ابو طلحة السلفى
تعليق الشَّيخ الألبانيُّ -رحمه الله- على قوله تعالى: ﴿لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ في آية الصِّيام
| Labels: رمضان | في ٢٨/٠٧/٢٠١١
Bookmark and Share
بِسمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
قال الشَّيخ الألبانيُّ -رحمه الله تعالى-:
نعلم جميعًا قول الله -تبارك وتعالى-: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾[1].
هذه الآية طالما سمعتم تعليقًا حولها، وكلامًا مفيدًا فيما يتعلَّق بها؛ ولكني أعتقد أنكم قلَّما تكونون قد سمعتم تعليقًا خاصًا حول آخر هذه الآية: ﴿لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾.
كُتِبَ هذا الصِّيام، لماذا؟ ﴿لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾.
هذه الآية من الآيات القليلة؛ بل ومن النَّصوص الشَّرعية القليلة التي يقترنُ الحكم الشرعيُّ فيها، مع بيان الغاية والعلَّة منها.
هنا تصريحٌ بفرضِيَّة صيام شهر رمضان، وعلى المسلمين أن يُباشرو إلى تبنِّي وتطبيق هذا الحكم دون أن يسألوا لما؟ وكيف؟ وما شابه ذلك، مما يكثُر -الآن- التسائل عن ما يُسمى بـ: "حكم التَّشريع".
كثيرًا ما تسمع من بعض النَّاس: لماذا كذا؟ ولماذا كذا؟ ولماذا كذا؟
لهذا نحن لا نستحسِنُ التَّوسُّع في تلمُّسِ حكمِ التَّشرِيع إلا ما كان منها منصوصًا في الشَّرع؛ كمثل ما نحن فيه الآن.
﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ﴾ إلى آخر الآية، لماذا؟ قال تعالى: ﴿لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾.
أي: إنَّ المقصد من الصِّيام؛ هو أنْ يكون هذا الصِّيامُ وسيلةً ليزداد الصَّائم تقوًى لله -عزَّ وجلَّ- وتقربًا إليه، فإذا ما صام الصَّائم، ولم يتطور وضعه عمَّا كان عليه من قبل -أي: قبل رمضان-؛ فمعنى ذلك أنَّ هذا الصَّائم لم يحقِّق الغاية المرجوَّة مِن فريضة هذا الصِّيام.
وقد جاءت بعض الأحاديث الصَّحيحة -طبعًا- عن النِّبي صلَّى الله عليه وعلى آله وسلَّم تبيِّنُ وتؤكِّد هذه الغاية التي نصَّت عليها الآية؛ مثلاً: الحديث القدسي الذي يرويه النبيُّ صلَّى الله عليه وعلى آله وسلَّم عن ربه -عزَّ وجلَّ-؛ حيث قال: ((مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ اَلزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ, فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ))[2].
هذا حديثٌ عظيمٌ جدًا، ويلتقي كلَّ الالتقاء مع خاتمة تلك الآية: ﴿لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾.
إذن ليس المقصود إذا جمعنا بين الآية والحديث، ليس المقصود "كلَّ القصد" -أقول كلَّ القصد؛ حتى لا يُسيء البعض فَهْمَ كلامي-، ليس المقصود كلَّ القصد من الصَّائم أنْ يمسك نفسه عن الطَّعام والشَّراب والجماع المنصوص على أنها مِن المفطِّرات في القرآن وفي السُّنة، فضلاً عن المفطِّرات الأخرى التي فيها خلافٌ كبيرٌ بين الفقهاء.
ليس المقصود الإمساك عن هذه المفطِّرات فقط؛ وإنَّما هناك من الواجبات الأخرى التي يجب على المسلم أنْ يُمسِكَ عنها -أيضًا- كما أمسك عن هذه المفطِّرات.
على ضوء التَّعليل المذكور في الآية، والحديث الصَّريح الصَّحيح المذكور آنفًا؛ أستطيع أنْ أقول لكم شيئًا قد يكونُ أمرًا جديدًا في التَّعبِير، وليس شيئًا جديدًا في الأحكام؛ لأنَّ ذلك منصوصٌ في القرآن والسُّنَّة.
التَّعبير الجديد هو أنَّ كتب الفقه قاطبة جرت على ذكر المفطِّرات، وهذا شيٌ لابدَّ مِنه؛ ولكن أنا أقول -بيانًا وتوضيحًا لما سبق من الآية والحديث-.
