السرعة في قضاء التحكيم(دراسة مقارنة)
السرعة في قضاء التحكيم
في ظل القانون رقم /4/ لعام 2008
الخاص بالتحكيم في الجمهورية العربية السورية
بالمقارنة مع التشريعين المصري والأردني
المحامي أيمن بهلول
شكَّل تراكم القضايا المنظورة أمام القضاء مشكلة كبيرة لم يتمكن القائمون على القضاء من معالجتها على مدى سنين طويلة، ورغم أن عدد سكان سورية قد تضاعف أكثر من خمس مرات منذ أربعين عاماً، فإن عدد القضاة لم يتغير منذ ذلك الزمن، وبقي يتراوح بين ألف وألف وخمسمئة قاضٍ في أحسن الحالات. هذا بالإضافة إلى تضخم وازدياد القضايا المطروحة أمام القضاء نظراً لتعقد شؤون الحياة والمصالح الاقتصادية والعلاقات التجارية والمالية بين الناس.
إن تراكم القضايا وازدياد عددها أمام القاضي جعل مسألة البت بها متراخية ممتدة إلى آجال بعيدة، فبات من النادر أن تحسم قضية إلا بعد أن تأخذ زمناً طويلاً.
لكن الحقيقة تؤكد أن مسؤولية إطالة أمد التقاضي في قضاء الدولة تقع في جزء منها على أطراف النزاع، بحيث لو اتجهت إرادة الأطراف إلى السرعة في حسم النزاع، كما هو الحال عند اختيارهم للتحكيم، لتحقق لهم ذلك، إنما في حدود معينة، ذلك لأن الأطراف وإن تخلوا عن محاولات مد أجل التقاضي عبر السبل المختلفة التي أتاحها أمامهم قانون أصول المحاكمات، فإن ثمة عقبات عدة لا يمكن تخطيها في ظل قضاء الدولة، كتعيين مواعيد جلسات قريبة، أو تحديد أجل لصدور الحكم بحسم النزاع، أو تشكيل لجان الخبرة، إضافة إلى أنه من غير الممكن أن يترك أحد المتقاضين أو جميعهم فرصة الاستئناف أو الطعن بحجة السرعة، إذ غالباً ما ينهض لدى الطرف الخاسر الأمل في أن تكون سبل الطعن وسيلة للوصول إلى تمحيص وتدقيق أكثر وبالتالي تتشكل القناعة لديه بإمكانية الوصول إلى الحكم العادل.
لذلك كان اللجوء إلى التحكيم هو الحل الأمثل للوصول إلى حسم سريع لقضايا النزاع، لأن تأخر تحقيق العدالة يجرحها، وينتقص منها، فالعدالة المتأخرة عدالة منقوصة، والسير ببطء نحو تحقيق العدالة هو شكل من أشكال الظلم يجرح العدالة.
وتعتبر سرعة البت في القضايا المنظورة أمام قضاء التحكيم من أهم دوافع اعتماده بديلاً عن قضاء الدولة في فض النزاعات وحل الخلافات التجارية وكل ما يصح فيه التحكيم، ذلك إلى جانب الدوافع الأخرى، وإضافة إلى المساحة الواسعة من الحرية التي يتمتع بها الأطراف في قضاء التحكيم في مسائل مختلفة لا تتوفر في ظل قضاء الدولة.
وقد عالج المشرع السوري مسألة السرعة في المادة (37) من القانون رقم/4/ لعام 2008 لجهة مدّة التحكيم، وفي المادة (49) لجهة درجات التقاضي، وسوف نعرض تلك المعالجة، مع المقارنة والنقاش، وفق ما يلي:
أولاً: حصر مدّة التحكيم
المدّة التي يجب خلالها إصدار حكم التحكيم
ألزم المشرع السوري بموجب (م 37 ف1) هيئةَ التحكيم بالبتّ في النزاع ضمن زمن معين هو /180/ يوماً، إذا لم يكن الأطراف قد حدّدوا مدّةً خلاف ذلك.
وأعطى لهيئة التحكيم صلاحية مدّ الميعاد لمدّة لا تزيد عن/90/ يوماً ولمرة واحدة حسب (م 37ف2).
وقرر المشرع السوري (م 37ف3) أنه إذا لم يصدر الحكم مع انقضاء المدّتين المشار إليهما جاز لأي من طرفي التحكيم أن يطلب من المحكمة المختصة خلال عشرة أيام من انتهاء الميعاد السابق مدّ أجل التحكيم لمدّة إضافية لا تتجاوز /90/ يوماً ولمرة واحدة ، ثم تـُصدر المحكمة بقرار مبرم قبولَ التمديد أو ردّ الطلب، وذلك في غرفة المذاكرة بعد دعوة الخصوم.
وبالمقارنة مع التشريعين المصري والأردني، فقد حدّد المشرع المصري مدة البت في النزاع ما لم يتفق الأطراف على مدة معينة، في المادة 45/1 بـ12شهراً، وكذلك حدَّدها أيضاً المشرع الأردني بـ 12 شهراً في المادة 37/أ، ونلاحظ أن القانون السوري قد خفَّض هذه المدة إلى النصف.
أما الصلاحية الممنوحة لهيئة التحكيم في مدِّ ميعاد التحكيم فقد حددها قانون التحكيم المصري بستة أشهر (م 45/1) وكذلك حددها قانون التحكيم الأردني بستة أشهر أيضاً (م 37/أ)، ونلاحظ أن القانون السوري قد خفَّض هذه المدة إلى النصف، إضافة إلى أن القانونين المصري والأردني لم يذكرا عبارة المرة الواحدة، التي نص عليها القانون السوري.
وجاء في القانونين المصري (م 45/2) والأردني (م 37/ب) أن الطلب في حالة عدم صدور الحكم مع انقضاء المدّتين المشار إليهما يوجه من قبل أي من الأطراف إلى رئيس المحكمة لا إلى المحكمة المختصة كما هو الحال في القانون السوري، ولم يحدد القانونان المصري والأردني مدّة لجواز هذا الطلب بينما حددها المشرع السوري بعشرة أيام من انتهاء الميعاد. كما اكتفى المشرع المصري بالقول: الطلب من رئيس المحكمة أن يصدر أمراً بتحديد ميعاد إضافي، فلم يحدد مدة ذلك الميعاد ولم يذكر فيما إذا كان ذلك ممكناً غير مرّة، بينما قال القانون الأردني صراحة: ...أن يصدر أمراً لتحديد موعد إضافي أو أكثر، في حين لم يترك المشرع السوري المدة مفتوحة ولم يمنح سوى فرصة واحدة حيث نص القانون السوري على أن الطلب يكون بمدّ أجل التحكيم لمدّة إضافية لا تتجاوز /90/ يوماً ولمرة واحدة.
ويشار أخيراً إلى مصير هذا الطلب حيث حدده المشرع السوري بقوله: تـُصدر المحكمة بقرار مبرم قبولَ التمديد أو ردّ الطلب، وذلك في غرفة المذاكرة بعد دعوة الخصوم. بينما يكون ذلك في التشريعين المصري والأردني بأن يصدر رئيس المحكمة أمراً. وهنا يبرز الفرق بين الأمر الذي يصدره رئيس المحكمة والقرار الذي تصدره المحكمة في غرفة المذاكرة بعد دعوة الخصوم.
