التحقيق في الدعوى أمام المحكمة الجنائية الدولية
التحقيق في الدعوى أمام المحكمة الجنائية الدولية
يمثل التحقيق في الدعوى الجنائية أمام المحكمة المرحلة الأولي والأساسية التي يبني عليها قرار السير في الدعوى من عدمه ، وعلية تلعب الدور الفاعل في عملية تحقيق العدالة الجنائية . ويقوم بالتحقيق الجنائي وفقا لنظام روما المدعي العام ، وفقا لتوجيهات تصدر إليه من الدول الأطراف ، ومن مجلس الأمن ، وعليه فسوف أتنأول بالبحث تعيين المدعي العام واختصاصاتة ودور مجلس الأمن في عملية التحقيق .
أولا:تعيين المدعي العام
يعيين المدعي العام بالاقتراع السري بالأغلبية المطلقة لأعضاء جمعية الدول الأطراف من قائمة مرشحين لمدة تسع سنوات ما لم يتقرر لهم ميعاد اقصر وقت انتخابهم ولا تجوز إعادة انتخابه ، ويشترط لانتخابه ان يكون رفيع الأخلاق وذي كفائه عالية فضلا عن الخبرة العملية الواسعة في مجال الادعاء أو المحاكمة في القضايا الجنائية مع إجادة لغة من لغات المحكمة علي الأقل. ويقوم بمساعدتة مدعي عام واحد أو أكثر من جنسيات متعددة
ثانيا:ضمانات عمل المدعي العام
يعمل مكتب المدعي العام بصفة مستقلة بوصفه جهازا مستقلا من أجهزة المحكمة، ويكون مسئولا عن تلقي الإحالات وأية معلومات موثقة عن جرائم تدخل في اختصاص المحكمة. بغرض دراستها والتحقيق فيها تمهيدا للمقاضاة أمام المحكمة.
هذا ولا يزأول مكتب المدعي العام أي نشاط يحتمل ان يتعارض مع مهام الأداء التي يقوم بها المكتب أو ينال من الثقة في استقلالهم . أو يمكن ان يكون حيادهم فيه شك معقول لأي سبب كان ويجب تنحيهيم الذي تفصل فيه دائرة الاستئناف التابعة للمحكمة المكونة من رئيس وأربعة أعضاء . ولا يزاول أي عمل آخر ذا طابع مهني. هذا ويجوز لأي شخص محل تحقيق أو مقاضاة ممارسة هذا الحق.
يعين المدعي العام مستشارين من ذوي الخبرة القانونية في مجالات محددة تشمل دون حصر العنف الجسدي والعنف بين الجنسين .
ثالثا:اختصاص المدعي العام
وتنعقد المحكمة بناء علي مبادرة المدعي العام الذي يملك البدء بمباشرة تحقيق من تلقاء نفسه ، كما هو الأمر في النظم القانونية الداخلية ولكن فيما يتعلق بجريمة من الجرائم التي تختص بها المحكمة م 13/ج . وهو يملك ذلك علي المعلومات التي يتلقاها من كل نوع ومن كل مصدر ، بما في ذلك الدول وأجهزة الأمم المتحدة والمنظمات والأفراد .
أولا :للمدعي العام ان يباشر من تلقاء نفسه أو علي أساس معلومات بجرائم تدخل في اختصاص المحكمة كالتحقيق الجاري ألان في ما يدعي إنها جرائم ارتكبها جيش الرب بزعامة يوسف كونيه بيوغندا . والجرائم التي ارتكبها جيش العدو الصهيوني سنة1983 عندما غزا لبنان في المعسكرات الفلسطينية. وغيرها من الجرائم الجنائية الدولية
ويقوم بتحليل جدية المعلومات المتلقاه ، و يجوز له ان يطلب معلومات اضافيه من الدول أو من أجهزة الأمم المتحدة أو المنظمات الدولية الحكومية وغير الحكومية أو أي مصادر أخري موثوق بها للتأكد من وجود أساس معقول للشروع في إجراء تحقيق .
فإذا وجد المدعي العام ان المعلومات المقدمة لا تشكل أساسا معقولا لدعوى عليه إن يخطر مقدمي المعلومات بذلك ، مع منح مقدمي المعلومات سلطة تقديم أدلة ووقائع جديدة إن توافرت لاحقا.
