشرع فى المفاضلة بين أكثر من نمط لتنظيم إجراءات التقاضى، دون التقيد بقالب جامد يحكم إطار هذا التنظيم، ومن ثم تكون المغايرة التى اتبعها المشرع فى تنظيمه لاجراءات التقاضى أمام المحاكم الاقتصادية على أساس قيمة المنازعة ـ باعتبارها تعكس أهميتها النسبية ـ قائمة على أسس مبررة تستند إلى واقع مختلف يرتبط بالأغراض المشروعة التى توخاها، وبالتالى تنتفى قالة الإخلال بمبدأ المساواة أو تقييد حق التقاضى، ولا تكون النصوص المطعون فيها مخالفة لأحكام المادتين (7، 21) من الإعلان الدستورى أو أى أحكام أخرى فى هذا الإعلان.
وعلى جانب آخر، قضت المحكمة الدستورية العليا بذات الجلسة برئاسة المستشار ماهر البحيرى رئيس المحكمة بعدم دستورية ما نص عليه البند (2) من الفقرة الثانية من المادة الأولى من القوانين أرقام 19 لسنة 2001، 150 لسنة 2002، 91 لسنة 2003 بزيادة المعاشات من أن تكون الزيادة فى المعاش بحد أقصى ستين جنيهاً شهرياً مع تحديد اليوم التالى لنشر هذا الحكم تاريخاً لإعمال أثره.
وقالت المحكمة فى أسباب حكمها أن الهدف من منح العاملين بالدولة علاوة خاصة بنسبة 10% من الأجر الأساسى لكل منهم فى السنوات 2001، 2002، 2003 ـ على نحو ما نطقت به الأعمال التحضيرية ـ هو زيادة دخولهم بما يكفل مواجهة متطلبات وأعباء المعيشة، وكذلك بالنسبة إلى زيادة دخول أصحاب المعاشات والمستحقين عنهم بحسبانهم الفئة الأكثر احتياجاً للرعاية، بيد أن المشرع وضع فى نصوص قوانين زيادة المعاشات حداً أقصى لها لا يجاوز ستين جنيهاً، فى حين أطلق الحد أقصى لقيمة العلاوات الخاصة التى منحت للعاملين بالدولة بالرغم من وحدة الهدف فى إصدار هذه القوانين جميعها، وهو معاونة الفئتين معاً على مواجهة أعباء المعيشة المتزايدة نتيجة الغلاء، وارتفاع أسعار السلع والخدمات، وكان الأولى بالمشرع أن يطلق الحد أقصى للزيادة التى قررها لأصحاب المعاشات حتى يحفظ لهم كرامتهم، ويحميهم من العوز ـ وإذ تنكب المشرع هذا الطريق وجاوز نطاق سلطته التقديرية التى يملكها فى مجال تنظيم الحقوق بتقريره الزيادة فى المعاشات مع وضع حد أقصى لها، فإنه يكون قد أهدر الحق فى المعاش على النحو الذى يكفل للمستفيدين منه حياة كريمة، كما أن الوسيلة التى لجأ إليها المشرع فى منح هذه العلاوة لا ترتبط بالهدف الذى أعلنه بعلاقة منطقية تبرره، فضلاً عن مخالفته مبدأ المساواة، مما تكون معه النصوص المطعون فيها مخالفة لحكم المادة (7) من الإعلان الدستورى.
وأوضحت المحكمة أنه تقديراً منها للآثار المالية التى ستترتب على الأثر الرجعى للقضاء بعدم دستورية النصوص المطعون فيها، فإنها تقرر إعمال الرخصة المخولة لها بنص المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا، وتحدد اليوم التالى لنشر هذا الحكم فى الجريدة الرسمية تاريخاً لسريانه، وذلك دون إخلال باستنفاده المدعى من ذلك الحكم.
موضوعات متعلقة
المحكمة الدستورية العليا تؤيد صحة قانون إنشاء المحاكم الاقتصادية