بدء سريان المدّة التي يتعين خلالها إصدار الحكم
عيـَّن المشرع السوري في المادة 37/1 من قانون التحكيم السوري، تاريخَ انعقاد أول جلسة لهيئة التحكيم، موعداً لبدء سريان المدّة التي يتعين خلالها إصدار الحكم، والتي حددها بـ(180) يوماً.
وحيث أن سريان المدة يبدأ من تاريخ انعقاد أول جلسة لهيئة التحكيم، فيجب أن نبحث عن ضوابط تعيين موعد انعقاد أول جلسة:
في الواقع لم يحدد المشرع السوري ضوابط معينة تـُلزم هيئة التحكيم بعقد أول جلسة في وقت محدد أو موعد معين، ولم يشترط تعليقها بإجراء مقرر. وبمراجعة المادة /29/ من قانون التحكيم المتعلقة باجتماع هيئة التحكيم وعقد جلساتها، نرى أنها ذكرت أن الهيئة تجتمع بدعوة من رئيسها، وبحثت في مكان الانعقاد، وإبلاغ الأطراف مواعيد الجلسات، إلا أنها لم تتطرق لما يـُلزم الهيئة بموعد أول اجتماع، ليتعين بدء سريان المدّة.
بينما ضبط المشرع المصري هذه المسألة بأن قرر أن يبدأ سريان المدّة من تاريخ بدء إجراءات التحكيم (م 45 ف1)، وتم تحديد موعد بدء إجراءات التحكيم بنص صريح حيث نصت المادة /27/ على ما يلي: (تبدأ إجراءات التحكيم من اليوم الذي يتسلم فيه المدّعى عليه طلب التحكيم من المدّعي، ما لم يتفق الطرفان على موعد آخر).
ولئن كان المشرع السوري قد ترك للأطراف حرية تعيين مدّة التحكيم كما فعل المشرع المصري إلا أن الأخير قد منح الأطراف أيضاً حرية تحديد تاريخ بدء سريانها، كأن تكون من تاريخ قبول محكـّم المحتكم أو المحتكم ضده لمهمته، أو من تاريخ قبول آخر محكم لمهمته كما هو الحال في التشريع اللبناني، لكنه عيـّن بصورة حاسمة مسلكاً احتياطياً يتم سلوكه عند عدم اتفاق الأطراف على خلافه كما ذكرنا، فيما لم يفعل ذلك المشرع السوري.
وبالمقارنة مع المشرع الأردني نجد أنه أيضاً ضبط هذه المسألة بأن قرر أن يبدأ سريان المدّة من تاريخ بدء إجراءات التحكيم (م 37 /أ)، وتم تحديد موعد بدء إجراءات التحكيم بنص صريح، فقد نصت المادة /26/ منه على ما يلي: (تبدأ إجراءات التحكيم من اليوم الذي يكتمل فيه تشكيل هيئة التحكيم، ما لم يتفق الطرفان على غير ذلك).
وبذلك يكون المشرع الأردني قد سار على نهج المشرع المصري بأن منح الأطراف أيضاً حرية تحديد تاريخ بدء سريان المدة، لكنه عيـّن بصورة حاسمة مسلكاً احتياطياً، يتم سلوكه عند عدم اتفاق الأطراف على خلافه، بأن تبدأ من اليوم الذي يكتمل فيه تشكيل هيئة التحكيم، فيما لم يفعل ذلك المشرع السوري، وبالتالي بدت الثغرة التي فتحها المشرع السوري في هذا المجال غير مفتوحة في التشريعين المصري والأردني.
وبالعودة لنص المادة /26/ من قانون التحكيم السوري التي تحدد تاريخ بدء إجراءات التحكيم المطابق لنص المادة /27/ من قانون التحكيم المصري مع تعديل بسيط، إذ نص على ما يلي: (تبدأ إجراءات التحكيم من اليوم التالي لليوم الذي يتسلم فيه المدّعى عليه طلب التحكيم من المدّعي ما لم يتفق طرفا التحكيم على غير ذلك)، وبالعودة أيضاً إلى نظيرة هاتين المادتين في قانون التحكيم الأردني وهي المادة /26/ المذكورة آنفاً، نجد أنه من غير الممكن إعمالها في تعيين بدء سريان مدّة التحكيم كما هو الحال في القانون المصري والقانون الأردني، لأن النص في المادة 37/1 من قانون التحكيم السوري جاء صريحاً بتحديد بدء سريان المدّة من تاريخ انعقاد أول جلسة، وليس من تاريخ بدء إجراءات التحكيم، وبالتالي يبرز التساؤل عن وظيفة هذه المادة في ذلك الإطار.
مدّة تمديد أجل التحكيم
• المدّة القانونية:
أجاز قانون التحكيم السوري (م 37ف2) لهيئة التحكيم مدّ أجل التحكيم لمدّة لا تزيد عن تسعين يوماً ولمرة واحدة. كما أجاز للمحكمة (المعرّفة في المادة 3 منه) بناءً على طلب أحد الأطراف تمديد أجل التحكيم لمدّة إضافية لا تتجاوز تسعين يوماً ولمرة واحدة أيضاً. ويعتبر ذلك خطوة تحسب للمشرع السوري باتجاه ضبط أمد التحكيم، باعتبار أن عامل السرعة هو أهم ما يميز التحكيم وهو هدف طالبي التحكيم.
ونلاحظ هنا اختصار المشرع السوري المدّة عن المشرعين المصري والأردني إلى النصف في الحالة الأولى، وتعيينها بتسعين يوماً في الحالة الثانية في حين أن المشرعين المصري والأردني تركاها مفتوحة بقولهما: (ميعاد إضافي)، دون تحديد مدّة، كما مرَّ معنا.
ولم يترك المشرع السوري أيضاً الزمن الذي يحق خلاله لأطراف التحكيم الطلب من المحكمة (الحالة الثانية) مدّ أجل التحكيم مفتوحاً، كما فعل المشرعان المصري والأردني، إنما حصر ذلك بعشرة أيام من انتهاء الميعاد المشار إليه في الفقرتين (1و2) من المادة /37/.
وهي خطوة أخرى تحسب للمشرع السوري في مجال ضبط أمد التحكيم.
ونرى أن ما سـُجّـل للمشرع السوري باتجاه ضبط أمد التحكيم سيكون مهدداً بالضياع، ما لم تُحسم المسألتان التاليتان، إضافة لما ذكرناه في فقرة بدء سريان المدّة:
أ- هل المقصود بالمرة الواحدة حصر عملية التمديد بتسعين يوماً فقط؟ وبالتالي إذا جرى التمديد، مثلاً، خمسين يوماً فهل يمكن التمديد مرة أخرى أربعين يوماً؟. أي أن التسعين يوماً تستنفد مرة واحدة ولا تتكرر بصرف النظر عن عدد المرات. (وهنا يقع الإشكال في احتمال إطالة أمد الزمن الفاصل بين المرات المتعددة لاكتمال مدّة التسعين يوماً). أم أن المرة الواحدة تعود على قرار مدّ أجل التحكيم؟ وبالتالي إذا جاء المدّ خمسين يوماً أو عشرة أيام، مثلاً لسبب ما، فإنه يسقط الحق بالتمديد مرة أخرى، أي أن التمديد جائز مرة واحدة فقط، بصرف النظر عن المدّة، على أن لا تتجاوز تسعين يوماً، وهو الأرجح والأفضل، إلا أن ضمان عدم العمل بالاحتمال الأول يقتضي التصريح بذلك.