ثانيا: يستأذن المدعي العام بطلب يقدم الي الدائرة التمهيدية "" مشفوعا بالأدلة التي جمعها . طالبا للشروع في إجراء تحقيق ويجوز للمجني عليهم تقدم مرافعات أمامها . ولها ان توافق ان وجدت ان هناك أساسا معقولا بان جريمة ما داخلة في اختصاص المحكمة قد ارتكبت، هذا دون المساس بما تقرره المحكمة فيما بعد بشأن الاختصاص وقبول الدعوى للنظر فيها .
ولا يعتبر رفض الدائرة التمهيدية منح الإذن مانعا للمدعي العام من تقديم طلب لاحق يستند إلي وقائع وأدلة جديدة بذات الحالة.
رابعا: مبدأ التكامل بين القضاء الوطني والمحكمة
فحواه ان لا تقدم المحكمة علي فتح تحقيق في الدعوى الجنائية اذا قامت به الدولة المعنية ، وعندها يسقط اختصاص المحكمة حيث لا تتدخل إلا في حالات معينة سنشير إليها لاحقا . ويعمل بهذا المبدأ في مرحلة التحقيق وفق الخطوات المبينة أدناه:
1/علي المدعي العام ان يشعر جميع الدول الأطراف والدول التي يري علي ضؤ المعلومات المتاحة من عادتها ان تمارس ولايتها علي الجرائم موضوع النظر سرا ، مع سلطتة في الحد من نطاق المعلومات المقدمة اذا رأي ذلك لازما لحماية الأشخاص أو لمنع إتلاف الأدلة أو لمنع فرار الأشخاص .
2/ أثناء شهر واحد من تلقي الإشعار علي الدولة الراغبة ان تخطر المحكمة بأنها ستجري أو إنها باشرت تحقيقا مع رعاياها أو مع غيرهم في حدود ولايتها القضائية في الشكوى موضوع الإشعار المقدم من المدعي العام الداخلة في الاختصاص الموضوعي للمحكمة. وله ان يطلب من الدولة المعنية ابلاغة بصفة دورية عن التقدم المحرز في التحقيق وبأية مقاضاة تالية. وتلتزم الدولة بذلك .
عندها يتنازل المدعي العام عن الدعوى وفقا لطلب الدولة مالم تقرر الدائرة التمهيدية الإذن بالتحقيق بناء علي طلب المدعي العام.
3/ يجوز للمدعي العام ان يطلب من الدائرة التمهيدية منحه سلطة إجراء اي تحقيقات لازمة لحفظ الأدلة اذا سنحت فرصة نادرة قد لا تكرر للحصول عليها ، ريثما يصدر قرار الدائرة التمهيدية.
4 / للدولة المعنية أو للمدعي العام استئناف القرار الصادر من الدائرة التمهيدية يكون تنازل المدعي العام عن الدعوى قابلا لإعادة النظر بعد ستة اشهر من تاريخ التنازل أو في أي وقت يطرأ فيه تغيير ملموس في الظروف يستدل منه ان الدولة أصبحت حقا غير راغبة قي الاضطلاع بالتحقيق أو غير قادرة عليه .
حالات سقوط مبدأ التكاملية
هما حالاتان توافر ايا منهما يسقط سلطة القضاء الوطني في الدعوي الجنائية
1.عدم القدرة علي المحاكمة بسبب انهيار نظام الدولة(المادة17/3)
2.عدم رغبة الدولة في المحاكمة(17/2)
إن الادعاء بعدم المقبولية بأحقية القضاء الوطني في المحاكمة (مبدأ التكاملية) بحجة إن الدولة غير راغبه أو غير قادره يجب أن تستصحب في دفوعها إن عدم القدرة وعدم الرغبة ، لا تعني انهيار النظام القضائي فقط ، فقد ورد في محاضر النقاش المكون لنظام المحكمة ان عدم الرغبة يعني أياً من الحالات آلاتية : حتى وان كان الجهاز القضائي الوطني نزيها وقادرا..
الحالة الأولي: اعتبرت إن صورية التحقيقات او إنكار التحقيقات او حتى التأخير غير المبرر في أجراء التحقيقات بعد ارتكاب الجرائم (المادة17/ب).
الحالة الثانية : انصراف نية الدولة في التواطؤ مع الجاني(المادة17/أ) .
