الإسلام وعلاج العمى واهجروهن فى المضاجع
د. مبروك عطية يكتب: الإسلام وعلاج العمى واهجروهن فى المضاجع
د. مبروك عطية
١٧/ ١٢/ ٢٠١٠
كلما قرأت القرآن ازددت معرفة، وعرفت أسراراً، ووقفت عندها خاشعاً، تقول عند وقوفك سبحان الله، الذى قال هذا، وسبحان الله الذى أراد لعباده مقتضى هذا القول، الذى فيه سعادتهم وراحتهم وفوزهم فى الدنيا والآخرة، وما ظلمهم الله، ولكن أنفسهم يظلمون إذ حادوا عن مراد الله ربهم، وغلبتهم عاداتهم وتقاليدهم، إلى درجة أنها صارت بمثابة شرع لهم ما أنزل الله به من سلطان.
ومن ذلك قول الله -تعالى- فى إصلاح النساء اللاتى بدت منهن أمارات النشوز، فقد قال سبحانه: «واللاتى تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن فى المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً إن الله كان علياً كبيراً» والشاهد فى قوله تعالى: «واهجروهن فى المضاجع»، حيث جعل المضاجع -جمع مضجع- ظرفاً للهجر التأديبى، وفرق كبير بين أن يهجر الزوج زوجته فى المضجع، وبين أن يترك لها البيت، والحى، والمدينة، والدولة، فالذى يهجر زوجته فى المضجع بأن ينام على فراشها، وإلى جوارها،
ولكن لا يقربها، مع تحقق القرب الذى هو مظنة المباشرة والمعاشرة- ففى ذلك إيذاء لها، بلاشك، فإن الزوج لو كان على سفر بعيد لكان هناك عذر، لكن أن يكون فى مضجعها وهو عنها بعيد، فذلك شىء مؤثر فى النفوس السوية، والقلوب السليمة، والطباع المستقيمة، وفى الوقت نفسه فيه أتم استعداد من قبل الزوج على المصالحة لأدنى اعتذار منها، فهو بمثابة الماء الشبم (العذب)، الذى هو إلى جنب ظمآن،
ليس بينه وبين الارتواء منه إلا أن يمد إليه يده، فالزوج الهاجر فى المضجع ماء زلال بالنسبة إلى زوجته، لا شىء يحول بينها وبين كامل وده، إلا أن تعتذر له عن بادرة النشوز، عندئذ يلتقيان قلبا كما هما الآن يلتقيان جسداً فى المضجع.
هذا مراد الله -والله أعلم بمراده- فانظر إليه فى ضوء التعبير بـ«فى» التى أصل معناها الظرفية، كيف جعل المضجع ظرفاً للهجر، لا يتجاوزه الهجر إلى غيره، فلا هجر خارجه ولو فى البيت نفسه، وهو كما صورت لك، يضطجع إلى جنبها، وهو هاجر، ومثل ذلك الزوج ما هجر فى المضجع إلا لكى يكون الصلح قريباً جداً، فمتى نادته وجدته، ومتى أشارت إليه استجاب، ومتى سألت أجاب، دون عنت انتظار أو عذاب، ثم انظر بعد ذلك إلى واقع حياة الناس الذين يكون هجرهم خارج المضاجع، فأنت ترى بعض الرجال إذا هجر ترك البيت كله، وجمع بعض ثيابه، ومضى إلى أمه، أو أخته، أو صاحبه، أو نزل فى فندق إن كان موسراً، وهذا الصنيع الذى عليه كثير من الناس لا يؤدى إلى خير فقد يكون بُعد المكان سبباً فى عدم الاعتذار منها، أو سبباً فى عدم التلاقى بعد،
فقد يكون -وتلك هى العادة- قد حكى لصديق له ما كان منها، وبالغ على ما عليه العادة أيضا فى الشكاية فإذا اعتذرت، وحن قلبه، وارتاحت نفسه للعودة اتصل بهذا الصديق ليخبره باعتذارها كما أخبره بجنايتها وفق مبالغة شكواه، فما عسى أن يقول له ذلك الصديق الذى سأله رأيه، هل يقول له: على بركة الله، انهض، وعد إليها واقبل عذرها،