ب ـ يجب تحديد الزمن المتاح بين تاريخ تقديم الطلب إلى المحكمة وتاريخ صدور قرارها بالتمديد أو برد الطلب، نظراً لاشتراط دعوة الخصوم.
• المدّة الاتفاقية:
من الواضح أن المدّة الاتفاقية تتقدم على المدّة القانونية، ذلك إعلاءً لشأن إرادة الأطراف، وبالتالي لا يُعمل بالمدّة القانونية إلا عند تأخر المدّة الاتفاقية أي غياب اتفاق الأطراف، لكن السؤال: هل هناك ضوابط لأشكال اتفاق الطرفين على المُدَدْ المشار إليها؟
في الواقع قد تَرِدْ المدّة الاتفاقية في الاتفاق على التحكيم ذاته، أياً كانت صورته، سواء كان شرطاً في عقد، أو مشارطة تحكيم، وقد يتم تحديدها أيضاً بطريق غير مباشر وذلك عن طريق الإحالة إلى نظام مؤسسة تحكيمية يتضمن تحديد هذه المدّة سواء كانت هذه الهيئة ستباشر تنظيم التحكيم أم لا.
أما إذا خلا اتفاق التحكيم من تعيين المدّة التي يتوجب خلالها إصدار حكم التحكيم، فيُعمَـل بالمدّة القانونية. على أن خلو الاتفاق من تعيين المدّة الاتفاقية لا يترتب عليه بطلان اتفاق التحكيم.
وبالتالي فإن لهيئة التحكيم إصدار حكمها خلال المدّة المحددة اتفاقاً أو قانوناً أو خلال المدّة المعيـَّنة بالتمديد المقرر في المادة /37/، أما إذا أصدرت حكمها خارج هذه المدد فيكون قابلاً للطعن عليه بالبطلان.
جزاء عدم فصل هيئة التحكيم للنزاع
يحسب للمشرع السوري أنه في حال انتهاء آجال التحكيم سابقة الذكر، دون أن تفصل هيئة التحكيم في النزاع دون عذر مقبول، فقد أعطى للمتضرر من أطراف التحكيم حق مراجعة القضاء المختص لمطالبة الهيئة بالتعويض (م 37ف5).
وهذا يشكل حافزاً لحث هيئة التحكيم على البت في النزاع ضمن المهل الممنوحة، في إطار احترام حقوق الأطراف، التي ارتضت الاحتكام من أجل السرعة، لجهة عدم ضياع الوقت، بل يمكن القول أيضاً لجهة عدم ضياع أتعاب دفعت لهيئة التحكيم سلفاً إذ ستصبح تلك الأتعاب دون جدوى إذا لم تفصل الهيئة بالنزاع. على أن الأعذار المقبولة التي يمكن أن تبديها الهيئة لعدم فصلها النزاع، بغرض إعفائها من المسؤولية ستبقى من صلاحية القضاء المختص الذي سينظر في ادعاء الطرف المتضرر.
وللمقارنة نرى أنه لم يلحظ في القانون المصري ولا في القانون الأردني إشارة إلى هذه المسألة.
ويذكر أن هذه الفقرة(5) من المادة (37) من قانون التحكيم السوري لم تكن واردة في مشروع القانون الذي أقره مجلس الوزراء بتاريخ 9/10/2007.
ومن ناحية ثانية: في حال عدم فصل هيئة التحكيم للنزاع يصبح لأي طرف من أطراف التحكيم أن يرفع دعواه إلى المحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع، ما لم يتفقا على عرض النزاع على هيئة تحكيم مجدّداً (م 37/4)، وهذا ما سار عليه المشرعان المصري (م 45/2) والأردني (م 37/أ).
ثانياً: درجات التقاضي في التحكيم
درجات التقاضي في قضاء الدولة:
باتت مشكلة إطالة أمد التقاضي واحدة من أخطر عيوب قضاء الدولة، وإذا تركنا مايتعلق بالإجراءات أو تراكم الدعاوى وغير ذلك، وبحثنا في أثر درجات التقاضي، نجد أن الدعوى في قضاء الدولة وإن كانت تُنظر أساساً على درجتين، إلا أنها تمر بمراحل تجعل أمد الدعوى يمتد لسنوات كثيرة، فإضافة إلى المرحلتين الابتدائية والاستئنافية تأتي مرحلة محكمة النقض التي قلَّما تنتهي قضية دون الوصول إليها، وهناك إشكالات التنفيذ التي تمتد بدورها على مراحل عدَّة، ثم تأتي أخيراً مسألة مخاصمة القضاة التي باتت مرحلة يلجأ إليها الطرف الراغب بالمماطلة، وإن كان على قناعة تامة بعدم جدوى دعواه. (لسنا هنا بصدد مناقشة مسألة مخاصمة القضاة، سيِّما أن تعديل قانون أصول المحاكمات الذي تم تعديله مؤخراً سوف يساهم في الحدِّ من دعاوى مخاصمة القضاة بصرف النظر عن حجم هذه المساهمة، ولم نُشِرْ إليها مؤيدين أو معترضين، لأنها ليست موضوع بحثنا هنا، إنما أشرنا إليها باعتبارها طريقاً يمتد بسلوكه أمدُ الدعوى سواء أكان ذلك بحق أو بدون وجه حق).
التحكيم قضاء من درجة واحدة:
رأينا في الفقرات السابقة أن المادة /37/ من قانون التحكيم السوري بحثت في سرعة الإجراءات الواجب العمل بها في قضاء التحكيم، لجهة تحديد المهل والمدد الواجب صدور القرارات خلالها. إلا أن ثمة عامل آخر له دور بارز في إعلاء شأن التحكيم كطريق لحل النزاعات وتحقيق العدالة بصورة سريعة، هو أن قضاء التحكيم لا يسير على مبدأ التقاضي على درجتين كما هو الحال في قضاء الدولة، إنما هو قضاء من درجة واحدة. حيث نصت المادة /49/ من قانون التحكيم السوري، على ما يلي: (تصدر أحكام التحكيم طبقاً لأحكام هذا القانون مبرمةً غير خاضعة لأي طريق من طرق الطعن...). ونصت المادة 52/1 من قانون التحكيم المصري على ما يلي: (لا تقبل أحكام التحكيم التي تصدر طبقاً لأحكام هذا القانون الطعن فيها بأي طريق من طرق الطعن المنصوص عليها في قانون المرافعات المدنية والتجارية). وجاءت المادة /48/ من قانون التحكيم الأردني متوافقة مع نظيرتيها في القانونين السوري والمصري سابقتي الذكر، فالحكم الذي يصدر عن التحكيم يصدر مبرماً، متمتعاً بحجية الأمر المقضي به، محصناً من الطعن بأي من طرق الطعن العادية.