الحالة الثالثة : التقاعس عن النهوض بمتطلبات عمومية اختصاصها في شأن ضمان انهاض مرفق العدالة داخلها في مواجهة الجرائم الدولية الاشد خطورة (المادة17/ج).
الحالة الرابعة : اشارت اليها محاضر النقاش حول النظام الاساسي وتتمثل في غياب النصوص الجزائية الوطنية المتماثلة مع الاختصاص الموضوعي للمحكمة (المتمثل في جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية وجرائم الابادة)
الحالة الخامسة : عدم مراعاة اصول المحاكمات التي يعترف بها القانون الدولي
توافر اياً من الحالات المذكوره اعلاه يجعل من القضاء الوطني غير مختص بالنظر في الجرائم ، بمعني عدم الرغبة ، في وجود القدرة
خامسا:سلطة المحكمة إزاء الدعوى
تتحقق المحكمة من اختصاصها في النظر في الدعوى ، ولها إن تبت في ذلك من تلقاء نفسها ، أو من الأتي ذكرهم لمرة واحدة فقط
1/ من خلال طلب يقدم إليها من المتهم في الدعوى
2/ الدولة التي لها اختصاص بنظر الدعوى تحقيقا أو محاكمة ، الدولة التي وقعت الجريمة كلها أو جزء منها في إقليمها المادي أو المعنوي أو كان المحقق معه من رعاياها ، وكانت دولة طرفا أو غير طرف ووافقت علي اختصاص المحكمة .
3/ يجوز للمدعي العام طلب ذلك
4/ المجني عليهم في الدعوى من حقهم ان يقدموا ملاحظاتهم لدي المحكم ويجب ان يقدم الطلب قبل الشروع في المحاكمة أو عند البدء فيها ، بيد ان المحكمة وفي الظروف الاستثنائية ان تأذن بالطعن أكثر من مرة أو بعد المحاكمة
سادسا:سلطة المحكمة في رفض الدعوى
تقرر المحكمة ان الدعوى غير مقبولة في أي من الحالات الآتية:
- إذا كانت تجري التحقيق والمقاضاة في الدعوى دولة لها ولاية عليها ، مالم تحولها الدولة بنفسها إليها ، أو اذا كانت غير قادرة علي إجراء التحقيق كما اذا كانت تعاني انهيارا في نظامها القانوني كالصومال مثلا أو بسبب عدم توافره أو عدم قدرتها علي إحضار المتهم أو الحصول علي الأدلة والشهادة الضرورية أو غير قادرة لسبب آخر علي الاضطلاع باجراءتها ، أو قررت الدولة عدم مقاضاة الشخص المعني بعد إجراء تحقيق جاد وقانوني وغير صوري لم يحمي الشخص المحقق معه من المسئولية الجنائية كما إذا تأخر التحقيق بأسباب غير مبررة .
- اذا كان الشخص قد حوكم علي هذا السلوك موضوع الدعوي . عدم المقاضاة مرتين عن فعل واحد .
- إذا لم تكن الدعوي علي درجة كافية من الخطورة تبرر اتخاذ المحكمة إجراء آخر قبل اعتماد التهم ، تحال الطعون المتعلقة بقبول اختصاص المحكمة ،أو الطعون المتعلقة بنظر الدعوي أمام الدائرة التمهيدية ، وبعد اعتمادها تحال إلي الدائرة الابتدائية .
سابعا:سلطة مجلس الأمن
لمجلس الأمن في علاقتة بالمحكمة سلطتان هما
1/سلطة إحالة الدعوى للتحقيق فيها
له وفقا لأحكام الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة أن يحيل حاله إلي المدعي العام يبدو فيها ان جريمة أو أكثر من الجرائم المشار إليها في الاختصاص الموضوعي للمحكمة قد ارتكبت . وتستمد هذه الصلاحية لمجلس الأمن من كونه مسئولا بصفة أساسية عن السلم والأمن الدوليين ، ووتري الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن إنه من الطبيعي ان يكون لمجلس الأمن الحق في طلب تدخل المحكمة وتحريك الإجراءات الجنائية عندما يتعلق الأمر بأحدي الجرائم المحددة وفقا للمهام والسلطات التي يخولها الميثاق للمجلس وتقلل سلطة مجلس الأمن بإحالة القضايا إلي المحكمة الجنائية الدولية ان لم تكن تنفي حاجة إلي انشأ محاكم خاصة جديدة علي غرار محكمتي روندا ويوغسلافيا .