أقول: إنَّ المفطِّرات قسمان:
-يجب أن تكون هذه القسمة الحقَّة ثابتة في أذهان الجميع؛ لأهميتهما-
القسم الأول: المفطِّرات الماديَّة؛ وهي التي يتعرض لبيانها كتب الفقه، كما ذكرت آنفًا.
والقسم الآخر من المفطِّرات -لنُسمِّهَا-: بالمفطِّرات المعنويَّة.
هذه المفطِّرات المعنويِّة هي التي أشارت إليها الآية الكريمة: ﴿لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾، وأوضح ذلك قوله عليه الصَّلاة والسَّلام، عن ربه -تبارك وتعالى-: ((مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ اَلزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ, فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ))[3].
إذن يجب أنْ يَقرِن مع تركه مع طعامه وشرابه وشهوته الجنسيَّة؛ يجب أن يضمَّ إلى ذلك الانتهاء عما حرَّم الله -عزَّ وجلَّ- عليه، وفرض على كلِّ مسلمٍ أنْ يكون بعيدًا عنه.
عنْ النَّبي صلَّى الله عليه وعلى آله وسلَّم أنَّه قال: ((ليس الصيام بترك الطَّعام والشَّراب؛ وإنما الصيام بالانتهاء عما نهى الله -عزَّ وجلَّ- عنه))[4] أو كما قال النبيُّ صلَّى الله عليه وعلى آله وسلَّم.
ومن أراد أن يقفَ على هذه الأحاديث وما يشابهها في تحذير النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم عن إتيان المعاصي بالنسبة للصَّائم، وأنَّ هذا النَّهي هو من عموم قوله تبارك وتعالى: ﴿لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ من أراد أن يقف على هذا النَّوع من الأحاديث؛ فعليه بكتاب: "التَّرغِيب والتَّرهِيب" للحافظ الْمُنذِريُّ -رحمه الله-.
للاستماع:
المصدر: سلسلة الهدى والنور الشريط رقم: 692، الدقيقة: 12 و 20 ث
** ** ** ** **
تعليق الشَّيخ الألبانيُّ -رحمه الله- على قوله تعالى: ﴿لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ في آية الصِّيام
| Labels: رمضان | في ٢٨/٠٧/٢٠١١
Bookmark and Share
بِسمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
قال الشَّيخ الألبانيُّ -رحمه الله تعالى-:
نعلم جميعًا قول الله -تبارك وتعالى-: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾[1].
هذه الآية طالما سمعتم تعليقًا حولها، وكلامًا مفيدًا فيما يتعلَّق بها؛ ولكني أعتقد أنكم قلَّما تكونون قد سمعتم تعليقًا خاصًا حول آخر هذه الآية: ﴿لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾.
كُتِبَ هذا الصِّيام، لماذا؟ ﴿لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾.
هذه الآية من الآيات القليلة؛ بل ومن النَّصوص الشَّرعية القليلة التي يقترنُ الحكم الشرعيُّ فيها، مع بيان الغاية والعلَّة منها.
هنا تصريحٌ بفرضِيَّة صيام شهر رمضان، وعلى المسلمين أن يُباشرو إلى تبنِّي وتطبيق هذا الحكم دون أن يسألوا لما؟ وكيف؟ وما شابه ذلك، مما يكثُر -الآن- التسائل عن ما يُسمى بـ: "حكم التَّشريع".
كثيرًا ما تسمع من بعض النَّاس: لماذا كذا؟ ولماذا كذا؟ ولماذا كذا؟
لهذا نحن لا نستحسِنُ التَّوسُّع في تلمُّسِ حكمِ التَّشرِيع إلا ما كان منها منصوصًا في الشَّرع؛ كمثل ما نحن فيه الآن.
﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ﴾ إلى آخر الآية، لماذا؟ قال تعالى: ﴿لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾.
أي: إنَّ المقصد من الصِّيام؛ هو أنْ يكون هذا الصِّيامُ وسيلةً ليزداد الصَّائم تقوًى لله -عزَّ وجلَّ- وتقربًا إليه، فإذا ما صام الصَّائم، ولم يتطور وضعه عمَّا كان عليه من قبل -أي: قبل رمضان-؛ فمعنى ذلك أنَّ هذا الصَّائم لم يحقِّق الغاية المرجوَّة مِن فريضة هذا الصِّيام.