ولا يقلل من شأن هذه الحصانة جواز الطعن بطريق غير عادي، هو الطعن بالبطلان، إذ أجازت القوانين رفع دعوى بطلان حكم التحكيم وفقاً للأحكام الواردة والمحددة حصراً في المادتين (50 و51) من قانون التحكيم السوري والمادتين (53 و54) من قانون التحكيم المصري والمواد (49 و50 و51) من قانون التحكيم الأردني.
ضمانات ميزة السرعة التي تجعل قضاء التحكيم وجهةَ المتنازعين
الضمانات الأساسية في قضاء الدولة:
يجب الحرص في قضاء التحكيم على الضمانات الأساسية التي يقدمها التقاضي للخصوم في قضاء الدولة، ولا يجوز إهمالها بذريعة إجراءات تهدف إلى سرعة البت في النزاع. ومن هذه الضمانات احترام مبدأ الوجاهية، ومنها ما أوجبته المادة /25/ من قانون التحكيم السوري على هيئة التحكيم، بأن تعامل طرفي التحكيم على قدم المساواة، وأن تهيئ لكل منهما فرصاً متكافئة وكافية لعرض قضيته والدفاع عن حقوقه، ومثلها المادة /26/ من قانون التحكيم المصري والمادة /25/ من قانون التحكيم الأردني. وهذه ضمانات مُـلزمة ولا يعفى منها المحكم، بأية حال، ولو كان محكماً بالصلح.
ضمانات القضاء على عوائق ميزة السرعة في قضاء التحكيم:
حرص المشرع السوري على وضع ضوابط تمنع وجود عوائق تعطل ميزة السرعة في قضاء التحكيم كمسألة امتناع أحد الأطراف في اتفاق التحكيم عن تعيين محكـَّمه أو تقديمه طلب ردّ محكـَّم الطرف الآخر أو ردّ هيئة التحكيم بأكملها، سعياً إلى التنصل من اتفاق التحكيم أو إطالة أمد التحكيم.
• امتناع أحد الأطراف في اتفاق التحكيم عن تعيين محكـَّمه:
بدا حرص المشرع على عدم استخدام مسألة امتناع أحد الأطراف في اتفاق التحكيم عن تعيين محكـَّمه وسيلة للتنصل من التحكيم أو عرقلته أو إطالة أمده، ذلك في المادة /14/ من قانون التحكيم السوري التي نصت على آليات التنفيذ العيني الإجباري لاتفاق التحكيم، وبينت آلية الشروع في اتخاذ إجراءات التحكيم رغم امتناع أحد الأطراف عن تعيين محكم من قبله، فقد أوجبت تلك المادة على المحكمة اختيار المحكـَّم بناءً على طلب أحد الأطراف والفصل في مسألة تعيينه بصورة سريعة في غرفة المذاكرة بقرار غير قابل للطعن بأي طريق من طرق الطعن.
حيث تؤكد هذه المادة على ضرورة تنفيذ الأطراف المتفقة على التحكيم بما التزمت به، وهو ما يعرف بالأثر الإيجابي للاتفاق على التحكيم، والذي بموجبه يُـلزم القانونُ الأطرافَ باحترام التعهد الصادر عنهم، بالعهدة بالمنازعات الشاجرة بينهم ـ المتفق على فضها بواسطة التحكيم ـ إلى المحكـَّم. حيث أن التزام الأطراف بالعهدة إلى المحكـَّم بالمنازعة موضوع الاتفاق على التحكيم، يأتي نتيجة تطبيق القوة الملزمة للعقود.
وبالمقارنة فقد جاء ذلك متوافقاً مع قانون التحكيم المصري (المادة 17) وقانون التحكيم الأردني (المادة 16).
• تقديم أحد الأطراف طلب ردّ محكـَّم الطرف الآخر أو ردّ هيئة التحكيم بأكملها:
عالجت المادة /19/ من قانون التحكيم السوري مسألة الفصل في موضوع ردّ المحكـَّم وحددت الإجراءات والمهل بصورة تضمن حماية ميزة السرعة في قضاء التحكيم. ولابد من الإشارة إلى وجود انتقادات لهذه المادة ولاسيما لجهة عدم تقييد المحكمة بمدّة معينة تنظر خلالها بطلب الردّ، ما يشكل ثغرة في حماية التحكيم من إطالة أمده، ويبرز أثر تعيين هذه المدّة في ضمان سرعة التحكيم نظراً لأن القانون (م 19 ف3) رتـّب على تقديم طلب الردّ وقف إجراءات التحكيم وتعليق مدّته إلى حين صدور القرار برفض طلب الردّ أو إلى حين قبول المحكم البديل مهمته التحكيمية، ولأن القانون أيضاً، وهو الموضوع الأهم، رتـّب على الحكم بردّ المحكـَّم اعتبار ما يكون قد تم من إجراءات ـ بما في ذلك حكم التحكيم ـ كأن لم يكن اعتباراً من تاريخ قيام سبب الردّ (م 19ف5)، ما يعني أنه حتى لو كان المشرع السوري قد سار على ما سار عليه المشرعان المصري (م 19/3) والأردني (م 18/ج) ولم يوقف الإجراءات، فإن خطر عدم تحديد المدّة التي يجب على المحكمة خلالها البت في طلب الردّ يبقى قائماً، طالما أن الحكم بردّ المحكـَّم / متى جاء/ يوجب اعتبار ما يكون قد تم من إجراءات، كأن لم يكن، طيلة مدّة نظر المحكمة بطلب الردّ (لأن تلك المدّة واقعة حتماً بعد تاريخ قيام سبب الرد). وقد نصت (م 19/3) من قانون التحكيم المصري على ما يلي: "لا يترتب على تقديم طلب الرد وقف إجراءات التحكيم. وإذا حكم برد المحكم ترتب على ذلك اعتبار ما يكون قد تم من إجراءات التحكيم، بما في ذلك حكم المحكمين، كأن لم يكن"
اتفاق التحكيم يحجب ولاية القضاء:
أكد القانون على أن اتفاق التحكيم يحجب ولاية القضاء بإعماله ما يسمى بالأثر السلبي لاتفاق التحكيم، وذلك في مواجهة رفع أحد الأطراف دعوى أمام قضاء الدولة، موضوعها هو النزاع ذاته المنظور أمام هيئة التحكيم، أو الموجود في اتفاق التحكيم ولو قبل النظر فيه من قبل الهيئة. إذ أوجبت المادة العاشرة من قانون التحكيم السوري والمادة /13/ من قانون التحكيم المصري والمادة /12/ من قانون التحكيم الأردني على المحكمة التي ترفع أمامها دعوى في مسألة أبرم بشأنها اتفاق تحكيم أن تحكم بعدم قبول الدعوى إذا دفع المدعى عليه بذلك قبل إبدائه أي طلب أو دفاع في الدعوى، وأضاف المشرع السوري على المشرعين المصري والأردني عبارة: (إلا إذا تبين لها أن الاتفاق باطل أو ملغى أو لا يمكن تنفيذه).
ومن الجدير بالذكر أن القوانين الثلاثة السوري والمصري والأردني أكدت في الفقرة الثانية من المواد المذكورة أعلاه أن رفع تلك الدعوى لا يحول دون البدء في إجراءات التحكيم أو الاستمرار فيها أو إصدار حكم التحكيم.