والمقصود بالإحالة ان يعلم المجلس بوجود جريمة تعتبر المعاقبة عليها ضرورية لتحقيق الأهداف المتوخاه في الفصل السابق من الميثاق ، وان يطلب من المحكمة مقاضاة مرتكبي هذه الجريمة سواء حددهم بالاسم ام لم يحددهم . بشرط ارتكابهم لاحدي الجرائم المنصوص عليها في النظام ، اذا فالإحالة لا تعدو ان تكون مجرد لفت نظر المدعي العام إلي وقوع جريمة داخله في اختصاص المحكمة للتحقيق فيها ، وبهذا الإجراء تستهل المرحلة الأولي من الإجراءات الجنائية أمام المحكمة.
2/ سلطة وقف التحقيق
يتضمن النظام نصا يحد بشكل كبير من صلاحيات المحكمة . فوفقا للمادة •16 منه يجوز لمجلس الأمن ان يطالب بوقف التحقيق في أي جريمة قيد التحقيق لمدة اثنا عشر شهر قابلة للتجديد الي ما لا نهاية ويصدر هذا القرار بناء علي الفصل السابع من الميثاق .
وبالتالي يتعرض حسن سير المحكمة الجنائية الدولية إلى عائق آخر ناتج عن السلطة المخولة لمجلس الأمن الذي بإمكانه تقديم طلب إلى المحكمة من أجل وقف تنفيذ إجراءات التحقيق والملاحقة التي انطلقت في ممارستها المحكمة خلال 12 شهراً قابلة لتجديد بداية من تاريخ تسليم الطلب.
كما يجوز لمجلس الأمن إجبار المحكمة الجنائية الدولية بوقف المداولة والفصل في قضية معروضة أمامها وذلك لنفس المدة المذكورة سابقاً . والسؤال يطرح ما إذا كانت مدة 12 شهراً قابلة للتجديد مرة واحدة أو عدة مرات ؟ إن هذه المدة قابلة لتجديد بلا نهاية مما يسمح لمجلس الأمن التجميد باستمرار للملاحقة والمحاكمة. يليق أن نتساءل أيضاً عن سبب منح هذه السلطة لمجلس الأمن ؟ إنه بدون شك للحفاظ على السلم في إطار الفصل (السابع ) لميثاق الأمم المتحدة في هذا الخصوص ، يمكن أن نتصور حالة تحريك الملاحقة أمام المحكمة الجنائية الدولية من طرف دولة عضو ضد دولة نتيجة إرتكاب هذه الأخيرة أعمال معاقب عنها في معاهدة روما لعام 1998 في أرضيتها بأمر من رئيس الجمهورية لتجنب إنطلاق نزاع مسلح بين الدولتين خاصة إذا كان وشيك الوقوع ، فيحق هنا لمجلس الأمن وقف إجراءات المتابعة .
هل يعتبر تدخل مجلس الأمن في مرحلة التحقيق يتعارض مع إستقلإلية المحكمة ؟ إن الواقع السياسي يلزم قبول هذا التدخل الذي هو ضروري وبدون مجرد علاقات جيدة مع مجلس الأمن لا يمكن للمحكمة ممارسة صلاحيتها وهل سيستعمل مجلس الأمن باستمرار سلطة تجميد المتابعة والمحاكمة أمام المحكمة الجنائية الدولية ؟ وهل ستؤدي ممارسة هذه السلطة إلى اللاعقاب لرئيس الجمهورية إذا استفاد هذا الأخير بوقف إجراءات الملاحقة بناءاً على توصية صادرة عن مجلس الأمن ؟ إنه بدون شك لا تتحقق الفرصة كثيراً لمجلس الأمن لمباشرة سلطة تجميد الملاحقة والمحاكمة، لأن كل توصية في هذا الإتجاه تستلزم توصيات ويكفي لإحدى الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن باستعمالها لحق الفيتو لإبطال التوصية أو تجديد تجميد المتابعة أو الملاحقة.
ولكن من المأمول ان لا يستخدم المجلس هذه الصلاحية إلا في الحدود الضيقة، وان لا يجدد المجلس طلبه الا في ظروف استثنائية جدا ، واي توسع من قبل المجلس في تجميد اختصاص المحكمة لن يكون مقبولا في نظر المجتمع الدولي والرأي العام الدولي*.