وقد جاءت بعض الأحاديث الصَّحيحة -طبعًا- عن النِّبي صلَّى الله عليه وعلى آله وسلَّم تبيِّنُ وتؤكِّد هذه الغاية التي نصَّت عليها الآية؛ مثلاً: الحديث القدسي الذي يرويه النبيُّ صلَّى الله عليه وعلى آله وسلَّم عن ربه -عزَّ وجلَّ-؛ حيث قال: ((مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ اَلزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ, فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ))[2].
هذا حديثٌ عظيمٌ جدًا، ويلتقي كلَّ الالتقاء مع خاتمة تلك الآية: ﴿لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾.
إذن ليس المقصود إذا جمعنا بين الآية والحديث، ليس المقصود "كلَّ القصد" -أقول كلَّ القصد؛ حتى لا يُسيء البعض فَهْمَ كلامي-، ليس المقصود كلَّ القصد من الصَّائم أنْ يمسك نفسه عن الطَّعام والشَّراب والجماع المنصوص على أنها مِن المفطِّرات في القرآن وفي السُّنة، فضلاً عن المفطِّرات الأخرى التي فيها خلافٌ كبيرٌ بين الفقهاء.
ليس المقصود الإمساك عن هذه المفطِّرات فقط؛ وإنَّما هناك من الواجبات الأخرى التي يجب على المسلم أنْ يُمسِكَ عنها -أيضًا- كما أمسك عن هذه المفطِّرات.
على ضوء التَّعليل المذكور في الآية، والحديث الصَّريح الصَّحيح المذكور آنفًا؛ أستطيع أنْ أقول لكم شيئًا قد يكونُ أمرًا جديدًا في التَّعبِير، وليس شيئًا جديدًا في الأحكام؛ لأنَّ ذلك منصوصٌ في القرآن والسُّنَّة.
التَّعبير الجديد هو أنَّ كتب الفقه قاطبة جرت على ذكر المفطِّرات، وهذا شيٌ لابدَّ مِنه؛ ولكن أنا أقول -بيانًا وتوضيحًا لما سبق من الآية والحديث-.
أقول: إنَّ المفطِّرات قسمان:
-يجب أن تكون هذه القسمة الحقَّة ثابتة في أذهان الجميع؛ لأهميتهما-
القسم الأول: المفطِّرات الماديَّة؛ وهي التي يتعرض لبيانها كتب الفقه، كما ذكرت آنفًا.
والقسم الآخر من المفطِّرات -لنُسمِّهَا-: بالمفطِّرات المعنويَّة.
هذه المفطِّرات المعنويِّة هي التي أشارت إليها الآية الكريمة: ﴿لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾، وأوضح ذلك قوله عليه الصَّلاة والسَّلام، عن ربه -تبارك وتعالى-: ((مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ اَلزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ, فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ))[3].
إذن يجب أنْ يَقرِن مع تركه مع طعامه وشرابه وشهوته الجنسيَّة؛ يجب أن يضمَّ إلى ذلك الانتهاء عما حرَّم الله -عزَّ وجلَّ- عليه، وفرض على كلِّ مسلمٍ أنْ يكون بعيدًا عنه.
عنْ النَّبي صلَّى الله عليه وعلى آله وسلَّم أنَّه قال: ((ليس الصيام بترك الطَّعام والشَّراب؛ وإنما الصيام بالانتهاء عما نهى الله -عزَّ وجلَّ- عنه))[4] أو كما قال النبيُّ صلَّى الله عليه وعلى آله وسلَّم.
ومن أراد أن يقفَ على هذه الأحاديث وما يشابهها في تحذير النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم عن إتيان المعاصي بالنسبة للصَّائم، وأنَّ هذا النَّهي هو من عموم قوله تبارك وتعالى: ﴿لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ من أراد أن يقف على هذا النَّوع من الأحاديث؛ فعليه بكتاب: "التَّرغِيب والتَّرهِيب" للحافظ الْمُنذِريُّ -رحمه الله-.
للاستماع:
المصدر: سلسلة الهدى والنور الشريط رقم: 692، الدقيقة: 12 و 20 ث
** ** ** ** **