منقول للافادة
مجلة الميزان
http://www.almizanmag.com/modules/news/
السرعة في قضاء التحكيم
في ظل القانون رقم /4/ لعام 2008
الخاص بالتحكيم في الجمهورية العربية السورية
بالمقارنة مع التشريعين المصري والأردني
المحامي أيمن بهلول
شكَّل تراكم القضايا المنظورة أمام القضاء مشكلة كبيرة لم يتمكن القائمون على القضاء من معالجتها على مدى سنين طويلة، ورغم أن عدد سكان سورية قد تضاعف أكثر من خمس مرات منذ أربعين عاماً، فإن عدد القضاة لم يتغير منذ ذلك الزمن، وبقي يتراوح بين ألف وألف وخمسمئة قاضٍ في أحسن الحالات. هذا بالإضافة إلى تضخم وازدياد القضايا المطروحة أمام القضاء نظراً لتعقد شؤون الحياة والمصالح الاقتصادية والعلاقات التجارية والمالية بين الناس.
إن تراكم القضايا وازدياد عددها أمام القاضي جعل مسألة البت بها متراخية ممتدة إلى آجال بعيدة، فبات من النادر أن تحسم قضية إلا بعد أن تأخذ زمناً طويلاً.
لكن الحقيقة تؤكد أن مسؤولية إطالة أمد التقاضي في قضاء الدولة تقع في جزء منها على أطراف النزاع، بحيث لو اتجهت إرادة الأطراف إلى السرعة في حسم النزاع، كما هو الحال عند اختيارهم للتحكيم، لتحقق لهم ذلك، إنما في حدود معينة، ذلك لأن الأطراف وإن تخلوا عن محاولات مد أجل التقاضي عبر السبل المختلفة التي أتاحها أمامهم قانون أصول المحاكمات، فإن ثمة عقبات عدة لا يمكن تخطيها في ظل قضاء الدولة، كتعيين مواعيد جلسات قريبة، أو تحديد أجل لصدور الحكم بحسم النزاع، أو تشكيل لجان الخبرة، إضافة إلى أنه من غير الممكن أن يترك أحد المتقاضين أو جميعهم فرصة الاستئناف أو الطعن بحجة السرعة، إذ غالباً ما ينهض لدى الطرف الخاسر الأمل في أن تكون سبل الطعن وسيلة للوصول إلى تمحيص وتدقيق أكثر وبالتالي تتشكل القناعة لديه بإمكانية الوصول إلى الحكم العادل.
لذلك كان اللجوء إلى التحكيم هو الحل الأمثل للوصول إلى حسم سريع لقضايا النزاع، لأن تأخر تحقيق العدالة يجرحها، وينتقص منها، فالعدالة المتأخرة عدالة منقوصة، والسير ببطء نحو تحقيق العدالة هو شكل من أشكال الظلم يجرح العدالة.
وتعتبر سرعة البت في القضايا المنظورة أمام قضاء التحكيم من أهم دوافع اعتماده بديلاً عن قضاء الدولة في فض النزاعات وحل الخلافات التجارية وكل ما يصح فيه التحكيم، ذلك إلى جانب الدوافع الأخرى، وإضافة إلى المساحة الواسعة من الحرية التي يتمتع بها الأطراف في قضاء التحكيم في مسائل مختلفة لا تتوفر في ظل قضاء الدولة.
وقد عالج المشرع السوري مسألة السرعة في المادة (37) من القانون رقم/4/ لعام 2008 لجهة مدّة التحكيم، وفي المادة (49) لجهة درجات التقاضي، وسوف نعرض تلك المعالجة، مع المقارنة والنقاش، وفق ما يلي:
أولاً: حصر مدّة التحكيم
المدّة التي يجب خلالها إصدار حكم التحكيم
ألزم المشرع السوري بموجب (م 37 ف1) هيئةَ التحكيم بالبتّ في النزاع ضمن زمن معين هو /180/ يوماً، إذا لم يكن الأطراف قد حدّدوا مدّةً خلاف ذلك.
وأعطى لهيئة التحكيم صلاحية مدّ الميعاد لمدّة لا تزيد عن/90/ يوماً ولمرة واحدة حسب (م 37ف2).
وقرر المشرع السوري (م 37ف3) أنه إذا لم يصدر الحكم مع انقضاء المدّتين المشار إليهما جاز لأي من طرفي التحكيم أن يطلب من المحكمة المختصة خلال عشرة أيام من انتهاء الميعاد السابق مدّ أجل التحكيم لمدّة إضافية لا تتجاوز /90/ يوماً ولمرة واحدة ، ثم تـُصدر المحكمة بقرار مبرم قبولَ التمديد أو ردّ الطلب، وذلك في غرفة المذاكرة بعد دعوة الخصوم.
وبالمقارنة مع التشريعين المصري والأردني، فقد حدّد المشرع المصري مدة البت في النزاع ما لم يتفق الأطراف على مدة معينة، في المادة 45/1 بـ12شهراً، وكذلك حدَّدها أيضاً المشرع الأردني بـ 12 شهراً في المادة 37/أ، ونلاحظ أن القانون السوري قد خفَّض هذه المدة إلى النصف.
أما الصلاحية الممنوحة لهيئة التحكيم في مدِّ ميعاد التحكيم فقد حددها قانون التحكيم المصري بستة أشهر (م 45/1) وكذلك حددها قانون التحكيم الأردني بستة أشهر أيضاً (م 37/أ)، ونلاحظ أن القانون السوري قد خفَّض هذه المدة إلى النصف، إضافة إلى أن القانونين المصري والأردني لم يذكرا عبارة المرة الواحدة، التي نص عليها القانون السوري.
وجاء في القانونين المصري (م 45/2) والأردني (م 37/ب) أن الطلب في حالة عدم صدور الحكم مع انقضاء المدّتين المشار إليهما يوجه من قبل أي من الأطراف إلى رئيس المحكمة لا إلى المحكمة المختصة كما هو الحال في القانون السوري، ولم يحدد القانونان المصري والأردني مدّة لجواز هذا الطلب بينما حددها المشرع السوري بعشرة أيام من انتهاء الميعاد. كما اكتفى المشرع المصري بالقول: الطلب من رئيس المحكمة أن يصدر أمراً بتحديد ميعاد إضافي، فلم يحدد مدة ذلك الميعاد ولم يذكر فيما إذا كان ذلك ممكناً غير مرّة، بينما قال القانون الأردني صراحة: ...أن يصدر أمراً لتحديد موعد إضافي أو أكثر، في حين لم يترك المشرع السوري المدة مفتوحة ولم يمنح سوى فرصة واحدة حيث نص القانون السوري على أن الطلب يكون بمدّ أجل التحكيم لمدّة إضافية لا تتجاوز /90/ يوماً ولمرة واحدة.
ويشار أخيراً إلى مصير هذا الطلب حيث حدده المشرع السوري بقوله: تـُصدر المحكمة بقرار مبرم قبولَ التمديد أو ردّ الطلب، وذلك في غرفة المذاكرة بعد دعوة الخصوم. بينما يكون ذلك في التشريعين المصري والأردني بأن يصدر رئيس المحكمة أمراً. وهنا يبرز الفرق بين الأمر الذي يصدره رئيس المحكمة والقرار الذي تصدره المحكمة في غرفة المذاكرة بعد دعوة الخصوم.