الفرع الأول
منقول
التحقيق في الدعوى أمام المحكمة الجنائية الدولية
يمثل التحقيق في الدعوى الجنائية أمام المحكمة المرحلة الأولي والأساسية التي يبني عليها قرار السير في الدعوى من عدمه ، وعلية تلعب الدور الفاعل في عملية تحقيق العدالة الجنائية . ويقوم بالتحقيق الجنائي وفقا لنظام روما المدعي العام ، وفقا لتوجيهات تصدر إليه من الدول الأطراف ، ومن مجلس الأمن ، وعليه فسوف أتنأول بالبحث تعيين المدعي العام واختصاصاتة ودور مجلس الأمن في عملية التحقيق .
أولا:تعيين المدعي العام
يعيين المدعي العام بالاقتراع السري بالأغلبية المطلقة لأعضاء جمعية الدول الأطراف من قائمة مرشحين لمدة تسع سنوات ما لم يتقرر لهم ميعاد اقصر وقت انتخابهم ولا تجوز إعادة انتخابه ، ويشترط لانتخابه ان يكون رفيع الأخلاق وذي كفائه عالية فضلا عن الخبرة العملية الواسعة في مجال الادعاء أو المحاكمة في القضايا الجنائية مع إجادة لغة من لغات المحكمة علي الأقل. ويقوم بمساعدتة مدعي عام واحد أو أكثر من جنسيات متعددة
ثانيا:ضمانات عمل المدعي العام
يعمل مكتب المدعي العام بصفة مستقلة بوصفه جهازا مستقلا من أجهزة المحكمة، ويكون مسئولا عن تلقي الإحالات وأية معلومات موثقة عن جرائم تدخل في اختصاص المحكمة. بغرض دراستها والتحقيق فيها تمهيدا للمقاضاة أمام المحكمة.
هذا ولا يزأول مكتب المدعي العام أي نشاط يحتمل ان يتعارض مع مهام الأداء التي يقوم بها المكتب أو ينال من الثقة في استقلالهم . أو يمكن ان يكون حيادهم فيه شك معقول لأي سبب كان ويجب تنحيهيم الذي تفصل فيه دائرة الاستئناف التابعة للمحكمة المكونة من رئيس وأربعة أعضاء . ولا يزاول أي عمل آخر ذا طابع مهني. هذا ويجوز لأي شخص محل تحقيق أو مقاضاة ممارسة هذا الحق.
يعين المدعي العام مستشارين من ذوي الخبرة القانونية في مجالات محددة تشمل دون حصر العنف الجسدي والعنف بين الجنسين .
ثالثا:اختصاص المدعي العام
وتنعقد المحكمة بناء علي مبادرة المدعي العام الذي يملك البدء بمباشرة تحقيق من تلقاء نفسه ، كما هو الأمر في النظم القانونية الداخلية ولكن فيما يتعلق بجريمة من الجرائم التي تختص بها المحكمة م 13/ج . وهو يملك ذلك علي المعلومات التي يتلقاها من كل نوع ومن كل مصدر ، بما في ذلك الدول وأجهزة الأمم المتحدة والمنظمات والأفراد .
أولا :للمدعي العام ان يباشر من تلقاء نفسه أو علي أساس معلومات بجرائم تدخل في اختصاص المحكمة كالتحقيق الجاري ألان في ما يدعي إنها جرائم ارتكبها جيش الرب بزعامة يوسف كونيه بيوغندا . والجرائم التي ارتكبها جيش العدو الصهيوني سنة1983 عندما غزا لبنان في المعسكرات الفلسطينية. وغيرها من الجرائم الجنائية الدولية
ويقوم بتحليل جدية المعلومات المتلقاه ، و يجوز له ان يطلب معلومات اضافيه من الدول أو من أجهزة الأمم المتحدة أو المنظمات الدولية الحكومية وغير الحكومية أو أي مصادر أخري موثوق بها للتأكد من وجود أساس معقول للشروع في إجراء تحقيق .
فإذا وجد المدعي العام ان المعلومات المقدمة لا تشكل أساسا معقولا لدعوى عليه إن يخطر مقدمي المعلومات بذلك ، مع منح مقدمي المعلومات سلطة تقديم أدلة ووقائع جديدة إن توافرت لاحقا.