لا فرق الله بينكما، هذا احتمال ضعيف، ويا ليته لم يكن ضعيفاً، لكن الواقع يشهد بضعف هذا الاحتمال، أما الاحتمال القوى فأن يقول له صديقه: وما رأيك؟
فإن رأى منه عزما على الرجوع أضعفه، وإن رأى منه تردداً قواه على عدم الرجوع، وإن رأى منه رغبة فى عدم الرجوع قال له ونعم الرأى، فإنها زوجة بنت كذا وكذا، ولابد أن تعرف قيمتك، وأى رجل أنت؟ ومن تكون؟
وأن مثلها ما كانت تطمع أن تكون خادمة لك، وأن عليه أن يربيها، وأن عودته إليها بمجرد اعتذار دليل على ضعفه أمامها، وأن لعابه سال إليها، ويقول له: صدقنى لو عدت لعادت إلى السوء والأسوأ، دعها هكذا مثل كذا حتى تعرف أن الله حق، والله حق بالمنهج والدليل، والذى يعرف أن الله حق هو الذى يتبع منهجه فى الهجر فلا يترك بيته.
التوقيع
" اللَّهُمّ إنِّي مُـقِرٌ بنِعمـَتـِكَ عليَّ فـتـَمِّم إحسانـَكَ إليَّ فيما بَقِيَ من عُمْري بأعظـَمَ وأتـَمَّ وأكمَلَ وأحْسـَنَ ممَّا أحسنتَ إليَّ فيما مَضَى مِنْهُ برحمَتِكَ يا أرحمَ الرَّاحمين " .
اللهم اهدنا إلى الطيب من القول ؛ واهدنا إلى صراط الحميد .
سمير عَصَرْ المُحامى - دِكِرنِسْ - مصر
د. مبروك عطية يكتب: الإسلام وعلاج العمى واهجروهن فى المضاجع
د. مبروك عطية
١٧/ ١٢/ ٢٠١٠
كلما قرأت القرآن ازددت معرفة، وعرفت أسراراً، ووقفت عندها خاشعاً، تقول عند وقوفك سبحان الله، الذى قال هذا، وسبحان الله الذى أراد لعباده مقتضى هذا القول، الذى فيه سعادتهم وراحتهم وفوزهم فى الدنيا والآخرة، وما ظلمهم الله، ولكن أنفسهم يظلمون إذ حادوا عن مراد الله ربهم، وغلبتهم عاداتهم وتقاليدهم، إلى درجة أنها صارت بمثابة شرع لهم ما أنزل الله به من سلطان.
ومن ذلك قول الله -تعالى- فى إصلاح النساء اللاتى بدت منهن أمارات النشوز، فقد قال سبحانه: «واللاتى تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن فى المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً إن الله كان علياً كبيراً» والشاهد فى قوله تعالى: «واهجروهن فى المضاجع»، حيث جعل المضاجع -جمع مضجع- ظرفاً للهجر التأديبى، وفرق كبير بين أن يهجر الزوج زوجته فى المضجع، وبين أن يترك لها البيت، والحى، والمدينة، والدولة، فالذى يهجر زوجته فى المضجع بأن ينام على فراشها، وإلى جوارها،
ولكن لا يقربها، مع تحقق القرب الذى هو مظنة المباشرة والمعاشرة- ففى ذلك إيذاء لها، بلاشك، فإن الزوج لو كان على سفر بعيد لكان هناك عذر، لكن أن يكون فى مضجعها وهو عنها بعيد، فذلك شىء مؤثر فى النفوس السوية، والقلوب السليمة، والطباع المستقيمة، وفى الوقت نفسه فيه أتم استعداد من قبل الزوج على المصالحة لأدنى اعتذار منها، فهو بمثابة الماء الشبم (العذب)، الذى هو إلى جنب ظمآن،
ليس بينه وبين الارتواء منه إلا أن يمد إليه يده، فالزوج الهاجر فى المضجع ماء زلال بالنسبة إلى زوجته، لا شىء يحول بينها وبين كامل وده، إلا أن تعتذر له عن بادرة النشوز، عندئذ يلتقيان قلبا كما هما الآن يلتقيان جسداً فى المضجع.