بدء سريان المدّة التي يتعين خلالها إصدار الحكم
عيـَّن المشرع السوري في المادة 37/1 من قانون التحكيم السوري، تاريخَ انعقاد أول جلسة لهيئة التحكيم، موعداً لبدء سريان المدّة التي يتعين خلالها إصدار الحكم، والتي حددها بـ(180) يوماً.
وحيث أن سريان المدة يبدأ من تاريخ انعقاد أول جلسة لهيئة التحكيم، فيجب أن نبحث عن ضوابط تعيين موعد انعقاد أول جلسة:
في الواقع لم يحدد المشرع السوري ضوابط معينة تـُلزم هيئة التحكيم بعقد أول جلسة في وقت محدد أو موعد معين، ولم يشترط تعليقها بإجراء مقرر. وبمراجعة المادة /29/ من قانون التحكيم المتعلقة باجتماع هيئة التحكيم وعقد جلساتها، نرى أنها ذكرت أن الهيئة تجتمع بدعوة من رئيسها، وبحثت في مكان الانعقاد، وإبلاغ الأطراف مواعيد الجلسات، إلا أنها لم تتطرق لما يـُلزم الهيئة بموعد أول اجتماع، ليتعين بدء سريان المدّة.
بينما ضبط المشرع المصري هذه المسألة بأن قرر أن يبدأ سريان المدّة من تاريخ بدء إجراءات التحكيم (م 45 ف1)، وتم تحديد موعد بدء إجراءات التحكيم بنص صريح حيث نصت المادة /27/ على ما يلي: (تبدأ إجراءات التحكيم من اليوم الذي يتسلم فيه المدّعى عليه طلب التحكيم من المدّعي، ما لم يتفق الطرفان على موعد آخر).
ولئن كان المشرع السوري قد ترك للأطراف حرية تعيين مدّة التحكيم كما فعل المشرع المصري إلا أن الأخير قد منح الأطراف أيضاً حرية تحديد تاريخ بدء سريانها، كأن تكون من تاريخ قبول محكـّم المحتكم أو المحتكم ضده لمهمته، أو من تاريخ قبول آخر محكم لمهمته كما هو الحال في التشريع اللبناني، لكنه عيـّن بصورة حاسمة مسلكاً احتياطياً يتم سلوكه عند عدم اتفاق الأطراف على خلافه كما ذكرنا، فيما لم يفعل ذلك المشرع السوري.
وبالمقارنة مع المشرع الأردني نجد أنه أيضاً ضبط هذه المسألة بأن قرر أن يبدأ سريان المدّة من تاريخ بدء إجراءات التحكيم (م 37 /أ)، وتم تحديد موعد بدء إجراءات التحكيم بنص صريح، فقد نصت المادة /26/ منه على ما يلي: (تبدأ إجراءات التحكيم من اليوم الذي يكتمل فيه تشكيل هيئة التحكيم، ما لم يتفق الطرفان على غير ذلك).
وبذلك يكون المشرع الأردني قد سار على نهج المشرع المصري بأن منح الأطراف أيضاً حرية تحديد تاريخ بدء سريان المدة، لكنه عيـّن بصورة حاسمة مسلكاً احتياطياً، يتم سلوكه عند عدم اتفاق الأطراف على خلافه، بأن تبدأ من اليوم الذي يكتمل فيه تشكيل هيئة التحكيم، فيما لم يفعل ذلك المشرع السوري، وبالتالي بدت الثغرة التي فتحها المشرع السوري في هذا المجال غير مفتوحة في التشريعين المصري والأردني.
وبالعودة لنص المادة /26/ من قانون التحكيم السوري التي تحدد تاريخ بدء إجراءات التحكيم المطابق لنص المادة /27/ من قانون التحكيم المصري مع تعديل بسيط، إذ نص على ما يلي: (تبدأ إجراءات التحكيم من اليوم التالي لليوم الذي يتسلم فيه المدّعى عليه طلب التحكيم من المدّعي ما لم يتفق طرفا التحكيم على غير ذلك)، وبالعودة أيضاً إلى نظيرة هاتين المادتين في قانون التحكيم الأردني وهي المادة /26/ المذكورة آنفاً، نجد أنه من غير الممكن إعمالها في تعيين بدء سريان مدّة التحكيم كما هو الحال في القانون المصري والقانون الأردني، لأن النص في المادة 37/1 من قانون التحكيم السوري جاء صريحاً بتحديد بدء سريان المدّة من تاريخ انعقاد أول جلسة، وليس من تاريخ بدء إجراءات التحكيم، وبالتالي يبرز التساؤل عن وظيفة هذه المادة في ذلك الإطار.
مدّة تمديد أجل التحكيم
• المدّة القانونية:
أجاز قانون التحكيم السوري (م 37ف2) لهيئة التحكيم مدّ أجل التحكيم لمدّة لا تزيد عن تسعين يوماً ولمرة واحدة. كما أجاز للمحكمة (المعرّفة في المادة 3 منه) بناءً على طلب أحد الأطراف تمديد أجل التحكيم لمدّة إضافية لا تتجاوز تسعين يوماً ولمرة واحدة أيضاً. ويعتبر ذلك خطوة تحسب للمشرع السوري باتجاه ضبط أمد التحكيم، باعتبار أن عامل السرعة هو أهم ما يميز التحكيم وهو هدف طالبي التحكيم.
ونلاحظ هنا اختصار المشرع السوري المدّة عن المشرعين المصري والأردني إلى النصف في الحالة الأولى، وتعيينها بتسعين يوماً في الحالة الثانية في حين أن المشرعين المصري والأردني تركاها مفتوحة بقولهما: (ميعاد إضافي)، دون تحديد مدّة، كما مرَّ معنا.
ولم يترك المشرع السوري أيضاً الزمن الذي يحق خلاله لأطراف التحكيم الطلب من المحكمة (الحالة الثانية) مدّ أجل التحكيم مفتوحاً، كما فعل المشرعان المصري والأردني، إنما حصر ذلك بعشرة أيام من انتهاء الميعاد المشار إليه في الفقرتين (1و2) من المادة /37/.
وهي خطوة أخرى تحسب للمشرع السوري في مجال ضبط أمد التحكيم.
ونرى أن ما سـُجّـل للمشرع السوري باتجاه ضبط أمد التحكيم سيكون مهدداً بالضياع، ما لم تُحسم المسألتان التاليتان، إضافة لما ذكرناه في فقرة بدء سريان المدّة:
أ- هل المقصود بالمرة الواحدة حصر عملية التمديد بتسعين يوماً فقط؟ وبالتالي إذا جرى التمديد، مثلاً، خمسين يوماً فهل يمكن التمديد مرة أخرى أربعين يوماً؟. أي أن التسعين يوماً تستنفد مرة واحدة ولا تتكرر بصرف النظر عن عدد المرات. (وهنا يقع الإشكال في احتمال إطالة أمد الزمن الفاصل بين المرات المتعددة لاكتمال مدّة التسعين يوماً). أم أن المرة الواحدة تعود على قرار مدّ أجل التحكيم؟ وبالتالي إذا جاء المدّ خمسين يوماً أو عشرة أيام، مثلاً لسبب ما، فإنه يسقط الحق بالتمديد مرة أخرى، أي أن التمديد جائز مرة واحدة فقط، بصرف النظر عن المدّة، على أن لا تتجاوز تسعين يوماً، وهو الأرجح والأفضل، إلا أن ضمان عدم العمل بالاحتمال الأول يقتضي التصريح بذلك.