ثانيا: يستأذن المدعي العام بطلب يقدم الي الدائرة التمهيدية "" مشفوعا بالأدلة التي جمعها . طالبا للشروع في إجراء تحقيق ويجوز للمجني عليهم تقدم مرافعات أمامها . ولها ان توافق ان وجدت ان هناك أساسا معقولا بان جريمة ما داخلة في اختصاص المحكمة قد ارتكبت، هذا دون المساس بما تقرره المحكمة فيما بعد بشأن الاختصاص وقبول الدعوى للنظر فيها .
ولا يعتبر رفض الدائرة التمهيدية منح الإذن مانعا للمدعي العام من تقديم طلب لاحق يستند إلي وقائع وأدلة جديدة بذات الحالة.
رابعا: مبدأ التكامل بين القضاء الوطني والمحكمة
فحواه ان لا تقدم المحكمة علي فتح تحقيق في الدعوى الجنائية اذا قامت به الدولة المعنية ، وعندها يسقط اختصاص المحكمة حيث لا تتدخل إلا في حالات معينة سنشير إليها لاحقا . ويعمل بهذا المبدأ في مرحلة التحقيق وفق الخطوات المبينة أدناه:
1/علي المدعي العام ان يشعر جميع الدول الأطراف والدول التي يري علي ضؤ المعلومات المتاحة من عادتها ان تمارس ولايتها علي الجرائم موضوع النظر سرا ، مع سلطتة في الحد من نطاق المعلومات المقدمة اذا رأي ذلك لازما لحماية الأشخاص أو لمنع إتلاف الأدلة أو لمنع فرار الأشخاص .
2/ أثناء شهر واحد من تلقي الإشعار علي الدولة الراغبة ان تخطر المحكمة بأنها ستجري أو إنها باشرت تحقيقا مع رعاياها أو مع غيرهم في حدود ولايتها القضائية في الشكوى موضوع الإشعار المقدم من المدعي العام الداخلة في الاختصاص الموضوعي للمحكمة. وله ان يطلب من الدولة المعنية ابلاغة بصفة دورية عن التقدم المحرز في التحقيق وبأية مقاضاة تالية. وتلتزم الدولة بذلك .
عندها يتنازل المدعي العام عن الدعوى وفقا لطلب الدولة مالم تقرر الدائرة التمهيدية الإذن بالتحقيق بناء علي طلب المدعي العام.
3/ يجوز للمدعي العام ان يطلب من الدائرة التمهيدية منحه سلطة إجراء اي تحقيقات لازمة لحفظ الأدلة اذا سنحت فرصة نادرة قد لا تكرر للحصول عليها ، ريثما يصدر قرار الدائرة التمهيدية.
4 / للدولة المعنية أو للمدعي العام استئناف القرار الصادر من الدائرة التمهيدية يكون تنازل المدعي العام عن الدعوى قابلا لإعادة النظر بعد ستة اشهر من تاريخ التنازل أو في أي وقت يطرأ فيه تغيير ملموس في الظروف يستدل منه ان الدولة أصبحت حقا غير راغبة قي الاضطلاع بالتحقيق أو غير قادرة عليه .
حالات سقوط مبدأ التكاملية
هما حالاتان توافر ايا منهما يسقط سلطة القضاء الوطني في الدعوي الجنائية
1.عدم القدرة علي المحاكمة بسبب انهيار نظام الدولة(المادة17/3)
2.عدم رغبة الدولة في المحاكمة(17/2)
إن الادعاء بعدم المقبولية بأحقية القضاء الوطني في المحاكمة (مبدأ التكاملية) بحجة إن الدولة غير راغبه أو غير قادره يجب أن تستصحب في دفوعها إن عدم القدرة وعدم الرغبة ، لا تعني انهيار النظام القضائي فقط ، فقد ورد في محاضر النقاش المكون لنظام المحكمة ان عدم الرغبة يعني أياً من الحالات آلاتية : حتى وان كان الجهاز القضائي الوطني نزيها وقادرا..
الحالة الأولي: اعتبرت إن صورية التحقيقات او إنكار التحقيقات او حتى التأخير غير المبرر في أجراء التحقيقات بعد ارتكاب الجرائم (المادة17/ب).
الحالة الثانية : انصراف نية الدولة في التواطؤ مع الجاني(المادة17/أ) .
الحالة الثالثة : التقاعس عن النهوض بمتطلبات عمومية اختصاصها في شأن ضمان انهاض مرفق العدالة داخلها في مواجهة الجرائم الدولية الاشد خطورة (المادة17/ج).