هذا مراد الله -والله أعلم بمراده- فانظر إليه فى ضوء التعبير بـ«فى» التى أصل معناها الظرفية، كيف جعل المضجع ظرفاً للهجر، لا يتجاوزه الهجر إلى غيره، فلا هجر خارجه ولو فى البيت نفسه، وهو كما صورت لك، يضطجع إلى جنبها، وهو هاجر، ومثل ذلك الزوج ما هجر فى المضجع إلا لكى يكون الصلح قريباً جداً، فمتى نادته وجدته، ومتى أشارت إليه استجاب، ومتى سألت أجاب، دون عنت انتظار أو عذاب، ثم انظر بعد ذلك إلى واقع حياة الناس الذين يكون هجرهم خارج المضاجع، فأنت ترى بعض الرجال إذا هجر ترك البيت كله، وجمع بعض ثيابه، ومضى إلى أمه، أو أخته، أو صاحبه، أو نزل فى فندق إن كان موسراً، وهذا الصنيع الذى عليه كثير من الناس لا يؤدى إلى خير فقد يكون بُعد المكان سبباً فى عدم الاعتذار منها، أو سبباً فى عدم التلاقى بعد،
فقد يكون -وتلك هى العادة- قد حكى لصديق له ما كان منها، وبالغ على ما عليه العادة أيضا فى الشكاية فإذا اعتذرت، وحن قلبه، وارتاحت نفسه للعودة اتصل بهذا الصديق ليخبره باعتذارها كما أخبره بجنايتها وفق مبالغة شكواه، فما عسى أن يقول له ذلك الصديق الذى سأله رأيه، هل يقول له: على بركة الله، انهض، وعد إليها واقبل عذرها،
لا فرق الله بينكما، هذا احتمال ضعيف، ويا ليته لم يكن ضعيفاً، لكن الواقع يشهد بضعف هذا الاحتمال، أما الاحتمال القوى فأن يقول له صديقه: وما رأيك؟
فإن رأى منه عزما على الرجوع أضعفه، وإن رأى منه تردداً قواه على عدم الرجوع، وإن رأى منه رغبة فى عدم الرجوع قال له ونعم الرأى، فإنها زوجة بنت كذا وكذا، ولابد أن تعرف قيمتك، وأى رجل أنت؟ ومن تكون؟
وأن مثلها ما كانت تطمع أن تكون خادمة لك، وأن عليه أن يربيها، وأن عودته إليها بمجرد اعتذار دليل على ضعفه أمامها، وأن لعابه سال إليها، ويقول له: صدقنى لو عدت لعادت إلى السوء والأسوأ، دعها هكذا مثل كذا حتى تعرف أن الله حق، والله حق بالمنهج والدليل، والذى يعرف أن الله حق هو الذى يتبع منهجه فى الهجر فلا يترك بيته.
التوقيع
" اللَّهُمّ إنِّي مُـقِرٌ بنِعمـَتـِكَ عليَّ فـتـَمِّم إحسانـَكَ إليَّ فيما بَقِيَ من عُمْري بأعظـَمَ وأتـَمَّ وأكمَلَ وأحْسـَنَ ممَّا أحسنتَ إليَّ فيما مَضَى مِنْهُ برحمَتِكَ يا أرحمَ الرَّاحمين " .
اللهم اهدنا إلى الطيب من القول ؛ واهدنا إلى صراط الحميد .
سمير عَصَرْ المُحامى - دِكِرنِسْ - مصر