ب ـ يجب تحديد الزمن المتاح بين تاريخ تقديم الطلب إلى المحكمة وتاريخ صدور قرارها بالتمديد أو برد الطلب، نظراً لاشتراط دعوة الخصوم.
• المدّة الاتفاقية:
من الواضح أن المدّة الاتفاقية تتقدم على المدّة القانونية، ذلك إعلاءً لشأن إرادة الأطراف، وبالتالي لا يُعمل بالمدّة القانونية إلا عند تأخر المدّة الاتفاقية أي غياب اتفاق الأطراف، لكن السؤال: هل هناك ضوابط لأشكال اتفاق الطرفين على المُدَدْ المشار إليها؟
في الواقع قد تَرِدْ المدّة الاتفاقية في الاتفاق على التحكيم ذاته، أياً كانت صورته، سواء كان شرطاً في عقد، أو مشارطة تحكيم، وقد يتم تحديدها أيضاً بطريق غير مباشر وذلك عن طريق الإحالة إلى نظام مؤسسة تحكيمية يتضمن تحديد هذه المدّة سواء كانت هذه الهيئة ستباشر تنظيم التحكيم أم لا.
أما إذا خلا اتفاق التحكيم من تعيين المدّة التي يتوجب خلالها إصدار حكم التحكيم، فيُعمَـل بالمدّة القانونية. على أن خلو الاتفاق من تعيين المدّة الاتفاقية لا يترتب عليه بطلان اتفاق التحكيم.
وبالتالي فإن لهيئة التحكيم إصدار حكمها خلال المدّة المحددة اتفاقاً أو قانوناً أو خلال المدّة المعيـَّنة بالتمديد المقرر في المادة /37/، أما إذا أصدرت حكمها خارج هذه المدد فيكون قابلاً للطعن عليه بالبطلان.
جزاء عدم فصل هيئة التحكيم للنزاع
يحسب للمشرع السوري أنه في حال انتهاء آجال التحكيم سابقة الذكر، دون أن تفصل هيئة التحكيم في النزاع دون عذر مقبول، فقد أعطى للمتضرر من أطراف التحكيم حق مراجعة القضاء المختص لمطالبة الهيئة بالتعويض (م 37ف5).
وهذا يشكل حافزاً لحث هيئة التحكيم على البت في النزاع ضمن المهل الممنوحة، في إطار احترام حقوق الأطراف، التي ارتضت الاحتكام من أجل السرعة، لجهة عدم ضياع الوقت، بل يمكن القول أيضاً لجهة عدم ضياع أتعاب دفعت لهيئة التحكيم سلفاً إذ ستصبح تلك الأتعاب دون جدوى إذا لم تفصل الهيئة بالنزاع. على أن الأعذار المقبولة التي يمكن أن تبديها الهيئة لعدم فصلها النزاع، بغرض إعفائها من المسؤولية ستبقى من صلاحية القضاء المختص الذي سينظر في ادعاء الطرف المتضرر.
وللمقارنة نرى أنه لم يلحظ في القانون المصري ولا في القانون الأردني إشارة إلى هذه المسألة.
ويذكر أن هذه الفقرة(5) من المادة (37) من قانون التحكيم السوري لم تكن واردة في مشروع القانون الذي أقره مجلس الوزراء بتاريخ 9/10/2007.
ومن ناحية ثانية: في حال عدم فصل هيئة التحكيم للنزاع يصبح لأي طرف من أطراف التحكيم أن يرفع دعواه إلى المحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع، ما لم يتفقا على عرض النزاع على هيئة تحكيم مجدّداً (م 37/4)، وهذا ما سار عليه المشرعان المصري (م 45/2) والأردني (م 37/أ).
ثانياً: درجات التقاضي في التحكيم
درجات التقاضي في قضاء الدولة:
باتت مشكلة إطالة أمد التقاضي واحدة من أخطر عيوب قضاء الدولة، وإذا تركنا مايتعلق بالإجراءات أو تراكم الدعاوى وغير ذلك، وبحثنا في أثر درجات التقاضي، نجد أن الدعوى في قضاء الدولة وإن كانت تُنظر أساساً على درجتين، إلا أنها تمر بمراحل تجعل أمد الدعوى يمتد لسنوات كثيرة، فإضافة إلى المرحلتين الابتدائية والاستئنافية تأتي مرحلة محكمة النقض التي قلَّما تنتهي قضية دون الوصول إليها، وهناك إشكالات التنفيذ التي تمتد بدورها على مراحل عدَّة، ثم تأتي أخيراً مسألة مخاصمة القضاة التي باتت مرحلة يلجأ إليها الطرف الراغب بالمماطلة، وإن كان على قناعة تامة بعدم جدوى دعواه. (لسنا هنا بصدد مناقشة مسألة مخاصمة القضاة، سيِّما أن تعديل قانون أصول المحاكمات الذي تم تعديله مؤخراً سوف يساهم في الحدِّ من دعاوى مخاصمة القضاة بصرف النظر عن حجم هذه المساهمة، ولم نُشِرْ إليها مؤيدين أو معترضين، لأنها ليست موضوع بحثنا هنا، إنما أشرنا إليها باعتبارها طريقاً يمتد بسلوكه أمدُ الدعوى سواء أكان ذلك بحق أو بدون وجه حق).
التحكيم قضاء من درجة واحدة:
رأينا في الفقرات السابقة أن المادة /37/ من قانون التحكيم السوري بحثت في سرعة الإجراءات الواجب العمل بها في قضاء التحكيم، لجهة تحديد المهل والمدد الواجب صدور القرارات خلالها. إلا أن ثمة عامل آخر له دور بارز في إعلاء شأن التحكيم كطريق لحل النزاعات وتحقيق العدالة بصورة سريعة، هو أن قضاء التحكيم لا يسير على مبدأ التقاضي على درجتين كما هو الحال في قضاء الدولة، إنما هو قضاء من درجة واحدة. حيث نصت المادة /49/ من قانون التحكيم السوري، على ما يلي: (تصدر أحكام التحكيم طبقاً لأحكام هذا القانون مبرمةً غير خاضعة لأي طريق من طرق الطعن...). ونصت المادة 52/1 من قانون التحكيم المصري على ما يلي: (لا تقبل أحكام التحكيم التي تصدر طبقاً لأحكام هذا القانون الطعن فيها بأي طريق من طرق الطعن المنصوص عليها في قانون المرافعات المدنية والتجارية). وجاءت المادة /48/ من قانون التحكيم الأردني متوافقة مع نظيرتيها في القانونين السوري والمصري سابقتي الذكر، فالحكم الذي يصدر عن التحكيم يصدر مبرماً، متمتعاً بحجية الأمر المقضي به، محصناً من الطعن بأي من طرق الطعن العادية.