الحالة الرابعة : اشارت اليها محاضر النقاش حول النظام الاساسي وتتمثل في غياب النصوص الجزائية الوطنية المتماثلة مع الاختصاص الموضوعي للمحكمة (المتمثل في جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية وجرائم الابادة)
الحالة الخامسة : عدم مراعاة اصول المحاكمات التي يعترف بها القانون الدولي
توافر اياً من الحالات المذكوره اعلاه يجعل من القضاء الوطني غير مختص بالنظر في الجرائم ، بمعني عدم الرغبة ، في وجود القدرة
خامسا:سلطة المحكمة إزاء الدعوى
تتحقق المحكمة من اختصاصها في النظر في الدعوى ، ولها إن تبت في ذلك من تلقاء نفسها ، أو من الأتي ذكرهم لمرة واحدة فقط
1/ من خلال طلب يقدم إليها من المتهم في الدعوى
2/ الدولة التي لها اختصاص بنظر الدعوى تحقيقا أو محاكمة ، الدولة التي وقعت الجريمة كلها أو جزء منها في إقليمها المادي أو المعنوي أو كان المحقق معه من رعاياها ، وكانت دولة طرفا أو غير طرف ووافقت علي اختصاص المحكمة .
3/ يجوز للمدعي العام طلب ذلك
4/ المجني عليهم في الدعوى من حقهم ان يقدموا ملاحظاتهم لدي المحكم ويجب ان يقدم الطلب قبل الشروع في المحاكمة أو عند البدء فيها ، بيد ان المحكمة وفي الظروف الاستثنائية ان تأذن بالطعن أكثر من مرة أو بعد المحاكمة
سادسا:سلطة المحكمة في رفض الدعوى
تقرر المحكمة ان الدعوى غير مقبولة في أي من الحالات الآتية:
- إذا كانت تجري التحقيق والمقاضاة في الدعوى دولة لها ولاية عليها ، مالم تحولها الدولة بنفسها إليها ، أو اذا كانت غير قادرة علي إجراء التحقيق كما اذا كانت تعاني انهيارا في نظامها القانوني كالصومال مثلا أو بسبب عدم توافره أو عدم قدرتها علي إحضار المتهم أو الحصول علي الأدلة والشهادة الضرورية أو غير قادرة لسبب آخر علي الاضطلاع باجراءتها ، أو قررت الدولة عدم مقاضاة الشخص المعني بعد إجراء تحقيق جاد وقانوني وغير صوري لم يحمي الشخص المحقق معه من المسئولية الجنائية كما إذا تأخر التحقيق بأسباب غير مبررة .
- اذا كان الشخص قد حوكم علي هذا السلوك موضوع الدعوي . عدم المقاضاة مرتين عن فعل واحد .
- إذا لم تكن الدعوي علي درجة كافية من الخطورة تبرر اتخاذ المحكمة إجراء آخر قبل اعتماد التهم ، تحال الطعون المتعلقة بقبول اختصاص المحكمة ،أو الطعون المتعلقة بنظر الدعوي أمام الدائرة التمهيدية ، وبعد اعتمادها تحال إلي الدائرة الابتدائية .
سابعا:سلطة مجلس الأمن
لمجلس الأمن في علاقتة بالمحكمة سلطتان هما
1/سلطة إحالة الدعوى للتحقيق فيها
له وفقا لأحكام الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة أن يحيل حاله إلي المدعي العام يبدو فيها ان جريمة أو أكثر من الجرائم المشار إليها في الاختصاص الموضوعي للمحكمة قد ارتكبت . وتستمد هذه الصلاحية لمجلس الأمن من كونه مسئولا بصفة أساسية عن السلم والأمن الدوليين ، ووتري الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن إنه من الطبيعي ان يكون لمجلس الأمن الحق في طلب تدخل المحكمة وتحريك الإجراءات الجنائية عندما يتعلق الأمر بأحدي الجرائم المحددة وفقا للمهام والسلطات التي يخولها الميثاق للمجلس وتقلل سلطة مجلس الأمن بإحالة القضايا إلي المحكمة الجنائية الدولية ان لم تكن تنفي حاجة إلي انشأ محاكم خاصة جديدة علي غرار محكمتي روندا ويوغسلافيا .
والمقصود بالإحالة ان يعلم المجلس بوجود جريمة تعتبر المعاقبة عليها ضرورية لتحقيق الأهداف المتوخاه في الفصل السابق من الميثاق ، وان يطلب من المحكمة مقاضاة مرتكبي هذه الجريمة سواء حددهم بالاسم ام لم يحددهم . بشرط ارتكابهم لاحدي الجرائم المنصوص عليها في النظام ، اذا فالإحالة لا تعدو ان تكون مجرد لفت نظر المدعي العام إلي وقوع جريمة داخله في اختصاص المحكمة للتحقيق فيها ، وبهذا الإجراء تستهل المرحلة الأولي من الإجراءات الجنائية أمام المحكمة.
2/ سلطة وقف التحقيق
يتضمن النظام نصا يحد بشكل كبير من صلاحيات المحكمة . فوفقا للمادة •16 منه يجوز لمجلس الأمن ان يطالب بوقف التحقيق في أي جريمة قيد التحقيق لمدة اثنا عشر شهر قابلة للتجديد الي ما لا نهاية ويصدر هذا القرار بناء علي الفصل السابع من الميثاق .
وبالتالي يتعرض حسن سير المحكمة الجنائية الدولية إلى عائق آخر ناتج عن السلطة المخولة لمجلس الأمن الذي بإمكانه تقديم طلب إلى المحكمة من أجل وقف تنفيذ إجراءات التحقيق والملاحقة التي انطلقت في ممارستها المحكمة خلال 12 شهراً قابلة لتجديد بداية من تاريخ تسليم الطلب.
كما يجوز لمجلس الأمن إجبار المحكمة الجنائية الدولية بوقف المداولة والفصل في قضية معروضة أمامها وذلك لنفس المدة المذكورة سابقاً . والسؤال يطرح ما إذا كانت مدة 12 شهراً قابلة للتجديد مرة واحدة أو عدة مرات ؟ إن هذه المدة قابلة لتجديد بلا نهاية مما يسمح لمجلس الأمن التجميد باستمرار للملاحقة والمحاكمة. يليق أن نتساءل أيضاً عن سبب منح هذه السلطة لمجلس الأمن ؟ إنه بدون شك للحفاظ على السلم في إطار الفصل (السابع ) لميثاق الأمم المتحدة في هذا الخصوص ، يمكن أن نتصور حالة تحريك الملاحقة أمام المحكمة الجنائية الدولية من طرف دولة عضو ضد دولة نتيجة إرتكاب هذه الأخيرة أعمال معاقب عنها في معاهدة روما لعام 1998 في أرضيتها بأمر من رئيس الجمهورية لتجنب إنطلاق نزاع مسلح بين الدولتين خاصة إذا كان وشيك الوقوع ، فيحق هنا لمجلس الأمن وقف إجراءات المتابعة .
هل يعتبر تدخل مجلس الأمن في مرحلة التحقيق يتعارض مع إستقلإلية المحكمة ؟ إن الواقع السياسي يلزم قبول هذا التدخل الذي هو ضروري وبدون مجرد علاقات جيدة مع مجلس الأمن لا يمكن للمحكمة ممارسة صلاحيتها وهل سيستعمل مجلس الأمن باستمرار سلطة تجميد المتابعة والمحاكمة أمام المحكمة الجنائية الدولية ؟ وهل ستؤدي ممارسة هذه السلطة إلى اللاعقاب لرئيس الجمهورية إذا استفاد هذا الأخير بوقف إجراءات الملاحقة بناءاً على توصية صادرة عن مجلس الأمن ؟ إنه بدون شك لا تتحقق الفرصة كثيراً لمجلس الأمن لمباشرة سلطة تجميد الملاحقة والمحاكمة، لأن كل توصية في هذا الإتجاه تستلزم توصيات ويكفي لإحدى الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن باستعمالها لحق الفيتو لإبطال التوصية أو تجديد تجميد المتابعة أو الملاحقة.
ولكن من المأمول ان لا يستخدم المجلس هذه الصلاحية إلا في الحدود الضيقة، وان لا يجدد المجلس طلبه الا في ظروف استثنائية جدا ، واي توسع من قبل المجلس في تجميد اختصاص المحكمة لن يكون مقبولا في نظر المجتمع الدولي والرأي العام الدولي*.
الفرع الأول
منقول