ولا يقلل من شأن هذه الحصانة جواز الطعن بطريق غير عادي، هو الطعن بالبطلان، إذ أجازت القوانين رفع دعوى بطلان حكم التحكيم وفقاً للأحكام الواردة والمحددة حصراً في المادتين (50 و51) من قانون التحكيم السوري والمادتين (53 و54) من قانون التحكيم المصري والمواد (49 و50 و51) من قانون التحكيم الأردني.
ضمانات ميزة السرعة التي تجعل قضاء التحكيم وجهةَ المتنازعين
الضمانات الأساسية في قضاء الدولة:
يجب الحرص في قضاء التحكيم على الضمانات الأساسية التي يقدمها التقاضي للخصوم في قضاء الدولة، ولا يجوز إهمالها بذريعة إجراءات تهدف إلى سرعة البت في النزاع. ومن هذه الضمانات احترام مبدأ الوجاهية، ومنها ما أوجبته المادة /25/ من قانون التحكيم السوري على هيئة التحكيم، بأن تعامل طرفي التحكيم على قدم المساواة، وأن تهيئ لكل منهما فرصاً متكافئة وكافية لعرض قضيته والدفاع عن حقوقه، ومثلها المادة /26/ من قانون التحكيم المصري والمادة /25/ من قانون التحكيم الأردني. وهذه ضمانات مُـلزمة ولا يعفى منها المحكم، بأية حال، ولو كان محكماً بالصلح.
ضمانات القضاء على عوائق ميزة السرعة في قضاء التحكيم:
حرص المشرع السوري على وضع ضوابط تمنع وجود عوائق تعطل ميزة السرعة في قضاء التحكيم كمسألة امتناع أحد الأطراف في اتفاق التحكيم عن تعيين محكـَّمه أو تقديمه طلب ردّ محكـَّم الطرف الآخر أو ردّ هيئة التحكيم بأكملها، سعياً إلى التنصل من اتفاق التحكيم أو إطالة أمد التحكيم.
• امتناع أحد الأطراف في اتفاق التحكيم عن تعيين محكـَّمه:
بدا حرص المشرع على عدم استخدام مسألة امتناع أحد الأطراف في اتفاق التحكيم عن تعيين محكـَّمه وسيلة للتنصل من التحكيم أو عرقلته أو إطالة أمده، ذلك في المادة /14/ من قانون التحكيم السوري التي نصت على آليات التنفيذ العيني الإجباري لاتفاق التحكيم، وبينت آلية الشروع في اتخاذ إجراءات التحكيم رغم امتناع أحد الأطراف عن تعيين محكم من قبله، فقد أوجبت تلك المادة على المحكمة اختيار المحكـَّم بناءً على طلب أحد الأطراف والفصل في مسألة تعيينه بصورة سريعة في غرفة المذاكرة بقرار غير قابل للطعن بأي طريق من طرق الطعن.
حيث تؤكد هذه المادة على ضرورة تنفيذ الأطراف المتفقة على التحكيم بما التزمت به، وهو ما يعرف بالأثر الإيجابي للاتفاق على التحكيم، والذي بموجبه يُـلزم القانونُ الأطرافَ باحترام التعهد الصادر عنهم، بالعهدة بالمنازعات الشاجرة بينهم ـ المتفق على فضها بواسطة التحكيم ـ إلى المحكـَّم. حيث أن التزام الأطراف بالعهدة إلى المحكـَّم بالمنازعة موضوع الاتفاق على التحكيم، يأتي نتيجة تطبيق القوة الملزمة للعقود.
وبالمقارنة فقد جاء ذلك متوافقاً مع قانون التحكيم المصري (المادة 17) وقانون التحكيم الأردني (المادة 16).
• تقديم أحد الأطراف طلب ردّ محكـَّم الطرف الآخر أو ردّ هيئة التحكيم بأكملها:
عالجت المادة /19/ من قانون التحكيم السوري مسألة الفصل في موضوع ردّ المحكـَّم وحددت الإجراءات والمهل بصورة تضمن حماية ميزة السرعة في قضاء التحكيم. ولابد من الإشارة إلى وجود انتقادات لهذه المادة ولاسيما لجهة عدم تقييد المحكمة بمدّة معينة تنظر خلالها بطلب الردّ، ما يشكل ثغرة في حماية التحكيم من إطالة أمده، ويبرز أثر تعيين هذه المدّة في ضمان سرعة التحكيم نظراً لأن القانون (م 19 ف3) رتـّب على تقديم طلب الردّ وقف إجراءات التحكيم وتعليق مدّته إلى حين صدور القرار برفض طلب الردّ أو إلى حين قبول المحكم البديل مهمته التحكيمية، ولأن القانون أيضاً، وهو الموضوع الأهم، رتـّب على الحكم بردّ المحكـَّم اعتبار ما يكون قد تم من إجراءات ـ بما في ذلك حكم التحكيم ـ كأن لم يكن اعتباراً من تاريخ قيام سبب الردّ (م 19ف5)، ما يعني أنه حتى لو كان المشرع السوري قد سار على ما سار عليه المشرعان المصري (م 19/3) والأردني (م 18/ج) ولم يوقف الإجراءات، فإن خطر عدم تحديد المدّة التي يجب على المحكمة خلالها البت في طلب الردّ يبقى قائماً، طالما أن الحكم بردّ المحكـَّم / متى جاء/ يوجب اعتبار ما يكون قد تم من إجراءات، كأن لم يكن، طيلة مدّة نظر المحكمة بطلب الردّ (لأن تلك المدّة واقعة حتماً بعد تاريخ قيام سبب الرد). وقد نصت (م 19/3) من قانون التحكيم المصري على ما يلي: "لا يترتب على تقديم طلب الرد وقف إجراءات التحكيم. وإذا حكم برد المحكم ترتب على ذلك اعتبار ما يكون قد تم من إجراءات التحكيم، بما في ذلك حكم المحكمين، كأن لم يكن"
اتفاق التحكيم يحجب ولاية القضاء:
أكد القانون على أن اتفاق التحكيم يحجب ولاية القضاء بإعماله ما يسمى بالأثر السلبي لاتفاق التحكيم، وذلك في مواجهة رفع أحد الأطراف دعوى أمام قضاء الدولة، موضوعها هو النزاع ذاته المنظور أمام هيئة التحكيم، أو الموجود في اتفاق التحكيم ولو قبل النظر فيه من قبل الهيئة. إذ أوجبت المادة العاشرة من قانون التحكيم السوري والمادة /13/ من قانون التحكيم المصري والمادة /12/ من قانون التحكيم الأردني على المحكمة التي ترفع أمامها دعوى في مسألة أبرم بشأنها اتفاق تحكيم أن تحكم بعدم قبول الدعوى إذا دفع المدعى عليه بذلك قبل إبدائه أي طلب أو دفاع في الدعوى، وأضاف المشرع السوري على المشرعين المصري والأردني عبارة: (إلا إذا تبين لها أن الاتفاق باطل أو ملغى أو لا يمكن تنفيذه).
ومن الجدير بالذكر أن القوانين الثلاثة السوري والمصري والأردني أكدت في الفقرة الثانية من المواد المذكورة أعلاه أن رفع تلك الدعوى لا يحول دون البدء في إجراءات التحكيم أو الاستمرار فيها أو إصدار حكم التحكيم.
منقول للافادة
مجلة الميزان
http://www.almizanmag.com/modules/news/